حوار/ إيمان مسعود
تحرير/ أسامة الصياد
حاور “نون بوست” القيادي الحمساوي موسى أبو مرزوق عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” وأحد المشاركين في وفد حماس للمصالحة الفلسطينية
أبو مرزوق: إننا في حركة المقاومة الإسلامية “حماس” لسنا الآن أحد طرفي الانقسام السياسي
تحدث أبومرزوق لنون بوست حول أمور شتى وتحديات عدة تمر بها حركته والقضية الفلسطينية بشكل عام، وفي مقدمتها جولات المصالحة الفلسطينية برعاية مصرية والانتخابات الداخلية في حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، وعلاقة الحركة بإيران وكذلك حول ما يُعرف بـ”صفقة القرن”.
إلى نص الحوار
أولًا: ملف المصالحة
هل وصل ملف المصالحة إلى طريق مسدود عقب ما يبدو أنه تعنت من حركة فتح مؤخرًا؟
أبو مرزوق : لا نرى أن ما حدث في المصالحة تسرعًا
يؤكد الدكتور موسى أبو مرزوق أن حركة المقاومة الإسلامية “حماس” ذللت جميع العقبات أمام تطبيق المصالحة الفلسطينية، بشهادة الفصائل الفلسطينية والرأي العام الفلسطيني والوسيط المصري وقيادات حركة فتح قبل أن تنقلب على ما صرحت به، والجولة الأخيرة بكل أسف شهدت تعّنت فتحاوي تمثل في رفض رفع العقوبات الجائرة على قطاع غزة، والسير قدمًا في المصالحة وفقًا لاتفاق 4 من مايو 2011 والتفاهمات اللاحقة له، رغم أن العقوبات وليدة أشهر سابقة وليست العقدة الحقيقية للأزمة الفلسطينية.
وأضاف: إننا في حركة حماس لسنا الآن أحد طرفي الانقسام السياسي وسنستمر في دعم الوحدة الوطنية الفلسطينية وتهيئة الأجواء لها بكل الوسائل.
هل تشعر حركة حماس أنها تسرعت في هذا الصدد، وكان يجب عليها التريث أكثر؟
أبو مرزوق: ننتظر دورًا ضاغطًا أكبر من الوسيط المصري على حركة فتح لدفع المصالحة للأمام
صرّح أبو مرزوق أن حركة حماس يدها مُشرعة للمصالحة منذ أعوام، والجديد وجود دافع لدى الأشقاء في مصر ورغبة لإنهاء ملف الانقسام الفلسطيني الذي لاقى رغبة موجودة مسبقًا لدينا في الحركة، وتجاوب الرئيس محمود عباس لهذه الجهود بعد تردده.
ويضيف أبو مرزوق: لا نرى أن ما حدث تسرعًا بل إننا نرغب في تسريع وتيرة استحقاقات المصالحة الفلسطينية لأن كل يوم يزيد في عمر الانقسام الفلسطيني لا يصب في صالح مشروعنا التحرري أو في صالح المواطن الفلسطيني الذي تحمّل وصبر وعلينا تعزيز صموده.
أبو مرزوق: القسام ليس فوق القرار السياسي
كيف تنظر حركة حماس للموقف الإسرائيلي في ظل أحاديث عن تنسيق مصري معها قبل خوض وساطة المصالحة؟
يُشدد دكتور موسى أبو مرزوق أن الاحتلال الإسرائيلي يراقب كل الأطراف الفلسطينية ويرغب في استدامة الخلاف الفلسطيني لتحقيق مكاسب إستراتيجية، وهو فاعل قوي لكنه ليس الوحيد ولدينا كأطراف فلسطينية والوسيط المصري إرادة ولسنا فاعلين سلبيين، وليس قدرنا أن نسير وفقًا للتخطيط والرغبة الإسرائيلية، فالمصالحة الفلسطينية خيار إستراتيجي لدى حركة حماس لطي صفحة الانقسام الفلسطيني وتوحيد الصف وإعادة تصويب البوصلة الفلسطينية والعربية نحو الاحتلال الإسرائيلي.
