أوصى مسئولون حكوميون ومختصون اقتصاديون بضرورة تشكيل هيئة وطنية فلسطينية تجمع بين الضفة المحتلة وغزة تضم خبراء في الاقتصاد وممثلين عن القطاع الخاص لمعالجة تداعيات الحصار المفروض على القطاع وتقديم حلول للخروج من الأزمة الحالية.
واقترح مسئولون اقتصاديون تشكيل صندوق للحصول على تجنيد أموال من الدول المانحة والداعمة لشعبنا الفلسطيني بهدف الشروع في تنفيذ مشاريع لإعادة إعمار غزة.
حالة التبعية
جاء ذلك خلال ندوة سياسية عقدتها مؤسسة إبداع للأبحاث والدراسات والتدريب ، ظهر الأحد ، بعنوان “قطاع غزة بين صفحات الحصار .. تحديات وتداعيات”.
وشارك في الندوة التي عقدت في قاعة ديوان الموظفين العام غرب غزة كل من وزير الاقتصاد في الحكومة الفلسطينية د. علاء الرفاتي والكاتب والمحلل الاقتصادي محسن أبو رمضان ومدير عام ديوان وزير الصحة د. ماهر شامية ولفيف من الملتحقين في البرامج التدريبية لمؤسسة إبداع.
وقال الرفاتي إن “معالجة حالة التبعية والاعتماد على الاحتلال تحتاج لفترة طويل قد تصل من 10- 15عاماً لأنه لا يمكن شطب الممارسات الإسرائيلية بمجرد قرار”.
وأشار إلى أن مسألة التعافي من التبعية الاقتصادية للاحتلال تحتاج إلى تدرج عبر تطبيق سياسة الاعتماد على النفس وإحلال الواردات، متهماً الاحتلال باستخدام سياسة ممنهجة تهدف لتدمير مقومات الاقتصاد الفلسطيني ودفعه للاعتماد بشكل كامل على الاقتصاد (الإسرائيلي).
واستعرض الرفاتي واقع الاقتصاد الفلسطيني في ظل الحصار المشدد على غزة للعام الثامن على التوالي، واقترح آليات لتخفيف حدة آثار الحصار.
رافعة أساسية
وأكد وزير الاقتصاد ضرورة التركيز والاهتمام بالقطاع الصناعي في غزة باعتباره رافعة أساسية لعملية التنمية، مستطرداً “لا تنمية بدون الاهتمام بالصناعة”.
ولفت إلى أن القطاع الصناعي بغزة يحتاج لمشاركة الجميع، مبيناً أن الحكومة وحدها لا تستطيع تنفيذ أي خطة بدون مشاركة القطاع الخاص وبدون وجود وعي واهتمام من المستهلك.
وأضاف : “إذا لم يستعد القطاع الخاص للقيام بدوره في تنمية القطاعات الأخرى فلن يكون لقرار المقاطعة الاقتصادية للاحتلال أي قيمة”.
في سياق آخر، أوضح الرفاتي أن شعبنا يستورد السلع الكمالية بشكل كبير، منوهاً إلى أن الاحتلال يسمح بدخول السلع الاستهلاكية والكمالية ويمنع إدخال مواد الخام والوقود والسلع اللازمة لأنه “يسعى لصناعة مجتمع فلسطيني استهلاكي وليس منتج”، على حد تعبيره.
وطالب وزير الاقتصاد بضرورة تطوير ودعم المنتج الوطني في مواجهة المنتج المستورد، متساءلاً “كيف سيتطور المنتج المحلي إذا لم يُشجعه أبناء شعبنا؟”.
وذكر أن وزارة الاقتصاد باتت تُمارس بشكل ممنهج عملية تنظيم التجارة، مشيراً إلى إصدارهم عدة قرارات بمنع إدخال كل المنتجات (الإسرائيلية) التي لها بديل وطني وخاصة السلع الكمالية، داعياً إلى إيجاد مزيد من التكامل بين القطاعات الانتاجية.
وتابع “نفذنا عدة إجراءات حتى تصُب في سياسة إحلال الواردات والاعتماد على الذات من ضمنها برنامج لدعم المشاريع الصغيرة في غزة بنسبة نجاح وصلت لأكثر من 80%”.
تسهيل الحركة
بدوره، أكد المحلل الاقتصادي محسن أبو رمضان على ضرورة وجود مقبول من كافة الأطراف على معابر غزة من خلال هيئة وطنية لتسهيل الحركة للبضائع والأفراد.
وطالب بالاستمرار في الجهود الحقوقية الفلسطينية أمام جامعة الدول العربية ومحكمة الجنايات الدولية لفضح سياسة الاحتلال في استمرار الحصار المفروض على القطاع.
وقال المختص الاقتصادي “يجب تأصيل خطاب الحصار لأن أي خطاب آخر يحرف البوصلة لأننا نمر في مرحلة تحرر وطني ويجب أن نناشد المصريين بخطابات ذات طابع إنساني أخوي”.
وأوصى أبو رمضان باستنهاض الوسائل الكفاحية الشعبية عبر تنظيم المسيرات السلمية وتسيير السفن وتفعيل المقاطعة الاقتصادية الدولية للاحتلال ودعم حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات التي تشنها عدة دول أوروبية ضد الكيان منذ عدة أشهر.
ومضى يقول “يجب أن نجعل من الحصار قضية نُعظم فيها الاشتباك ضد الاحتلال لمواجهته وفك العزلة عن شعبنا عبر تنظيم نشاطات شعبية موحدة في كل من الضفة وغزة وتوحيد شعبنا في الوطن لمواجهة الحصار على طريق إنهاء الاحتلال”.
وسرد أبو رمضان في مستهل مداخلته لمسار الحصار المفروض على غزة منذ صيف العام 2007، معرجاً على أسبابه وتداعياته على مختلف الجوانب المعيشية في القطاع، كما قدم مجموعة مقترحات كسبل للخروج من الحصار.
الواقع الصحي
من جانبه، استعرض مدير عام ديوان وزير الصحة د. ماهر شامية واقع القطاع الصحي في غزة في ظل الحصار المشدد المضروب على القطاع عقب إغلاق المعابر وتدمير الأنفاق.
وتحدث شامية عن الهم الصحي وتأثير الحصار على الجوانب الصحية، معتبراً القطاع الصحي في غزة “قطاعاً مقاوماً بامتياز رغم الضباب الذي يُشاع حوله”، وفق قوله.
وقدم المسئول في وزارة الصحة مجموعة أرقام وإحصائيات عن الواقع الصحي في القطاع، مبيناً أن الوزارة تعمل بكافة إمكانياتها متحدية للحصار والأزمات.
وأشار إلى أن نسبة العجز في الصيدلة بالوزارة وصل إلى 33%، بالإضافة إلى أن نسبة العجز في إجمالي الأدوية التي تدخل عبر معبر رفح البري وصلت إلى 33%، مضيفاً “لم يدخل أي صنف دوائي أو أي مستهلك طبي عبر معبر رفح منذ ثمانية أشهر”.
ونوه إلى أن رصيد 137 صنفاً من الأدوية من أصل 500 صنف بات “صفراً”، إلى جانب أن رصيد 450 صنف من المستهلكات الطبية من أصل 902 بات رصيدها “صفر” أيضاً.
وحذر من أن نسبة العجز في أدوية مرض السرطان بمستشفيات القطاع وصلت إلى نسبة 50%، لافتاً إلى أن الصحة تتواصل مع المؤسسات المانحة والداعمة للعمل الصحي لتزويد مراكزها بالأدوية اللازمة وتسعى دائماً لتطوير الكفاءات لديها.