هل شاهدت إعلان شركة سامسونج الأخير عن هاتفها الجديد؟ لقد اتخذت الشركة من هاتف آبل هدفًا واضحًا للهجوم طول مدة الإعلان، لقد سميت الشركة الإعلان باسم “التطور” أو “Growing up” تصور فيه مستخدمًا مهووسًا بمنتجات شركة آبل منذ بداية صدورها في 2007، يقف سعيدًا في صفوف الانتظار خارج متاجر الشركة ليكون من أول الحاصلين على هاتف آبل الجديد.
يبدو المستخدم سعيدًا جدًا بشرائه هاتف آبل ويخبر الجميع بذلك، وبعد فترة يبدأ الإعلان في التركيز على قصور الهاتف، في البداية لا يجد المستخدم مساحة كافية للتخزين وهي المشكلة التي تعاني منها هواتف الجيل الأول من آيفون، فيضطره الأمر أن يتجه لمتجر آبل ويشتري الجيل الأحدث من الهاتف، يسعد المستخدم به إلا أنه يسقط منه في الماء، يركز الإعلان على قصور هاتف آبل الذي تعالجه سامسونج في هواتفها، حيث تتمتع هواتف سامسونج بخاصية الذاكرة الكافية و ميزة الحصول على بطاقة ذاكرة خارجية عن الهاتف، بالإضافة إلى حماية هواتفها في الجيل الحديث منها ضد الماء.
صور الإعلان قصور الجيل الحديث من آبل في مسألة الشاحن و اختصار مكان سماعة الهاتف و مكان الشحن في نفس المكان، و قصوره في مسألة الشاحن اللاسلكي التي تميز بها منافسه هاتف سامسونج جالاكسي، وفي النهاية قرر المستخدم في الإعلان أن يُلقي بهاتف آيفون جانبًا ليبدأ في استخدام هاتف سامسونج جلاكسي الجديد، وهذا ما أطلق عليه الإعلان “التطور أو النمو” “Growing up”.
https://www.youtube.com/watch?v=R59TevgzN3k
إعلان سامسونج الجديد
لقد أحدث ذلك الإعلان ضجة في عالم الدعاية التسويقية بين شركات التكنولوجيا، فهو في علم الدعاية والإعلان يُسمي إعلان هجومي، حيث تتخذ الشركة منافسها الأول هدفًا واضحًا للهجوم عليه، أظهرت شركة سامسونج أن مستخدمي آبل في حالة من التغيير المستمر، وذلك لأن الجيل الأقدم من هواتفها غير قابل للاستعمال بالمقارنة مع هواتف الجيل الأحدث، وحتى بالمقارنة مع هواتف من نفس الجيل في شركات أخرى مثل سامسونج أو سوني.
لقد تزامن هذا الإعلان مع حملة تواجهها شركة آبل من الدعاوى القضائية التي تتهمها بأنها عمدًا قامت بتعطيل أجهزة الآيفون من الأجيال الأولى، عن طريق مشاكل في مستوى آداء البطارية أو مساحة التخزين، لتجبر بذلك المستخدم على شراء الجهاز الأحدث من الأجيال الجديدة.
لقد أحدث إعلان سامسونج الذي يسخر من آبل ضجة في عالم الدعاية التسويقية بين شركات التكنولوجيا، فهو في علم الدعاية والإعلان يُسمي إعلان هجومي
آبل تعترف أنها تتلاعب بأجهزة الآيفون القديمة
لقد أنكرت الشركة في البداية الاتهامات، مع العلم أنها تواجه مثل تلك الاتهامات منذ أكثر من عام، إلا أنها في النهاية اعترفت أنها تتعمد إبطاء أجهزة آيفون صاحبة البطاريات القديمة، وذلك لحماية محتويات الجهاز الإلكترونية الأخرى، والتي زعمت الشركة في دفاعها أنها تبدأ في أن تكون أقل قدرة على الاحتمال والعمل كلما زاد عمر البطارية.
لقد اعترفت آبل أن نظام التحديث الجديد به خاصية تعمل على تقليل دعم الطاقة من البطارية لأجهزة، مثل آيفون6 و آيفون 6 بلس و آيفون 7، أو أي بطارية تكون في حالة باردة أو حينما تكون نسبة شحن البطارية قليل.
حينما ننظر إلى دفاع الشركة بعد اعترافها بمثل هذا الاعتراف نجد أن آبل تقول بأن تلك إجراءات احتياطية تتخذها آبل لحماية محتويات أجهزتها من التلف، فإن قاربت تلك المحتويات على التلف كليًا سيقوم الجهاز بشكل أتوماتيكي بالتوقف عن العمل كما هو موضح في العقد الذي يوافق عليه المستخدم قبل استخدامه للجهاز.
