ترجمة حفصة جودة
دعت عائلات المدنيين الذين اختطفهم تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في سجونها سيئة السمعة، الفصائل العسكرية التي طردتهم من عاصمتهم الرقة إلى مساعدتهم في العثور على ذويهم، يقول أهالي هؤلاء المختطفين إن هناك المئات بل الآلاف من الأشخاص الذين اعتقلوا في أثناء حكم داعش في سوريا، ولا يزال هؤلاء الأشخاص مفقودون رغم فقدان الجماعة سيطرتها على الأراضي وعودتها إلى مخابئها في الصحراء.
يقول عامر مطر مخرج أفلام وثائقية من الرقة ويعيش في ألمانيا وكان قد بدأ حملة إلكترونية لرفع الوعي بخوص محتجزي التنظيم: “لدينا مئات الأسماء والصور وتواريخ الاعتقال، لكننا لا نمتلك قائمة كاملة، فكل يوم نكتشف أسماء جديدة”، كان محمد نور مطر شقيق عامر قد اعتقله تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في أغسطس 2013 وما زال مفقودًا حتى الآن.
ويضيف مطر: “لم تتعامل أي من المنظمات العسكرية أو القضائية مع قضية مختطفي تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” بجدية ولم يصلنا أي استجابة من جانبهم، فعائلاتنا مواطنون من الدرجة الثانية لكل الجهات المعنية”.
ملصق للحملة الإلكترونية التي بدأها عامر مطر
انهارت خلافة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” بعد هجوم متعدد الأطراف في العراق وسوريا بقيادة المتمردين المدعومين من تركيا وقوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة والقوات الكردية شبه العسكرية والجيش العراقي والسوري، لكن القليل من تلك الجهات قامت بالبحث عن مصير آلاف الأشخاص الذين اعتقلهم التنظيم في أثناء فترة حكمه لمساحات شاسعة من الأراضي في البلدين التي دامت لأكثر من 3 سنوات.
قالت تلك القوات إن العديد من المعتقلين المشهورين ما زال مصيرهم مجهولاً ومن ضمنهم صحفيون اعتقلوا بسبب الكاميرا، وكذلك الأب باولو دالوجليو القس المسيحي المنشق من إيطاليا الذي كان يعيش في سوريا وقت اختطافه، كما اعتقل العديد من المواطنين السوريين في مخالفات يومية مثل التدخين أو الاحتجاج على أعمال المسلحين أو توثيق الانتهاكات والردة”.
تعاون مطر مع شبكة من النشطاء الذين يعملون على الأرض، حيث زاروا سجون داعش المهجورة لتصوير وجمع أي وثائق قد تلقي الضوء على مصير السجناء، بعض من مراكز الاحتجاز تلك أصبحت مراكز احتجاز أيضًا يسيطر عليها القوات المنتصرة.
حكم الإعدام على الممرضة فاطمة مجد جاسم بعد اتهامها بالردة
من بين الأشياء التي عثر عليها الفريق، مذكرات لأحد سجاني التنظيم مدون بها الأحكام التي أطلقتها محاكمه ومن بينها حكم بالإعدام على ممرضة يدّعون أنها سبّت الله، كما وجدوا نقوشات للمساجين على الجدران وبعض الملابس وبذلات برتقالية يُعتقد أنها كانت لمساجين قبل أن يقتلهم التنظيم.
وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان “SNHR” أسماء 8119 شخصًا مفقود بينهم 286 طفلاً و300 امرأة، كانت تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” قد استخدم نحو 54 مركز احتجاز على الأقل في ذروة سلطتها بالإضافة إلى العديد من السجون والزنازين السرية وفقًا لما قالته جماعات حقوق الإنسان.
نقوش لثلاثة معتقلين على جدران أحد السجون تضم تاريخ اعتقالهم وأسباب الاعتقال
قال المتحدث باسم الشبكة إن هناك 1600 على الأقل ماتوا داخل سجون التت، ويعود سبب وفاتهم لعدة أسباب من بينها: التعذيب وأوامر الإعدام الجماعي واستهداف قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة للسجون في أثناء قيام داعش بعمليات اعتقال إقليمية، وأيضًا نتيجة إجبار بعض الأشخاص على العديد من الأعمال الشاقة بالقرب من خطوط الحرب الأمامية كعقاب، وأضاف المتحدث أن مسؤولية تأكيد ما حدث للسجناء تقع على عاتق القوات الديموقراطية السورية وتحالف القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة التي تولت دفة القيادة في الرقة.
وأضاف المتحدث: “القوات الديموقراطية السورية مسؤولة عن الكشف عن مصير آلاف المختفين قسريًا في سجون داعش، لأنها سيطرت على مساحات شاسعة من الأراضي التي كانت تحت سيطرة الجماعة ومن بينها مدينة الرقة التي كانت تضم أهم المراكز الإدارسة للجماعة وقادتها، كما أن تلك القوات السورية اعتقلت عشرات المسؤولين الأمنيين وقادة التنظيم الذين يملكون بالتأكيد معلومات توضح مصير هؤلاء المختفين قسريًا”، لكن القوات الديموقراطية السورية لم تستجب للمطالب بالتعليق على جهودها بشأن تتبع المعتقلين السابقين لدى داعش.
نقوش لأحد المسجونين خلال فترة 65 يومًا
ما زالت العائلات تملك بعض الأمل رغم تفكريها بالأسوأ، من بين هذه العائلات زبيدة إسماعيل زوج أحد جراحي الرقة الذي اختطفه رجال مسلحون يرتدون أقنعة في نوفمبر 2013، لم تفلح احتجاجات زبيدة في الوصول إلى شيء، حيث أنكر تنظيم الدولة الإسلامية أنه يعتقل زوجها.
وبعد فرارها إلى تركيا ثم إلى فرنسا، كتبت زبيدة عن زوجها على صفحة الحملة على فيسبوك، كما قامت بتحديث عدد أيام اختفائه يوميًا، بينما يأمل مطر أيضًا أن يلتقي بشقيقه يومًا ما، ويرغب في أن يفتتح معرضًا يومًا ما لتعريف الناس بفظائع سجون داعش، يقول مطر: “أدلة هذه الجرائم تتعرض للإبادة، لذا فكرت في وسيلة للحفاظ على تلك الذكريات التي دمرت حياتنا”.
أحد المعتقلين يكتب بعد 3 أشهر من اعتقاله: “اشتقت لأمي”
كان شقيق مطر قد اعتقل قبل 4 سنوات في أثناء تصويره لمسيرة نسائية احتجاجية أمام أحد مباني تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في الرقة، ورغم قلة المعلومات عن مكان شقيقه، فإن مطر يعزي نفسه بأن هناك العديد من المساجين المختفين مثله وما زالوا يبحثون عنهم.
يقول مطر: “ما زال الأمل لدينا كبيرًا، في كل يوم نأمل أن يعود محمد يومًا ما وأن نراه ونلتقي به، لقد بدأنا هذه الحملة من أجل محمد وآلاف المختفين مثله وسوف نعثر عليه”.
المصدر: الغارديان