هي العملة التي إن لم يتاجر بها المرء بحذر من الممكن أن يخسر كل شيء، لقد كانت عملة الإنترنت الافتراضية “بيتكوين” حديث الساعة منذ أن ارتفعت قيمتها بشكل جنوني حتى قاربت على الوصول إلى 20 ألف دولار أمريكي وقت كتابة هذه الكلمات الآن، إلا أن الحديث لا يكتمل إلا بذكر الخطر الذي قد يقع فيه كل مستثمر غير الحذر في تلك العملة.
لم يكن الحديث عن عمليات التزوير الخاصة بعملة البيتكوين أو المخاطر التابعة للاستثمار فيها وليد الساعة، بل انتشر الحديث منذ ظهور عملة البيتكوين المشفرة على الساحة عام 2009، إلا أنه يبدو الآن شديد الأهمية مع زيادة عدد المستثمرين في البيتكوين بعد تضاعف سعرها قرابة 15 ضعفًا.
كانت البيتكوين هدفًا واضحًا وجذابًا للمحتالين أو اللصوص على الشبكة العنكبوتية، وكانت وسيلة للمستثمرين الراغبين في استغلال خصوصية التبادل التجاري غير القابل للتعقُب من الحكومات والسلطات المختصة من أجل استخدامها لأغراض غير قانونية أو لبيع وشراء المخدرات أو الأسلحة، بالإضافة إلى استغلالها لأغراض غسيل الأموال وتمويل المنظمات الإرهابية، ولهذا فإن المستثمر غير الحذر من الممكن أن يخسر كل شيء باستثماره في البيتكوين.
هذه أبرز الحوادث الشهيرة المتعلقة بالعملة الافتراضية بيتكوين منذ عام 2009 وحتى الآن
1- اختراق إلكتروني تسبب في خسارة 500 ألف دولار
كانت ميزة البيتكوين الأكثر جدلًا خلوها من أي وسائط مالية، أي لا يوجد أي بنوك أو أشخاص يتحكمون في تحويل الأموال من حساب لآخر، كما لا يوجد تعريفة مالية على التحويلات من جهاز لآخر تدخل في حساب البنك أو الحكومة، كما لا يوجد بنك مركزي يتحكم بها، ولهذا فهي عملة لامركزية بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
تم تداول عملة البيتكوين عام 2011 بين مجموعة من الهواة ومحبي المخاطرة، حيث كانت عملية التعدين (العملية التي تُنتج منها عملة البيتكوين) سهلة بالنسبة لأي جهاز حاسوب منزلي في ذلك الحين، ولهذا كانت العملة عرضة للاختراقات الإلكترونية بشكل جنوني، وهذا ما حدث مع أحد المستخدمين في الـ13 من يونيو/حزيران 2011.
حيث أعلن “آلينفان” أحد المستثمرين في البيتكوين في ذلك الوقت أنه استيقظ ذات يوم ليجد حسابه الخاص بعملية البيتكوين فارغًا، وقال إن المبلغ المسروق يُساوي نصف مليون دولار بقيمة البيتكوين بعدما وصلت إلى 20$ في نفس العام.
2- “ماي بيتكوين” تختفي من الشبكة العنكبوتية كليًا
كانت هناك إحدى الوكالات المعروفة في بدايات البيتكوين التي تعمل كمحفظة لعملات البيتكوين الخاصة بحسابات المستخدمين تحت اسم “ماي بيتكوين”، إلا أنها في صباح أحد الأيام من شهر أغسطس/آب من عام 2011 اختفت الوكالة أو الشركة كليًا من على الشبكة العنكبوتية في ادعاء من الشركة أنها تعرضت للقرصنة الإلكترونية لسرقة الحسابات بما فيها من عملات بيتكوين محفوظة.
تسببت هذه الحادثة في انعدام الثقة في كل الشركات التي تُقدم خدمات حفظ المحافظ الإلكترونية، حيث لا توجد أي وسيلة قانونية لتعقب التحويلات المالية أو عملية سحب أو إيداع العملات، ولهذا لا يمكن اعتبار تلك الخدمات موثوق بها، ذلك لأن المعلومات الخاصة بالعملاء تكون بشكل مُشفر لا يستطيع الوصول إلى كلمة السر الخاصة بالمستخدم، ولا يوجد طرف ثالث قانوني يعمل على حمايتها أو تعقبها.
3- سرقة أكثر من 46 ألف عملة بيتكوين
عام 2012 كانت هناك سقطة أخرى في المواقع الإلكترونية التي تبنت عملية بيع وشراء البيتكوين، كان من بين تلك المواقع موقع “بيتكونيا” الذي انطلق عام 2011 ليكون أحد أهم مراكز تبادل عملة البيتكوين في أول أيامها.
