بدأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مساء الثلاثاء الماضي، زيارة رسمية تستمر يومين إلى تونس بدعوة من نظيره الباجي قائد السبسي، من المتوقع أن ينتج عنها نقلة نوعية في العلاقات الاقتصادية بين البلدين تضاهي درجة تقدم العلاقات السياسية بينهما التي ازدادت تطورًا عقب الثورة التونسية في يناير 2011.
وفد كبير
من المنتظر أن يطغى الجانب الاقتصادي على هذه الزيارة، خاصة أنها تتزامن مع موعد عقد المنتدى الاقتصادي للبلدين بين الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية ونظيره التركي، وبحضور عدد كبير من رجال الأعمال وممثلين عن الهياكل الاقتصادية في تركيا وتونس.
وتعول تونس على هذه الزيارة لرسم معالم علاقة جديدة مع تركيا على المستوى الاقتصادي، حيث تسعى إلى طرح العديد من الملفات أبرزها تعديل كفة الميزان التجاري وتسهيل وصول السلع التونسية إلى تركيا وتعزيز الاستثمارات.
بلغت قيمة الاستثمارات التركية في تونس، نهاية سنة 2015، مليار دولار
ويتطلع الجانب التركي إلى زيادة استثماراته في تونس، مستغلة الحوافز التي توفرها تونس، حيث صرح رئيس مجلس الأعمال التركي التونسي أوغور دوغان لوكالة أنباء الأناضول بوجود “محفزات تشجع رجال الأعمال الأتراك، للاستثمار في تونس، كتخصيص أراضٍ دون مقابل للمستثمرين في المناطق الصناعية، وإعفاء من الضرائب لمدة 10 سنوات، والإعفاء من أقساط التأمين لمدة 5 سنوات والتحويل الحر للأرباح للخارج دون قيود.
وتعد تونس، حسب دوغان، مكانًا ملائمًا للمتعهدين الأتراك، نظرًا لحاجة تونس للاستثمار في البنية التحتية كالطرقات والجسور والسدود ومنشآت توليد الطاقة ونقلها، مؤكدًا أن إمكانية الاستثمار في تونس تشمل مجالات قطع غيار المركبات والنقل والاتصالات وتجهيز المنتجات الزراعية إلى جانب الاستثمارات السياحية.
تتوفر تونس على مقومات كبيرة تحفز على الاستثمار
بلغت قيمة الاستثمارات التركية في تونس، نهاية سنة 2015، مليار دولار، حيث توجد 50 شركة تركية تعمل في تونس، ساعدت في خلق 2500 موطن شغل، فيما يبلغ عدد المؤسسات المشتركة بحسب بيانات تعود لنفس السنة قرابة 20 مؤسسة باستثمارات تقدر بـ260 مليون دينار ساعدت على إنشاء 1100 موطن شغل.
ويرافق أردوغان في جولته عقيلته أمينة أردوغان، ورئيس الأركان خلوصي أكار، ووزراء الخارجية مولود جاويش أوغلو، والاقتصاد نهاد زيبكجي، والزراعة والثروة الحيوانية أحمد أشرف فاقي بابا، والثقافة والسياحة نعمان قورتولموش، والمالية ناجي أغبال، والتربية عصمت يلماز، والدفاع نور الدين جانيكلي، والمواصلات والاتصالات والنقل البحري أحمد أرسلان، والطاقة والموارد الطبيعية براءت ألبيراق، فضلًا عن عدد كبير من رجال الأعمال.
دفع العلاقات الاقتصادية
عرف النشاط التجاري بين تونس وتركيا تطورًا مهمًا في السنوات الأخيرة، حيث تطورت الصادرات بمعدل سنوي يقدر بـ4.08%، فيما تطورت الواردات من الجانب التونسي سنويًا بمعدل 15%، وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين، العام الماضي، نحو مليار دولار، منها 240 مليون دولار صادرات تونسية و760 مليون دولار صادرات تركية نحو تونس، وفق تصريحات لسفير تركيا في تونس عمر فاروق دوغان، في مارس/ آذار الماضي.
