لا تكذب على الفلسطيني في أيام محنته، أول الحرب صدق محض وآخرها انتصار لكن لا نصر على قاعدة من نفاق، هذه رسالة عاطفية جدًا لشاب فلسطيني لم ير وجهي ولكنني رأيته صادقًا في دمه على الحواجز.
اعتمد على نفسك فالأرض أرضك والقدس قدسك وإن زعم العربان أنها لهم، العربان لصراعاتهم البينية القاتلة، وأنت وحدك على الحواجز تجابه الاحتلال المدجج، فتخير من الحجر ما يناسب كفك أو من السلاح ما يناسب عزمك، واضرب فأنت وحدك ووحدك، والعربان حالة شاذة بين الأمم، أول نصرك في خلاصك ألا تصدق تضامنًا يأتي فجأة كالعطاس ثم ينفرج أنف صاحبه فينساك حتى يصيبه زكام جديد.
هدير الشوارع المخترقة
لقد كذبت عليك التليفزيونات بصورة خارجية، الباطن غير ما تظهر، أنا البعيد عند القريب من شارع عربي أخبرك محذرًا لا تثق إلا في ذراعك والحجر الفلسطيني، لقد ساروا في الشوارع هاتفين باسمك لكنهم اضمروا قتل بعضهم قبل نصرتك، وها هي التفاصيل الصغيرة في هدير الشوارع والعطاس الكاذب.
الذين هتفوا باسمك في تونس هتفوا مستبشرين بقدوم ترامب منذ سنة وكانت أمانيهم أن يخوض حربه الصليبية ضد بعض أبناء الوطن، فيخلص التقدميين من الرجعيين، فيتقدم المجتمع كله نحو فلسطين محررًا، ولكن ممن؟
كان ترامب أملاً لعرب كثيرين يفضلون أن يموت أخوة لهم في الوطن على يديه ليخلو لهم وجه الوطن أو وجه ترامب ليكونوا من بعده قومًا صالحين، شيء من قصة يوسف في العبارة ولكن كثير منها على الأرض، لقد عجزوا دون بناء الوطن الحر الذي يضم الجميع فتمنوا لأخوتهم خسرانًا مبينًا بجهد أجنبي، خصاء مطلق يتظاهر بالفحولة في نصرتك.
توجد معركة لم تحسم تجعل الشوارع تنافقك وتقبض بدمك منافع، هذا ديدن الشارع العربي
أنت ترى أن عربان الخليج قد باعوك بلا ثمن من أجل عروشهم في أقطار عربية كثيرة منها التي سارت شوارعها باسمك يوم الجمعة، صلوا لكي ينتصر عربان الخليج على الثورة العربية في مصر واليمن وليبيا وتونس لكي يستعاد نظام عربي لم ينفك يتاجر بالقضية، كانت الثورة العربية قد قرنت تحرير الأقطار بتحرير فلسطين، فلم تفرق الشوارع لحظة الثورة العفوية بين تونس وصفاقس وغزة ورام الله، ولكن الذي غدر بالثورات العربية صار محجًا لقوم كثير ليقتل الشارع الذي هتف بتحرير فلسطين، وقد قال عن الشهيد القسامي الطيار إنه إرهابي مجرم وضن عليه بخطوة إلى المقبرة.
أنت ترى حاكم مصر الذي هدم الأنفاق وحاصر غزة يقاول الآن على سلاحك في غزة، ذلك القاتل زعيم مفدى عند كثير ممن سار اليوم يهتف باسمك منتصرًا لقدسك، كأنه ينسى أو يتغافل أن لا فرق بين دم مصري تحت جنازير الدبابة المصرية ودم فلسطيني تحت الدبابة الصهيونية.
إذا كنت أيضًا ترى فرقًا بينهما فلا تكمل قراءة الفقرة القادمة واذهب فأنت مدخول وهذا الكلام لغيرك ممن يعرف أن المعركة في كل قطر هي قبل كل شيء معركة تحرير أرض مغتصبة وإن لم ير ساكنوها وجه المغتصب كما ترى أنت الصهيوني كل صباح على الحواجز، إذا صدقت فاعتمد على حجر فلسطيني صدقك في الانتفاضتين ويمكن أن يحررك إذا صدقته في الثالثة.
لا تصدقهم
توجد معركة لم تحسم تجعل الشوارع تنافقك وتقبض بدمك منافع، هذا ديدن الشارع العربي قبلك وسيظل ما لم تعتمد وتحرر فيفقدون سببًا للنفاق، يوجد يسار عربي وإسلاميون يتنازعون الوطن، بأسهم بينهم شديد، معركة قاتلة ضيعت الشارع العفوي فوجد نفسه تائهًا خلف زعامات قميئة لم تضع فلسطين فعلاً في برامج عملها السياسي، ولكنها اتخذتها ذريعة لقصف شركائها في الوطن بمسميات رجعية وعمالة وخيانة ولم تقدم بديلاً يرقى إلى تحرير شبر من تراب.
