إذا ما كتبت في محركات البحث التقليدية، جوجل على سبيل المثال، أنك تريد دعم القاعدة بتبرعات مادية، أو لنقل تأجير قاتل محترف لاغتيال صحفي أو سياسي أو حتى زوجتك السابقة أو زوجك الحالي، ما النتائج التي تتوقعون الحصول عليها؟
من المرجح أنكم ستحصلون على عدد من الأخبار عن قتلة مأجورين قتلوا صحفيين أو سياسيين أو أشخاص قتلوا شركاء حياتهم، وإذا ما تعمقت أكثر فربما تجد من يطرق بابك ليصطحبك إلى جهاز أمني رفيع المستوى، فالإنترنت مراقب كما تعلم!
لكن ماذا لو أخبرتك أن 99٪ من النتائج قد لا تكون على محركات البحث التقليدية التي نبحث من خلالها؟ ماذا لو أخبرتك أن هناك جبلا من المعلومات يختفي خلف تلك الواجهة المريحة لجوجل أو ياهو أو فيسبوك؟ بل ماذا لو أخبرتك أن الرقابة على تلك الشبكة تكاد تكون معدومة بحيث لا يمكن لأحد -غالبا- أن يتتبعك أو يعرف ما تفعل؟
هذا باختصار هو ما يُعبر بالشبكة السوداء DARK WEB أو ما تُسمى أيضا بالشبكة العميقة DEEP WEB
طبقا للغارديان، فإن محركات البحث مثل جوجل لا تستطيع الدخول سوى على أقل من 03.٪ من المعلومات على الإنترنت! بقية المعلومات تقطن في شبكة مجهولة، يستخدمها أشخاص مجهولين، ولا يمكنك حتى الدخول على تلك الشبكة إذا لم تكن أنت نفسك مجهولا تماما على الإنترنت!
كيف يمكنك الدخول على الشبكة العميقة؟
الأمر ليس بسيطا كما أنه ليس صعبا، فلا يمكنك الدخول على تلك الشبكة باستخدام متصفح مثل فاير فوكس أو جوجل كروم، لتدخل على الشبكة العميقة يجب عليك استخدام متصفح “عميق” . المتصفح الذي نتحدث عنه يُدعى تور TOR وهو المتصفح الذي شهد معدلات تحميل مهولة بواسطة الأشخاص المهتمين بخصوصيتهم عقب تسريبات إدوارد سنودن الأخيرة.
عندما تستخدم المتصفح تور – أو أي متصفح عميق آخر- فإنك تغدو مختفيا تماما! لا موقعك ولا ما تفعله على الإنترنت يمكن أن يتم اختراقه -غالبا- من أي كان!
ما تفعله على الشبكة العميقة يبقى على الشبكة العميقة.
عندما تبدأ في استخدام متصفحك العميق، فإنه بإمكانك أن تفعل ما تفعله في استخدام المتصفحات العادية، يمكنك كتابة عنوان الموقع الذي تود الذهاب إليه، العناوين تبدو مختلفة قليلا، فبدلا من .com أو .net، المواقع التي نتعامل معها هنا غالبا ما تنتهي .onion وهو ما يعني أن كلا من مقدم الموقع ومستخدمه مجهولين تماما على الشبكة ومن الصعوبة بمكان تتبعهم.
هذه الصورة توضح لك شيئا مما نتحدث عنه عندما نتكلم عن الشبكة العميقة
كما تلاحظون، المواقع التي تقبع في أعمق نقاط من جبل الشبكة هي تلك المواقع التي إما أن تدخلها باستخدام طرق إخفاء واضحة أو أن تقول وداعا لأصدقاءك وترحب بالإف بي آي أو وكلاءهم في بلدك وتستعد لاستقبالهم في منزلك قريبا.
ورغم أن الشبكة العميقة مليئة بالأشياء “القذرة”، و”المريضة” والخطيرة في جميع الأحوال، فالمعروف عن الشبكة العميقة أنها ملجأ الدعارة وانتشار المواد الإباحية للأطفال، إلا أنه من المهم معرفة ما يجري، هذه محاولة لتسليط الضوء على الشبكة العميقة وعما يمكن لشخص ما أن يفعله من خلالها.
1 الويكيبيديا المخفية The Hidden Wiki
المواقع على الشبكة العميقة لا تمتلك أسماء مثل مواقعنا، فلأدخل على الويكيبيديا المختفية علي أن أكتب عنوانا مثل ktlwi4fecvo6r، في الحقيقة هذا هو جزء من العنوان الحقيقي للويكيبيديا المختفية، وغالبا بدونها لن تستطيع استخدام الشبكة العميقة.
