كلنا محتجزون وعهد حرة، دعنا من النواح والعويل ولنقم انتحارًا جماعيًا لضمائرنا وقلوبنا وانتمائنا لصنف الجبناء، “عهد التميمي” هي صرخة لا مكان لها ما دام عالمنا أصم، هي مثال المقاومة والشجاعة وحب الوطن، وهي ببساطة عروس عروبتنا فلسطين.
هذه الشقراء أزعجت الكيان الغاصب الإسرائيلي عندما كنا ممددين على أرائكنا نبكي لوعة على قدسنا بعد خطاب ترامب، بربكم ألسنا جميعًا متورطين؟ ألسنا جميعا متواطئين؟ لماذا نختلق الأعذار وندعي المساندة في حين أننا صنعنا هذا الغول الخانع المسمى بـ”إسرائيل”؟ أليس الخوف قريننا منذ الأزل؟ إن عهد اليوم وراء قضبان الموت ونحن راء شاشات حواسيبنا وهواتفنا نشتم ونلعن ونكتب مقالات تتغنى بجوعنا لتحرير القدس.
خسئت إنسانية العالم عندما تسجن الطفلة بسبب علو صوتها، ألسنا نحن من عودناهم على المقاومة المعتكفة أمام سور الصمت؟ وعودناهم على المقاومة الهادئة الموشوشة من وراء الجدران حتى صار من يصرخ “حرية “مذنبًا، ونحن من عودناهم أيضًا على أن عهد فتاة لصوتها صدى مزعج، أما مقاومتنا “سلمية” هادئة لن تحرك لهم شعرة.
ستتواصل حملات الاعتقالات وستطوى القضية الفلسطينية على صفوف الأتربة لو لم نثبت وفاءنا وحميتنا بزلزلة إنسانية واحدة مضمونها أن المعاناة في فلسطين هي هوة إنسان لا فقط أزمة “رقعة جغرافية واحدة”، هي انتهاك ساري المفعول لحق الشعوب في تقرير مصيرها، للحقوق والحريات وكل ما من شأنه أن يعبر عن ذواتنا.
إن الإرتكان للصمت يعني خذلان جيل الغد والخنوع ومواصلة إراقة دماء الأبرياء واحتجاز الأطفال واعتقالهم خلف سجان طوت السياسة والمراوغة إنسانيته، فخسئنا وخسئت أقلام لا تنادي فلسطين وخسئت دول بوصلتها دعم الاحتلال .
نحن في زمن إمبريالية جائعة لرؤوس المال لا للحريات والحقوق
باسم الدبلوماسية والتفاوض وغيرها من المصطلحات منتهية الصلاحية تفقد القدس أبنائها أمام برقع عالمي لا نسمع له غير نباح مزعج ومغازلة مجردة من كل مبدأ، لـ”إسرائيل” عهد التميمي هي لبؤة مندفعة إما أن نتعلم منها اليوم ونصطف خلفها أو فلنرش غبار السموم ولنرحل كغربان الموت، فمن الواجب أن نصرخ الحرية لعهد ونهبها عهدًا أننا في القضية الفلسطينية كلنا جنود وكلنا مقاومون.
هذه الطفلة هي القاعدة لا الاستثناء، فالمقاومة لطالما كانت مشروعة ما دام المنتهك وطنًا وبلدًا، لكن إلى أين يتجه العالم؟ ليحاول بكل جهده تحويل بوصلة القضية بتغيير التراث وطمس المعالم التاريخية والآن عبر ثقافة الإنترنت يجيش الكيان الإسرائيلي كل شيء ليختلق أمام الرأي العام وهم “الدولتين”، ثم يصير الحديث عن “دولة” تنطوي تحتها أخرى، وكأننا بفلسطين امرأة مقموعة مكبلة من ناشط يصدح صوته بحقوق المرأة وحريتها،
فكل العالم يريد الحرية ما لم ندخل في تفاصيل قضية القدس، كما لو كانت عروس عروبتنا بابًا محرمًا يخشى الرؤساء تعويذاته، فاجتنبوها لضمان سيرورة مصالحهم مع الكيان المغتصب “إسرائيل”، فنحن في زمن إمبريالية جائعة لرؤوس المال لا للحريات والحقوق، نحن في زمن عدو عدوي صديقي، زمن التناقض والنفاق وازدواجية الخطابات.
فلسطين هي قضيتنا اليوم وغدًا وأبدًا، هي كابوسهم المزعج الذي لطالما حاولوا تشويش الرؤية في عقولنا بأباطرة السفسطة وفلاسفتهم وجرعات المورفين والسموم المخدرة وأشباه المعضلات، هي أيضًا قضية كل العالم لأنه لو تخاذلنا وأشحنا بأنظارنا وتجاهلنا هذه المظلمة في حق القدس فنحن نهب لكل قوة اقتصادية حق انتهاك أي أرض ضعيفة ما دامت أمريكا تدعمها، نحن نكرس قانون الغاب والفوضى، ففي زمن ليس ببعيد ستعطى أوطاننا شبرًا يليه شبر وتباع وتشترى أمام إقدامنا المبتور ونخوتنا البور.
لذلك فالقضية يجب أن تدعم “الآن” في كل لحظاتنا عبر مقالاتنا ومنشوراتنا وتحركاتنا وأصواتنا، باختصار دعنا نزعجهم ونهز العالم بأن “القدس عاصمة فلسطين”، دعنا نثبت لهم ولو مرة في تاريخنا العقيم أننا نخلق من العدم مقاومة وأننا مؤمنون بالوطن بما هو حق لا مزية ترمى لنا عبر قوافل الإعانات .