أنت ترى أنه من أيام إسقاط خيار القسام والانخراط في حزب العمل الصهيوني برغبة توحيد عمال العالم تلك القراءة الخاطئة التي كنت شاهدًا عليها ولا تزال تراها تخونك فأنت والعامل الصهيوني لستما رفاقًا، لكن التحليل الرفاقي يرى أن الصهيوني أحق بالمودة من إسلامي يقاسمه الوطن، لذلك بلغت به النذالة أن يرحب بترامب ليقتل الإسلامي فيخلو له وجه الوطن، هذه اللوثة الفكرية قادت الشارع يوم الجمعة ورفعت شعارات ضد أبناء الوطن لا ضد الصهاينة.
تلك الخيانات تجددت اليوم في الشارع العربي إلا قليلاً صادقًا لم تتبين ملامحه لطغيان صور الزعماء الكبار
نذالة ممتدة في التاريخ من أيام انقلابات العسكر باسم توحيد الأمة ثم تصفية الشارع المنتفض الذي خاض أول حرب استنزاف، النذالة نفسها التي وقفت مع العسكر وهو يحرق الأحياء في الميادين لأنهم ليسوا بشرًا بل إخوانًا مسلمين.
نذالة عدلت موقفها من عروش النفط وهو يمول تخريب الربيع العربي الذي هتف باسم فلسطين ليصبح آل سعود محرري الأقصى، تخيل فقط (أو دعك من الخيال واربط الوقائع بخيط رفيع فقط) أن كثيرًا من هذا الشارع الذي هتف باسمك يوم الجمعة (8-12) لا يزال يفضل انتصارًا سعوديًا في اليمن على ثورة سلمية مغدورة لأنها يمكن أن تؤول إلى انتصار الإخوان.
الذين هتفوا باسمك أيها الفلسطيني مشتقات من دحلان وخلفان تتلقى منه تمويلاً لتسير في الشوارع فتسرق شارعك الحقيقي الذي يربي أطفاله على أن فلسطين قضية أمة وتاريخ ولا يمكن التفاوض بشأن حقها.
لا تصدقني واقرأ الوقائع وارم
لست ملزمًا بالتصديق، فأنت في محنتك تبحث عن نصير ولكن لا تخدع وعيك، يوجد شارع مجهول ناصرك منذ أيام النكبة الأولى وآخر نصرته المجاهد القسامي صانع الطير الأبابيل، يعمل بصمت ولا يمنّ عليك ولا يحب الصور السلفي في الفيسبوك ولا يزايد، سيأتيك هذا الشارع دومًا دون أن تستثيره حماقات ترامب ولا نذالات الطبقة السياسية العربية المنافقة.
افرح قليلاً ولا تنخدع، فالشارع العربي شارعان أحدهما أضعف من أن ينصرك لفقره، والثاني يبيعك لأول مشترٍ
أراك تحتاج صفاء ذهنك من التشويش العابر وكثير من الشارع العربي يشوش عليك فكرك بالنفاق، شارع سياسي عربي سفيه يحتاج إليك دومًا تحت الاحتلال ليجد موضوعًا للتظاهر لو تحررت لأخسرته موضوعه فكثير منه عاش يزايد بك على العالم ليقول إنه أنت في ثياب أخرى ومن أجلك قد يفعل الأفاعيل ولم يفعل منذ 70 سنة إلا منع غيره من نصرتك، وآخر انتصاراته كانت هدم أنفاق غزة التي تتنفس منها خبزًا وسلاحًا ودواءً، أنت لا تحتاج إلى الأسماء فهي مكتوبة عندك في سجل الخيانات.
تلك الخيانات تجددت اليوم في الشارع العربي إلا قليلاً صادقًا لم تتبين ملامحه لطغيان صور الزعماء الكبار الذين يفضلون قتل بني وطنهم على المساس بسلامة الكيان الغاصب، لقد كانوا يتابعون برنامج ترامب منذ البداية وهو يعد بتحويل السفارة إلى القدس، لكن صمتهم حينها كان بليغًا ويمكنك الآن فهمه.
كانوا في صف ترامب ضد بني وطنهم واليوم أعادوا كتابة قصة النذالة القديمة وباسمك كتبوها، فلعنوا ترامب لا لأنه غير العاصمة لكنه لأنه ذهب في تحقيق أجندته الخاصة ولم يحقق لهم ما يريدون حتى الآن على الأقل.
افرح قليلاً ولا تنخدع، فالشارع العربي شارعان أحدهما أضعف من أن ينصرك لفقره وقلة حيلته فليس له إلا دمه على كفيه ولن يضن به عليك إذا اتضحت المعركة، والثاني يبيعك لأول مشترٍ وقد باعك لترامب قبل أن يغير مكان السفارة، فامض واعتمد فأنت وحدك ووحدك حتى القيامة.