ترجمة حفصة جودة
تمتلك ابنتنا ذات الثماني سنوات روحًا حساسة، فحسبما أتذكر كانت تتأثر دائمًا بكلماتنا وردود فعلنا، كانت مفعمة بالنشاط والاستقلال أيضًا في سنوات عمرها الأولى، وتأثرت سلوكياتها بعض الشيء بكلماتي أنا ووالدها وردود فعلنا، بعض منها ما زلت أندم عليه.
كنت أتمنى أن أقول بأن كلماتنا وردود فعلنا كانت قائمة على العدل والتعاطف والاحترام، أو أنها كانت تركز على تنمية شخصيتها وروحها وليس فقط تشكيل سلوكها (أو لإرضاء حاجتنا لأن نكون والدين مثاليين).
لحسن الحظ، لقد اكتشفنا في السنوات الأخيرة طريقة للتعامل مع سلكوياتها الصعبة بطريقة فعالة، وذلك من خلال اكتشاف طريقة تربية واعية، والكثير من العلم بشأن تنمية الطفل وعلم النفس العصبي.
بعد ذلك كله، عندما ازدادت معرفتنا، تحسن آداءنا وأصبحت الأمور في الواقع أفضل بكثير الآن، إنني أبذل قصارى جهدي لأتوقف عن لوم نفسي بسبب الطرق القاسية التي كنا نستخدمها لمحاولة تعليمها وإرشادها في سنوات عمرها الأولى.
دائمًا ما أبذل جهدًا أكبر عندما أرى تأثير هذه الطرق القاسية والأفعال النقدية واضحًا في سلوكها اليومي، عندما تلوم نفسها بشدة لأنها لم تتمكن من أداء حركات الرقص بطريقة صحيحة منذ أول محاولة، عندما تنهار إذا واجهتها مشكلة صعبة في الرياضيات، وعندما تصرخ في أشقائها أكاد أجزم أنني أسمع قليلاً من نفسي في صوتها الصغير.
هل تؤثر الكلمات وردود الفعل التي يتعرض لها الطفل في مسار حياته بالكامل؟ لا، هل تمتلك تأثيرًا بارزًا على نفسية الطفل؟ نعم، هذه 5 طرق يؤثر بها النقد والاستهانة في طفلك وفي صحته النفسية في المستقبل.
نحن نشجع أطفالنا على تجنب تحمل المسؤولية
عندما نتعامل بحدة مع أخطاء أطفالنا فإننا نمنع تأثير العواقب الطبيعية (وهي الشعور بالندم والحرج) ونسمح لهم بإلقاء مشاعرهم تجاهنا بدلاً من ذلك، وعادة ما تكون في شكل غضب واستياء، حينها يركز الطفل على الغضب وشعوره بالظلم من والديه بدلاً من الشعور بتحمل مسؤولية اختياره بشكل كامل (وهذه أفضل طريقة ليتذكروا بشكل أفضل في المرات القادمة مدى تأثير سلوكياتهم).
نحن السبب في شعورهم بالعار
عندما تحدث بعض الفوضى أو تقع بعض الأخطاء فإننا نشعر بالسوء تجاهها، هكذا يشعر الأطفال أيضًا، ووجود شخص بالغ يضيف جرعة أخرى من الشعور بالإحباط واليأس والغضب، وحينها يتوقف الطفل عن الإنتاج ويبدأ في الشعور بالخجل والعار الشديد، الوقع في الخطأ جزء من إنسانيتنا، لذا عندما يشعر طفلنا بالعار في كل مرة يرتكب فيها خطأ، فإننا نخلق بذلك العديد من الأنماط غير الصحية التي ستظهر فيما بعد.
نحن نتسبب في ألم ثانوي لا طائل منه
توفر لنا إنسانيتنا المعيبة الكثير من الفرص لكي نشعر بالألم والمعاناة بشأن أخطائنا، يمكننا أن نستخدم هذا الشعور لكي نتقدم للأمام أو ربما نخلق ألمًا آخر يسمى “الألم الثانوي”، وبالمثل فردود فعلنا تجاه توتر أطفالنا الذي سيظهر لا محالة كل فترة، من الممكن الاستفادة منه لتعزيز التعافي والإصلاح أو إضافة المزيد من الألم والانكسار (لنا وللأطفال).