أبو مرزوق: ننتظر دورًا ضاغطًا أكبر من الوسيط المصري على حركة فتح لدفع المصالحة للأمام
والاحتلال بدوره يعمل دائمًا على تعميق الفرقة الفلسطينية واستغلالها بالتفرد وتثبيت وقائع على الأرض ومن ذلك تفشي الاستيطان وشرعنته في المناطق الفلسطينية، وتهويد مدينة القدس واستبدال هويتها بهوية يهودية دخيلة عليها، ونحن نرفض الإملاءات الإسرائيلية ولا نتوقف أمام الموقف الإسرائيلي ويمكننا تفويت الفرصة على الاحتلال وإحباط جهوده في إفشال المصالحة بالوحدة الفلسطينية والشراكة الوطنية.
كما لا يخفى على أحد أن لمصر دورًا في كبح الموقف الإسرائيلي وكذلك المجتمع الدولي، ولكن للأسف الظرف الإقليمي والحسابات الضيقة تقوي الموقف الإسرائيلي والموقف الأمريكي الراهن يضعف الموقف الفلسطيني ولكن الأقوى من كل ذلك هو الحق الفلسطيني الذي لا تستطيع أي قوة إلغاءه.
أبو مرزوق: القسام ليس فوق القرار السياسي
هل حركة حماس مطمئنة لحيادية الوسيط المصري؟ وإلى أي درجة؟
يؤكد أبو مرزوق أن حركة حماس تراهن على وعي الشعب الفلسطيني بالدرجة الأولى، فهو الضامن الأول لتحقيق مصالحة وطنية شاملة تقودنا إلى توحيد مؤسسات الشعب الفلسطيني على أساس الشراكة كخطوة على طريق إنهاء الاحتلال الإسرائيلي.
أبو مرزوق: تيار دحلان مكون من مكونات المجتمع الفلسطيني وقد أدى دورًا في تقريب وجهات النظر بيننا وبين الأشقاء في مصر
كما أكد أن الوسيط المصري تعهد بضمان إنجاح ملف المصالحة كما اتفقنا عليه وعلى قاعدة لا غالب ولا مغلوب والتوافق الوطني، ودوره مهم في ضمان تحقيق ذلك، المهم أن تتحمل حكومة التوافق كامل مسؤولياتها وكما أخذت كامل حقوقها وتسلمت كامل إداراتها عليها أن تتحمل كامل مسؤولياتها، وحتى اللحظة ينتظر المواطنون منهم تقديم الخدمات لهم، وننتظر دورًا ضاغطًا أكبر من الوسيط المصري على حركة فتح لدفع المصالحة للأمام.
ماذا عن الجناح العسكري للحركة ورأيه في ملف المصالحة؟ هل هناك توافق داخلي كامل بين الجناح العسكري والجناح السياسي الذي اتخذ قرار المصالحة؟
أبو مرزوق: الترويج لخلافات بين حركة حماس الداخل والخارج محض افتراءات لا تمت للواقع بصلة
شدد الدكتور موسى أبو مرزوق أن حماس حركة مؤسسات وقراراتها تخضع للمؤسسة، ولذلك مواقف الحركة موحدة، لأنها تأتي بشكل شورى، وليس هناك تيارات ولكن هناك اجتهادات ولسنا نسخًا كربونية، أما القسام فليس فوق القرار السياسي الصادر عن مؤسسات الحركة الشورية والتنفيذية، وملتزم بالقرار السياسي.
بما أننا نتحدث عن مصالحة فلسطينية: هل من الوارد دخول القيادي المفصول من حركة فتح على خط المصالحة؟
أبو مرزوق: لا توجد محاولة لتهميش مكاتب حركة حماس الخارجية
أكد أبو مرزوق أن حركة حماس تبحث عن لملمة التشظي الفلسطيني والوصول إلى مصالحة وطنية شاملة لجميع مكونات وأطياف الشعب الفلسطيني بما يخدم معركتنا في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وتيار القيادي دحلان مكون من مكونات المجتمع الفلسطيني وقد أدى دورًا في تقريب وجهات النظر بيننا وبين الأشقاء في مصر، وجهوده وجهود أي من الأطراف الفلسطينية مرحب بها للوصول للمصالحة الفلسطينية الشاملة.