عانى الموقع من خسارته الكبرى عام 2012، عندما تعرض لاختراق إلكتروني تسبب في جعل حسابات المستخدمين عُرضة للسرقة، ليتم سرقة أكثر من 46 ألف عملة بيتكوين كانت تساوي 200 ألف دولار بقيمة البيتكوين في ذلك الحين، وعلى الرغم من أن الموقع دخل في دوامة من الدعاوى القضائية ضده فإنه أكمل في مسيرته ليعاني من خسارته الثانية التي أخرجته من سباق المنافسة تمامًا.
أغلقت شركة “بيتفلور” واستدعت السلطات مؤسس الشركة واتهمته بربح مبلغ 700 ألف دولار من خلال استغلال المستثمرين و التلاعب غير القانوني بالأموال
بعد مرور بضعة شهور من الحادثة الأولى في نفس العام، عانى الموقع من القرصنة لمرة ثانية تسببت في سرقة 18 ألف بيتكوين من حسابات المستخدمين، حينها تم غلق المواقع لأسباب خاصة بمراجعة وتدقيق الحسابات، كانت تلك الحادثة درسًا لكل الشركات التي تعمل في مجال توفير عمليات تبادل عملة البيتكوين، ذلك لأن وصول أي طرف ثالث للمعلومات المشفرة يجعل حسابات المستخدمين عرضة للسرقة في أي وقت.
4- شركات أفلست بعد سرقة عملات البيتكوين
شركتان أمريكيتان واحدة أعلنت إفلاسها والأخرى أصبحت تُعرف عالميًا بأنها إحدى أكثر الشركات المحتالة في تجارة عملة البيتكوين، الأولى هي شركة “بيتفلور” الأمريكية التي عانت من إحدى خسارات البيتكوين الكارثية حيث سرق منها القراصنة عملات بيتكوين بقيمة 250 ألف دولار أمريكي، حينها لم تستطع الشركة تحمل الخسارة ولم تستطع أن تُعيد للمستخدمين أموالهم، فأعلنت إفلاسها في خضم كثير من الدعاوى القضائية.
الشركة الثانية هي “بونزي سكيم” شركة أمريكية تُعرف حاليًّا بأنها أكثر الشركات المحتالة في مجال تبادل البيتكوين التجاري، فهي تعمل على استثمار أموال المستخدمين القدامى لديها وتمنحهم عائدًا بنسبة معينة أسبوعيًا من أرباح أموال المستثمرين الجدد في البيتكوين.
أغلقت الشركة واستدعت السلطات مؤسس الشركة واتهمته بربح مبلغ 700 ألف دولار من خلال استغلال المستثمرين والتلاعب غير القانوني بالأموال من خلال وعد المستثمرين بأرباح غير واقعية، وألزمت السلطات بإعادة ما يقرب من 40 مليون دولار للمستثمرين الضحايا الذين ضاع منهم أكثر من ربع مليون عملة بيتكوين.
خسرت الشركة اليابانية ما يُقارب مليون بيتكوين قيمتها 700 مليون دولار في ذلك الحين، وهي الخسارة التي أدت بالشركة إلى الإفلاس وبكثير من المستثمرين للانتحار
5- خسارة أكبر شركة لتبادل البيتكوين في العالم
شركة MT Gox اليابانية التي كانت تتحكم في 70% من عمليات تبادل البيتكوين في العالم بين عامي 2013 و2014، لم تسلم هي الأخرى من القرصنة والاحتيال الإلكتروني، حيث أعلنت الشركة إفلاسها حينما وصلت قيمة البيتكوين 1200 دولار في ذلك الحين بعدما خسرت ما يُقارب مليون بيتكوين قيمتها 700 مليون دولار في ذلك الحين، وهو الخسارة التي أدت بالشركة إلى الإفلاس وبكثير من المستثمرين للانتحار.
لم تكن البيتكوين عرضة للقرصنة الإلكترونية أو الاحتيال الإلكتروني فحسب، بل استغلتها بعض الجهات والشركات لأغراض غير قانونية كتمويل منظمات إرهابية مثل “داعش” على سبيل المثال، أو انخراطها في عمليات غسيل الأموال أو التربح غير المعتمد على استثمار حقيقي يدر دخل حقيقي، فعلى المستثمر في البيتكوين أن يكون شديد الحذر قبل اتخاذ القرار وإلا من الممكن جدًا أن يخسر كل شيء كما خسر هؤلاء الخمس.