ترجمة حفصة جودة
يمكننا تتبع آثار التغيرات المناخية خلال عام 2017، الذي شهد ظواهر مناخية متطرفة في كل أنحاء العالم، فمن العواصف العاتية والأعاصير والفيضانات إلى موجات الحر وحرائق الغابات، هذا كل ما شهده عام 2017.
ومع اقتراب العام من نهايته؛ يظل هذا العام في المركز الثالث لأكثر الأعوام حرارة رغم أن هذا العام ليست به ظاهرة النينو، وبالرغم من استمرار الولايات المتحدة وأوروبا في خفض التلوث الناتج عن انبعاثات الغازات الدفيئة، إلا إن أستراليا لم تحافظ على ذلك، فقد ارتفع التلوث في أستراليا عاما بعد عام منذ مارس 2015، هذا التلوث ساهم في تفاقم الأحوال الجوية القاسية في أستراليا وفي جميع أنحاء العالم.
بدأ عام 2017 بصيف غاضب ضرب أستراليا تمثل في موجات حرارة شديدة وأيام ساخنة للغاية وحرائق في الغابات في وسط وشرق أستراليا، بينما ضربت الأمطار والفيضانات غرب البلاد، وفي غضون 90 يوم كُسر أكثر من 205 سجل في أنحاء البلاد، وارتفت درجات الحرارة في شهر يناير إلى 40 درجة سليزية لتسجل سيدني أعلى درجة حرارة في سجلاتها، ووصفت وكالات الأنباء هذا الصيف في أستراليا بأنه “صيف العرق”، كما ارتفع درجات الحرارة في نيو ساوث ويلز 50 مرة على الأقل عما كانت عليه من قبل بسبب تغير المناخ.
أكد العلماء حدوث ثاني أكبر عملية تبييض للحاجز المرجاني العظيم خلال عامين فقط
تعتبر أستراليا دائما أرض الجفاف والفيضانات، لكن هذه الظواهر الجوية المتطرفة أصبحت أكثر تواترا وقوة الآن، و”الصيف الغاضب” أحد الأمثلة على ذلك.
ارتفعت مستويات التلوث أيضا في أستراليا مرة أخرى في شهر مارس، حيث أكد العلماء حدوث ثاني أكبر عملية تبييض للحاجز المرجاني العظيم خلال عامين فقط، وبعد عدة أسابيع؛ ضرب إعصار ديبي الحلزوني –من الدرجة الرابعة- كوينزلاند وشمال نيو ساوث ويلز، مما أدى إلى إجلاء آلاف الناس نتيجة العواصف القوية التي تسببت في أمطار شديدة وفيضانات عظيمة، ونتيجة لذلك تُوفي 5 مواطنين ووصلت تكلفة الخسائر في هذا الحادث إلى 2 مليار دولار.
ووصولا إلى شهر يونيو دخلت أستراليا في أكثر الشتاءات دفئا حيث ارتفعت درجات الحرارة بشكل كبير وانخفض هطول الأمطار، وقال عالم أندرو كينج من جامعة ميلبورن أن هذه الظاهرة ازدادت احتمالية حدوثها 60 مرة بسبب تغير المناخ.
بحلول شهر سبتمبر تعرضت الولايات المتحدة ومنطقة الكاريبي إلى 3 أعاصير ضخمة: إيرما وهارفي وماريا، نتيجة ارتفاع حرارة البحار، سجل إعصار ماريا أشد إعصارات الأطلنسي التي تصل إلى اليابسة حيث دمر بورتريكو تماما، وحتى الآن لا يعلم المسؤولين عدد الضحايا الرسمي، أما إعصار هارفي فقد تسبب في هطول أمطار بلغ ارتفاعها 1.5 متر في بعض مدن ولاية تكساس متجاوزا بذلك جميع الأرقام القياسية السابقة، وأدى إلى تشريد آلاف المواطنين والتسبب في خسائر وصل إلى مليارات الدولارات.
التلوث في أستراليا سببه منتجات الطاقة مثل حرق الفحم والنفط والغاز
وفي هذا الصيف تستعد أستراليا لموسم حرائق في نيو ساوث ويلز “فوق العادي” مع وصل موسم حرائق الغابات مبكرا عن العادة، فنتيجة للجفاف وارتفاع الحرارة في “الشتاء الغريب”؛ كانت التوقعات قلقة بشأن موسم حرائق الغابات في مناطق كثيرة جنوب شرق أستراليا، وفي كل عام تستعد خدمات الإطفاء لحرائق غابات أكثر تواترا وخطورة.
لكن نافذة الفرص المتاحة أمام أستراليا لاتخاذ خطوة بشأت التغيرات المناخية سوف تغلق سريعا، فقد كان 2017 عاما مليئا بالظواهر الجوية القاسية وزاد من قسوتها عوامل تغير المناخ، كان نصيب الأسد من التلوث في أستراليا سببه منتجات الطاقة مثل حرق الفحم والنفط والغاز.
ومنذ عقود كان واضحا أن التحول من الوقود الأحفوري إلى الطاقة المتجددة أمرا ضروريا لأستراليا لحمايتها من الأحوال الجوية القاسية، ما تغير في السنوات الأخيرة هو أنه اتضح بشكل متزايد أن مصادر الطاقة المتجددة أصبحت أرخص بكثير من الوقود الأحفوري، وأن الطاقة المتجددة المخزنة مثل البطاريات يمكنها أن توفر الطاقة للبلاد طوال الوقت.
لفشل في التصدي لتغير المناخ يعني القبول بأسوأ الظواهر الجوية
خلال الـ12 شهرا الماضية سيطرت نقاشات الطاقة على الأخبار في الصفحات الرئيسية، ومع ذلك؛ ما زالت أستراليا تفتقر لوجود منهج وطني للطاقة يمكنه التعامل بفاعلية مع مشكلة التلوث ويستفيد من الانخفاض الكبير في تكاليف الطاقة المتجددة.
لكن آخر ما نعلمه عن اقتراح الحكومة بشأن الطاقة هو أنها تضيق الخناق على الطاقة المتجددة في الوقت الذي نحتاج فيه لنموها، لكن بفضل الولايات والحكومات المحلية والمواطنين والشركات بدأ أكثر من 1.7 مليون أسترالي باستخدام الطاقة الشمسية على أسقف المنازل، بينما وضعت حكومات الولايات أهدافا لزيادة مخزون الطاقة المتجددة.
وبينما تقترب 2017 من نهايتها تقوم الحكومة بوضع اللمسات النهائية على خطتها لمواجهة تغير المناخ، أما الفشل في التصدي لتغير المناخ فهو يعني القبول بأسوأ الظواهر الجوية والأضرار الجسيمة التي تسببها تلك الظواهر للمجتمعات وطريقة الحياة.
المصدر: الغارديان