لم يترك المطبخ شيئًا دون استغلاله في الطهي، من مقل العين والمناقير والذيول، للديدان واليرقات المقلية والنمل وأجنة البيض الميتة، تقريبًا جميع الأجهزة الحيوية لدى الحيوانات استخدمت في الطهي بشكل أو بآخر، بل ورُبما فاقت فوائدها الأكلات الاعتيادية المتعارف عليها.
هل انتابك الخوف عدة مرات من تجربة أكلات عالمية غريبة؟ هل واتتك الشجاعة لتجربة الضفادع؟ اليرقات المقلية؟ حساء الخفافيش؟ الدوريان؟
رُبما تكون قد فكرت من قبل في تجربة بعض الأكلات العجيبة التي يتناولها الناس حول العالم، لكن هذا ليس موضوعنا اليوم، اليوم سنلقي نظرة سريعة على مطبخنا العربي ونرصد أهم وأغرب أكلاته.
1- الجراد
الجراد الصحراوي أو كما يسمونه “جمبري الفقراء” يُعد وجبة شعبية في الدول العربية الصحراوية، وكان أهل جزيرة العرب قديمًا إذا هجم عليهم الجراد قتلوه لأكله، وذلك عن طريق تجفيفه في الشمس، وأحيانًا كانوا يطحنونه لإضافته على حليب الأبقار أو الماعز.
وكما للفاكهة مواسم محددة، فللجراد مواسمه أيضًا، وهو موسم الربيع، ويُعد تناول الجراد عادة قديمة لأهل السعودية على وجه الخصوص، لما عرف به من فوائد غذائية وصحية لكبار السن، حسب ما يذكر المتخصصون بالعلاج بالأعشاب.
لم تختلف عادات أكل الجراد عما سبقها، ففي المملكة العربية السعودية يؤكل الجراد النجدي الكبير مشويًا أو مقليًا أو مجففًا في الهواء، كما أنه قد يُقدم كنوع من أنواع المقبلات على مائدة الطعام، كذلك يُطبخ ويُقدم مع الأرز أو يطحن ويُشرب مع الحليب.
كذلك يأكله اليمنيون، فهو يمثل وجبة غذائية لذيذة، ويفضلون تناوله إما محمصًا بالتنور مع القليل من الملح، أو بتمليحه وتركه في الشمس حتى يجف ثم يُخزن.
2- الضب
أكلة أخرى من أكلات الخليج والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص وهي كبسة الضب، ولمن لا يعرفه هو حيوان زاحف كبير الحجم يعيش في الصحراء ويشبه التمساح قليلًا.
الضب حيوان مسالم جدًا، ولا يهاجم إلا في حالة مضايقته، لكنه يواجه الكثير من الاعتداءات وقد يهدد بالانقراض بسبب الصيد الجائر.
هناك العديد من طرق طهي وتحضير لحم الضب، فالبعض يطبخه إلى جوار الأرز، والبعض يحشيه بالأرز أو حمص الشام، وقد يصنع منه حساء.
طريقة تنظيف الضب هي أقرب إلى طريقة تنظيف الدجاج، لكنه يختلف في سلخ جلده، تبدأ عادة عملية طهيه بقطع رأسه وتنظيفه وغسله بالماء المضاف إليه الليمون والخل والملح، ثم يسلق في وعاء كبير كي يسهل عملية التخلص من قشرته أو جلده السميك.
3- محشي الخيار واللفت
وصفة مشهورة في قرى الأردن، ورُغم أن المحشي وصفة معروفة في العالم العربي ومحبوبة كورق العنب والملفوف والباذنجان والطماطم كذلك والفلفل الحلو والحار، فإن “محشي الخيار” يبدو للوهلة الأولى مثيرًا للاستغراب، كيف يُؤكل الخيار ساخنًا، وهو من أشهى الخضراوات الباردة، ومن أهم المرطبات التي لا نكف عن تناولها في الصيف، ولكن حشو الخيار ليس أغرب ما يمر به الخيار، بل طريقة طهيه، حيث يسوى في منقوع التمر الهندي والنشا والثوم!
كذلك محشي اللفت، وهو طبخة فلسطينية، لكنها أيضًا معروفة في الأردن، وتتم عن طريق تقشير اللفت وحفره، ثم غسله جيدًا بالمياه، ويوضع بداخله أرز منقوع، مضاف إليه لحم مفروم وبعض البهارات والزيت، وبعدما تستوي حبات اللفت، تُقلى كي تصير مقرمشة، ثم نعود مرة أخرى لتجميع حبات اللفت المُقلية في طنجرة كبيرة، ونضع معها معجون الطماطم والقليل من السماق والمياه، وأحيانًا نستبدل السماق بمنقوع التمر الهندي أيضًا!
