ترجمة وتحرير: نون بوست
على خلفية إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عن قراره بشأن نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس والاعتراف بالمدينة المقدسة عاصمة لإسرائيل، اندلعت الاحتجاجات الرافضة لهذا القرار في جميع أنحاء العالم الإسلامي.
تجدر الإشارة إلى أن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أعلن عن رفضه لهذا القرار وهدد بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، ليأتي ردّ إسرائيل على لسان رئيس وزرائها، بنيامين نتنياهو، بأن العهد العثماني وزمن السلاطين قد ولى. في الأثناء، قام أردوغان بعقد اجتماع استثنائي لرؤساء دول العالم الإسلامي والأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي لمناقشة الأزمة التي اندلعت في أعقاب القرار الذي أصدره ترامب.
خلال سنة 1995، سنّ الكونغرس الأمريكي قرارا يقضي “بتشريع سفارة القدس” الذي يتناول نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس. في المقابل، يسمح هذا التشريع للرئيس الأمريكي بتأجيل دخوله حيّز التنفيذ كل ستة أشهر، وهو ما دأب عليه الرؤساء الأمريكيون المتعاقبون منذ سنة 1995 والسابقون لترامب، وذلك بهدف ضمان الأمن الدولي.
في الواقع، شدّ قرار ترامب مؤخرا الانتباه إلى مدى توحيد العالم الإسلامي لكلمته والتأكيد على الرفض القاطع لقرار ترامب. مع ذلك، تختلف المواقف العربية فيما بينها، حيث يعزى ذلك إلى مراعاة مصالحها الدبلوماسية ورغبتها في الحفاظ على علاقات وثيقة بالبيت الأبيض، مثلما هو الحال بالنسبة للمملكة العربية السعودية. في هذا الصدد، أبرمت الرياض مؤخرا صفقة شراء أسلحة بقيمة 100 مليار دولار مع الولايات المتحدة.
ترتّب عن قرار ترامب بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل آثار إيجابية، حيث أن هذه الخطوة دفعت بالشعوب العربية إلى توحيد صفوفها لمعارضة إسرائيل والولايات المتحدة
في ظل المواقف العربية المتضاربة، يتمسك الرئيس التركي بمعارضته لقرار ترامب بشدة، إذ يهدف من وراء ذلك إلى تولي مهمة قيادة العالم الإسلامي ومن ثم الشرق الأوسط. ونتيجة لذلك، أصبحت منطقة الشرق الأوسط شبيهة برقعة شطرنج تهيمن عليها ثلاث قوى، ألا وهي تركيا وإيران والمملكة العربية السعودية، بعد أن تم استبعاد قطر من الواجهة.
والجدير بالذكر أن أردوغان تمكن من قيادة هذا الاحتجاج ضد إعلان القدس عاصمة لإسرائيل، حيث أكد في كلمة ألقاها ضمن القمة التي انعقدت في إسطنبول أنه: “علينا التمسك بالاعتراف بالدولة الفلسطينية ضمن حدود 1967، كما ينبغي التحرر من أن هذه الفكرة تعيق السلام الدولي، فضلا عن أن القدس أصبحت عاصمة محتل الدولة الفلسطينية”. وأضاف الرئيس التركي قائلا: “أدعو جميع الدول إلى القيام بالأمر ذاته، وأشدد على أن القدس خط أحمر”.
من جهة أخرى، أشار أردوغان إلى أن “196 دولة تنتمي إلى منظمة الأمم المتحدة تعارض بشدة قرار ترامب بشأن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل”. علاوة على ذلك، ظهر التأثر على وجه أردوغان عند عرض صورة طفل فلسطيني وهو معصوب العينين ومحاط بالجنود الإسرائيليين، حيث استنكر هذا الفعل بقوله إن: “إسرائيل دولة إرهابية وجنودها إرهابيون. إنهم يعتقلون ويقتلون أطفالا في سن العشر سنوات. ولكن، كيف لي أن أصمت حين أرى مثل هذه الأفعال؟”. من جانبه، ندّد بنيامين نتنياهو بهذه الاتهامات.
أما الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، فقد أكد خلال القمة على رفضه لقرار ترامب مشدّدا على أن الولايات المتحدة لم تعد مؤهلة لرعاية عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وفي هذا الإطار، أفاد عباس أن “القرار الأمريكي بشأن القدس مستفز للغاية، فالقدس مدينة الأديان كافة، كما أنها لطالما مثلت مدينة السلام وستظل العاصمة الأبدية لفلسطين. في المقابل، لن يكون هناك استقرار وسلام بعد القرار الذي أعلنه ترامب”.
تمثل موقف الاتحاد الأوروبي، الذي جاء على لسان مسؤولة السياسة الخارجية ، والمُوجه إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في أن” القدس عاصمة للبلدين”
من جانبها، أعربت إيران عن استعدادها التام للتوصل إلى اتفاق مع الدول الإسلامية حول موقف موحد فيما بينها، حيث أوضح الرئيس الإيراني، حسن روحاني، الذي شارك في اجتماع منظمة التعاون الإسلامي أن “إيران مستعدة للتعاون مع جميع دول العالم الإسلامي للدفاع عن القدس”، موجها بذلك نداء إلى جميع الدول الإسلامية لتوحيد صفوفها لمواجهة الخطر الصهيوني.
خلافا لذلك، ترتّب عن قرار ترامب بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل آثار إيجابية، حيث أن هذه الخطوة دفعت بالشعوب العربية إلى توحيد صفوفها لمعارضة إسرائيل والولايات المتحدة، في الوقت الذي أشار فيه الرئيس الإيراني إلى أن “مشاكل الدول الإسلامية يمكن تجاوزها بالحوار”. وفي هذا السياق، أفضى التصويت النهائي للمنظمة إلى أن القدس الشرقية تمثل عاصمة لفلسطين ودعت جميع الدول إلى تبني الموقف ذاته. كما وجهت تحذيرا إلى مجلس الأمن الدولي إلى أنه، وفي حال لم يتخذ موقفا حيال قرار ترامب، فستحيل المنظمة المسألة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة.
على صعيد آخر، تمثل موقف الاتحاد الأوروبي، الذي جاء على لسان مسؤولة السياسة الخارجية يوم الاثنين 11 كانون الأول/ديسمبر، والمُوجه إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في أن” القدس عاصمة للبلدين”. تجدر الإشارة إلى أن منظمة المؤتمر الإسلامي تأسست خلال سنة 1969 وتضم 57 بلدا، وقد حضر المؤتمر الاستثنائي في إسطنبول ممثلون عن 20 دولة وهم تركيا والأردن وأفغانستان وأذربيجان وبنغلاديش وإندونيسيا وقطر. كما شاركت كل من الكويت والصومال ولبنان وليبيا واليمن وغينيا وتوغو والسودان ومصر، بالإضافة إلى الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والمغرب.
المصدر: نتزي جيوبولتيك