في 2 من مايو/أيار من العام 1902 عرض أول فيلم خيال علمي في العاصمة في الفرنسية باريس، “رحلة إلى القمر” الذي كان سبب انبهار الكثير من المشاهدين الذين رأوا لأول مرة تلك المشاهد المركبة والعجيبة في نفس الوقت.
يروي الفيلم قصة مجموعة من العلماء قرروا السفر للقمر وهناك يلقون العديد من العجائب فيقررون العودة للأرض بمركبتهم.
ذلك الفيلم لم يكن الأول لمخرجه، لكنه كان الأول من نوعه من حيث تراكيب الصور وتسلسل المشاهد وخدع التصوير، كان هذا أعظم ما أنتجه جورج ميلييس.
جورج ميلييس
ماري جورج ميلييس وبالفرنسية Marie-Georges-Jean Méliès 1861-1938 سينيمائي فرنسي شهير يعتبر رائدًا في المجال، أثرى السينما الفرنسية والعالمية – آنذاك – بإنتاجه الغزير الذي تجاوز 100 فيلم، بخلاف ابتكاره للعديد من أساليب التصوير والمؤثرات البصرية.
في أثناء تصويره أحد الأفلام بشوارع باريس توقفت الكاميرا لبعض الوقت ولم تسجل لقطات جديدة، بعد ساعات وحين عادت للعمل التقطت صورًا جديدة، ليفاجأ ميلييس عند تشغيله الفيلم بأن المشاهد تغيرت بسرعة فائقة ونتج عنها تأثيرًا جديدًا، يعتبر ميلييس من أوائل التقنيين الذين استعملوا تقنيات الكشف المتعدد وانقضاء الزمن كما برع في عملية المونتاج الفني، بالإضافة لاكتشافه تقنية تايمز لابس “التصوير بأوقات مختلفة”.
واستعمل تقنيات عديدة مثل “الجامب كات” وهو أوائل من استعمل أسلوب مضاعفة شكل الشخصيات في الفيلم وابتكر خاصية “الديزولف” (دخول صورة بصورة أخرى)، لكونه كان يهتم بتغيير الحقيقة في التصوير، فأطلق عليه البعض “المصور الساحر”.
جورج ميلييس كان موهوبًا في الرسم؛ مما أهله لتنفيذ العديد من الأفكار الجديدة والغريبة في أفلامه، كما أنه درس فنون خفة اليد في إنجلترا مما أعطى لأعماله بُعدًا آخر وقتها، وعند عودته لباريس اشترى مسرح روبرت هودان في العام 1888، ليقدم من خلاله عروضه السحرية.
لُقب جورج ميلييس بساحر السينما الصامتة، وتجسد ذلك مع فيلمه “رحلة إلى القمر” في 1902 المأخوذ عن رواية الأديب الفرنسي جول فيرن “من الأرض للقمر”.
جدير بالذكر أن ميلييس لم يكن يعمل وحده، كانت ترافقه زوجته جين ديلسي الفنانة المسرحية التي تركت خشبة المسرح وتفرغت تمامًا للسينما لتتألق في أفلام ميلييس.
الأخوان لوميير
يعتبر “وصول القطار لمحطة لاسوت” أول فيلم يحتوي على حبكة سينمائية رغم بساطتها، إذ إنه يعرض وصول القطار لمحطة ويركبه بعض المسافرين الذين هم في الأصل أصدقاء وأقارب صانعا الفيلم الأخوان “لوميير”.
البعض يصنفه فيلمًا وثائقيًا إلا أن البعض يعتبرونه أول فيلم فني، وقد اعتبر الفليم وقت عرضه قفزة نوعية في السينما كونه أول فيلم يظهر العمق وحجم الكتلة على الشاشة، حيث يظهر القطار من بعيد بحجم صغير ويقترب ليصبح أكبر ثم يحتل الكادر كاملاً لكي يعطي انطباعًا بالضخامة، كما أنه في هذا الفليم وللمرة الأولى تظهر مع اللقطات القريبة والمتوسطة والعامة للبشر عبر حركتهم أمام العدسة مقتربين أو مبتعدين.
هذا الفيلم كان الشرارة التي أشعلت رغبة جورج في العمل السينيمائي، فحاول شراء الكاميرا من الأخوين لوميير لكنهما رفضا، فصنع لنفسه كاميرا خاصة من بعض الإمكانات المتواضعة لتكون بدايته.
الحرب العالمية
غيرت الحرب العالمية الأولى 1914-1918 شكل الحياة، فما قبل الحرب غير ما بعدها تمامًا، اجتماعيًا وسياسيًا واقتصاديًا وحتى فنيًا، عزف الكثيرون عن السينيمات والمسارح وبقوا أسرى أحزانهم وذكريات مفقوديهم، الحرب خلفت الكثير من الراحلين عاش الناس بعدها في أطلال ما حدث، مما كان له كبير الأثر على مسرح جورج وجعل عمله يتراجع بسبب ضعف الإقبال.
يُقال إنه أحرق مسرحه والإستوديو الخاص به مع كل ما حواه من ملابس وديكورات، وفي الفيلم الذي أرخ لجزء من حياته “هوغو”، نُقل عنه أنه باع كل شرائط أفلامه لمعامل صناعة الأحذية فتمت إذابتها وتحويلها لكعوب الأحذية النسائية.
فيلم “هوغو”
في 2011 تم إنتاج فيلم يعرض سيرة جورج، وعلى الرغم من أن الفيلم لم يتعرض لحياته كاملة، بل كان التركيز أكثر على حياة الفتى اليتيم هوغو، فإنه أحيا التاريخ المنسي لجورج ميلييس ونقل حياته من مجرد صفحات في الأرشيف الفني الفرنسي، لنسخة حقيقية ذات روح تُلهم الأجيال الجديدة التي لا تعرفه أبدًا.
الفيلم بطولة أسا بترفيلد وبن كينغسلي وساشا بارون، ويحكي عن الطفل اليتيم هوغو الذي يعيش في محطة القطار ويصلح الساعات، بينما يترك له والده رجل آلي يقوده لمغامرة تكشف أحد أهم أسرار صانعي الفن السابع في بدايات القرن العشرين.
الغالبية العظمى من أفلام ميلييس مفقودة ولم يعثر عليها، فلدينا القليل منها كفيلم جان دارك المصنف كفيلم درامي إنتاج 1900، “رحلة إلى القمر” وفيلم “علاء الدين” 1905، وفيلم “القلعة المسكونة” إنتاج عام 1861 وهو مصنف ضمن أفلام الرعب الذي ظل مفقودًا فترة طويلة إلى أن تم اكتشافه في أرشيف الأفلام النيوزلندي عام 1988، وفيلم “المباراة العجيبة” الذي عثر عليه قبل عدة أعوام في الأرشيف الوطني بالعاصمة التشيكية براغ الذي عرض عام 1904، وفيلم “علي بابا والأربعين حرامي” الذي تم إنتاجه بين عامي 1901 و1902 وكلها أفلام صامتة.
فيلم جان دارك