مع اقتراب احتفالات نهاية السنة، يزداد الوافدون إلى ولايات تمنراست في الجنوب الجزائري، حيث يمكن مشاهدة أجمل شروق وغروب للشمس في العالم، والاستمتاع بمتحف طبيعي مصنف ضمن التراث العالمي، وبكثبان رملية غاية في الجمال.
رغم أن نشاط قطاع السياحة في الجزائر لا يزال ضعيفًا ولا يساهم بنسبة كبيرة في اقتصاد البلاد بسبب عوامل متعددة، ففي نهاية كل سنة تعرف توافد غير اعتيادي للجزائريين والأجانب أيضًا، يريدون توديع العام واستقبال السنة الجديدة في مكان فريد في منطقة الأهاقار والطاسيلي بتمنراست، حيث لا تزال الطبيعة عذراء نقية نقاوة وصفاء قلوب الطوارق الذين يسكنون المنطقة.
تصنيف عالمي
في سلسلة جبلية بركانية تعود إلى أزمان غابرة، تقع منطفة الأهاقار أو سلسلة جبال الهقار بولاية تمنراست التي يرجع عمرها إلى ما قبل 12 ألف سنة، وتضم قمة تاهات أتاكور التي يزيد علوها على 3 آلاف متر، وبينها يقع ممر الأسكرام أين يمكن الاستمتاع بأجمل وأروع غروب وشروق للشمس في العالم.
تصنف منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) الأهقار ضمن التراث العالمي، فهي متحف طبيعي يحكي قصة الإنسان الذي عاش بالمنطقة منذ آلاف السنين من خلال الرسومات الجدارية التي تعود إلى إنسان ما قبل التاريخ.
وزير السياحة الجزائري: موسم السياحة الصحراوية الذي انطلق نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي شهد هذه السنة قدوم ما لا يقل عن 160 ألف زائر، بينهم 10 آلاف سائح أجنبي
وبتمنراست يسمع الزائر بقصة الملكة تينهنان ملكة الطوارق التي ما زال الجزائريون خاصة الأمازيغ يسمون أبناءهم باسمها، ولها ضريح هناك بني في القرن الرابع الميلادي، حسب بعض الروايات.
آلة محرمة على الرجال
وربما بسبب تينهنان لا تزال المرأة إلى اليوم تحتل مكانة خاصة بين قبائل الطوارق، ويسمح لها بالغناء منذ القديم بالعزف على آلة الإمزاد التي يحرم على الرجال العزف عليها لأنها آلة موسيقية نسوية بامتياز.
وتزعم بعض الأساطير أن سبب عدم عزف الرجال على الإمزاد الاعتقاد قديمًا أنه في حال عزف الرجل على هذه الآلة فسيحل الخراب على القبيلة وينتشر الغم والحزن بين الناس.
وبالنسبة للطوارق في الجزائر، فإن الإمزاد ليست مجرد آلة موسيقية، إنما انعكاس لنظام حياة مجتمع تمثل فيه المرأة حقًا نصف المجتمع أو أكثر، وهو ما جعل منظمة اليونيسكو تدرج آلة الإمزاد عام 1982 ضمن التراث الثقافي العالمي دون تردد.
إقبال دون المأمول
رغم الإمكانات التي تتوفر عليها ولاية تمنراست من ثراء ثقافي ومناظر طبيعية ساحرة، فإن زوارها من السياح سواء الجزائريين أو الأجانب يبقى دون مستوى هذا الثراء، وهو حال السياحة الصحراوية في الجزائر رغم الارتفاع الذي سجل هذا العام.
وقال وزير السياحة والصناعات التقليدية الجزائري حسن مرموري إن موسم السياحة الصحراوية الذي انطلق نهاية سبتمبر/أيلول الماضي شهد هذه السنة قدوم ما لا يقل عن 160 ألف زائر، بينهم 10 آلاف سائح أجنبي.
يرجع مختصون عدم تطور قطاع السياحة بالجزائر مقارنة بما هو موجود في جارتيها تونس والمغرب رغم توفر إمكانات تفوق الموجود في البلدين بحسب الجزائريين، إلى النظرة الحكومية للقطاع الذي تراه ثانويًا مقارنة بقطاعات أخرى
وأشار الوزير إلى أن هذه الأرقام تشير إلى ارتفاع مقارنة بسنة 2016 التي لم يتعد فيها عدد السياح 140 ألف خلال الموسم الصحراوي ككل، ولم يتجاوز عدد الأجانب بينهم 7500 سائح.
واعتبر حسن مرموي هذه الأرقام “مؤشرات إيجابية” في مسار رفع الرهان الخاص بإحداث نشاط سياحي بالتركيز على السياحة الداخلية، إلا أن بحسب مهتمين بالسياحة فإن ذلك يبقى دون المستوى المأمول بالنظر للإمكانات المتوفرة في الصحراء الجزائرية.
ويرجع مختصون عدم تطور قطاع السياحة بالجزائر مقارنة بما هو موجود في جارتيها تونس والمغرب رغم توفرها على إمكانات تفوق الموجود في البلدين بحسب الجزائريين، إلى النظرة الحكومية للقطاع الذي تراه ثانويًا مقارنة بقطاعات أخرى، في مقدمتها الطاقة الذي تظل أهم مورد اقتصادي للبلاد، على عكس البلدين الجارين اللذين يشكل عندهما قطاع السياحة أبرز موارد جلب العملة الصعبة.
كما يبقى ملف نقص هياكل الاستقبال وغلاء الخدمات من فنادق ونقل وصعوبة الحصول على التأشيرة الجزائرية من أهم المشاكل التي تعيق تطور قطاع السياحة في البلاد ومنطقة الصحراء بالذات، بالنظر إلى أن تذليل هذه العقبات من شأنه أن يسمح بقدوم مزيد من السياح لمنطقة لا يوجد نظير لها في العالم.