الإمارات العربية المتحدة، اسم كلما ذكر في تونس ذكر معه الدور التخريبي الذي تمارسه سلطات هذه الدولة حديثة العهد في مهد الربيع العربي، مستغلة ترسانة من البيادق موزعة على العديد من المجالات، تحركها وفق إرادتها “السيئة” بغية ضرب التجربة الديمقراطية الاستثنائية فيها، حتى ارتبط هذا الاسم بكل “خبيث” في البلاد.
في هذا التقرير، سيحدثكم “نون بوست” عن الدور المشبوه لدولة “أبناء زايد” في تونس، وسيسلط الضوء على أذرعها السياسية والإعلامية والأمنية، فضلاً عن خلاياها الخفية في المجتمع المدني التونسي وكيفية اشتغال هذه الشبكة وتنسيقها مع صانع القرار الإماراتي.
الدور الخبيث للإمارات في تونس
بينما كان التونسيون، ذات شتاء بارد منذ سبع سنوات خلت، يكتبون بدمائهم الزكية الطاهرة تاريخ ولادة عهد جديد سيمته الحرية والكرامة، يقطع مع عهد بائس ميزته القمع والاستبداد، كان النظام الرسمي في دولة الإمارات العربية المتحدة الذي استعبد شعبه لسنوات عدة يخطط داخل الغرفة المظلمة للإطاحة بهذا الحلم العربي بشتى الوسائل وإن كلفه ذلك حرق الأخضر واليابس.
يخشى قادة الإمارات أن تصل نسمات الحرية التي جابت ربوع تونس وبلدان عربية كثيرة إلى أرض دولتهم
سعي صانع القرار الإماراتي لإجهاض الثورة التونسية والتحكم في مسارها، يرجع إلى خشيته من أن يطاله لهيب نار هذه الثورة العفوية التي قطعت مع الواقع السائد، وقضت على عروش عدد من الحكام العرب، كما يرجع أيضًا إلى خوفه من أن تصل نسمات الحرية التي جابت ربوع تونس وبلدان عربية كثيرة وأحيت في القلوب أملًا طال انتظاره إلى شعبه الذي مل الخضوع والخنوع.
الطرق المعتمدة لتنفيذ أجندتها المشبوهة
هذه الأجندة الخبيثة التي تسعى إلى تنفيذها في تونس هذه الدولة المشكلة من اتحاد مجموعة من الإمارات فوق رمال الصحراء حول الخليج العربي، اتخذت طرق عدة، فمن رعاية رموز النظام القمعي السابق إلى استدعاء وجوه انتهازية جديدة، مرورًا بتحريض الجيش على التدخل في الحياة السياسية وتمويل احتجاجات مطلبية تهدف إلى بث الفوضى والعنف وتعطيل الإنتاج وصولًا إلى الإشراف على تحالفات سياسية هجينة بهدف تغيير المشهد السياسي في البلاد وإرباك الانتقال الديمقراطي الذي تتباهى به تونس بين الدول.
هذه الأجندة، حتمت على “أبناء زايد” ألا يهتموا بمن يتقربون حتى من الشيطان وإن كانت أفعالهم “البغيضة” تتجاوز أفعاله “البسيطة”، المهم عندهم أن ينجحوا فيما فشل فيه نظام زين العابدين بن علي وزبانيته وأن يفشلوا ثورة تونس ويمنعوا وصولها إليهم مهما كلفهم ذلك، ففي وصول نسماتها إلى أبواب إماراتهم إيذان بزوال عروشهم الذهبية التي لطخت بدماء الأبرياء في العديد من الأرجاء.
أذرع الإمارات في تونس
إفشال هذا الانتقال الديمقراطي الذي تشهده البلاد منذ سقوط نظام ابن علي في يناير 2011، ومصادرة القرار السيادي التونسي، أجبر صانع القرار الإماراتي على التحالف مع العديد من الوجوه التونسية وغير التونسية ممن يقيمون في هذه البلاد، مشكلة شبكة مصالح في مختلف المجالات، كانت بمثابة الأخطبوط الذي يمهد الطريق لها حتى تصل إلى مبتغاها.
الذراع السياسي
محسن مرزوق
أهم أذرع هذا الأخطبوط، الذراع السياسي ويمثله محسن مرزوق الذي انشق عن حركة “نداء تونس” بعد أن رفض قياديو الحزب الرضوخ للضغوط الإماراتية غداة نتيجة انتخابات أكتوبر وديسمبر 2014، وأسس حزبًا جديدًا له يحمل اسم “مشروع تونس”.
ياسين إبراهيم
ثاني هذه الأسماء ياسين إبراهيم الذي يقود حزب “آفاق تونس” وانسحب مؤخرًا من حكومة الوحدة الوطنية، ويُتهم إبراهيم في العديد من القضايا المتعلقة بالفساد، فضلًا عن تلقيه مؤخرًا تهمًا بالمس بالسيادة الوطنية.