وأضاف: لا أستطيع رسم صورة المستقبل في ظل حجم الرفض عند الرئيس أبو مازن لدحلان شخصيًا خاصة أن له تأييدًا معقولاً في تنظيم حركة فتح بقطاع غزة وبوابة عمله الانتخابات القادمة وليس التفاهمات السياسية، أما دخوله على خط المصالحة من عدمه فهذا قراره، فالمصالحة داخل حركة فتح شأن داخلي، أما المجتمع الفلسطيني فالكل مسؤول عنه.
أبو مرزوق: هناك اختلاف في وجهات النظر داخل حركة حماس حيال عدد من الملفات ومنها ملف العلاقة مع إيران
ما الذي يعرقل ملف المصالحة حاليًّا؟ وكيف ستتعامل حركة حماس مع سيناريوهات المستقبل؟
يقول دكتور موسى أبو مرزوق: “يبدو واضحًا للرأي العام الفلسطيني وللأشقاء في مصر من يعرقل المصالحة الفلسطينية، فقد تميّز موقف حركة حماس بمرونة عالية ومن طرف واحد، وقلنا نحن خارج معادلة الانقسام ولم نعد أحد طرفي الانقسام، وألغينا اللجنة الإدارية ونعمل على تمكين حكومة الوفاق الوطني التي شُكّلت بموجب اتفاق الشاطئ، رغم من التغيرات الكثيرة التي حدثت في تشكيله حكومة التوافق من دون توافق.
طلبنا أن تأتي الحكومة وتستلم كل مسؤولياتها في قطاع غزة، وحركة حماس أبدت إيجابية كبيرة وشهد بها الجميع، ومن دون أي اشتراطات، قدّمنا هذه التسهيلات والمواقف، ونحن فضّلنا وغلّبنا مصلحة الشعب ومصلحة أهلنا في غزة على أي هدف آخر.
أبو مرزوق: الحديث عن انتهاء الدور القطري في قطاع غزة هو ضرب من الأمنيات
ويضيف: كل قضية كان من الممكن أن تكون مثار شك حاولنا أن نوضحها ونبيّنها حتى لا يكون هناك لوم على الحركة، ونتمنى من الأخوة في حركة فتح تلمس حاجة الشعب والسير قدمًا في المصالحة الفلسطينية حتى نقول بثقة إننا غادرنا الانقسام إلى الأبد.
ويستكمل حديثه: لا أفضل الحديث عن سيناريوهات ما بعد المصالحة الفلسطينية، فنحن نُريد أن نحقق لشعبنا شيئًا في ظل الخذلان المستمر له، ولهذا سنستمر في المصالحة الفلسطينية التي تحفظ لشعبنا آماله وطموحاته، ومن هنا نعتبر أن إبقاء العقوبات المفروضة ضد أهلنا في غزة ظالمة ويجب رفعها ومن المعيب الحديث عن حاجيات الناس الضرورية بهذا الشكل.
أبو مرزوق: العلاقة مع إيران لم تنقطع وهي قوية ولن يؤثر بها الاختلاف بشأن الموقف من قضايا المنطقة
ثانيًا: ملف الحركة من الداخل
هل شهدت حركة حماس هزة داخلية بعد الانتخابات الأخيرة خاصة فيما تردد عن الاختلافات بين قادة الخارج والداخل؟
يقول أبو مرزوق: تعقد حركة حماس انتخاباتها كل أربع سنوات، دون أن تتخلف عن ذلك منذ تأسيسها، وقد حملت الانتخابات الأخيرة ضخ بعض الدماء الجديدة في الصف القيادي – دون أن تحدث تغييرًا جذريًا – في جو ديمقراطي سليم ووفق ضوابط ونواظم محددة، إلا أن ذلك لن يؤثر على توجهات الحركة، لذا فالترويج لخلافات بين الداخل والخارج محض افتراءات لا تمت للواقع بصلة، فحركة حماس متنوعة وغنية بوعي وتوجهات أفرادها وقياداتها والتزام الجميع بما يصدر عن مؤسسات الحركة.
