ترجمة حفصة جودة
حذرت وكالة إغاثية من أن التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية يدفع اليمن نحو “حالة مروعة”، فقد مرّ 1000 يوم من بدء الرياض لحملتها العسكرية قامت خلالها بإمطار المدن بوابل من القنابل وجوّعت المواطنين وسط ظروف مماثلة لـ”حصار القرون الوسطى”، ولا يزال الملايين من اليمنيين محرومين من الطعام والوقود والدواء، مع استمرار حصار السعودية لمواني اليمن الشمالية.
أدى الحصار إلى تعقيد الوضع غير المستقر في اليمن، ووفقًا لتقرير نشرته منظمة “أوكسفام” الخيرية، فهذا الحصار يدفع بملايين اليمنيين نحو حافة المجاعة، ويبدو أن الحرب تتجه نحو مرحلة أكثر خطورة، في الأسبوع الماضي ادعت الولايات المتحدة أن إيران تدعم الحوثيين بصواريخ باليستية قصيرة المدى وهو ما أنكرته إيران.
في يوم الثلاثاء، حاول المتمردون الحوثيون إطلاق صاروخ على قصر ملكي في السعودية من اليمن وهو الثالث خلال 6 أسابيع، لكن قوات الدفاع السعودية تمكنت من اعتراضه، وبحسب أوكسفام، فقد قُتل ما يقرب من 5300 مدني بينما اضطر 3 ملايين شخص للفرار من منازلهم خلال الـ1000 الماضية.
قالت المنظمة أيضًا إن هناك نحو مليون شخص يُشتبه في إصابتهم بالكوليرا، هذا المرض الذي تسببت فيه المياه الملوثة وسجل اليمن أسوأ حالات تفشيه عالميًا، أما حالات الموتى بين المدنيين نتيجة العنف فتبدو قليلة جدًا عند مقارنتها بوفيات الأمراض والجوع رغم عدم وجود أمراض دقيقة.
حذرت منظمة “انقذوا الأطفال” الشهر الماضي من احتمالية وفاة 50 ألف طفل بنهاية العام، كما حذرت الأمم المتحدة من وفاة طفل كل 10 دقائق بسبب أمراض يمكن الوقاية منها مثل الإسهال وأمراض الجهاز التنفسي وسوء التغذية.
وقالت أوكسفام إن جميع الأطراف المشاركة في الصراع تتحمل مسؤولية هذا المستوى الضخم من المعاناة الإنسانية، وإنهم جميعًا مسؤولون عن انتهاكات القانون الإنساني الدولي، لكنها أشارت إلى الدول التي تدعم السعودية بالأسلحة ومن ضمنها المملكة المتحدة والولايات المتحدة، ودعت قادة العالم إلى الضغط على جميع الأطراف المشاركة في الصراع إلى وقف إطلاق النار بشكل فوري وإنهاء إراقة الدماء.
أشار مارك جولدرينغ الرئيس التنفيذي لأوكسفام إلى ضرورة تصرف المملكة المتحدة تحديدًا بحزم بسبب مسؤوليتها عما يحدث في اليمن، وذلك في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وقال جولدرينغ: “لمدة 1000 يوم قصفت أسحلة متطورة وحديثة اليمن، ونشهد الآن حصارًا مثل العصور الوسطى تُستخدم فيه المجاعة كسلاح حرب، لكن المملكة المتحدة تستطيع أن تقوم بدور مختلف في مجلس الأمن، لذا يجب عليها أن تتصرف بحزم وتستخدم موقفها المميز لاتخاذ إجراءات جماعية بشأن إنهاء الحصار”.
موقف جميع الأطراف المشاركة كان مخزيًا
كما أيد تامر كيرولوس مدير منظمة “انقذوا الأطفال” في اليمن، دعوات أوكسفام، وقال كيرولوس: “لقد مضى 1000 يوم منذ أن بدأ التحالف السعودي في قصف اليمن، ومنذ اندلاع أطول فترة عنف شهدتها البلاد، وفي الوقت نفسه أصبح الدمار في اليمن غير معقول ولا يمكن تخيله وللأسف فموقف جميع الأطراف المشاركة كان مخزيًا”.
وأضاف كيرولوس:”لا يمكننا أن نسمح بأن تستمر هذه الحرب يومًا آخر، وإذا كان هؤلاء من يملكون السلطة أو من بإمكانهم التأثير في الوضع، لا يستطيعون التوصل إلى حل سلمي للصراع فإنهم جميعًا مشاركون في الحكم على أطفال اليوم بالموت والبؤس”.
كانت المنظمة قد سلطت الضوء على حالة إحدى الفتيات – أطلقوا عليها اسم نورا – تبلغ من العمر 13 عامًا، هذه الفتاة أصبحت تجلس على كرسي متحرك بعد إصابتها في موجة انفجار نتيجة غارة جوية قبل عامين أدت إلى إصابتها بجروح خطيرة في العمود الفقري، تقول نورا: “كنت أذهب إلى المدرسة سيرًا على الأقدام، كانت حياتي جميلة لأنني كنت أستطيع المشي والكتابة، أما الآن فلا أستطيع أن أذهب إلى المدرسة إلا باستخدام الكرسي المتحرك، ولا يمكنني أن أجلس على مكتبي الآن وأكتب كما كنت أحب، فيدي تؤلمني عندما أحاول الكتابة بسبب الإصابة في ظهري، لا أستطيع حتى أن أمسك بالقلم”.
ضربات التحالف السعودي ما زالت مستمرة
وفقًا لأوكسفام، فالوضع الإنساني يزداد سوءًا في اليمن، كما تزداد تكلفة مساعدة ملايين الناس شهريًا، وأشار التقرير إلى أنه رغم أن الولايات المتحدة وبريطانيا من أكثر الدول المانحة للتبرعات التي تدعو إليها الأمم المتحدة لمساعدة اليمن، فإن كلتا الدولتين تربحان أكثر من هذا المبلغ الذي تدفعه بـ4 مرات من مبيعات الأسلحة لأطراف الصراع.
المتمردون الحوثيون متهمون بارتكاب جرائم حرب في اليمن
فعلى الرغم من أنهما يشكلان نحو 46% من تمويل مساعدات اليمن، فإن أرباحهما من بيع الأسلحة تتجاوز 10 مليارات دولار، وكان التحالف السعودي قد بدأ في شن غاراته على المتمردين الحوثيين منذ مارس 2015 في محاولة منه لتعزيز حكومة الرئيس المنفي عبد ربه هادي والمعترف بها دوليًا.
أعلن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان يوم الثلاثاء الماضي مقتل 136 مدنيًا وإصابة 87 آخرين بسبب الغارات السعودية على صنعاء وصعدة والحديدة ومأرب وتعز ما بين 6 وحتى 16 من ديسمبر الحاليّ.
كثفت السعودية غاراتها الجوية منذ أن قتل الحوثيون الرئيس السابق علي صالح أول الشهر وذلك بعد انهيار تحالفه معهم عقب تقديمه اقتراحات للرياض، قال رئيس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان زيد رعد الحسين إن جميع أطراف الصراع لم تتوقف لأنها لا تخشى العقاب، لكن أغلب الوفيات سببها الهجمات الجوية السعودية، وفي حوار مع وكالة فرانس للأنباء قال الحسين إن أعمال العنف والحصار الذي يفرضه التحالف على المواني التي يسيطر عليها المتمردون أدى إلى وقف جميع المساعدات الإنسانية الضرورية.
المصدر: ميدل إيست آي