ترجمة حفصة جودة
تطورت الأخبار المزيفة من عروض بسيطة على الإنترنت إلى تهديد انتخابي خطير بسرعة كبيرة، حتى أن علماء السلوك كان لديهم القليل من الوقت للإجابة على الأسئلة الرئيسية الخاصة بالأمر، هذه الأسئلة مثل من يقرأ تلك الأخبار، وكمية الأخبار الحقيقية التي يصلون إليها، وهل تحقق جهود التحقق من الأخبار هدفها؟
هناك الكثير من الدراسات الاستقصائية التي تسأل الناس عما يقرأونه، لكنها دقيقة فقط بمقدار قدرة المستجيبين على تذكر وتحديد المعنى الواسع لكلمة “وهمية”، لقد انتشر مصطلح “الأخبار الوهمية” بسرعة كبيرة واستخدمه السياسيون والرؤساء للسخرية من الصحافة التي لا يحبونها.
وصلت الآن أول بيانات مكتوبة حول استهلاك الأخبار الوهمية، فقد نشر الباحثون الأسبوع الماضي تحليلا حول تاريخ تصفح آلاف البالغين للمواقع الإلكترونية خلال انتخابات 2016، لتقدم صورة حقيقة حول القصص الوهمية والأخبار الحقيقية التي قرأها هؤلاء الناس في هذا الوقت.
كان انتشار الأخبار الوهمية واسعا لكن تأثيره كان ضحلا، فواحد من كل أربعة أمريكيين شاهدوا أخبارا وهمية مرة على الأقل، لكن حتى معظم القراء المتحمسين للأخبار الوهمية –معظمهم من المحافظين المؤيدين لترامب- شاهدوا أخبارا حقيقة أكثر من الوهمية من خلال الجرائد والمواقع الإلكترونية.
هناك العديد من التكهنات بشأن تأثير الأخبار الوهمية
وبالرغم من أن البحث لا يمكنه تحديد إذا ما كانت المعلومات الوهمية لها دور محوري في الانتخابات أم لا، إلا أن النتائج وفرت للعامة وللباحثين أول دليل مكتوب للتساؤلات بشأن تأثير تلك الأخبار، هذا السؤال تزداد أهميته بعد أن قرر عمالقة التكنولوجيا مثل فيسبوك وجوجل حماية مستخدميهم من تأثير القراصنة الروس وغيرهم من الأشرار على الإنترنت.
يقول دونكان واتس عالم أبحاث بمايكروسوفت –والذي تحدث عن التأثير الضئيل لتلك الأخبار الوهمية على الانتخابات-: “هناك العديد من التكهنات بشأن تأثير الأخبار الوهمية مع وجود الكثير من الأرقام غير المهمة، لكن اللطيف في هذا البحث أنه يركز على المستهلكين الحقيقيين بالفعل”.
في الدراسة الجديدة قام 3 علماء سياسيين وهم: برندان نيهان من كلية دارتموت، وأندرو جيس من جامعة برنستون وجاسون ريفلر من جامعة إيكستر؛ بتحليل حركة بيانات الإنترنت لعينة من حوالي 2525 أمريكي وافقوا على تتبع نشاطهم على الإنترنت دون الكشف عن هويتهم من خلال شركة “يوغوف” للبحث والتحليل.
تضمنت البيانات المواقع التي زاروها قبل وبعد أسابيع من انتخابات 2016، وقياس توجههم السياسي وفقا لعادات تصفحهم (كان غالبية المشاركين يفضلون ترامب أو هيلاري كلينتون).
عرّف الفريق المواقع التي تنشر أخبارا وهمية بأنها تنشر على الأقل خبرين كاذبين تماما بشكل واضح؛ وفقا لتعريف عالمي الاقتصاد هانت ألكوت وماثيو جينتزكو في بحث نُشر العام الماضي، من بين 289 موقعا ينشر أخبارا وهمية، كانت حوالي 80% من تلك المقالات مؤيدة لترامب.
