هجوم “حلوان” يكشف هشاشة المنظومة الأمنية المصرية ويبشر بعام أكثر دموية

لم ينتظر تنظيم الدولة الإسلامية دخول العام 2018 للقيام بهجمات دموية جديدة تستهدف المسيحيين في مصر، بل اختار أن يُنهي العام 2017 وفي رصيده هجوم جديد، أكد فشل نظام عبد الفتاح السيسي في حفظ أمن بلاده بعد أن ادعى في مناسبات عديدة قرب انتهاء معركته مع “قوى الشر”.
فوفق بيان وزارة الداخلية المصرية، فإن إبراهيم إسماعيل مصطفى منفذ هجوم حلوان المزدوج، كان أحد أبرز العناصر الجهادية الهاربة والخطرة، حيث سبق له المشاركة في العديد من الهجمات المسلحة، وهو ما يدفعنا للتساؤل عن كيفية نجاح هذا المسلح المعروف في تخطي كل الاستعدادات الأمنية والاستخبارية والوصول لهدفه دون أن يتم إصابته أو إلقاء القبض عليه قبل تنفيذ العملية.
المقاتل المنتمي لتنظيم الدولة، نجح في كسر الطوق الأمني والاستخباري على مدينة حلوان، فدخلها حاملاً سلاحًا آليًا ومئة وخمسين طلقة وعبوة متفجرة كان ينوي إلقاءها على كنيسة “مارمينا”، كما أظهرت الفيديوهات المنشورة عن الحادثة، سهولة ومرونة في التنقل وراحة في التجول وسلاسة في إطلاق الأعيرة النارية، قبل أن تنجح الشرطة في إصابته وإلقاء القبض عليه حيًا.
لا يعرف كثيرون أن تحركات تنظيم الدولة على الميدان لا تستهدف الطائفة المسيحية فقط، بقدر رهانها على إشعال فتيل حرب أهلية دينية وعقدية بين أبناء البلد الواحد
صحيح أن الشرطة المصرية نجحت في إصابة المهاجم وإلقاء القبض عليه حيًا، مما يعني الظفر بكم هائل من المعلومات خاصة بعد ثبوت انتمائه لتنظيم الدولة الذي أعلن تبنيه للعملية ساعات قليلة بعد تنفيذها، لكنها في نفس الوقت فشلت في منعه من دخول عمق المدينة بسلاحه الرشاش واستهداف كنيسة “مارمينا” شديدة التأمين وفي توقيت حساس جدًا.
على صعيد تقييم العملية وحجمها، يمكن اعتبار هجوم حلوان ذا تأثير محدود على صعيد الإثخان في “العدو” المسيحي الذي أعلن تنظيم الدولة دخوله في حرب لا هوادة فيها معه، لكن على الصعيد المعنوي، نجح التنظيم الجهادي في إرعاب المجتمع المصري مرة أخرى، وفي نقل معركته من صحاري سيناء وجبالها إلى عمق المدن المصرية.
هكذا إذًا “الحرب اللامتوازنة” و”اللامتوازية”، فالدولة المصرية تحارب أشباحًا يسهل تخفيهم وخروجهم من مخابئهم متى أرادوا ذلك، وهؤلاء الأشباح يحاربون عدوا ثابتا قليل التحرك، معلومة هي مقراته واستراحاته، فيسهل عليهم استهدافه وإلحاق الأذى به، ناهيك عن أنهم أصبحوا يرون في المسيحيين أعداءً وجب قتالهم حتى يدفعوا الجزية، وهو ما يزيد من تعميق الجراء الأمنية والاجتماعية في نفس الوقت.
من غير المستبعد أن يكون العام المقبل أشد سوادًا ودموية في بلد الكنانة، فكل المؤشرات تؤكد أن الصدام بين الدولة المصرية وتنظيم الدولة الإسلامية سيشتد داخل المدن الكبيرة بعيدًا عن سيناء
لا يعرف كثيرون أن تحركات تنظيم الدولة على الميدان لا تستهدف الطائفة المسيحية فقط، بقدر رهانها على إشعال فتيل حرب أهلية دينية وعقدية بين أبناء البلد الواحد، فباندلاع هذه الحرب، سيتمكن الجهاديون من توسيع نطاق سيطرتهم وتمددهم في مقابل تقلص سلطة الدولة، وهو ما يعني تغلغلاً في العمق ومسكًا بزمام الأمور في بعض المناطق التي ستكون خارج سيطرة السلطة المركزية.
من غير المستبعد أن يكون العام المقبل أشد سوادًا ودموية في بلد الكنانة، فكل المؤشرات تؤكد أن الصدام بين الدولة المصرية وتنظيم الدولة الإسلامية سيشتد داخل المدن الكبيرة بعيدًا عن سيناء التي ستبقى تستنزف قوات الجيش والشرطة نظرًا لصعوبة تضاريسها واستحالة السيطرة الكاملة عليها، ومن المرجح أن يشن الجهاديون عمليات كبيرة قد تطال مزيدًا من الكنائس التي أصبحت أهدافًا “مشروعة” لهم، فهل سيكون العام 2018 أشد دموية من سابقه؟