يميل معظم السياح إلى زيارة تركيا خلال فصلي الصيف والربيع، مفضلين مياهها الزرقاء وشمسها المشرقة وطقسها الدافئ، إلا أنّ السياحة الشتوية لها نصيبها الكبير أيضًا، وتأخذ بالازدياد عامًا بعد عام، خاصة لمحبي التزلج أو أولئك الذين تفتقر بلدانهم للأمطار والثلوج، فيقصدون تركيا في شهور الشتاء، لرؤية جانبها الأبيض النقيّ.
تبدأ السياحة الشتوية في تركيا بشكلٍ عام مع بداية شهر تشرين الثاني وتنتهي في بداية آذار، وتأخذ المناطق الجبلية النصيب الأكبر من الإقبال السياحيّ، خاصة وأنّها تتحول لمنتجعات تزلجٍ ورياضات ثلجية مع بداية ذلك الموسم.
-
كارتالكايا
تعد منطقة كارتالكيا مكانًا مميزًا للتزلج والسياحة الشتوية في تركيا، نظرًا لقربها الجغرافيّ من مدينة إسطنبول، وبالتالي يقصدها الأتراك والسياح في عطل نهاية الأسبوع قبل أن يعودوا لمدنهم، مثل إسطنبول أو بولو.
تقع المنطقة على ارتفاع أكثر من 2200 متر في جبال كورأوغلو، وتضم مراكز تزلج ومنتجعات تحوي فنادق ومطاعم ومحلات لبيع أدوات التزلج وما يخصها، لكن يجب أنْ تأخذ بعين الاعتبار أنّ الفنادق هناك غالبًا ما تكون مزدحمة، لذلك عليكَ الحجز مبكرًا لتظفر بمكانٍ ما.
يقع مركز التزلج والتزحلق على الجليد في كارتالكايا على بعد 38 كيلومترًا فقط من وسط مدينة بولو وعلى بعد 28 كيلومترًا من الطريق السريع الواصل بين أنقرة وإسطنبول، وتحتاج فقط حوالي 45 دقيقة لتصل للمكان في حال كنتَ في مركز مدينة بولو حيث تتواجد الحافلات الخاصة التي تستطيع استقلالها للوصول للجبل. بشكلٍ عام فالطريق الواصل بين بولو وكارتاكيا يكون مفتوحًا وآمنًا بشكلٍ يوميّ، ولكن في حالة الظروف الجوية القاسية فيجب أخذ الحيطة والحذر بشكلٍ أكبر.
-
كارتيبي أو تلة الثلج
قد تكون كارتيبي هي المكان المثالي لأولئك الذين يبحثون عن عطلة نهاية الأسبوع مليئة بالثلوج والتمتع بمناظر أشجار الكستناء والبندق والبلوط، دون الابتعاد كثيرًا عن مدينة إسطنبول، إذ تبعد فقط ساعة واحدة بالسيارة من المدينة، بالقرب من بلدة إزميت.
أفضل ما يميّز كارتيبي أنها ليست مكانًا مناسبًا للمحترفين وحسب، وإنما للهواة الذين يبحثون عن تجربة التزلج وقضاء بضع ليالٍ من الشتاء بين الثلوج والجبال البيضاء. كما يتميز الجبل بإطلالته الرائعة على بحيرة سابنجا الشهيرة، وبالتالي يمكنكَ أن تقضي عطلة نهاية الأسبوع زائرًا الجبل الثلجيّ والبحيرة الهادئة الجميلة.
-
جبل أولوداغ
على الرغم من أن المنتجعات الشتوية والرياضات الثلجية أصبحت مؤخرًا ذات شعبية كبيرة في جميع أنحاء تركيا، إلا أنّ أولوداغ أو الجبل العظيم، والذي يقع في مقاطعة بورصة يُعدّ أقدم منتجع عطلة للشتاء في تركيا، بالإضافة لكونه الأكثر ازدحامًا في الفترة الواقعة ما بين نهاية كانون الأول وأواخر آذار.
يبعد أولوداغ فقط حوالي 140 كم من اسطنبول و 36 كم عن جنوب وسط مدينة بورصة، ويمكنك استخدام العبّارات من مناطق ينيكابي وبينديك في اسطنبول للوصول إلى مركز مدينة بورصة ومن ثمّ الذهاب للجبل إما عن طريق الحافلة أو التلفريك المشهور.
-
ينابيع المياه الساخنة في يلوا
تعد منتجعات المياه الساخنة في يلوا من الأماكن التي يقصدها الأتراك والسياح بهدف العلاج والشفاء، خاصة لأولئك الذين يعانون من الروماتيزم والجلد وأمراض الكلى والجهاز الهضمي، وتتبع الينابيع لوزارة الصحة التركية وبالتالي فإنّ مياهها تخضع لمعايير التحليل والنقاهة من قبل جامعة إسطنبول.
تقع الينابيع على بعد 12 كم فقط من مركز مدينة يالوفا، ويرجع تاريخ بناء الحمامات الأولى إلى ما قبل 1600 سنة من قبل الإمبراطور البيزنطي كونستانتينوس، ثمّ واصل أباطرة بيزنطة بناء منشآت جديدة وقاموا بتطوير المكان، إلا أنّه شهد إهمالًا كبيرًا بعد الفتح العثماني للمنطقة، خاصة وأنّ العثمانيين ركّزوا على الينابيع الساخنة في بورصة.
وفي السنوات الأخيرة للدولة العثمانية، فقد أعاد السلطان عبد المجيد بناء الينابيع وبعد أن استطاعت والدته أن تتعافى من الروماتيزم، استطاع الأماكن جذب الاهتمام مرة أخرى، وبالتالي أنشأ السلطان طرقًا وفيلات وحمامات جديدة حول المكان.
أما في عهد السلطان عبد الحميد أصبحت الينابيع أكثر شهرة، فقد قام السلطان بإعادة ترميم جميع المباني التاريخية، بالإضافة لاهتمامه بتحليل المياه وتطويرها، ولم يمض وقت طويل حتى باتت ينابيع يلوا معروفة في جميع أنحاء العالم كمنطقة للصحة والترفيه.
وقد اهتم أتاتورك بالينابيع كثيرًا، وأمر بتطويرها بعد إنشاء الدولة التركية الحديثة، وما زالت إلى يومنا هذا تستقبل الكثير من الأفراد الراغبين بالاستفادة من المياه الساخنة والملحية في المنطقة، سواء في فصل الصيف أو الشتاء.
ولمن يرغب بزيارة تركيا في الشتاء، خاصة إن كان في مدينة إسطنبول أو بالقرب منها، فتعد ينابيع المياه الحارة في يلوا وجهةً ممتازة ويُنصح بها، خاصة وأنّها تتوافر بأسعار معقولة جدًا، جنبًا إلى جنب إلى الخدمات الترفيهية والاستجمامية المتعددة التي تقدمها.