العديد من تلك الأخبار كان منافيا للعقل تمامًا
كان السلوك الإلكتروني للمشاركين متوقعا في بعض الأمور ومفاجئا في أمور أخرى، فبالنسبة للتوجهات الحزبية: شكل المحافظين 10% من المشاركين وقام حوالي 65% منهم بزيارة مواقع وهمية، كان المشاركون مؤيدي ترامب يزورون المواقع الوهمية التي تدعم ترامب أكثر 3 مرات من عدد المشاركين المؤيدين لكلينتون.
ومع ذلك؛ كانت الأخبار الوهمية تشكل جزءا صغيرا من كمية الأخبار التي يتلقاها المشاركون، فحتى المشاركين من المحافظين كانوا يقرأون 5 أخبار وهمية فقط خلال 5 أسابيع أو أكثر.
لكنه لا توجد طريقة لتحديد إلى أي مدى يصدق الناس تلك الأخبار الوهمية التي يقرأونها، كما أن العديد من تلك الأخبار كان منافيا للعقل تمامًا، مثل اتهام كلينتون بنقل 1.8 مليار دولار إلى بنك قطر المركزي.
يقول الدكتور نيهان: “بالرغم من كل هذا الضجيج حول الأخبار الوهمية، من الضروري أن نعلم بأن تلك الأخبار تصل إلى جزء فرعي من الأمريكيين وأن معظمهم لديهم ميول حزبية شديدة بالفعل، كما أنهم يقرأون الأخبار المطبوعة بشكل مكثف ومتعمقون في مشاركاتهم السياسية”.
وبالنظر إلى النسبة بين الحقيقة والخيال، يقول دكتور واتس أن الأخبار الوهمية تأثيرها ضئيل بجوار التغطية الإخبارية الرئيسية؛ خاصة فيما يتعلق بالقصص حول كلينتون واستخدامها لبريد إلكتروني سري بصفتها وزيرة للخارجية، فقد ظهر هذا الخبر مرارا وتكرارا في أماكن مثل جريدة “نيويورك تايمز” و”واشنطون بوست”.
مواقع تقصي الحقائق لديها مشكلة في الاستهداف
لكن الدراسة الجديدة لا تنفي تأثير الأخبار الوهمية على الانتخابات؛ كما يقول ديفيد راند أستاذ مساعد علم النفس والاقتصاد والإدارة بجامعة يالي، ووجدت الدراسة أن المواطنين الأمريكيين الذين يتجاوز عمرهم 60 عاما أكصر عرضة لزيارة المواقع التي تنشر أخبارا وهمية، ويميل اليساريون إلى مشاهدة الأخبار الوهمية المؤيدة لترامب أكثر من الأخبار الوهمية المؤيدة لكلينتون.
يقول دكتور راند أن أحد تفسيرات تلك النتائج هو أن المصوتين الأقل تعليما والأكبر سنا ممن اختاروا أوباما 2012 ثم ترامب 2016 كانوا أكثر عرضة للأخبار الوهمية، ويمكننا أن مرى تأثير ذلك في بعض الولايات المتأرجة مثل ويسكونسن، لكنها بالطبع مجرد تخمينات وتفكير فيما وراء النتائج.
وجدت الدراسة أن فيسبوك من المنصات التي يستخدمها الناس لمتابعة الأخبار الوهمية، وفي العام الماضي وردا على الانتقادات؛ بدأت شركة فيسبوك برفع القصص التي قالت عنها شركة تقصي الحقائق بأنها تقدم أخبارا مزيفة وميزتها بعلامة حمراء بعنوان “متنازع عليها”.
واجه العديد من الأشخاص في الدراسة الجديدة بعض المواقع المميزة بتلك العلامات، لكن دكتور نيهان يقول:”لم نشاهد أي من الحالات تقرأ الأخبار الوهمية ثم تقرأ تصحيحها، يبدو أن مواقع تقصي الحقائق لديها مشكلة في الاستهداف”.
وفي شهر ديسمبر؛ أعلن فيسبوك تغيير في منهج المراقبة، وبدلا من وضع علامات على الأخبار الوهمية، سوف تنشر فيسبوك الخبر الحقيقي بجوار الخبر الوهمي في الصفحة الرئيسية.
المصدر: نيويورك تايمز