عبير موسى
إلى جانبهم عبير موسى رئيسة الحزب الدستوري الحر التي كانت تشغل منصب أمين عام مساعد لحزب التجمع المنحل (حزب ابن علي) قبل الثورة، وأسندت لعبير مهمة ضرب فرع تنظيم اتحاد علماء المسلمين بتونس.
عياض الودرني
نجد أيضًا زميلها في النضال سابقًا عياض الودرني الوزير السابق ومدير الديوان الرئاسي في عهد ابن علي الذي التحق مؤخرًا بالمكتب الوطني لحركة نداء تونس مكلفًا بالاستراتيجيات الحزبية.
الوجوه الأربع للذراع السياسي
هؤلاء الأربعة منوط بعهدتهم المهمة الأصعب، وهي إرباك المسار السياسي في البلاد وتأليب حزب “نداء تونس” العلماني على حركة النهضة الإسلامية وإجباره على فك ارتباطه معها وإنهاء سياسة التوافق التي جنبت البلاد بعض الويلات التي كانت ستحصل في غيابه وأفرزت دستور عصري أشادت به الدول وانتخابات برلمانية ورئاسية، قل نظيرها في البلدان العربية.
الذراع الإعلامي
من الأذرع المهمة التي تعتمد عليها أيضًا دولة الإمارات ضمن شبكتها التي تهدف من خلالها إلى تمرير أجندتها الخبيثة وإجهاض الثورة التونسية، الذراع الإعلامي الذي ولته دبي اهتمامًا كبيرًا لزعزعة الاستقرار في تونس من خلال العزف على وتر السلبيات والتجاوزات وخلق الأزمات وتصدير صورة سلبية عن الوضع هناك.
يستمر هؤلاء الثلاثة منذ وقت بعيد في نهجهم القائم على التحريض وزرع الفتنة بين أبناء الشعب الواحد وبث الفوضى واستدعاء النعرات الجهوية والفكرية
لطفي العماري
يعمل هذا اللوبي الإعلامي ضمن ذوات منفردة، وهي بالخصوص الثلاثي “لطفي العماري” الإعلامي بقناة الحوار التونسي الخاصة الذي يعرف عنه عداءه الكبير لحركة النهضة الإسلامية ودفاعه المستميت عن الأفكار الدخيلة عن البلاد.
كوثر زنطور
وأيضًا الصحفية كوثر زنطور رئيسة تحرير موقع الشارع المغاربي الإلكتروني، ويعرف عن هذا الموقع نشره لعديد من الإشاعات والأخبار الكاذبة التي تهدف إلى إرباك عمل الحكومة وحث نداء تونس على فك ارتباطه مع حركة النهضة، فضلاً عن تأليب الناس عليها.
باسل ترجمان
وثالث هذه الأذرع الصحفي الفلسطيني المقيم بتونس باسل ترجمان، وأُسندت لهذا الصحفي الذي يقدم نفسه على أنه خبير في شؤون الجماعات الإرهابية والحركات المتطرفة، مهمة توجيه الرأي العام من خلال حضوره المتواصل في البرامج التليفزيونية.
هؤلاء الثلاثة يشتغلون أساسًا بطريقة التأثير على الرأي العام من خلال تغطية نوعية وانتقائية للأخبار، موجهة ضد الطرف السياسي المعادي للإمارات، ويشتغلون أيضًا على التدوين والتحرير الموقفي المشكك في أصول القناعات بالثورة ومآلاتها وقدرتها على النجاح وضرب كل الأحزاب المحسوبة على الثورة على رأسها حركة النهضة وتقوية الأحزاب المحسوبة على الثورة المضادة، وتحليل الوقائع بما يخدم مصلحة الإمارات، كما يروجون لقناعات هذه الدولة.
يعمل الذراع الإعلامي على توجيه الرأي العام
وكثيرًا ما يخرج أحد الثلاثة على الرأي العام التونسي ويتكلم كلامًا ويعطي انطباعًا أو موقفًا لا يصب إلا في خانة الثورة المضادة التي تقودها الإمارات التي ارتبط اسمها بمعاداة التجربة الديمقراطية التونسية، ولا يخدم إلا مصالح أولياء نعمته في هذه الدولة ولو كلفه ذلك استعداء شعب كامل.
ويستمر هؤلاء الثلاثة منذ وقت بعيد في نهجهم القائم على التحريض وزرع الفتنة بين أبناء الشعب الواحد وبث الفوضى واستدعاء النعرات الجهوية والفكرية، بغية تفكيك وحدة الشعب التونسي المسالم الذي عُرف عند الجميع بطيبة أخلاقه.
