ما بين قوائم الكتب الأكثر مبيعًا، والقوائم الطويلة والقصيرة لجوائز أدبية تتمتع بحضور وثقل دولي، حقق الأدب الهندي في العقدين الأخيرين رواجًا جماهيريًا ونقديًا، اقتنص خلاله أدباؤه وأديباته جائزة المان بوكر ثلاث مرات في العشرين عامًا الماضية.
في القائمة التالية نستعرض عددًا من روايات الأدب الهندي المعاصر تكشف الهوة الموجودة بين الطبقات الدنيا والعليا في الهند وصراع الهوية والفساد المستشري في أرجائها.
إله الأشياء الصغيرة.. أروندهاتي روي
بين عامي 1992 و1996 انشغلت أروندهاتي روي بكتابة روايتها الأولى “إله الأشياء الصغيرة”، وفور نشرها عام 1997 حققت نجاحًا جماهيريًا ونقديًا كُلل بحصولها على جائزة البوكر البريطانية.
تروي الرواية حكاية عائلة هندية في عقد الستينيات من القرن الماضي في مدينة كيرلا وتتبع رحلة توأمين غير متماثلين ووالديهما وعائلتهما في غمار حياة معقدة وشائكة، تعرض خلالها موضوعات نظام الطبقات ومواجهات الدولة مع الشيوعية وقصص الحب المرفوضة والمحرمة.
وتعد الرواية أشبه بسيرة ذاتية، إذ ترصد جزءًا كبيرًا من خبرات روي التي عايشتها خلال طفولتها، فتصفها بأنها خليط من الخبرات الشخصية والمخيلة الإبداعية.
تقول جهان الجندي عن الرواية في مقدمة الطبعة العربية: “تحقق إله الأشياء الصغيرة أهم ما يحتاج إليه فن التخيل، رؤية العالم وكأننا نراه للمرة الأولى، وملاحظة واعتبار كل تلك الأشياء الصغيرة، الصغيرة نعم، ولكن التي تصنع حولنا حياتنا”.
الجدير بالذكر أن روي أصدرت روايتها الثانية بعنوان “وزارة السعادة القصوى” في العام الحاليّ أي بعد قرابة عقدين من نشر روايتها الأولى، واحتلت مكانًا في القائمة الطويلة لجائزة المان بوكر 2017.
النمر الأبيض.. آرافيند أديغا
هي الرواية الأولى للروائي والصحفي آرافيند أديغا وقد حازت على جائزة البوكر البريطانية عام 2008، ويأخذنا أديغا في رحلة يستعرض فيها الفساد والفروقات والتناقاضات الاجتماعية المختلفة في الهند الحديثة، بين النور والظلام، الأغنياء والفقراء، عبر عيني بطله بالرام وهو شاب قروي ينتقل إلى مدينة ديلهي ليعمل خادمًا لدى إحدى العائلات الغنية إلى أن يتسلق طريقه ليصبح مقاولاً ورجل أعمال ناجح.
يقول أديغا عن بطل روايته بالرام إنه خليط من عدة شخصيات سبق له لقاءها عندما كان يسافر عبر أنحاء الهند، وخلال تلك السفريات كان بمقدوره سماع همهمات وأنين أوجاع متصلة ومتواترة تسود أوساط الطبقة تحت المتوسطة في الهند، ولم يحصل أن تم التقالطها وتسجيلها من قبل، بالرام هو صوت المغيبيين والمنسيين في قاع المجتمع.
المليونير المتشرد.. فيكاس سواراب
تدور أحداث الرواية حول مشاركة رام محمد توماس في البرنامج التليفزيوني الشهير “من سيربح البليون روبية”، ولكن قبل السؤال الأخير الذي يفصله عن حلم الثراء يتعرض للاحتجاز في إحدى الزنزانات بتهمة الغش والاحتيال، وخلال مكتب صغير يتم استجوابه لنجد أنفسنا نتبع رام عبر رحلة يسترجع خلالها ذكرياته والصدف القدرية وغير المعقولة في خط من الحكايات المشوقة التي تستعرض الهند الحديثة من القاع إلى القمة التي مهدت له معرفة الإجابة الصحيحة عن كل سؤال.
يقول سواراب في حديث عن شرارة الإلهام التي مهدت لهذه الحكاية بأنه قرأ تقريرًا نشر في جريدة محلية يشير إلى أن الأطفال الهنود الذين يعيشون في الأحياء الفقيرة يستخدمون الهواتف المحمولة والإنترنت كدلالة على بداية انهيار الحدود بين الطبقات الاجتماعية الفقيرة والغنية في استخدام أدوات التكنولوجيا الحديثة.
وفي نفس الوقت سمع بحكاية تشارلز إنجرام وهو رائد متقاعد من الجيش البريطاني اتهم بالغش في النسخة البريطانية من برنامج من سيربح المليون، فيعلق سوارب: “طالما اتهم رائد بالجيش البريطاني بعملية احتيال على البرنامج، إذًا فبوسعهم اتهام صبي جاهل قادم من أكثر الأحياء فقرًا في العالم بالغش”.
تم تحويل الرواية إلى فيلم سينمائي عام 2009 من إخراج داني بويل ولوفيلين تاندان، وبطولة ديف باتل، وحاز الفيلم 8 جوائز أوسكار من أصل 10 ترشيحات.
ميراث الخسارة.. كيران ديساي
حازت الرواية على جائزة البوكر البريطانية عام 2006 لتجعل من كيران ديساي أصغر كاتبة تفوز بالجائزة عن عمر 35 عامًا.
تتشبع الرواية بنكهة آداب الحقبة الكولونيالية وما بعدها، وموضوع العلاقة بين الشرق والغرب، وفقدان الهوية الهندية، إذ ترصد حالة الفقدان والخسارة وانتقالها عبر الأجيال كما لو كانت ميراثًا.
تنتقل أحداث الرواية بين شمال شرق الهيمالايا ونيويورك، وهي تدور حول شخصيتين رئيسيتين بيجو وساي، وتتبع الرواية حالة بيجو المهاجر غير الشرعي ومحاولته لبدء حياة جديدة في الولايات المتحدة الأمريكية وحلمه بالثراء عن طريق العمل هناك، أما ساي فبعد أن فقدت والديها تنتقل للعيش مع جدها القاضي المتقاعد جيموباي حيث يعمل والد بيجو طباخًا لصالحه.
تكشف الرواية الصراعات الداخلية بين الطبقات الدنيا والعليا في الهند، بين الماضي والحاضر، الطبقات العليا التي تحاول اتباع النمط الغربي وخسارتها للهوية نجدها متمثلة في القاضي جيموباي الذي يزدري طريقة حياة الهنود والملابس المحلية، ومع ذلك لم يلق قبولًا من البريطانيين رغم تعليمه وحذوه للسلوكيات والآداب الإنجليزية، فلم يصبح واحدًا منهم على الرغم من فقدانه وخسارته لهويته.
صدرت الترجمة العربية للرواية عام 2010 عن سلسلة الجوائز التابعة للهيئة العامة المصرية للكتاب ومن ترجمة أحمد هريدي.