أعادت وفاة مهاجرين جزائريين اثنين في فرنسا وثالث في إسبانيا في ظروف غامضة الحديث من جديد في الجزائر عن خطط الحكومة في حماية أفراد الجالية بالخارج وضمان حقوقهم في الدول الأوروبية، ففي وقت تؤكد السلطات أنها تتابع باهتمام وضع الجزائريين في الخارج، تتحدث منظمات غير حقوقية عن تقصير من الحكومة في هذا المجال.
وفي الأيام الأخيرة الماضية، شهدت مدينة مرسيليا جنوب فرنسا التي يقيم بها عدد كبير من الجزائريين، وفاة جزائريين في ظروف غامضة في حوادث متفرقة لم تكشف تفاصيلها حتى اليوم، وبدورها شهدت مدينة ملغا الإسبانية وفاة مهاجر غير شرعي جزائري بعدما تعرض لمعاملة “غير إنسانية” من طرف الشرطة الإسبانية، بحسب ما قال أصدقاؤه الجزائريون الذين كانوا معه.
واستهجن جزائريون هذه الحوادث المتتالية، داعين السلطات لمطالبة الدول الأوروبية احترام حقوق الإنسان والالتزام بالاتفاقات الثنائية والدولية في تعاملها مع الجزائريين المقيمين في أوروبا.
انتقاد حقوقي
لم تخف الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان “قلقها من الطريقة غير الإنسانية والمعاملة السيئة التي يتعرض لها المهاجرون الجزائريون في أوروبا واحتجازهم في ظروف سيئة وأماكن قذرة”.
وتؤكد الرابطة أن المهاجر الجزائري بودربالة محمد (37 عامًا) توفي “في سجن أرخيدونا بمدينة ملغا جراء الاعتداء عليه بالضرب المبرح من بعض أفراد الشرطة الإسبانية، وكذبت الرابطة ادعاء الشرطة بأن “مسؤولي المراقبة عثروا على جثة هذا الرجل داخل غرفته، ولم يستطيعوا إنعاشه، بعدما قام بالانتحار بواسطة غطاء النوم”.
تشير إحصاءات الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان إلى وجود أكثر من 7 آلاف جزائري مسجون في فرنسا و3500 في إسبانيا و1500 في بلجيكا و2500 في إيطاليا، إضافة إلى 150 جزائريًا معتقلاً في اليونان، و2300 في ألمانيا، و200 آخرين مسجونين في بريطانيا
وتدعم الرابطة ما ذهب إليه الصحفي الإسباني المحقق سيرجيو رودريغو المتخصص في ملف المهاجرين الذي أكد أن الجزائري محمد بودربالة لم ينتحر، إنما توفي متأثرًا بجراحه بعد أن ضربته شرطة مكافحة الشغب الإسبانية عدة مرات.
ورصدت الرابطة شهادات لمهاجرين جزائريين إلى أوروبا تتحدث عن تعرضهم لانتهاكات في أثناء احتجازهم في شتى المعتقلات في أوروبا، من بينها الضرب والتكديس والحرمان من توكيل المحامين، وعدم إبلاغهم بالمعلومات اللازمة عن ترحيلهم المتوقع.
الأرقام تتحدث
تشير أرقام الهيئة الوطنية لمنع التعذيب في إسبانيا، أن عدد المهاجرين غير الشرعيين الجزائريين الذين تم ترحيلهم إلى الجزائر في 2017 قد وصل 868، تنقلوا إلى إسبانيا على متن 86 قاربًا، غير أن مهتمين بملف الهجرة يؤكدون أن عدد الجزائريين الذين وصلوا إلى هناك يتجاوز هذا الرقم بكثير.
ولا تتوفر إحصاءات رسمية دقيقة عن عدد المهاجرين الجزائريين في أوروبا سواء المقيمين بطريقة قانونية أو الذين لا يحملون وثائق إقامة.
وتحدثت الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان في آخر تقرير لها عن مأساة أخرى يعيشها الجزائريون في القارة العجوز تتعلق بالمعتقلين منهم الذين يعانون الويلات في السجون الأوروبية.
لم يتردد النائب نور الدين بلمداح الممثل للجالية في البرلمان في أكثر من مرة من توجيه انتقادات لعمل السفارة الجزائرية وقنصلياتها في إسبانيا، واتهامها بتجاهل انشغالات مواطنيها المقيمين هناك
وتشير إحصاءات الرابطة إلى وجود أكثر من 7 آلاف جزائري مسجون في فرنسا و3500 في إسبانيا و1500 في بلجيكا و2500 في إيطاليا، إضافة إلى 150 جزائريًا معتقلاً في اليونان، و2300 في ألمانيا، و200 آخرين مسجونين في بريطانيا.
فتح تحقيق
بعد الضجة التي أعقبت وفاة الجزائريين في مرسيليا وإسبانيا، تحركت السلطات الجزائرية رسميًا بهدف التجاوب مع الاستنكار الشعبي لمعاملة الجزائريين هناك.
وأعلن وزير العدل حافظ الأختام الطيب لوح فتح النيابة الجزائرية تحقيق في ظروف الوفاة الغامضة لمواطن جزائري بإسبانيا واثنين آخرين بفرنسا.
وقال: “النيابة في الجزائر فتحت تحقيقًا في ظروف وفاة رعية جزائري بإسبانيا وفقًا للمادة 588 من قانون الإجراءات الجزائية، وذلك من أجل تسليم جثة الضحية وإعادة تشريحها والقيام بالإنابات القضائية اللازمة”، وذلك رغم إجراء السلطات الإسبانية تحقيقًا في الظروف الغامضة للرعية الجزائري.
وأشار لوح إلى أن فتح التحقيق بخصوص المواطنين الجزائريين اللذين اغتيلا في فرنسا جاء بموجب اتفاقية تربط البلدين في المجال الجزائي، لكن هذه الجهود تبقى بنظر منظمات غير حكومية غير كافية تقول إن الحكومة “تدير ظهرها أحيانًا لمشاكل الجالية الجزائرية في الخارج”.
ولم يتردد النائب نور الدين بلمداح الممثل للجالية في البرلمان في أكثر من مرة من توجيه انتقادات لعمل السفارة الجزائرية وقنصلياتها في إسبانيا، واتهامها بتجاهل انشغالات مواطنيها المقيمين هناك.