الذراع الجمعياتي
فضلاً عن خلاياها السياسية والأمنية، تعتمد دولة الإمارات العربية المتحدة في تدخلها في الشأن الداخلي لتونس على مجموعة من الجمعيات ونشطاء المجتمع المدني في البلاد الذين يأتمرون بإمرتها ويحددون برامج عملهم وفق ما يخدم الأجندة الإماراتية التخريبية.
بدرة قعلول
على رأس هذه المجموعة نجد بدرة قعلول رئيسة المركز الدولي للدراسات الإستراتيجية والأمنية والعسكرية التي سبق أن ادعت تعرضها لمحاولة اغتيال، وتبين فيما بعد زيف هذا الادعاء وفقًا لوزارة الداخلية التونسية، وكانت قعلول تهدف من خلال حديثها عن تعرضها لمحاولة اغتيال أن تنشر الخوف في صفوف التونسيين، وسبق أن أسند المركز الذي تشرف عليه جائزة أحسن امرأة عربية للإماراتية هند عبد العزيز القاسمي رئيسة نادي الإمارات الدولي للأعمال والمهن الحرة.
يهدف قعلول وشامية إلى إرباك الوضع العام في البلاد
محمد يحيى شامية
إلى جانب بدرة قعلول، يبرز أيضًا اسم الفلسطيني محمد يحيى شامية الذي انتصب بتونس سنة 2013 تحت غطاء مؤسسة دولية تحمل اسم “المجموعة العربية للتنمية والتمكين الوطني” تهدف علنيًا إلى رعاية الانتقال الديمقراطي ومساعدة المجتمع المدني في البلاد، أما سريًا فتهدف إلى تمويل أنشطة وهياكل تابعة لأحزاب وجمعيات تونسية معارضة قصد التصدي لحركة النهضة وإقصائها من المشهد السياسي في البلاد، وإرباك الوضع العام في البلاد.
الذراع الأمني
ضمن أذرع هذا الأخطبوط المتشعبة داخل تونس، يبرز أيضًا الذراع الأمني الذي لا يقل خطورة على التجربة الديمقراطية الاستثنائية في تونس مما ذكر قبله في هذا التقرير.
رفيق الشلي
على رأس هذه الشبكة الأمنية، نجد المسؤول الأمني السابق رفيق الشلي الذي شغل منصب كاتب للدولة لدى وزير الداخلية مكلف بالشؤون الأمنية في حكومة الحبيب الصيد، غير أنه تمت إقالته من منصبه هذا في ديسمبر/كانون الأول 2015، بعد تلقي تونس العديد من الهجمات الإرهابية في عهده.
يعمل الشلي ضمن لوبي كامل في الوزارة
يشتغل رفيق الشلي ضمن لوبي كامل يخدم مصالح الإمارات وأهدافها التخريبية في وزارة الداخلية التونسية، من ذلك النقابات الأمنية التي عملت في مرات عدة على بث الفوضى في البلاد وبث الإشاعات والأخبار الزائفة لإرباك الوضع العام، فضلاً عن بعض القيادات الأمنية والمديرين في هذه الوزارة السيادية.
دحلان.. المنسق العام
داخل هذه الشبكة المتغلغلة في الداخل التونسي التي تعمل لصالح صانع القرار الإماراتي، يعمل القيادي السابق في حركة فتح الفلسطيني محمد دحلان على التنسيق فيما بينها وبين النظام الإماراتي الذي لا يريد الظهور إلى الواجهة، مفضلاً ترك أعماله “الخبيثة” إلى بيادقه المنتشرة في كل مكان.
يعتبر المستشار الأمني لابن زايد محمد دحلان أحد أهم دعائم الدبلوماسية الإماراتية السرية التحريضية الخشنة الموجهة ضد الثورات العربية
ويوصف محمد دحلان الذي كثيرًا ما يلتقي بهؤلاء بأنه “قلب المؤامرات السياسية والمالية في الشرق الأوسط”، نظرًا لدوره في تخريب الثورات العربية ومحاصرة الإسلاميين، ويحظى القيادي الفتحاوي المفصول في كل تحركاته بدعم سخي ورعاية كريمة من صديقه الحميم ولي عهد الإمارات محمد بن زايد القائد الفعلي للإمارات، منذ تواري أخيه غير الشقيق الشيخ خليفة بن زايد عن الأنظار بعد إبعاده عن السلطة إثر إصابته بجلطة دماغية.
محمد دحلان عراب الثورات المضادة
ويعتبر المستشار الأمني لابن زايد محمد دحلان أحد أهم دعائم الدبلوماسية الإماراتية السرية التحريضية الخشنة، الموجهة ضد الثورات العربية وضد تيارات الإسلام السياسي، حيث استثمر في الإعلام والمجتمع المدني وأقام علاقات قوية بأحزاب عدة وشخصيات كبرى قصد استغلالها لتمرير أجندة “أبناء زايد” الذين يكنون للثورات العربية كل البغض والعداء.