يمكنك عن طريق الولوج إلى هذه الويكيبيديا أن تصل إلى معظم مواقع الشبكة السوداء، لا يمكنك الدخول عليها باستخدام متصفح تقليدي، ولا أفترض أنك تمتلك متصفح TOR لتصفح نون بوست، فلسنا موقعا خطيرا إلى هذا الحد!
لن نحرمك من رؤية هذه الويكيبيديا، هذه صورة لما يمكنك أن تراه هناك
بعض المواقع على هذه الويكيبيديا هي أكثر المواقع التي من الممكن أن تصيب الإنسان السوي بالتقزز والاشمئزاز! بعضها يعرض موادا إباحية لأطفال في الرابعة والخامسة من أعمارهم، وبعضها يعرض لفتيات يتم ابتزازهن أمام الكاميرات أو حتى اغتصابهن، وبعضها يعرض عمليات قتل بشعة!
2 ادعم “النضال الإسلامي بشكل خفي” Fund The Islamic Struggle Without Leaving a Trace.
“السلام عليكم، نحن مجموعة من الشباب المسلمين الذين لا ننتمي لأي تنظيم أو جماعة، معظمنا يعيش في الولايات المتحدة … هناك نقص حقيقي في تمويل المسلمين في الولايات المتحدة وفي أمريكا الجنوبية لدعم نضالهم ضد أعداءهم … نحن في مرحلة مفصلية من التاريخ، ونحتاج لكل ما يمكننا الحصول عليه … يمكنك دعمنا عبر الدفع هنا”
هذا ما قد تجده في موقع من مواقع الشبكة العميقة، قد يكون هذا الموقع من تنفيذ سي آي إيه وقد يكون وراءه بعض المنتمين للقاعدة بالفعل أو بعض الشباب الذين يريدون أن يستغلوا الحماسة لبعض المسلمين والحصول على كعك مجاني!
3 هيا نؤجر قاتلا محترفا!
هذا أمر جاد تماما وخطير جدا! يمكنك تأجير قاتل محترف للتخلص من مديرك في العمل، سياسي في دولتك، صحفي كتب عن مطعمك أشياء عن الحشرات أو الفئران التي تستضيفها في مطبخك. إذا كانت معك النقود، يمكنك تأجير شخص ما وهو سيتولى تلك المهمة!
بعض المواقع والمجموعات تعرض خدمات عديدة، “الذئاب البيضاء” مثلا يعرضون أن يقوموا بالبحث وعمل الاستخبارات والتوصل للهدف وإنهاءه بشكل كامل!
الأمر ليس رخيصا، فالسعر يتراوح بين مواطن عادي، إلى رأس الدولة، بين 25 ألف دولار، وبين 15 مليون دولار. لا يوجد أي سيرة ذاتية تعتمد عليها إذا أردت أن توظف قاتلا محترفا .. بحسب بعضهم، فإن رابطة الثقة هي أهم ما في الأمر. لا تثق كثيرا، أنت لا تعرف مع من تعمل!
4 هل تريد سلاحا؟
كما قلنا، يمكنك أن تفعل “كل شيء” على الشبكة العميقة، تجارة السلاح أحدها. يمكنك استقبال السلاح عبر بعض هذه المواقع عند باب بيتك!
لا تفكر في من تود أن تقتله أولا أو عما إذا كنت قد قررت تفجير مدرستك أو جامعتك أم لا .. لأن الذخيرة التي تستخدمها هذه الأسلحة تُباع في موقع آخر وعبر صفقات أخرى.
أحد المواقع الشهيرة هو موقع Euroguns، بالطبع لا يُكتب بهذه الطريقة على الشبكة العميقة، لكن الموقع يوفر أسلحة لسكان أوروبا، هذا ليس أمرا جيدا على كل حال، فمعدلات الجريمة باستخدام السلاح في الدول التي يسهل فيها امتلاك الأسلحة أعلى بأضعاف من معدلاتها في الدول الأخرى، خاصة مثل المنطقة العربية والشرق الأوسط.
إذا كنت تفكر في الأمر بجدية، دعني أقول لك .. لا تفعل!
5 الماريجوانا صارت متاحة في أوروغواي .. فقط
رغم أن الماريغوانا أُتيحت وأصبحت قانونية في دول قليلة عبر العالم، إلا أنه يمكنك شراءها في أي مكان عبر البريد! هذه ماريجوانا حقيقية، الأشخاص الذين يعانون من الحصول على الماريجوانا يمكنهم طلبها، وستصل إليهم بشكل آمن للغاية بدلا من الوقوف في ليلة باردة في انتظار شخص ما ليعطيه غراما ونصف من شيء مجهول ويتعرض كليهما لخطر الملاحقة!