4- الببوش/الحلزون
استعمل الإنسان الحلزون طوال حياته تقريبًا، فهو يدخل في الصناعات الغذائية، ويكثر استخدامه في ماسكات حماية البشرة، وباهظ الثمن حقًا، فهو يتميز بكثرة فيتاميناته وينصح الأطباء بأكله لمعالجة عدة أشياء مثل الإمساك.
لكن يظل الحلزون أحد الأكلات العجيبة التي قد نتخوف من أكلها، فهو غريب الشكل، ويوجد منه عدة أنواع قد تعيش في البحر أو اليابسة، وقد يتملكنا خوف أكبر من تلك التي تعيش في اليابسة، حيث إننا نراها أقرب إلى (الحشرات).
لكن الحلزون أو (الببوش) مختلف في المغرب العربي، فهناك ستجدونه أكلة ذات شعبية واسعة تُباع على العربات في الشوارع، وهو مطهو مع الأعشاب الحارة.
يقبل المغاربة على أكله خصوصًا في الشتاء، فهو من أكثر الأكلات المحببة إليهم، كما علينا أن نعرف أن عملية طهي الحلزون تُعد من أصعب الطبخات التي تحتاج إلى الكثير من العناية والدقة حتى لا تتلف في أثناء الطهي.
5- الممبار/العصبان
الممبار عبارة عن الأمعاء الدقيقة – أو الغليظة – الخاصة بالخراف أو البقر أو الإبل، وهو ليس الأكلة الأكثر غرابة، فالأمعاء تستخدم في صناعة السجق في جميع أنحاء العالم، لكن في وطننا العربي يطغى حبنا للنشويات على أي شيء آخر، فكان لا بد لنا من أن نحشيه بالأرز المخلوط بالطماطم والخضراوات الخاصة بالمحشي، وفي بعض الأحيان قد نضيف إليه لحمًا مفرومًا.
ويختلف الممبار المصري عن العصبان الذي يؤكل في تونس والجزائر وليبيا، فهو يقلى أحيانًا أو يُطهى مع الكرشة، ويحشى بقطع صغيرة من الكبد المقطع والقلب والكُلى، إلى جوار الأرز بالخلطة.
بينما يطهى العصبان الليبي اليابس عن طريق حشو الكرشة المجففة برئة الخروف واللحم المتبل بالنعناع والكزبرة والكراوية ثم يُقلى.
على كل حال هي وجبة شهية حقًا رغم غرابتها، لذلك نحن نتغاضى عن ماضيها، ونعيش فقط معها حاضرها الشهي.
6- المخاصي والحلالي
قد أكلنا اللحم الضأن وصنعنا من أمعائه الممبار الشهي واستمتعنا بكبده وقلبه، وحتى رأسه وأقدامه لم يسلموا منا، فهل كنا حقًا في حاجة لأن نأكل مخاصيه؟!
تُعد المخاصي والحلالي من أشهر الأكلات المصرية التي يشاع أنها تُحسن خصوبة الرجال، ولها شعبية كبيرة في مصر وتُباع بكثرة رُغم سعرها المبالغ به!
7- الفسيخ
من أشهر الأكلات المصرية التي يحضرها المصريون في فصل الربيع، وهو نوع من أنواع السمك البوري المملح والمجفف، يتناوله المصريون كتقليد لهم في عيد شم النسيم، إلى جوار شرائح البصل وأنواع أخرى من الأسماك.
يُعد طبق الفسيخ الطبق الرئيسي على المائدة المصرية في أيام عيد الفطر وشم النسيم، رُغم أن كثرة تناوله تسبب الكثير من المشاكل الصحية، فإن المصريين يضربون بكل هذا عرض الحائط في سبيل الاستمتاع بتلك الوجبة ذات الرائحة البشعة.
رُغم شهرة الفسيخ في مصر فإنه معروف أيضًا في فلسطين والأردن، ويؤكل أيام عيد الفطر، إذا كنت من كارهي الفسيخ المصري ورائحته، فعليك بزيارة الأردن لترى وجهًا جديدًا من بشاعة الفسيخ وهو (الفسيخ المقلي)، نعم في الأردن يقلون الفسيخ!
8- المخ
ليس من المستغرب أن تجد طبق “المخ” في المطاعم المصرية، أو طبق “النخاعات” في المطاعم اللبنانية، لكنه مكون مستغرب بالنسبة للمتذوق الأجنبي.
يختلف طبق النخاعات اللبناني عن الطبق المصري قليلًا في طريقة تحضيره، وهو عبارة عن أدمغة خراف مسلوقة، ثم تُطهى مع البصل والبندورة والبقدونس، ويضاف إليها اللبن والتوابل، على العكس من الطريقة المصرية التي غالبًا ما تكون القلي.
أما في المغرب العربي فهناك أيضًا وصفة “المخ المشرمل” التي يطهى فيها المخ مع البصل والطماطم ويُسبك.
والآن أخبرني، هل أغفلت شيئًا؟ إذا كانت لديك بعض الوصفات العربية التي تظنها غريبة لا تنس مشاركتها معنا.