أبو مرزوق: لم نترب في حماس على كسر رقاب بعضنا البعض
هل تتفق مع الرأي القائل بأن هناك محاولة لتهميش مكاتب حماس في الخارج والاستئثار بالقرار في الداخل فقط؟
نفى أبو مرزوق أن يكون هناك محاولة لتهميش مكاتب حماس خارجيًا، مؤكدًا أنها تحليل بالتمنى من الحاقدين على الحركة، فمكاتب حماس في الداخل والخارج جزء لا يتجزأ من مؤسسات الحركة، وبفضل الله الواقع مغاير تمامًا لهذه اللآراء.
بالتأكيد الحسابات العسكرية تختلف بعض الشيء عن الحسابات المدنية: هل ثمة خلاف بين القسام والقيادات السياسية بشأن الموقف من إيران؟
أبو مرزوق: جمهورية إيران الإسلامية من أكثر الدول التي دعمت المقاومة الفلسطينية بالمال والسلاح في أحلك الظروف
يرى نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس أن اختلاف وجهات النظر داخل الحركة حيال عدد من الملفات ومنها ملف العلاقة مع إيران، لا يعدو كونه اختلاف آراء لا يمكن أن يتحول إلى خلاف داخلي لأن القرارات التي يتم اتخاذها يجري الالتزام بها بشكل كلي وشامل، وحماس بفضل الله عصيّة على الانقسام، حتى لو كانت هناك اجتهادات متباينة ليس بين العسكريين والسياسيين بل بين السياسيين أنفسهم.
هل لحماس دور في لعبة المحاور الحاليّة (قطر) – (إيران) – (الإمارات – السعودية – مصر)؟
يشدد الدكتور أبو مرزوق أن بوصلة حركة حماس ستبقى نحو القدس وفلسطين والوحدة الوطنية، ولن تتدخل بأي شأن عربي، والخلافات البينية بين الدول العربية شأن عربي، والقضية الفلسطينية ستبقى عنوانًا للجميع، ويُفترض ألا يختلف أحد بشأن دعم القضية الفلسطينية وألا يكون في الخندق الآخر مهما كانت الأوضاع.
أبو مرزوق: يُنسب لإيران فضل مراكمة جزء مهم من مقدرات القوة لكتائب القسام
ويكمل: رغم ذلك فإن حركة حماس تطرق جميع الأبواب لتكون بوصلتهم تجاه قضية الأمة المركزية وعدوها الأول الاحتلال الإسرائيلي، بغض النظر عن المحور الذي تصطف إليه هذه الدولة أو تلك.
هل التقارب الحمساوي المصري سيكون على حساب العلاقات التاريخية للحركة مع قطر وإيران؟
صرّح أبو مرزوق أن تقارب حركة حماس مع أي دولة لا يكون على حساب دولة أخرى، وحركة حماس أعلنتها مرارًا أنها تريد تجميع الجهود العربية والإسلامية في خدمة القضية الفلسطينية وإعادة القضية إلى الواجهة كقضية مركزية للأمة، وتجاوز مخططات تصفية القضية.
أبو مرزوق: نحن منفتحون على تعميق العلاقة مع إيران لمقاومة الاحتلال وتجاوز الحالة السابقة.
وعن دور دولة قطر في المصالحة يقول: قطر رحّبت بالمصالحة الفلسطينية، وكان لها دور إيجابي في تقريب وجهات النظر بيننا وبين حركة فتح طيلة الفترة الماضية كما أن لها دورًا رائدًا في العمل الإنساني في قطاع غزة ساعد على إنقاذ الحالة الإنسانية المتردية إلى جانب دعم حقوق الشعب الفلسطيني في المحافل الدولية، وكشعب فلسطيني وفي قلبه حركة حماس لا ننسى من وقف مع قضيتنا.
