ترجمة حفصة جودة
في يوم الخميس 28 من ديسمبر، بدأ آلاف المواطنين الإيرانيين في التظاهر ضد فساد الحكومة وتدني الاقتصاد، ورغم أن العدد الحقيقي للمشاركين ليس واضحًا، إلا أن هذه الاحتجاجات تعتبر الأكبر في تاريخ إيران الحديث.
بنهاية الأسبوع، توسعت الاحتجاجات لتشمل محتجين من المعارضة بعضهم من المشاركين في الاحتفالات السابقة لذكرى “الحركة الخضراء” – موجة من الاحتجاجات حدثت عام 2009 ضد نتائج الانتخابات الرئاسية لكن الحكومة قمعتها في النهاية – وفي يوم السبت الذي كان مخططًا للاحتفال فيه بذكرى الحركة الخضراء تحول الأمر إلى تجمعات موالية للحكومة.
حتى الآن اعتقلت الحكومة أكثر من 50 شخصًا ومات اثنين من المتظاهرين، ورغم ذلك لم يعلق أي من المسؤولين على كيفية موتهم ولماذا، وفي صباح يوم الأحد، حجبت البلاد بشكل مؤقت إنستغرام وتلغرام حيث يتم استخدامهما في تنظيم التظاهرات ضد الحكومة، في الوقت نفسه صرّح المسؤولون للصحف المحلية أن المتظاهرين الذين سيتسببون في تلف أي ممتلكات أو يزاولون أي أنشطة غير قانونية سوف يدفعون الثمن.
هناك العديد من العوامل التي أدت إلى زيادة استياء المواطنين
البداية
اندلعت الاحتجاجات في طهران ومشهد وأصفهان وكرمنشاه ورشت وقُم وساري وهمدان وما زالت مستمرة حتى الآن لتصل إلى يومها الخامس، كان مقررًا في البداية أن تكون الاحتجاجات ضد الرئيس حسن روحاني في مشهد – ثاني أكبر مدينة في إيران – لكنها تطورت سريعًا لتتحول إلى انتقاد الحكومة، وردد المتظاهرون “الموت للديكتاتور” في إشارة إلى المرشد الأعلى علي خامنئي، وتعتبر إيران دولة إسلامية يعتبرون فيها أنه من الكفر انتقاد المرشد الأعلى الذي يتمتع بسلطة كاملة.
هناك العديد من العوامل التي أدت إلى زيادة استياء المواطنين، في البداية، أصبح من الصعب على كثير من المواطنين تغطية نفقاتهم، كما ارتفعت نسبة البطالة إلى 12.4% وتشمل العديد من خريجي الجامعة الجدد، أضف إلى ذلك عدم حصول بعض من يملكون الوظائف على مرتباتهم بشكل منتظم.
وما زال الإيرانيون يشعرون بالإحباط بسبب العقوبات الاقتصادية، ورغم رفع العقوبات التي فرضها مجلس الأمن للأمم المتحدة وألمانيا العام الماضي كجزء من الاتفاق النووي، فإن الكثير من المؤسسات الإيرانية ما زالت على القائمة السوداء، كما كشفت الولايات المتحدة عن مجموعة جديدة من العقوبات ضد الشركات الإيرانية في شهر يوليو بعد أن أطلقت إيران صاروخًا باليستيًا.
Izeh, #Khuzestan, #IranProtests: "death to Khamenei"pic.twitter.com/JM9VhHxjAp
— Hadi Nili (@HadiNili) December 30, 2017
الشعب يعيش كالمتسولين والقادة يتصرفون كالآلهة
لكن الأثر السلبي للعقوبات كشف عن بعض المشكلات في البلاد، تقول تريتا بارسي رئيس المجلس الوطني الإيراني الأمريكي: “يدعم عامة الإيرانيين الاتفاق النووي، لكن هناك العديد من التطلعات بشأن حدوث المزيد من النمو الاقتصادي بعد رفع العقوبات”، لكن عدم تحسن الاقتصاد أدى إلى اعتقاد الكثيرين بأن فساد الحكومة هو السبب، ويرى الكثيرون أنه ينبغي على الحكومة أن تنفق المزيد على المواطنين بدلاً من التدخل في سوريا ولبنان.
بالإضافة إلى ذلك، سئمت النساء الإيرانيات من معاملتهن كأنهن طبقة أدنى في البلاد، يقول المحلل الدولي والباحث الإيراني في مؤسسة “RAND” بواشنطن علي رضا نادر: “النساء في إيران يحصلن على تعليم عالٍ، كما أنهن من ضمن القوى العاملة بنسبة أكبر من أي دولة أخرى في الشرق الأوسط ومع ذلك يتعرضن للقمع باستمرار، هذا جزء من كفاحهن للحصول على حريتهن وحقوقهن”.
دور وسائل التواصل الاجتماعي
تم الإبلاغ عن الاحتجاجات لأول مرة من خلال “تلغرام” وهو تطبيق رسائل آمن يستخدمه نحو نص الشعب الإيراني – 80 مليون – واعترفت الحكومة رسميًا أن النشاط الاحتجاجي بدأ من وسائل التواصل الاجتماعي.
أغلق الرئيس التنفيذي لتلغرام بافل دوروف قنوات التطبيق التي تحض على العنف في المدن، وهو الأمر المخالف لسياسة لتغرام، لكنه سمح لقنوات الاحتجاج السلمية بالبقاء مفتوحة، وقال دوروف إنه بسبب ذلك حظرت الحكومة الإيرانية التطبيق على الهواتف المحمولة (لكنه ما زال يعمل على أجهزة الحاسب المتصلة بالإنترنت).
Oppressive regimes cannot endure forever, and the day will come when the Iranian people will face a choice. The world is watching! pic.twitter.com/kvv1uAqcZ9
— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) December 30, 2017
الأنظمة القمعية لن تستمر للأبد، وسيأتي اليوم الذي يتخذ فيه الشعب الإيراني خياره
ما زال المتحجون ينشرون التحديثات على تويتر، وهناك أيضًا قرر ترامب التدخل في الأمر، انتقد المسؤولون في الحكومة الإيرانية تغريدة ترامب ووصفوها بأنها محاولة للتدخل في شؤون البلاد، وقال وزير خارجية إيران بهرام قاسمي: “ترى الأمة الإيرانية العظيمة أن الدعم الانتهازي المزدوج لبعض المسؤولين الأمريكيين بشأن الأحداث الأخيرة في بعض المدن الإيرانية ليس سوى جزء من نفاق وخداع الإدارة الأمريكية”.
وفي كلمته الأولى منذ بدء الاحتجاجات، ندد روحاني بتغريدات الرئيس الأمريكي، متهمًا إياه بأنه نسى وصفه للشعب الإيراني بـ”الإرهابيين” قبل عدة أشهر، وقال روحاني إن الشعب الإيراني لديه الحق في الاحتجاج، لكنه هذه الاحتجاجات يجب ألا تثير مخاوف الناس بشأن سلامتهم.
المصدر: كوارتز