ماجدة داوود (52 عاما) أم عراقية لثلاث بنات، يعيشون معها في بغداد العاصمة، وقد اضطرتها الظروف لأن تصبح الأم والعائل لأسرتها في ذات الوقت، بعد أن أُسر زوجها عام 1987 في حرب الخليج الأولى التى اندلعت بين الجارتين العراق وإيران في سنة 1980.
وإن كانت الحرب قد انتهت في 1988، فإن ماجدة قابعة في منزلها إلى الآن منتظرة عودة زوجها الذي وعدته بأن لا تخرج من منزلها إلا في حالات الضرورة طيلة وجوده في الحرب. ولتعول بناتها وتفي بوعدها لزوجها في نفس الوقت، اشترت ماجدة ماكينة خياطة تخيط بها الملابس وتبيعها لجيرانها ومعارفها.. دون أن تغادر بيتها.
حكت ماجدة لوكالة الأناضول قصة زوجها الذي خرج للحرب مع الجيش العراقي، وعاد كل رفاقه ولم يعد.. وهي تقول: “أسر زوجي في الحرب مع إيران، وحتى الآن لم يرجع، لم نستلم منه رسالة، رغم عودة جميع زملاءه الذين شاهدوه في معسكرات الأسر في إيران، منذ سنوات طوال”.
ومأساة ماجدة ليست الوحيدة من نوعها، فهناك المئات وربما الآلاف من المآسي الشبيهة بها، فحسب المتحدث باسم وزارة حقوق الإنسان العراقية كامل أمين: “هناك 200 أسير في السجون الإيرانية، عرفنا ذلك عن طريق رسائلهم التي يبعثونها إلى ذويهم، أو عن طريق زملائهم، الذين كانوا معهم بالأسر.. وبعض الأسرى العراقيين في إيران ماتوا في الأسر، والبعض الآخر ربما سافر خارج إيران، واستقر بدول أخرى، ونحن نعمل مع الجانب الإيراني، لنعرف مصير هؤلاء”.
وأضاف أمين: “هناك 50 ألف مفقود عراقي لا يعلم مصيرهم حتى الآن، وهناك فرق عراقية – إيرانية تبحث على الحدود المشتركة بين البلدين، علها تجد رفاتا لهم، وبين فترة وأخرى تعثر هذه الفرق على رفات لجنود عراقيين، أو إيرانيين، يسلمون عبر منفذ الشلامجة الحدودي، ويتم أخذ عينات DNA من عظامهم، وحفظها للتعرف على هوياتهم”.
ويذكر أن منفذ الشلامجة الحدودي، بمحافظة البصرة، جنوبي العراق، شهد عام 1996 إجراء أول تبادل لرفات عسكريين سقطوا خلال الحرب العراقية الإيرانية، وتم من خلال المنفذ منذ ذلك الحين وحتى الآن اجراء 33 عملية تبادل حتى مارس/ آذار 2013، 13 منها نفذت بعد عام 2003، إذ تسلم العراق اجمالاً رفات 2302 عسكرياً عراقياً، في حين تسلمت إيران منه رفات 1807 من جنودها، العديد من رفاتهم عثر عليها في قضاء الفاو بمحافظة البصرة.
وبحسب أمين، فإن “عدد المفقودين الإيرانيين (خلال حرب الخليج الأولى) أقل حيث يبلغ 30 ألف مفقود، وعدد المفقودين الذين توجد شواهد على أسرهم بالعراق 10 أسرى فقط، جاري البحث عنهم لمعرفة مصيرهم”.
ومن جهته، ينفي الجانب الإيراني وجود أي أسير عراقي في سجونه، وبحسب قول السفير الإيراني في العراق حسن دانائي: “جميع الأسرى تم تسليمهم للجانب العراقي على شكل دفعات”.
ويذكر أن الحرب العراقية الإيرانية دامت ثماني سنوات لتكون بذلك أطول نزاع عسكري في القرن العشرين، وواحدة من أكثر الصراعات العسكرية دموية، والتي خلفت ورائها نحو مليون قتيل، وخسائر مالية بلغت 400 مليار دولار.