وأكد أن الحديث عن انتهاء الدور القطري في قطاع غزة ضرب من الأمنيات، فهي حاضرة وموجودة، والعلاقة مع إيران لم تنقطع وقوية ولن يؤثر بها الاختلاف بشأن الموقف من القضايا في المنطقة.
هل حُسمت الخلافات الداخلية بشأن المصالحة في الحركة، على خلفية تصريحات السنوار الموجهة لمن هم ضد المصالحة؟
أبو مرزوق: ليس لدي موقف مناوئ لعلاقات حركة حماس مع إيران
قال موسى أبو مرزوق: “إننا في قيادة حركة حماس نؤكد أن أعضاء مكتبنا السياسي وكوادرنا في جميع مواقعهم المؤسساتية والمناطقية داعمين لخيار المصالحة الفلسطينية، ونحن في الحركة تربينا على المحبة والأخوة وتحكيم العقل والمنطق بيننا، وليس على كسر رقاب بعضنا البعض، وإن ثبت إخلال أي من أعضائنا بقرارات الحركة فهنالك قنوات داخلية لمعالجة الأمر.
أما ما تقصدونه من تصريحات فقد مضى عليها شهور، فكم رقبة كسرت وكم واحد تم عقابه لرأيه أو لموقفه مما تم من قول مرفوض وإن كان غير مقصود”.
ثالثًا: ملف العلاقات مع إيران
ما حدود تعامل حركة حماس سياسيًا وعسكريًا مع إيران حاليًّا؟ وهل لدى القيادة الجديدة في الحركة – في رأيك – توجهات لتعميق العلاقة مع إيران خاصة أن نائب رئيس الحركة صالح العاروري مقيم في لبنان بالضاحية الجنوبية؟
أبو مرزوق: صفقة القرن قد تكون اعترافًا بيهودية الكيان الصهيوني ومنح الفلسطينيين سلطة فوق الحكم الذاتي وأقل من دولة على كنتونات جغرافية غير متصلة وتوطين اللاجئين الفلسطينيين حيث هم.
شدد أبو مرزوق أنهم في حركة حماس معنيون بتعزيز علاقتهم مع كل الدول والفاعلين في الساحة الإقليمية والدولية الذين يدعمون حقوق الشعب الفلسطيني ويقدمون له العون في قتاله الاحتلال الإسرائيلي بكل أشكاله، مضيفًا جمهورية إيران الإسلامية من أكثر الدول التي دعمت المقاومة الفلسطينية بالمال والسلاح في أحلك الظروف، كما يُنسب لها فضل مراكمة جزء مهم من مقدرات القوة لكتائب القسام، ونحن منفتحون على تعميق العلاقة معها لمقاومة الاحتلال وتجاوز الحالة السابقة.
هل لك موقف مضاد من علاقات الحركة مع إيران كما أشيع مؤخرًا؟
نفى موسى أبو مرزوق رفضه علاقة الحركة بإيران، وأضاف أن موقفه الشخصي مستمد من رؤيته التاريخية وممارسته السياسية وهو الانفتاح على كل من يدعم الشعب الفلسطيني، وإيران – كما يقول – قدمت ما لم تُقدمه دولة أخرى وأمدتهم بالسلاح، لذا فهو من الداعمين لتعميق العلاقة معها.
أبو مرزوق: من يريد أن ينتزع سلاح حماس فعليه السير أولاً على جثثنا للوصول إلى السلاح
رابعًا: صفقة القرن
ماذا تعرفون في حركة حماس عما يُعرف بصفقة القرن؟
صرّح القيادي الحمساوي أن الإدارة الأمريكية الحاليّة تتمتع بقدر كبير من عدم العقلانية، وما زالت تبلور مقاربتها الجديدة بشأن الصراع العربي الإسرائيلي، وقد شكل إعلان ترامب اعتراف الولايات المتحدة بأن القدس الموحدة عاصمة لدولة الاحتلال بوادر ظهور ملامح صفقة القرن التي قد تكون اعترافًا بيهودية الكيان الصهيوني ومنح الفلسطينيين سلطة فوق الحكم الذاتي وأقل من دولة على كنتونات جغرافية غير متصلة وتوطين اللاجئين الفلسطينيين حيث هم.
