كانت زعيمة حزب الخير أو ما يعرف بـ –iyi Part – وهو حزب معارض جديد في تركيا أسسته الزعيمة السابقة في حزب الحركة القومية ورئيسة حزب الخير ميرال أكشينار، قد أثارت نقاشًا وجدلاً عن إمكانية إجراء انتخابات مبكرة في تركيا تزامنًا مع الذكرى الثانية لمحاولة الانقلاب الفاشلة في 15 من تموز 2018.
وقد أعلنت بعض أحزاب المعارضة استعدادها لانتخابات مبكرة وذلك في ظل حذرها من إمكانية توجه حزب العدالة والتنمية لانتخابات مبكرة في 2018.
وكان بكر بوزداغ نائب رئيس الوزراء التركي قد قال في أغسطس 2017 إن الانتخابات البرلمانية في تركيا ستجري في موعدها عام 2019، ولن تكون هناك انتخابات مبكرة، وفي حوار مع إحدى القنوات التركية قال بوزداغ ردًا على ما يتردد عن إمكانية إجراء انتخابات مبكرة: “لم يتم إجراء انتخابات مبكرة طوال فترة حكم حزب العدالة والتنمية، ولن يحدث هذا مستقبلاً”.
وعلى هذا المنوال نسج الكثير من الصحفيين والمحللين الأتراك رؤيتهم ورأوا أن الحزب يقوم بإعادة ضخ الدماء في كوادر الحزب وفق عملية تغيير شاملة لهياكل الحزب في المدن وبعض المؤسسات المهمة في البلاد كالبلديات الكبرى، حيث جرى تغيير رؤساء بلديات أنقرة وإسطنبول وبورصة وباليك أسير، وأن عملية التغيير هذه إنما ترتبط بخطة زمنية تنسجم مع العمل إلى الوصول إلى نوفمبر 2019 في أفضل حالة جاهزية لحصد أكبر عدد من الأصوات.
من المؤشرات أيضًا البشريات التي يقدمها حزب العدالة والتنمية من خدمات ووظائف بأعداد كبيرة في الحكومة والجيش، وقد قال مسؤولون أتراك إنه سيكون لها تأثير إيجابي على مليون مواطن تركي سيتم البدء بها في عام 2018
ولكن ظهرت بعض المؤشرات التي جعلت المعارضة تعتقد أن هناك تحضيرًا من حزب العدالة والتنمية لخوض انتخابات مبكرة، ومن أهم هذه المؤشرات من أغسطس 2017 وصولاً إلى دخول العام الجديد 2018 المعدل السريع للتغييرات التي يقوم بها حزب العدالة في المدن والتشكيلات وهو ما شكل إيحاءً بأن هذه السرعة تعني أن الحزب قد يبكر الانتخابات من خلال اعتماده على جاهزيته وعدم جاهزية الأحزاب الأخرى.
وأيضًا يعتبر من أهم المؤشرات أيضًا الزيارات التي قام بها الرئيس رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء بن علي يلدرم التي كانت أشبه بالحملات الانتخابية السابقة، حيث كانت عبارة عن مهرجانات جماهيرية خطابية وعلى سبيل المثال زار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان 51 مدينة.
ومن المؤشرات التي أثيرت خلال الأيام الماضية التوتر الذي حصل بين الرئيس أردوغان والرئيس السابق عبد الله غول، حيث انتقد الأخير مرسومًا رئاسيًا أصدره أردوغان قبل أيام، وقد أعرب أردوغان عن أسفه لهذا الانتقاد واعتبره أمرًا محزنًا، كما انتقد بعض الصحفيين والنواب عبد الله غول، وقد فسر هذا الأمر بأنه يتعلق بشكل أكبر بالانتخابات القادمة أكثر من المرسوم الرئاسي.
