طائرة ماليزية، بدأت رحلتها بعد منتصف ليلة السبت الماضي من كوالالمبور متجهة إلى العاصمة الصينية بكين، لكنها -ولسوء حظ ركابها- لم تصل حتى الآن إلى وجهتها بعد إقلاعها من مطار العاصمة الماليزية لتترك خلفها لغزاً مترامي الأبعاد.
الطائرة الماليزية (بوينغ 777 – 200) تقود ركابها الـ 227 بالإضافة إلى طاقم الطائرة المكوّن من 12 فرد إلى مصير مجهول، و قد كان من المُفترض أن تصل الطائرة إلى وجتها بكين في تمام السادسة و النصف من صباح يوم السبت لكنها قد اختفت عن شاشات الرادار في تمام الواحدة و النصف صباحاً أي بعد حوالي ساعة واحدة فقط من وقت إقلاعها.
المُريب في لغز الطائرة هو تعدد السيناريوهات التى فسرت حادثة الإختفاء حتى الآن، بل إن اللغز يزداد تعقيداً مع مرور الوقت، فقد صرح أهالي بعض المفقودين أن هواتف ذويهم ظلّت تعمل حتى بعد إختفاء الطائرة، وقد قال أحد أقارب المفقودين أن قريبه ظهر متصلاً على حسابه في موقع التواصل الإجتماعي الصيني “كيو كيو” لكنه لم يجيب على الرسائل التي وصلته مما زاد من ذعره.
توالت التصريحات بشأن الطائرة من عدة جهات، فقد عبر الجيش الماليزي عن اعتقاده بأن الطائرة قد غيرت مسارها و اتجهت غرباً فوق مضيق “ملقه” حسبما أفاد مصدر عسكري رفيع.
وفي فيتنام صرح مسؤول الأحد الماضي أن الطيران الفيتنامي كان قد رصد قبالة سواحل فيتنام حطاماً قد يكون عائداً إلى الطائرة المفقودة إلا أنه لم يتم إثبات ذلك.
لكن ما زاد اللغز غموضاّ هو الكشف عن “الإيراني” الذي قام بحجز مقعدين على متن الطائرة بجوازين مسروقين من نمساوي و إيطالي في تايلاند، و قد إستخدمهما شخصان ينحدران من أصول فارسية.
فقد كشفت صحيفة “فاينانشال تايمز” عن اسم الإيراني و هو “كاظم على” و الذي حجز المقعدين مما يثير الشكوك حول أن تكون هناك عملية إرهابية حيث أن الأعوام القليلة الماضية شهدت نشاطاً للكثير من الإيرانيين الذين قاموا بأعمال إرهابية و تخريبية في آسيا.
إلا أن الأمين العام للإنتربول “رونالد نوبل” أعلن أمس “الثلاثاء” استبعاد «فرضية وقوع عمل إرهابي» في حادث اختفاء الطائرة، وقال نوبل في مؤتمر صحفي: «كلما تزايدت المعلومات كلما عرفنا أنه لم يكن عملاً إرهابياً”.
و قد نقلت “سي إن إن” عن خبراء في مجالات الطيران و الأمن بعض السيناريوهات المحتملة والتى قد تساعد فيما بعد في تحديد مصير الطائرة و هي:
1 – التخريب أو وجود قنبلة.
فرضية التخريب طرحها الضابط الماليزي، خالد أبوبكر، قائلا إن السلطات لم تستبعدها من قائمة التحقيقات، ومما قد يدفع الخبراء إلى البحث في تلك النظرية واقع وجود راكبين استخدما جوازات سفر مسروقة، ما يطرح إمكانية وجود شخص مطلوب على قوائم الإرهاب على متن الرحلة وعمد إلى تفجيرها في مرحلة معينة.