أبو مرزوق: أصبحت تكلفة السلطة على القضية الفلسطينية باهظة وتكلفة الاحتلال زهيدة وأصبحت السلطة مقاولاً لدى الاحتلال
وشدد أن صفقة القرن – وإن كان لا يوجد شيء رسمي بعد – لن تمر مهما ساءت الأوضاع الإقليمية وانشغل الإقليم بنفسه، وستقف حركة حماس والشعب الفلسطيني وأحرار العالم حائلًا دون تحقيقها.
هل ترون دورًا مصريًا في هذه الصفقة؟
صرّح أبو مرزوق أنه لا يوجد شيء رسمي اسمه صفقة القرن ولذا من الصعب الحديث عن أدوار إقليمية لها علاقة بهذه الصفقة المزعومة، وإن كان القرار الأمريكي الأخير سيقضي على دور أمريكا في القضية وسيفتح الباب واسعًا لقلب الطاولة نحو كل خطوات التسوية السابقة وسيتحول الواقع المؤلم من مواقف تهدد مستقبل القضية وغياب البوصلة إلى فرصة سانحة لتصحيح الخط السياسي وتوجه الجميع نحو القدس وفلسطين.
أبو مرزوق: تبعات حلّ السلطة ستكون أقل تكلفة بكثير من تكلفة استمرارها بهذا الشكل
التحركات الإقليمية تشير إلى أن مسوغات الصفقة توجب إما نزع سلاح حماس أو إدخالها في حرب شاملة، ما تعليقكم على هذا؟ وإذا صحت تسريبات هذه الصفقة كيف ستتعامل الحركة معها؟
حذر القيادي في حماس قائلا: من يريد انتزاع سلاح حماس فعليه السير أولاً على جثثنا للوصول إليه، فلا يوجد شخص يتمتع بذرّة عقلانية يُسلم سلاحه والاحتلال ما زال جاثمًا على أرضه، لهذا ستكون حركة حماس الصخرة التي تتكسر عليها أي تحركات إقليمية أو دولية تهدف المساس بآمال وطموحات الشعب الفلسطيني ونزع سلاحه الذي هو كرامة لحامليه، ومن نازعنا في سلاحنا نازعناه في مستقبله”.
أبو مرزوق: جاهزون لتحمل أي تبعات لحل السلطة
واستكمل أما عن صفقة القرن فلم يعد هناك – بالمواقف الغبية الأمريكية – فرصة لصفقات، فأمريكا جزء منها ولك أن تشاهد حجم الرفض للخطوة الأمريكية خاصة من حلفائها وهذا من شدة غبائها.
هل حركة حماس مستعدة لتحمل تبعات حل السلطة الفلسطينية بعد قرار ترامب الأخير؟
وعن مطلب حل السلطة الفلسطينية أكد أبو مرزوق أنه ليس وليد قرار ترامب الجائر فقط، ولم تصدر الدعوات من حركة حماس فقط، فقد هدد الرئيس الفلسطيني عشرات المرات بتسليم مفاتيح السلطة للعدو الصهيوني، وهنالك عشرات الدعوات الوطنية من قيادات حركة فتح والعديد من الفصائل الفلسطينية منهم عدد من فصائل منظمة التحرير، نتيجة لوصول الحالة الفلسطينية إلى مأزق مركب غير مسبوق.
أبو مرزوق: لا أرى للقضية الفلسطينية مستقبلًا في ظل أوسلو
مُحملاً وزر ذلك لاتفاقية أوسلو والسلطة الفلسطينية، فقد أصبحت تكلفة السلطة الفلسطينية على القضية الفلسطينية باهظة وتكلفة الاحتلال زهيدة وأصبحت السلطة مقاولاً لدى الاحتلال وأدت دورًا مهمًا في تجذّير الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة عبر تطبيقها العملي وسلوكها السياسي واتفاقياتها المشينة مع الاحتلال الإسرائيلي التي حولت طموح الفلسطيني للتخلص من الاحتلال وبناء الدولة الفلسطينية المستقلة إلى طموحات معيشية، ولولا وعي شعبنا الفلسطيني العالي – الذي نفتخر به – لاندثرت القضية الفلسطينية وأصبح مصيره كمصير الهنود الحمر.
