إنها الأموال الافتراضية التي يتحدث عنها الجميع، ولا يغيب اسمها عن الأخبار العاجلة، إذ إن قيمتها تتغير بسرعة وقت كتابة هذه الكلمات الآن، فسعرها الحاليّ وصل إلى أكثر من 14 ألف دولار أمريكي، إنها عملة الإنترنت الافتراضية أو العملة المُشفرة كما يحب أن يصفها العلماء، عملة البيتكوين.
على الرغم من أنه ليس لها أي أصول قانونية ولا يوجد لها بنك مركزي مسؤول عن إصدارها، بل تصدر من خلال عمليات حسابية معقدة يقوم بها الكثير من أجهزة الكمبيوتر من خلال عملية تُعرف بالتعدين (Mining)، وعلى الرغم من أن عدم وجود اعتراف قانوني للبيتكوين في كثير من الدول، هناك بلاد أخرى قررت قبول التبادل التجاري بها، نعم هي عملة لا يمكننا لمسها، إلا أن تلك البلاد قررت أننا يمكننا شراء أشياء يمكن أن نلمسها بعملة افتراضية.
من بين البلاد التي بدأت التعامل بالعملة المشفرة “بيتكوين” الولايات المتحدة الأمريكية، وبدأت أيضًا تتبع العمليات التجارية غير القانونية التي يستخدم فيها الناس البيتكوين لشراء سلع غير قانونية ومحاولة الحد منها أو منعها، كما تعتبر كندا أن الدخل العائد من عمليات البيتكوين دخل تجاري كما لو كان عائدًا على العمليات التجارية بالعملات الورقية.
على الرغم من أن هناك بعض البلاد التي لم تقبل التعامل بالبيتكوين نهائيًا مثل الصين وروسيا، هناك بلاد لم توضح موقفها من الأمر، فلم تُقنن استعمال البيتكوين، لكنها لم تمنعه أيضًا، مثل تركيا التي وعلى غير المتوقع زاد استخدام البيتكوين بها في الفترة الأخيرة في شكل يُغير من كل التقاليد التركية عن المعاملات التجارية.
من بين البلاد التي بدأت التعامل بالعملة المشفرة “بيتكوين” الولايات المتحدة الأمريكية وكندا
البيتكوين في تركيا
بدأ من الشائع أن نشهد قاعدة افتراضية (Online) جاهزة للتعامل مع البيتكوين في تركيا، حيث يمكنك أن تجد الآن مواقع خاصة بتتبع حركة البيتكوين الآن في السوق، مثل موقع btcturk الذي يتتبع قيمة البيتكوين مقارنة بالدولار أو اليورو أو الليرة التركية وموقع coin-turk.com الذي يقدم مقالات متعددة خاصة بأخبار البيتكوين اليومية، وموقع koinim.com، ويعني في التركية عملتي، الخاص بعمليات بيع وشراء عملة البيتكوين.
لم يكن من المتوقع أن تأخد عملة افتراضية ليس لها صاحب سوى شخصية ذات اسم مُلفق هذا الحيز من الاهتمام الإعلامي من خلال حملات الدعاية والإعلان، أو من خلال المواقع الإخبارية التي خُصصت من أجل متابعتها، فإذا أردت أن تتابع أخبار البيتكوين داخل تركيا وخارجها إليك موقع “أخبار بيتكوين” الذي يعرض على المستخدمين كل الأخبار الحديثة الخاصة بعملة الإنترنت داخل تركيا.
“رجال بيتكوين”
يزور فريق موقع “رجال بيتكوين” المستثمرين الراغبين في معرفة مزيد من المعلومات عن البيتكوين في جميع مدن تركيا من الشمال إلى الجنوب
إن كنت لا تصدق أن هناك رجالًا يسمون أنفسهم بـ”رجال البيتكوين” يمكنك زيارة موقع “Bitcoinadam” الذي يعني في التركية “رجال البيتكوين” وهو خاص بفريق من المتخصصين يعملون فقط للتعريف بالبيتكوين من خلال مقابلات وجهًا لوجه أو من خلال الرد على الأسئلة التي يسألها المستخدمون من خلال البريد الإلكتروني أو الهاتف، حيث يمكنك تحديد ميعاد ومكان لمقابلتهم ويمكنك دفع ثمن تلك المقابلة من خلال تحويل بنكي أو من خلال عملة البيتكوين نفسها.
يزور فريق موقع “رجال بيتكوين” المستثمرين الراغبين في معرفة مزيد من المعلومات عن البيتكوين في جميع مدن تركيا من الشمال إلى الجنوب، وعلى الراغب في مقابلتهم الدفع مقابل تلك الزيارة في قيمة يحددها لك الموقع حينما تدخل بياناتك والبيانات الخاصة بالميعاد الذي يناسبك، وإن أردت استخدام أي وسيلة تواصل إلكترونية كتطبيق فيسبوك ماسنجر أو سكايب يمكنك أيضًا اختيار ذلك بحسب التصنيفات التي يُقدمها لك الموقع.
