كشفت وثيقة سرية إماراتية حصل عليها موقع “أسرار عربية” أن شبكة التجسس الاماراتية في تونس تعمل منذ العام 2016 على شراء ولاءات وذمم عدد من أعضاء البرلمان التونسي وتشغيل بعضهم كعملاء لأبوظبي من أجل تمرير الأجندة الاماراتية المعادية للثورة وللتيار الاسلامي في البلاد.
ولم يتمكن موقع “أسرار عربية” من تحديد الى أي درجة نجحت الشبكة الاماراتية في تجنيد عملاء لها داخل البرلمان التونسي منذ العام 2016 وحتى الان، إلا أن المعلومات التي حصل عليها موقع “أسرار عربية” تتضمن أسماء عدد من الشخصيات التونسية المهمة المتواطئة مع الشبكة الاماراتية التابعة لجهاز أمن الدولة في أبوظبي.
وتكشف الوثيقة هوية الضابط الاماراتي المسؤول عن أنشطة التجسس في تونس وهو “سعيد الحافري” الذي تولى مسؤولية أنشطة الاستخبارات الاماراتية خلفاً للضابط السابق الذي كان يعمل في تونس منذ ما بعد نجاح الثورة وهو (عبد الله حسن عبد الله الحسوني)، والذي سبق أن انكشف أمره وفرَّ من تونس هارباً على الفور الى دولة الامارات.
والوثيقة التي حصل عليها موقع “أسرار عربية” عبارة عن رسالة موجهة من الضابط الحافري في تونس الى مقر إدارة جهاز أمن الدولة الاماراتي في أبوظبي، وتحمل الرقم (881/ 2016)، ويعود تاريخها الى 19 تشرين أول/ أكتوبر 2016 وتتضمن خطة الامارات لتجنيد عملاء وشراء ولاءات وذمم داخل مجلس النواب، بما يضمن في النهاية تمرير أجندات دولة الامارات عبر هؤلاء الأعضاء في المجلس.
تقول الوثيقة إن “هذا الحزام البرلماني يمكنه تمرير القوانين ويمكنه الضغط على الحكومة والضغط على رئاسة الجمهورية”
وأطلقت الوثيقة على المشروع اسم “حزام برلماني يعمل لصالح الامارات في تونس”، حيث تكشف الوثيقة عن لقاء بين ضابط أمن الدولة الاماراتي وبين عضو مجلس نواب الشعب (البرلمان) الدكتور شكيب باني، وهو عضو عن حركة “نداء تونس” ومقرر لجنة التخطيط والمالية في البرلمان التونسي، حيث أن المقترح جاء من طرف النائب شكيب باني لضابط الأمن الاماراتي الذي أوصى بالموافقة عليه والعمل على تنفيذه.
ونقل الضابط الاماراتي في الرسالة عن النائب في البرلمان التونسي شكيب باني قوله: “أعتبر نفسي من رجال الامارات لما لها من توجه ونظرة اقتصادية مفتوحة ما يجعلها مثالاً يُحتذى في البلدان العربية والعالمية”.
وتقول الوثيقة إن “الحزام البرلماني التابع للامارات في تونس” يهدف الى “تقليص انتشار الاسلاميين التابعين لحركة النهضة في مفاصل الدولة وكذلك على المستوى الشعبي”، وتشير الوثيقة الى أن “الحزام البرلماني” التابع للامارات يتوجب أن يتكون من 130 نائباً.
يشار الى أن مجلس نواب الشعب في تونس (البرلمان) يتكون من 217 مقعداً بالمجمل، ما يعني أن الأغلبية المطلقة في المجلس تحتاج الى 109 نواب فقط.
وتقول الوثيقة إن “هذا الحزام البرلماني يمكنه تمرير القوانين ويمكنه الضغط على الحكومة والضغط على رئاسة الجمهورية”، ويؤكد النائب شكيب باني للضابط الاماراتي أن “تكوين هذا الحزام البرلماني سهل لكنه يتطلب مساعدة الامارات بإعطاء مقابل شهري لكل نائب يلتحق بهذا الحزام كـ3000 دولار على سبيل المثال”، بحسب ما ورد في الوثيقة.
