أعلن لواء الشهيد نضال العامودي التابع لكتائب شهداء الأقصى الذراع المسلحة لحركة “فتح” افتتاح قاعدته العسكرية الأولى في قطاع غزة تحت اسم “قاعدة ياسر عرفات العسكرية”.
وتأتي هذه القاعدة، في ظل حديث السلطة الفلسطينية عن سلاح وحيد يقع تحت مسؤوليتها في قطاع غزة، استكمالًا للمصالحة الفلسطينية وفرض سيطرتها على غزة، لكن القاعدة الجديدة التي تهدف إلى استقطاب مقاتلين شباب جدد من حركة “فتح” أو من خارج حركة فتح وتأهيلهم وتدريبهم على القتال وحمل السلاح، تطرح تساؤلًا عن مقدرة السلطة الفلسطينية السيطرة على الأذرع العسكرية المختلفة في حال إتمام المصالحة الفلسطينية؟
نشأ لواء العامودي تكريمًا للشهيد نضال العامودي الذي اغتالته “إسرائيل” في 13-1-2008، وشاركت المجموعات التابعة له في قصف المواقع الإسرائيلية في حرب تموز/يوليو عام 2014 في قطاع غزة، لكنها بقيت مجموعات صغيرة تتلقى دعمًا بسيطًا من الفصائل الفلسطينية، خصوصًا كتائب القسام الجناح المسلح لحركة حماس، والفصيل المسلح الأكبر في قطاع غزة.
وقال الناطق باسم لواء العامودي، المعروف باسم “أبو محمد” لـ”نون بوست”: “نحن امتداد طبيعي لقوات العاصفة التابعة لكتائب شهداء الأقصى التيار المسلح لحركة فتح، وهناك تعاون بيننا وبين كل الفصائل، خصوصًا كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، وكنا قبل إنشاء القاعدة العسكرية الأولى نقيم دوراتنا التدريبية في مواقع فصائل المقاومة العسكرية مثل كتائب المقاومة الوطنية، سرايا القدس، وكتائب أبو علي مصطفى، وقد فتحت كل الفصائل مواقعها العسكرية لتدريب مقاتلينا سابقًا”.
عن مصادر السلاح الموجود في يد لواء العامودي، قال أبو محمد: “جزء من السلاح المتوافر لدينا تصنيع محلي، والجزء الآخر من الفصائل الفلسطينية، أو يتم شراؤه من الخارج”
وعن التدريب العسكري، قال أبو محمد: “هناك إقبال من أبناء حركة فتح في قطاع غزة للانضمام إلى لواء العامودي، نتيجة الفراغ الحاصل في عمل الحركة المسلح، وتعتبر هذه القاعدة العسكرية الأولى والوحيدة التابعة لحركة فتح في قطاع غزة، وتهدف إلى استقطاب جميع الشباب الفتحاوي للعمل المسلح من خلالها، ولقد تم تخريج الدفعة الأولى التي ضمت مئة مقاتل من أبناء فتح في قطاع غزة في هذه القاعدة بانتظار تخريج دفعات جديدة”.
وأشار أبو محمد أن “التدريب العسكري مستمر ولن يتوقف، ويعلن لواء العامودي كل فترة تخريج دفعة متدربين جدد”، علمًا أن الانتساب للواء العامودي يتم من خلال قيادات الواء العامودي في مناطق قطاع غزة المختلفة، أو من خلال التوجه للقاعدة العسكرية من الشباب الراغبين بالانضمام لهم.
وعن مصادر السلاح الموجود في يد لواء العامودي، قال أبو محمد: “جزء من السلاح المتوافر لدينا تصنيع محلي، والجزء الآخر من الفصائل الفلسطينية، أو يتم شراؤه من الخارج”.
ورفض أبو محمد الناطق باسم لواء العامودي الكشف عن مصدر التمويل الرئيسي لعناصر اللواء، إلا أن اللواء يحصل من مختلف فصائل المقاومة على بعض الأسلحة.
تجدر الإشارة أن حركة حماس والجهاد الإسلامي تدعم الفصائل الصغيرة بالسلاح مجانًا، وذلك لاستقطاب الفصائل والشباب كافة نحو فكرة العمل المسلح، ومشاركتها في التصدي للهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة.
وعملت أذرع عسكرية مختلفة تابعة لحركة “فتح” في قطاع غزة، إلا أنها تفككت بعد الانسحاب الإسرائيلي من القطاع خلال عام 2005 وتجمد عملها المسلح، وكانت أبرز مجموعات “فتح” العسكرية في قطاع غزة مجموعات أيمن جودة ومجموعات نبيل مسعود، وكتائب أحمد أبو الريش التي أسسها عمرو أبو ستة في عام 2000، لكنها تفككت بعد أن اغتالته “إسرائيل” في 29-7-2004، وكلها تتبع كتائب شهداء الأقصى سابقًا، ولم يتبق من هذه التشكيلات إلا لواء العامودي.
