ترجمة حفصة جودة
أدمغتنا ليست مجهزة لكي نتذكر كل ما يمر علينا، وإن لم تكن أحد هؤلاء القلائل الذين يملكون ذاكرة تصويرية، فمن المرجح أن تتلاشى تفاصيل كل ما تمر به سريعًا، كم مرة حاولت أن تتذكر قراءة مقال لكنك نسيت موضوعه؟ هل حدث أن تذكرت اسم أحد الأفلام لكنك فشلت في تذكر قصته؟ إذا كنت تنسى باستمرار ما تقرأه أو تشاهده فأنت لست وحيدًا.
حاول أن تتذكر ما تناولته على الغداء أمس أو ما فعلته الأسبوع الماضي، ستجد أن كل ذكرياتك بهذا الشأن ضبابية لأنها أمور ليست ضرورية لبقائك على قيد الحياة، تملك أدمغتنا ما يعادل 8 جيجا بايت للتذكر الفوري، لذا أي معلومات غير مهمة يتم محوها على الفور ولا يتبقى لنا سوى صورة ضبابية لتلك المعلومات غير المهمة.
الدماغ البشري ليس مصممًا للتعامل مع هذا الكم الهائل من البيانات، فنحن نواجه الكثير من المحفزات كل يوم، وإذا كنا سنعالج ونتذكر كل شيء فسيكون من الصعب أن يقوم دماغنا بأي وظيفة أخرى، لذا يقوم الدماغ بفرز كل الخبرات التي نواجهها وحذف غير المهم منها.
عندما تقرأ شيئًا لأول مرة، فإن هدفك الوحيد يكون إنهاؤه
لا يهم كم تتطلع لقراءة كتاب أو مشاهدة فيلم، فإذا لم يكن المحتوى ضروريًا لبقائك على قيد الحياة، فغالبا لن تتذكر أي شيء بعد أن تنتهي من القراءة أو المشاهدة، جزء من ذلك سببه أن اهتمامك الرئيسي يتجه نحو إنهاء الكتاب أو الفيلم، بعد إرضاء تلك الرغبة، ربما لن تتذكر أيًا مما قرأته أو شاهدته.
الأمر يشبه أن تسير في نفس الطريق كل يوم وتقابل نفس الأشخاص كل يوم
يخزن البشر ذكرياتهم ن خلال عملية تُسمى “الترميز”، يصبح دماغنا بارعًا في ترميز المعلومات عندما تكون المعلومات الجديدة مرتبطة بخبرات موجودة مسبقًا، في أول مرة نواجه فيها معلومات جديدة يشبه الأمر أن نمر بجوار شخص غريب في الشارع، وحينها كل ما تفعله الخلايا العصبية أنها تعلم بأنك واجهت شخصًا ما، لكنها لا تملك أي إداراك لذلك، وبعد أن ينتهي الموقف ربما لن تتذكر أبدًا من رأيته.
لماذا يتذكر بعض الأشخاص من يرونهم رغم ذلك؟
قد تشعر بالإحباط لأنك لا تتذكر ما رأيته للتو، والأسوأ من ذلك أن تقابل صديقًا ما يستطيع أن يتذكر كل شيء، فهذا الصديق يحكي لك تفاصيل فيلم شاهدته منذ أشهر، أو يشير إلى بعض النقاط في كتاب ما كنت قد نسيته، فكيف يفعل ذلك؟
هؤلاء الناس لا يملكون أي ذكريات غير استثنائية، لذا فهم ببساطة يستقبلون المعلومات بنشاط ونظرًا لأنهم يعالجون المعلومات بفاعلية، فإنهم قادرون على تذكر تفاصيل كتاب أو مشاهد فيلم بشكل متكرر في وقت قصير، إنهم ينقحون المعلومات ويركبونها لتصبح ملكهم.
قد تجد صعوبة في استيعاب التفاصيل لأن هناك الكثير من المعلومات الجديدة
الأمر يشبه أن تسير في نفس الطريق كل يوم وتقابل نفس الأشخاص كل يوم، حينها تبدأ في التعرف على الأشخاص وملاحظة الكثير عنهم لأنهم أصبحوا مألوفين بالنسبة لك، وهكذا تستطيع خلاياك العصبية أن تصنع روابط جديدة بكل سهولة عندما نحتاج لتذكر وتحليل معلومات جديدة بدلاً من مراقبتها بشكل سلبي.
المفتاح الرئيسي أن ترى وتربط ثم تكرر
كلما تفاعلت بنشاط مع المحتوى الذي تتناوله، كنت قادرًا على تذكره، فعندما تستدعي خلاياك العصبية المحتوى مرارًا وتكرارًا يكون من السهل بناء روابط جديدة معه، فكر في الأمر كأنك تمشي في الغابة، في البداية ليس هناك طريق محدد، ولكن إذا سلكت نفس الطريق كل يوم، ففي النهاية ستنشئ طريقًا، وستكون قادرًا على التحرك بسرعة وسهولة في المكان الذي كنت تتحرك فيه ببطء من قبل، يعالج عقلك الذاكرة بهذه الطريقة أيضًا، لذا عليك أن تنشئ طريقًا ممهدًا لخلاياك العصبية.