من يقبل بيتكوين؟
على الرغم من أن مفهوم البيتكوين يبدو غريبًا بعض الشيء على محلات تجارية مثل المطاعم أو الصيدليات، فقد بدأ تطبيقه في بعض الأماكن التركية، حيث أعلن موقع “أخبار بيتكوين” أو (Bitcoin Haber) قائمة بالشركات والمحلات التركية التي بدأت في قبول البيتكوين كعملة للتبادل التجاري بينهم وبين الزبائن أو العملاء، حيث تتضمن القائمة بعض المطاعم والشركات والمقاهي والصيدليات، وبعض الشركات ومكاتب المحاماة.
هنا صورة توضح بعض الأماكن التي بدأت في إعلان قبولها للتبادل التجاري بعملة البيتكوين على واجهات المحلات.
يتم قبول البيتكوين كوسيلة للدفع في أحد المطاعم بمدينة إسكيشهير في تركيا
أول شقق للبيع مقابل البيتكوين
“ميافيتا” أول مشروع سكني سيتم بيع المنازل فيه بقيمة البيتكوين، سوف يقع المشروع في حي “بايتيبيه” في العاصمة أنقرة، حيث نال المشروع اهتمامًا كبيرًا من الصحافة التركية، وصرح مدير وصاحب المشروع إيردال دالتابان أنه تم بيع أول شقتين في المشروع السكني بالفعل.
يؤمن دالتابان أن اختراع عملة الإنترنت لا يختلف كثيرًا عن اختراع الإنترنت نفسه، فهي بلا صاحب كالإنترنت بالضبط، وعملة مستقلة لا يتحكم فيها بنك مركزي ولا قوانين حكومية
يُحقق هذا المشروع أول عملية بيع رقمية في تركيا من خلال العملات الافتراضية، حيث صرح صاحب المشروع في إحدى مقابلاته الصحفية أنه لن يضع أي قيود على المشترين بعملة البيتكوين، حيث سيكون مستعدًا لقبول أي عرض بيتكوين يُعرض عليه، حيث يؤمن دالتابان بأهمية اعتماد الاقتصاد التركي على الاقتصاد الرقمي في المستقبل القريب، ولهذا ودّ دالتابان أن يكون من أوائل رواد الأعمال الذين يقدمون خدمة الدفع بعملة البيتكوين.
يؤمن دالتابان أن اختراع عملة الإنترنت لا يختلف كثيرًا عن اختراع الإنترنت نفسه، فهي بلا صاحب كالإنترنت بالضبط، وعملة مستقلة لا يتحكم فيها بنك مركزي ولا قوانين حكومية، وكما تسبب الإنترنت بثورة حقيقية في كل جوانب الحياة التي نعيشها الآن، فالبيتكوين أيضًا ستكون عملة المستقبل الرقمية، وسيكون التطور فيها سريعًا كذلك بحسب رأيه.
لا يكون الكل مؤيدًا لفكرة تداخل البيتكوين في الاقتصاد التركي، إذ عارض أردوغان توبراك عضو في الحزب الشعب الجمهوري المعارض في تقرير صحيفة “المونيتور” فكرة قبول التبادل التجاري من خلال البيتكوين، فلا يجدها جديرة بالثقة، ذلك لأن ليس لديها صاحب ولا يدعمها بنك مركزي متحكم في قيمتها، وهذا ما يجعلها غير مؤهلة لكي يتم تداخلها مع بقية العملات المتداولة عالميًا.
ربما ما زال الكثير في حيرة من أمره بشأن البيتكوين، فمع قبولها للتبادل في كثير من الدول، بل وظهورها كفرصة ذهبية لبعض الدول ذات الاقتصاد المترنح وغير المستقر على الإطلاق، أو بعض البلاد التي قامت بتعويم عملتها حتى وصلت لمراحل غير قابلة للتحكم في التضخم، إلا أنها في نفس الوقت في رأي كثير من خبراء الاقتصاد المعروفين ليست إلا مجرد فقاعة اقتصادية، لا تؤثر أرباحها على الاستثمار الحقيقي وربما تتسبب في انكماش اقتصادي عالمي قد يؤدى إلى أزمة اقتصادية جديدة.
بين انقسام الرأي مع أو ضد، تستمر قيمة البيتكوين في الازدياد يوميًا، فربما يجب عليك التأكد مرة أخرى من قيمتها الحاليّة بعد قراءتك لهذا التقرير، ربما يمكنك أيضًا التفكير في مدى أهمية أو كيفية تأمين نفسك بالنسبة للاقتصاد الرقمي الذي يكشر عن أنيابه حاليًّا للسيطرة على الاقتصاد العالمي.