تصوير الطبيعة في مصر: حظوظ وعقبات مختلفة
أواخر عام 2010، كان شادي رمزي يشاهد فيلمًا وثائقيًا عن الحياة البرية اسمه Ocean يعرض فيه تفاصيل الحياة فوق المحيط وتحته، قبل أن يستهويه مجال التصوير، بعد ذلك بعام بدأ الشاب العشريني تجربته في توثيق الحياة البرية في مصر.
لم يحاول شادي تصوير البحار، كما لم تكن المعدات التي بحوزته تساعده على ذلك، حيث يحتاج هذا النوع من التصوير معدات متنوعة وكثيرة، كلها غالية الثمن، فبدأ بتصوير الطيور في حديقة مجاورة لمنزله، وصار شادي الآن واحدًا من مصوري الحياة البرية في مصر.
هذا النوع من التصوير لم يكن منتشرًا في مصر قبل عشرة أعوام مثلاً، وكذلك أنواع أخرى مثل تصوير النجوم والفضاء، وكان الأمر شبه مقتصر على التقاط الصور للأماكن الأثرية والصور الشخصية وتصوير المناسبات، واليوم تتنامي أنواع جديدة، مع تطور الأدوات المستخدمة في التصوير وتعديل الصور رقميًا.
تصوير الحياة البرية.. نمو بطيء
رغم عدم وجود الغابات التي يتصور البعض أنها المقصد الوحيد لتصوير الحياة البرية، بدأ هذا النوع يأخذ طريقه للوجود في مصر، وأنشأ عدد من المصورين مجموعة “صور Wildlife مصري”.
ويشمل تصوير الطيور والحشرات والزواحف والحيوانات البرية.
يقول شادي إن أسوان من أفضل الأماكن لتصوير كل أنواع الكائنات الحية، حيث التماسيح والكائنات التي تعيش في نهر النيل، بالإضافة إلى الطيور التي تمر من هناك.
وفي البحر الأحمر تمر طيور مهاجرة من أوروبا إلى إفريقيا والعكس، وينتظر المصورون هذه الطيور سنويًا في موعدها.
صعوبة هذا النوع من التصوير ليس راجعًا بشكل أساسي إلى غلاء المعدات المستخدمة، وإنما الوقت التي يحتاجه المصور للتدريب والانتظار حتى يلتقط صورة، فمعرفة أنواع الطعام الذي يتناوله الطائر أو الحيوان يسهل التنبؤ بأماكن وجوده، بالإضافة إلى دراسة سلوك كل كائن حي، ليتمكن المصور من التقاط الصورة في الوقت المناسب.
وتكمن التحديات في كون المصور لا يتحكم في عناصر الصورة، فالطيور قد تتحرك في أي لحظة وتفسد اللقطة، وقد يأتي الطير من نفس الجهة التي يأتي منها ضوء الشمس فتصبح إضاءة الصورة غير مناسبة، وفي أوقات أخرى يكون المصور نفسه مصدر إزعاج وخطر على الحيوان المراد تصويره، فيؤدي إلى هروبه والانتظار لساعات حتى تأتي فرصة أخرى.
على مستوى العالم هناك اهتمام بتصوير الحياة البرية، وتنتج التليفزيونات الكبرى أفلامًا وثائقية تتناول تفاصيل هذه الحياة، كما تقيم BBC مسابقة سنوية لاختيار أفضل الصور.
https://www.youtube.com/watch?v=6ThAwe2nc3g
خلال السنوات العشرة الأخيرة ارتفع عدد مصوري الحياة البرية إلى 25 مصور محترف، بعد كان العدد 3 فقط، كما يقول واتر البحري، الباحث البيئي والمصور في ناشونال جيوغرافيك.
حظوظ أكبر لتصوير الفلك
على العكس من تصوير الحياة البرية التي يضطر المصورون فيها للانتظار كثيرًا لتغيير شيء ما في تكوين الصورة ووضع الحيوان أو الطائر الذي يريد تصويره، فإن تصوير النجوم والفلك بشكل عام لا يمثل معوقات كبيرة.
يوجد بمصر مراصد فلكية في أماكن عديدة، منها ما هو في محيط القاهرة مثل مرصد حلوان ومرصد القطامية.
معرفة المواعيد التي تظهر فيها النجوم والأبراج بشكل مسبق يساعد على تسهيل أخذ الصور، كما أن وجود جمعيات تهتم بعلوم الفلك واستكشاف الفضاء يساعد على ذلك، تساهم جمعية مصطفى محمود للفلك التي أسست مرصدًا متنقلاً في هذا الأمر، ويبلغ عدد المشاركين في الرحلات التي تقيمها الجمعية بين 50 و100 فرد في كل مرة، معظمهم مهتم بالتصوير واستكشاف السماء.
ارتفاع أسعار معدات التصوير والعدسات في العام الأخير يمثل تحديًا أمام الراغبين في تعلم التصوير بشكل عام
أحيانًا لا يحتاج المصور أن يستخدم تليسكوبًا، إذا اصطحب كاميرته إلى الصحراء أو أي مكان تكون فيه أضواء المدينة خافتة، وادي الحيتان هو أبرز الأماكن التي يذهب إليها المصورون المحترفون، وحتى هواة التصوير لالتقاط الصور، ويذهب الناس إلى هناك بشكل شبه دوري في المواعيد التي تظهر فيها الأبراج.
في العام الماضي كانت صورة المهندس المصري أحمد شريف إحدى الصور التي اختارتها الوكالة الأمريكية للفضاء “ناسا”، كواحدة من أفضل 100 صورة للخسوف الكلي للقمر والقمر السوبر، وهما الظاهرتان اللتان تصادف حدوثهما في نفس الوقت.
تعلم أحمد التصوير بشكل ذاتي عن طريق دورات قام بشرائها عبر الإنترنت، بالإضافة إلى المقارنة بين الصور الجيدة والصور التي يصورها، واكتشاف الأخطاء الموجودة في صوره، ومحاولة تجنبها في المرات القادمة، وهذه كانت الصورة التي صنفتها ناسا، نتيجة عام ونصف والتجربة والمحاولة، وقد صورها من دون تلسكوب.
ارتفاع أسعار معدات التصوير والعدسات في العام الأخير يمثل تحديًا أمام الراغبين في تعلم التصوير بشكل عام، وأنواع التصوير التي تحتاج لمعدات بشكل خاص.
لكن زيادة عدد المصورين نسبيًا في مصر، بالإضافة إلى الزيادة التي تشهدها الرحلات الداخلية، يجعل من الأنواع الجديدة للتصوير مجالاً خصبًا للتطور، لكن إقبال المصورين على مجال دون الآخر هو ما يحدد أيهم سينمو في الفترة المقبلة.