وتسعى تركيا لبلوغ نسبة تبادل تجاري مع تونس تصل إلى 3 مليارات دولار وفق تصريحات سابقة لمسؤولين أتراك، مع دخول الاتفاقيات الاقتصادية الجديدة التي تشمل عديد من المجالات خاصة الفلاحية والصناعية، حيز التنفيذ.
في يوليو/تموز الماضي، وقعت تونس وتركيا على جملة من الاتفاقات للتعاون الاقتصادي في قطاع تحويل الطاقتين الشمسية والهوائية إلى كهرباء
ترتبط البلدان باتفاقية التجارة الحرة التي أُبرمت في 25 من نوفمبر/تشرين الثاني 2004، ودخلت حيز التنفيذ في الأول من يونيو/حزيران 2005، وكان هدفها آنذاك إيجاد منطقة تجارة حرة بين الطرفين، وامتازت هذه الاتفاقية بإعفاء جميع المنتجات الصناعية من الرسوم الجمركية بالكامل، فضلاً عن بعض المنتجات الزراعية إلى حدود سقف معين على غرار التمور.
وفي يوليو/تموز الماضي، وقعت تونس وتركيا جملة من الاتفاقات للتعاون الاقتصادي في قطاع تحويل الطاقتين الشمسية والهوائية إلى كهرباء، وتحويل الفوسفات إلى أسمدة، إلى جانب اتفاقات تعاون في مجالات المنافسة والمواصفات ودعم المؤسسات الصغرى والمتوسطة، وذلك في إطار اختتام أعمال الدورة الثالثة لمجلس الشراكة التونسي التركي.
تونس بوابة لإفريقيا
فضلاً عن تمتين العلاقات الاقتصادية بين البلدين، تسعى القيادة التركية من خلال هذه الزيارة، إلى أن تكون تونس بوابتها نحو أسواق إفريقيا، وسبق أن أكد السفير التركي لدى تونس عمر فاروق دوغان، في شهر سبتمبر الماضي أهمية موقع تونس، كونها بوابة لانفتاح تركيا على القارة السمراء.
وتسعى تركيا إلى الاستفادة قدر الإمكان من إمكانات القارة الإفريقية التي تتشكل من 54 دولة، يتكلم سكانها أكثر من 800 لغة، وتأتي اللغة العربية في صدارتها، وتعتبر أكبر سوق واعدة في العالم، إذ يزيد عدد سكانها على مليار ومئة مليون نسمة، وتبلغ مساحتها 30 مليون كيلومتر مربع، وتشكل 20% من مساحة اليابسة في الكرة الأرضية.
ترتبط تركيا وإفريقيا بعلاقات اقتصادية وثيقة، ازدادت منذ وصول حزب العدالة والتنمية التركي إلى الحكم عام 2002، وتكرست عبر قمم عقدت بإسطنبول التركية وزيارات مسؤولين أتراك إلى إفريقيا، إذ ارتفع حجم الاستثمارات التركية ببلدان إفريقيا، ووصل حجم التبادل التجاري بين الطرفين عام 2015 إلى نحو 25 مليار دولار.
امتيازات كبيرة تنتظر تركيا في إفريقيا
تمتلك القارة الإفريقية التي ينمو اقتصادها بمعدل 5.8% سنويًا، نحو 124 مليار برميل من احتياطي النفط، وهو ما يشكل 12% من الاحتياطي العالمي تقريبًا، وتتركز الثروة النفطية في دول نيجيريا والجزائر ومصر وأنجولا وليبيا والسودان وغينيا الاستوائية والكونغو والجابون وجنوب إفريقيا، فيما تبلغ احتياطاتها من الغاز الطبيعي نحو 10% من إجمالي الاحتياطي العالمي، حيث تملك نحو 500 تريليون متر مكعب من احتياطي هذه المادة.
كما تحتوي القارة الإفريقية على موارد طبيعية وأولية ضخمة أخرى، حيث تنتج ما يقارب 90% من البلاتين المنتج في العالم، و40% من إنتاج الألماس، وتحوز 50% من احتياطي الذهب، و30% من اليورانيوم المهم في الصناعات النووية، وتنتج 27% من إجمالي كمية الكوبالت المنتجة، أما خام الحديد فتنتج القارة ما نسبته 9% من إجمالي إنتاجه في العالم.