رد حركة فتح: “ليس لنا أي وجود عسكري في غزة، لا جيش ولا فصائل عسكرية، وغزة ليست تابعة كليًا للسلطة الفلسطينية
وعن رد حركة فتح على القاعدة العسكرية قال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح زكريا الأغا لـ”نون بوست”: “ليس لنا أي وجود عسكري في غزة، لا جيش ولا فصائل عسكرية، وغزة ليست تابعة كليًا للسلطة الفلسطينية، والحوار قائم بأن تكون هناك سلطة موجودة على الأرض تحت سلاح وجيش وسلطة أمنية واحدة”.
وكانت قد أعلنت الهيئة القيادية العليا لحركة “فتح” بقطاع غزة في وقت سابق في يونيو عام 2012 أن لا صلة لها لا من قريب أو من بعيد بأي مجموعات مسلحة في قطاع غزة، داعية جميع أبنائها إلى الانخراط الإيجابي في العمل المدني، بما لا يتعارض البتة مع النظام الداخلي للحركة والقرارات المركزية الصادرة عنه.
من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي فايز أبو شمالة لـ”نون بوست” إن “حركة حماس تتبع سياسة توفير المواقع العسكرية والدعم اللوجستي لكل التشكيلات العسكرية الصغيرة، سواء أكان من حركة فتح أم خارجها، وهذا جزء من استراتيجيتها لتشجيع العمل المسلح والمقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، واستيعاب أكبر عدد من المؤيدين للعمل المسلح”.
وفي السياق ذاته فإن حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة عسكريًا تمنح الفصائل الفلسطينية قطع من الأراضي لإنشاء مواقع عسكرية للتدريب داخل قطاع غزة، ولا يمكن لأي فصيل مقاتل أن ينشئ أي قاعدة عسكرية دون موافقة حماس، وهذا ما يبرر عدم وجود أي قواعد عسكرية للمجموعات المقاتلة المتشددة التي على خلاف مع حماس، كحركة الصابرين الشيعية، أو كالتيارات المتشددة التابعة فكريًا لتنظيم الدولة الإسلامية”.
وعن أهمية الافتتاح لقاعدة ياسر عرفات التابعة للواء العامودي بهذا الشكل، قال أبو شمالة إن “هذه رسالة واضحة لكل من يريد نزع سلاح المقاومة بأن الفصائل ماضية في إنشاء قواعد عسكرية جديدة كل يوم لاستقطاب مقاتلين جدد، وأن الحديث عن نزع سلاح المقاومة خارج السياق الوطني والفلسطيني”.
وسعت حركة حماس إلى إنشاء فصائل فلسطينية وأذرع عسكرية مؤيدة لها كحركة الأحرار الفلسطينية التي نشأت في 7-7-2007 والتي تتلقى تمويلها من حركة حماس وكتائب “حماة الأقصى” التي نشأت في 20-4-2006، وما زالت تعمل حتى اللحظة بمجموعات مقاتلة صغيرة، وتتلقى تمويلها ودعمها العسكري من حركة حماس”، ويتابعها عضو المكتب السياسي للحركة فتحي حماد.
تعمل مجموعات مسلحة صغيرة تابعة لحركة فتح بشكل سري وبقوة تسلح ضعيف، وبعيدًا عن الموقف الرسمي لحركة فتح، إلا أن ظهور قاعدة عسكرية في قطاع غزة تتبع لحركة فتح، وهي لواء العامودي، قد يستقطب هذه المجموعات الصغيرة فيما بعد
واكتفى الناطق باسم حماس عبد اللطيف القانوع التعليق على افتتاح القاعدة العسكرية التابعة لفتح قائلًا لـ”نون بوست”: “حماس تتعاون مع جميع الفصائل، فنحن في صراع قائم مع الاحتلال الإسرائيلي، ومعركتنا لم تنته معه، ومن حق شعبنا الفلسطيني وفصائل المقاومة الدفاع عن أنفسهم”.
وعن سؤال نون بوست عن سماح حركة حماس بإنشاء قاعدة عسكرية تحت اسم “لواء العامودي” موالية لدحلان في غزة لتقويض الرئيس الفلسطيني محمود عباس رفض القانوع الإجابة عن هذا السؤال.
وقال الكاتب والمحلل السياسي حسام الدجني لـ”نون بوست”: “انطلقت حماس في رؤيتها لإدارة قطاع غزة على أنها قائدة لمشروع مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، الأمر الذي دفعها إلى رعاية كل فصائل المقاومة من دون النظر إلى حالة الانقسام الفلسطيني الداخلي، ولذلك، هناك مواقع عسكرية لكل فصائل المقاومة في قطاع غزة لتدريب مقاتليها”.
تعمل مجموعات مسلحة صغيرة تابعة لحركة فتح بشكل سري وبقوة تسلح ضعيف، وبعيدًا عن الموقف الرسمي لحركة فتح، إلا أن ظهور قاعدة عسكرية في قطاع غزة تتبع لحركة فتح، وهي لواء العامودي، قد يستقطب هذه المجموعات الصغيرة فيما بعد والشباب في سن صغيرة، في ظل حالة الفراغ العسكري التي تعيشها الحركة على الساحة الفلسطينية.