تزايدت التصريحات الاستقطابية بين المعارضة والحكومة خاصة بعد المرسوم الرئاسي الأخير والخلاف مع عبد الله غول وعدم النفي القاطع من أنصار ومقربين من الحزب لامكانية تقديم موعد الانتخابات قبل نوفمبر 2019
وفي هذا السياق وردت أحاديث في الصحافة التركية تقول إن هناك من أحزاب المعارضة من يدرس أن يكون عبد الله غول مرشحًا توافقيًا للمعارضة وذلك لماضيه في حزب العدالة والتنمية وكونه أبدى قدرًا كبيرًا من الحيادية عندما كان رئيسًا للجمهورية، فهو قد يستطيع وفق هذه النظرة أن يجذب أعدادًا من الأصوات من داخل كتلة حزب العدالة والتنمية كما سيحظى بأصوات المعارضة، ووفقًا لهذه النظرة فإن هناك حزبين على الأقل يمكن أن يدعما هذا المسار وهما حزب الشعب الجمهوري وحزب الخير الجديد.
ومن المؤشرات أيضًا البشريات التي يقدمها حزب العدالة والتنمية من خدمات ووظائف بأعداد كبيرة في الحكومة والجيش، وقد قال مسؤولون أتراك سيكون لها تأثير إيجابي على مليون مواطن تركي، وسيتم البدء بها عام 2018 في مؤسسات الحكومة، وقد ذكر أن الجيش سيستوعب 40 ألف عنصر جديد بعد إخراج الكثير بشبهة الانتماء لجماعة غولن.
وبما أن المؤشرات السابقة كانت مؤشرات داخلية، فإن هناك مؤشرات خارجية قد تكون عوامل دافعة نحو انتخابات مبكرة وأول هذه المؤشرات التوترات المتصاعدة مع الولايات المتحدة، فهناك خشية من ترتيب بعض الملفات خاصة مع تسليم تنظيم غولن للكثير من الوثائق والملفات إلى الإدارة الأمريكية التي قد تستخدم ضد تركيا قضائيًا وسياسيًا وإعلاميًا، وأحد الأمثلة على هذا محاكمة رجل الأعمال التركي الإيراني رضا صراف ورئيس بنك خلق التركي.
حيث كانت هناك إشارات إلى وزراء ومسؤولين أتراك، ولهذا قد ينظر إلى تبكير الانتخابات على أنها محاولة وقائية لتخفيف أو منع آثار أي حملة لم يتم الانتهاء من رسم معالمها، ويضاف إلى ذلك السرعة في التعاون التجاري والاقتصادي مع العديد من البلدان خاصة أن الأثر الاقتصادي يعد من أهم الآثار المتوقعة في مثل هذه الحالات.
قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: “الانتخابات المحلية والعامة والرئاسية التي ستجرى في تركيا عام 2019، ستحدد مستقبل البلاد لنصف قرن مقبل”
ومن زاوية أخرى فقد تزايدت شعبية الرئيس أردوغان بشكل واضح في الآونة الأخيرة خاصة في تحديه للرئيس ترامب في قضية نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وكان هناك رضا واسع عن زيارته الأخيرة إلى السودان وتحسن العلاقات مع روسيا وانخفاض عدد الهجمات الإرهابية في البلاد، فلم يقع أي حادث انتحاري أو هجوم منذ أول ليلة في العام 2017 على الملهى الليلي في إسطنبول بسبب الجهد الأمني الكبير في البلاد ضد التنظيمات الإرهابية.
هناك مؤشرات أخرى مثل تزايد التصريحات الاستقطابية بين المعارضة والحكومة خاصة بعد المرسوم الرئاسي الأخير والخلاف مع عبد الله غول وعدم النفي القاطع من أنصار ومقربين من الحزب لإمكانية تقديم موعد الانتخابات قبل نوفمبر 2019.
إن تزايد هذه المؤشرات يزيد من احتمالية إجراء انتخابات مبكرة، لكن لا ينفي إقامة الانتخابات في موعدها، ويبقى هذا الأمر متعلقًا بتقديرات الرئيس والحزب، ولكن ما وجب الإشارة له أن الانتخابات المبكرة خيار وارد ومن الممكن أن يطرح على الأجندة ولكنه ليس بالخيار السهل، فهو بحاجة أن يكون مبنيًا على تقدير دقيق.
وقد قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: “الانتخابات المحلية والعامة والرئاسية التي ستجرى في تركيا عام 2019، ستحدد مستقبل البلاد لنصف قرن مقبل”.