لا تعتمد على ذاكرتك الأولية
عندما تبدأ في شيء جديد، على الأرجح ستنسى العديد من التفاصيل، قد تجد صعوبة في استيعاب التفاصيل لأن هناك الكثير من المعلومات الجديدة، عندما تشاهد أفلامًا أو تقرأ كتبًا، قد تجد نفسك متلهفًا لما سيحدث بعد ذلك، وسيكون هدفك فقط الوصول للنهاية، من المفيد أن تعيد ما تشاهده أو تقرأه مرات عديدة، فمعرفتك لما سيحدث لاحقًا، يجعلك قادرًا على إدراك التفاصيل جيدًا.
إعادة القراءة والمشاهدة ليست كافية
يمكنك أن تبحث في جزئية من المعلومات مرارًا وتكرارًا، ولكن هذا لا يعني أنها ستبقى في ذاكرتك، الحفظ عن ظهر قلب (عن طريق التكرار) لا يسمح لك ببناء روابط ذات معنى مع ما تراه، لتتذكر شيئًا ما عليك أن تطبقه، فبدلاً من استقبال المعلومات بشكل سلبي، أو محاولة حفظها عن ظهر قلب، من الأفضل بناء روابط، وإذا كنت قادرًا على تطبيق ما تعلمته، شاهد النتائج، ثم أعد التطبيق مرة أخرى وفقًا للنتائج، من المرجح أن تكون هذه الطريقة الأكثر فاعلية في تثبيت ما تعلمته.
على سبيل المثال، القراءة عن وصفة لطهي وجبة لن تجعلك تتعلم الطهي، لكن طهي وجبة ما وربطها بحاسة تذوقك الخاصة وآراء الآخرين، سوف يجعلها ثابتة في عقلك، فمشاهدة شخص ما يؤدي تمارين ليس له نفس الأثر عندما تقوم به بنفسك، نظام العمل ليس سوى شيء عديم الفائدة ما لم تقم بتطبيقه.
عندما تكتشف فصولاً أو أفكارًا مترابطة في الكتاب، اعثر على طريقة للربط بينهم
عندما تقوم بتطبيق مفهوم أو ممارسة ما في حياتك، يصبح من السهل استيعاب تفاصيلها، تذكر المرة الأولى لذهابك للعمل ثم تذكر الآن، في البداية كنت تفكر في كل خطوة تخطوها على الطريق، أما الآن لا يخطر على بالك أي شيء إنه مزيج من التطبيق والتكرار الذي يعزز من اتصالات الخلايا العصبية.
هل يمتلك عقلك أي أسئلة قبل قراءة أو مشاهدة شيء ما؟
عندما تلتقط كتابًا لتقرأة أو تجلس لمشاهدة فيلم ما ضع هدفًا في عقلك، إذا لم يكن لديك أي هدف، فالهدف الافتراضي لعقلك هو الوصول إلى نهاية الكتاب أو الفيلم، لذا ضع سؤالاً تحتاج إلى إجابته قبل أن تبدأ.
على سبيل المثال، قراءة كتاب “قوة العادة” دون هدف لن يكون مفيدًا على الإطلاق، سوف يبدو الكتاب غير مفيد لأي شخص ليس مستعدًا لبناء عادة مهما كان الكتاب جيدًا، من ناحية أخرى؛ إذا فكرت في عادة سيئة ترغب في التخلي عنها قبل البدء في القراءة، حينها سيمكنك أن تربط بين ما تقرأه وحياتك الخاصة.
عندما تكتشف فصولاً أو أفكارًا مترابطة في الكتاب، اعثر على طريقة للربط بينهم، مثل تظليلهم أو كتابة ملاحظات أو قص الأجزاء المرتبطة، كتابة الملاحظات يدويًا أفضل وسيلة تساعدك على تذكر المفاهيم المهمة.
هؤلاء الأشخاص الذين يشاهدون الأفلام أو يقرأون الكتب ولا يتذكرون منها أي شيء، يضيعون الكثير من وقتهم، فهم لم يحصلوا على أي معلومات قد تساعدهم فيما بعد، لكي تتجنب نسيان كل ما تراه، حاول تطبيقه على الفور وقم بإعادة النظر في المفاهيم المطروحة.
احتمالية أن تنسى غدًا ما قرأته قائمة، ما لم تقم بحفظه من خلال تظليله أو الربط بينه وبين حياتك، قم بتحديد هذه النقاط حتى يمكنك العودة إليها وتذكرها متى احتجتها، الاستمرار في قراءة الكتب ومشاهدة الأفلام بلا هدف مضيعة للوقت، حاول أن تحقق أقصى استفادة مما تقرأه أو تشاهده بالربط بينه وبين حياتك، وتذكر ما سيفوتك إذا أضعت هذه الفرص للمعرفة والتعلم من بين يديك.
المصدر: لايف هاك