لم يقل أحد أن الشبكة العميقة نظيفة .. لكنهم يقولون أنها آمنة!
هناك موقع شهير على الشبكة العميقة يُدعى طريق الحرير Silk Road يبيع المخدرات بأنواعها، ورغم أن نسب نجاح عمليات الدفع والشراء عالية وتتجاوز 97٪ إلا أنه لا يمكن لأحد أن يعيد لك مالك إن سُرق منك، وهو احتمال لا يمكن تجاهله على الشبكة السوداء!
6 لا تمتلك بطاقة ائتمان؟ هاك واحدة
كثيرا ما نسمع عن بطاقات الائتمان التي تُسرق بياناتها والبريد الإلكتروني الذي يُخترق، في الحقيقة إننا غالبا لا نسمع عن هذه السرقات، لأنها لا تُكتشف إلا بعد فوات الأوان! هنا يمكنك معرفة ما الذي يحدث لهذه البطاقات على سبيل المثال.
فعبر عدة مواقع في الشبكة العميقة يمكنك أن تشتري بطاقات ائتمان يمتلكها أشخاص آخرون، والتعامل بها داخل الشبكة العميقة أو خارجها، أو شراء بطاقات ائتمان حقيقية بأسماء أشخاص وهميين أو لا يعرفون بشأنها، بعض تلك المواقع يقول إن بطاقات الائتمان تكون صالحة بنسبة أكثر من 95٪. لا يمكن التأكد من ذلك!
هناك العديد من المجالات الأخرى التي تُستخدم فيها الشبكة العميقة بطرق غير قانونية، بعضها في تجارة الأعضاء وتُسمى في بعض مواقع الشبكة “التجارب الطبية”، وبعضها تجارب طبية بالفعل تُجرى بشكل وحشي على أشخاص مجهولي الهوية لا يمتلكون سجلات لدى الدول التي يقطنون فيها. يمكنك تأجير قرصان إلكتروني Hacker بسعر مناسب للتجسس على البريد الإلكتروني لأشخاص أو لمعرفة ما يتداوله الساسة على بريدهم!
يمكنك تأجير هاكر محترف .. يفعل كل شيء من أجل المال!
كما أن الشبكة تُستخدم أيضا في شراء وبيع هواتف نقالة بأسعار رخيصة، وتطبيقات للآي فون، ومساحات على خوادم مؤمنة، وبريد إلكتروني مؤمن (لا تتوقع أن تستخدم بريدك الإلكتروني على Yahoo! أو GMail للتواصل مع صديقنا القاتل المحترف الذي قررت أن تستأجره!)، أو تزوير عملات وبيعها مقابل عملات حقيقية (10 مليون دولار مزور مقابل 300 ألف دولار حقيقي مثلا) وعددا كبيرا من الخدمات التي في مجملها تُعد خطيرة .. للغاية.
مستخدمو الشبكة العميقة لديهم أيضا شبكات تواصل اجتماعي، هناك شبيه بفيسبوك يُدعى Torbook، مستخدمو الشبكة السوداء لديهم هواياتهم أيضا، لكن لا تتوقع أن يكون توربوك بريئا للغاية!
آخر التطورات
لا يمكن القول إن الأمر آمن للغاية، حتى إذا كان آمنا بالنسبة للمستخدم، فإن ما تفعله قد ينتهي في لحظة واحدة، فقد أسقطت المباحث الفيدرالية الأمريكية قرابة 50٪ من مواقع الشبكة العميقة بضربة واحدة في أغسطس الماضي عبر إسقاط الخوادم الرئيسية في أيرلندا.
القضية كانت كبيرة وبدأت بملاحقة الإف بي آي لمواطن آيرلندي يُدعى إريك إوين ماركيز بخصوص نشاطه على الشبكة في نشر محتوى إباحي للأطفال، لكنها انتهت بإسقاطه واكتشاف أنه أحد أخطر الرجال على الشبكة العميقة.
هذا يعني أنك إذا كنت تريد أن تغتال رئيس دولة ما على سبيل المثال، ودفعت 8 مليون دولار مقدما للعملية التي قررت أن تستأجر فيها قاتلا محترفا، فإنه مع سقوط الشبكة فإنك لن تستطيع متابعة طلبك كما أن القاتل لن ينفذ العملية ما لم يضمن بقية أمواله!
إن العديد من المعارضين السياسيين يستخدمون نظام ومتصفح تور للتغطية على نشاطاتهم في الدول القمعية مثل كوريا الشمالية أو مصر أو السعودية، وهو ما قد نتحدث عنه لاحقا.