هناك خط رفيع بين ريادة الأعمال وبين ارتكاب الجريمة
لقد عانى الكثيرون من تلك المشكلة حينما تصدر آبل نظام تشغيل جديد لنظامها IOS، هي مشكلة عامة عانى منها مستخدمو آبل حيث تبدأ سرعة الجهاز أن تقل شيئًا فشيئًا بعدما يقوم المستخدم بتنصيب نظام التشغيل الجديد ذلك، وبدلًا من محاولة الشركة أن تتدارك ذلك الخطأ من خلال توفير فرصة شراء بطارية بديلة لأجهزة الآيفون القديمة كما تفعل شركات منافسة، حاولت أن تضع على المشكلة قناعًا و تصورها بأنها تفعل ذلك لحماية محتويات الجهاز الإلكترونية الأخرى من التلف.
هل هي محاولة للتزوير أم للتلاعب بالزبائن؟
في تقرير لصحيفة “فورتشن” بعنوان “الجانب غير الأخلاقي من وادي السيليكون” كانت بدايته تساؤل عن إما قد اتخذ رواد وادي السيليكون من مبدأ “الاصطناع في سبيل الثروة” كمرجع لهم في كل محاولة للتزوير أو التلاعب بمستخدميهم أو عملائهم أم لا!
هناك خط رفيع بين ريادة الأعمال وبين ارتكاب الجريمة، والتي يكون التزوير أو التلاعب بالزبائن جزء منها، هكذا يصور التقرير حالة رافعي الدعاوى القضائية ضد شركة آبل متهمين إياها بأنها تتسبب في جعلهم يشترون هاتفًا جديدًا بتكلفة أعلى بكثير من شرائهم لبطارية بديلة، وهو ما يثير الشكوك حول الشركة في أنها تقوم بغش المستهلكين.
من ناحية أخرى يجب الذكر أنه لا يوجد قوانين واضحة حيال حماية المنتجات الإلكترونية، ففي النهاية لا يمكن اتهام الشركة اتهامًا صريحًا بأنها قامت بالغش، ربما يمكن اتهامها ببيع منتجات بها خلل وظيفي أو عيب ناتج من الصناعة على سبيل المثال، إلا أنه لا يمكن اتهامها بالغش أو التزوير.
في تقرير “الجانب غير الأخلاقي من وادي السيليكون” على صحيفة فورتشن، يقول الكاتب أن لرواد وادي السيليكون مبادئ مختلفة تجاه القواعد والقوانين، فكل كاسر للقوانين هو بطل في وادي السيليكون، حيث يهمين مبدأ “الاصطناع من أجل الثروة” على ميكانيكية عملهم، والاصطناع هنا يعني اعطاء معلومات مبهمة أو ناقصة وتلميعها و تزييفها لتبدو جذابة جدًا للمستهليكن أو المستخدمين.
استطاع وادي السيليكون أن يكون له وصفة غش خاصة به وحده، ألا وهي الضغط، اقتناص الفرص و التبرير العقلاني للأخطاء
يتمتع وادي السيليكون ورواده بخاصية شديدة الغرابة، ألا وهي العلاقة الدائمة بين الأفعال الغريبة و مبرراتها الأغرب وما بين النجاح الساحق وأحيانًا السيطرة على السوق وهزيمة المنافسين، هذا بالضبط ينطبق على تبرير شركة آبل لتعمدها التلاعب بأجهزة الآيفون القديمة من أجل الحفاظ على مكونات الجهاز، فهو في المطلق تبرير غريب يبرر سلوك أغرب، إلا أنه لا يبتعد كثيرًا عن علاقته بنجاح الشركة في الوقت ذاته.
تعتمد شركة آبل وغيرها من شركات التكنولوجيا على أن المستخدم جاهل تكنولوجيًا، لأنها تقدم له منتجات وخدمات حديثة لم يراها المستخدمون من قبل وبالتالي هناك فرصة كافية للتلاعب بقراره من قبل تلك الشركات، وهناك فرصة لتزييف الحقائق أيضًا، فيصبح الخلل الوظيفي وسيلة لكسب مزيد من المال مثلًا.
لا يمكن اتهام الشركة اتهامًا صريحًا بأنها قامت بالغش، ربما يمكن اتهامها ببيع منتجات بها خلل وظيفي أو عيب ناتج من الصناعة على سبيل المثال
في النهاية استطاع وادي السيليكون أن يكون له وصفة غش خاصة به وحده، ألا وهي الضغط في المقام الأول حيث تأتي الشركة بنجاح ساحق ومنتجات لا مثيل لها لتسيطر على نسبة كبيرة من السوق في شكل ضاغط وحينها ينجذب المستهلك لها بشكل كبير، ومن ثم اقتناص الفرص، أي فرصة لن ينتبه لها المستخدم، وأخيرًا عقلنة الأمور، أي التبرير العقلاني لأي خطأ أو خلل، إن اتبعت ذلك، حينها تكون أنت أيضًا واحدًا من أتباع وادي السيليكون.