نحن نساعد في نمو نقد داخلي قاسٍ
ربما سمع الكثير منا هذا الاقتباس المهم للكاتبة بيجي أومارا (كاتبة في التربية): “الطريقة التي نتحدث بها لأطفالنا تصبح صوتهم الداخلي”، لذا عندما تصبح كلماتنا القاسية جزءًا أساسيًا من الحديث عند ارتكاب الأخطاء، فسوف يتعرض طفلك لخطر تشكيل أنماط طويلة المدى من “النقد الذاتي القاسي”، قد يصبح طفلك أفضل حليف لنفسه أو أكبر عدو لها، فما الذي تفضله لطفلك؟
نحن ندمر التواصل بين الوالدين والطفل
يحتاج الطفل إلى علاقة بيولوجية وثيقة مع والديه، لذا عندما يتلقى الطفل الكثير من النقد والتوبيخ يتم تدمير هذه العلاقة، فالعلاقة القوية بين الطفل والوالدين تتشكل على أساس من الحب غير المشروط والقبول، لكن عندما ننظر إلى أطفالنا بأعين مهددة ونتحدث إليهم بصوت حاد أو نتجاهلهم، فإننا بذلك نخبرهم أننا نقبلهم فقط عندما يتصرفون كما نحب، هذا الحب الذي نقدمه لهم هو حب مشروط.
خريطة طريق المبتدئين لتجنب ردود الفعل النقدية والمهينة
- توقف.. ربما تشعر أن الأمر طارئ، لكنه ربما يكون مجرد إطلاق لمشاعرك الخاصة
الخوف: “ماذا لو أنني أربي أحمقًا؟ إذا كانوا يضربون أختهم فماذا سيفعلون في غيابي”، الغضب: “كيف يجرؤون على التسبب في تلك الفوضى في وقت النوم رغم أنني اصطحبتهم للعشاء في الخارج وسمحت لهم بالجلوس أمام الشاشة 15 دقيقة إضافية”، الألم: “لقد كان ردك قاسيًا في موقف مشابه والآن هذه المشاعر تتكون بكثافة في اللاوعي الخاص بك”، التعب: “لماذا لا يمكنني أن أحصل على دقيقة واحدة من الراحة؟”.
- قم بمراجعة هذه القائمة النفسية السريعة (بمجرد ممارستها والتدريب عليها سوف يصبح الأمر أكثر سهولة
هل ترتبط حدة ردود فعلي بتوجيه إهانة؟ هل يتأذى أحدهم نفسيًا أو بدنيًا؟ هل أرغب في أن يشعر طفلي بالمسؤولية عن أفعاله أم يشعر بالامتعاض مني؟ كيف يمكنني أن أعلم طفلي بفاعلية دون أن يتمحور الأمر حولي أو حول مخاوفي؟ كيف أساعد طفلي على الاستفادة من تلك الدروس بشكل أفضل على المدى البعيد؟ كيف أوفر نموذجًا لطفلي لكيفية التعامل مع الآخرين في مواقف مشابهة؟
- راجع هذه القائمة المختصرة بعد أن تهدأ الأمور، فهي ستساعدك على حل المشكلات والحد من السلوكيات السلبية المحتملة في المستقبل
ما احتياجات طفلي للتواصل من خلال سلوكياته الصعبة؟ كيف أشارك طفلي لمساعدته على إصلاح أخطائه وحل مشاكله في المستقبل؟ متى كانت آخر مرة تواصلت فيها بشكل حقيقي مع طفلي؟ كيف أعالج هذا الموقف حتى أخرج منه أنا وطفلي ونحن نشعر بقوة أكبر؟ كيف أساعد طفلي على تعلم الأفضل من هذا الدرس على المدى الطويل؟
نحن نتحمل المسؤولية كاملة عن أفعالنا تجاه طفلتنا عندما نجد أننا عدنا للطرق القديمة، تغيير الأنماط السلوكية ليس أمرًا يسيرًا، ومع ذلك فنحن نقوم حرفيًا بنحت مسارات عصبية جديدة في أدمغتنا للقيام بهذا التغيير (تميل الخلايا العصبية إلى سلوك الطرق الأقل مقاومة)، لكن عندما يتعلق الأمر بمستقبل أطفالنا النفسي وصحتهم العاطفية، فليس هناك سبب أفضل من ذلك لتجربة هذا الطريق.
المصدر: parents with confidence