وتقول المفتشة العامة السابقة في وزارة النقل الأمريكية، الجنرال ماري شيافو، إن الطائرة نفسها قد لا تكون الهدف المقصود، وأن ما جرى هو محاولة اختبار لفاعلية الطريقة، دون استبعاد الخيارات الأخرى مثل إرادة تنفيذ عمل إجرامي يقتصر على تدمير الطائرة فحسب.
أما براين ويدن، خبير تحليل صور الأقمار الصناعية، فيشير إلى أنه في حال حصول انفجار على متن الطائرة فمن المستبعد أن تكون الأقمار الاصطناعية قد رصدتها، مضيفا أن الرصد يتطلب مرور القمر الصناعي فوق الطائرة وتسجيله للأحداث في الثانية نفسها التي ترافقت مع وقوع التفجير – بحال حصوله – وهو أمر بالغ الصعوبة.
ولكن ويدن لم يستبعد إمكانية رصد مجموعة من الأقمار الصناعية العسكرية الأمريكية البالغة السرية، والتي تحلق فوق الأرض عل ارتفاع يفوق 22 ألف ميل وتلتقط الصور على مدار الساعة لكل الكوكب مضيفا أن تلك الأقمار قادرة على كشف التجارب الصاروخية للدول الأخرى من خلال رصد الحرارة الناتجة عن محركاتها، ولكن من غير المعروف ما إذا كانت قادرة على رصد حرارة أهداف أصغر، مثل القنابل، ناهيك عن إمكانية أن تفرج السلطات الأمريكية عن تلك الصور بحال وجودها، مجازفة بكشف برنامج المراقبة المتطور لديها.
2 – الاختطاف
تكتسب نظرية تعرض الطائرة للاختطاف قوتها من إشارة أجهزة الرادار إلى أن الطائرة كانت بصدد تحويل وجهة سيرها عائدة إلى كوالالمبور قبل اختفائها، ما يدفع البعض إلى ترجيح وجود خاطف على متنها وجه الأوامر لقائدها من أجل تعديل خط سيره، ولكن المشككين بتلك النظرية يشيرون إلى أن قائد الطائرة لم يرسل ما يدل على صحة تلك النظرية.
3- خلل فني
يرى البعض أن الطائرة قد تكون تعرضت لخلل فني دفع قائدها إلى الهبوط اضطراريا على سطح الماء، ولكن العملية فشلت فهوت الطائرة مسرعة باتجاه قعر البحر.
ولكن المشكلة في هذه النظرية – بحسب خبراء – تتمثل بأن الطائرة لم ترسل إشارات استغاثة أو رسائل تدل على وجود حالة طارئة، إلى جانب ما أكدته الطيار كيث ويلزنغر، المتخصص في قيادة الطائرات من طراز 777 المشابهة للطائرة المفقودة، إذ ذكر لـCNN أن المركبة مصممة بحيث تتحمل الهبوط السلس على الماء حتى إذا كانت المحركات معطلة.
4 – خطأ الطيار
حتى الآن لا توجد أدلة ترجح فرضية ارتكاب الطيار لخطأ ملاحي أدى إلى سقوط الطائرة، وإن كانت القضية تعيد إلى الأذهان ذكرى تحطم طائرة الركاب الفرنسية التي كانت قادمة من البرازيل، والتي اتضح بعد عامين من البحث أن طاقمها ارتكب أخطاء بعدم تقدير الوضع أثناء عاصفة مرت بالمحيط الأطلسي، غير أن مشكلة هذه النظرية تنبع من واقع أن الظروف المناخية في منطقة الطيران كانت جيدة.
5 – مشاكل نفسية أو شخصية بين أفراد الطاقم والركاب
هذه الفرضية طرحتها الشرطة الماليزية الثلاثاء، دون تقديم المزيد من التفاصيل، ولكنها أشارت إلى أنها تتابع كافة التفاصيل المتعلقة بالركاب والطاقم، كوجود عقود تأمين أجريت قبل الرحلة، أو وجود مشاكل نفسية بين من كانوا على متنها.