لهذا فإن تبعات حلّ السلطة – كما يرى أبو مرزوق – ستكون أقل تكلفة بكثير من تكلفة استمرار السلطة الفلسطينية بهذا الشكل، ونحن في حركة حماس بالإضافة لجميع فصائل العمل الوطني والإسلامي جاهزون لتحمل أي تبعات لهذا القرار.
وهناك خطوة أخرى أو خيار آخر من الممكن أن يقوم به الرئيس الفلسطيني ألا وهو عدم العودة لرام الله خاصة أنه مقيد الحركة ولا يتمتع بالسيادة المطلوبة كرئيس.
كيف تنظر إلى مستقبل القضية الفلسطينية إذا انتهت مرحلة أوسلو؟
أكد الدكتور موسى أبو مرزوق أن اتفاقية أوسلو أضعفت الموقف الفلسطينية وقيّدت السلطة الفلسطينية وجعلتها سلطة تابعة للاحتلال وضيّقت على نبض الشعب الفلسطيني، وأصبح جوهر عملها تقديم الخدمات الأمنية للاحتلال، حيث حددت وقيدت مقاومة الشعب الفلسطيني وأحبطت مئات العمليات العسكرية ولاحقت مئات المناضلين وأدخلت ثقافة دخيلة على ثقافة شعبنا الثورية، وأوجدت بيئة مُريحة لعمل الاحتلال الإسرائيلي.
أبو مرزوق حركة حماس ليست مُسعرة حرب وإنما تُراعي مصلحة الشعب الفلسطيني الحاضن الأول للمقاومة
واستكمل “لهذا أتوقع أن مستقبل القضية الفلسطينية بعد أوسلو سيكون أفضل من مستقبلها في ظل أوسلو، بل لا أرى للقضية الفلسطينية مستقبلاً في ظل أوسلو، لهذا نحن والمجموع الوطني نُريد تجاوز هذه الاتفاقية السيئة، ليمارس الشعب الفلسطيني حُريته ومقاومته للمحتل ولندعم صموده بشرف”.
هل هناك استعداد أو احتمالية للتصعيد العسكري أمام الاحتلال في ظل هذه الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة؟
قال القيادي في حركة حماس: “نحن كشعب فلسطيني لنا مئة عام في المواجهة رغم أننا ضحية آلة القتل والإبادة والتطهير العرقي الممنهج منذ الاحتلال البريطاني في فلسطين والهجرات اليهودية إليها وتشكيل العصابات المسلحة حتى تحول الإجرام الإسرائيلي إلى إرهاب دولة وشعبنا رفض الاحتلال الإسرائيلي، ورفضنا الخضوع للاحتلال وإملاءاته وراكمنا القوة بفضل الله أولًا ومن ثم بجهود أبناء شعبنا المقدام ودعم الشعوب والحكومات الحرة التي أمدتنا بالسلاح والمال والدعم السياسي، والقتال بحد ذاته ليس غاية أو قيمة لدينا”.
وشدد أن حركة حماس ليست مُسعرة حرب وإنما تُراعي مصلحة الشعب الفلسطيني الحاضن الأول للمقاومة وتراعي الأبعاد الإقليمية والدولية كذلك، ومع ذلك كنا في جميع جولات الصراع ضحية غدر وعدوان، وفي المعارك التي خضناها أحبطنا فيها بعون الله أهداف الاحتلال وبقينا صامدين محافظين على ثوابتنا، وإذا ما فُرضت علينا الحرب مجددًا فإننا لن نقف مكتوفي الأيدي وسنتصدى لها بكل الوسائل.