يصف الضابط في أمن الدولة الاماراتي سعيد الحافري الذي نقل هذا الاقتراح الى إدارته في أبوظبي، يصف النائب التونسي شكيب باني بأنه “من أقوى مصادرنا بحكم منصبه، وله تواصل مع كافة القوى السياسية والبرلمانية في تونس”
وتتابع الوثيقة إن “هذا الحزام البرلماني “يقوي الحظوظ في تمرير قوانين تساعد الامارات على الدخول الى الاقتصاد التونسي بالاستثمار عبر شركاتها أو شركات جديدة، بما يطور الاقتصاد التونسي ويعزز ثقة المواطنين التونسيين، الشيء الذي يُسهل تحييد النهضة عن الحكم شيئاً فشيئاً، وأيضاً يُمكن من تقليص قاعدتها الشعبية.. بهذه الطريقة ايضاً يمكن لنا أن نخترق كتلتها (أي النهضة) البرلمانية خاصة ونحن أمام استحقاق انتخابي وهو الانتخابات البلدية”.
ويرى النائب البرلماني العميل لأمن الدولة الاماراتي أن تشكيل “الحزام البرلماني” من شأنه أيضاً “الضغط على الحكومة لاستبعاد العناصر النهضاوية وذلك عن طريق الأسئلة الشفاهية والكتابية الموجهة لأعضاء الحكومة من النهضة وإبراز النقائض ونقاط الضعف في البرلمان، الشيء الذي يساعد على كسب ضغط شعبي لإقالة وإبعاد هذه الأعضاء”.
ويقول النائب في المقترح الذي يطلب تمويله من الامارات إنه “من الممكن استخدام هذا الحزام البرلماني في التنسيق للخروج على المنابر الاعلامية بالعديد من النواب من أجل تحقيق هدفين، الأول هو طلب تطوير العلاقات مع الامارات كحل لحلحلة المشاكل الاقتصادية في البلاد، والهدف الثاني هو ربح قاعدة شعبية عن طريق إقناعهم بأن الاقتصاد التونسي لا يمكن له أن يتطور إلا إذا استثمرت الامارات في تونس”.
ويصف الضابط في أمن الدولة الاماراتي سعيد الحافري الذي نقل هذا الاقتراح الى إدارته في أبوظبي، يصف النائب التونسي شكيب باني بأنه “من أقوى مصادرنا بحكم منصبه، وله تواصل مع كافة القوى السياسية والبرلمانية في تونس، إضافة الى تواصل مباشر مع رئيس الوزراء يوسف الشاهد لكونه من أقرب أصدقائه”.
هذه الوثيقة تأتي ضمن جملة وثائق مسربة حصل عليها موقع “أسرار عربية” وتكشف حجم النشاط الأمني والتجسسي والاختراق الذي تقوم به دولة الامارات داخل تونس منذ سنوات
ويوصي الضابط الاماراتي بقبول الاقتراح وتمويله والعمل على تنفيذه فوراً، حيث ينهي رسالته الى أبوظبي بالقول: “إنَّ دعم هذا المقترح سيختصر كل الخطوات والمقترحات في تدعيم وترسيخ قوة الامارات على الساحة التونسية”.
ولاحقاً لهذه الخطة فقد تم تحديد تفاصيل اضافية عبر رسالة ثانية بعث بها المسؤول عن شبكة جهاز أمن الدولة الاماراتي في تونس، إذ يتبين بأن الامارات خططت (وربما نفذت بعد ذلك) لشراء ذمم 109 نواب في البرلمان التونسي، وهم: 35 نائباً من حركة نداء تونس، و19 نائباً من حركة النهضة التي تحاربها أصلاً الامارات، و15 نائباً من حزب “مشروع تونس”، و10 نواب من الجبهة الشعبية، والبقية من الأعضاء الآخرين في البرلمان.
يشار الى أنَّ هذه الوثيقة تأتي ضمن جملة وثائق مسربة حصل عليها موقع “أسرار عربية” وتكشف حجم النشاط الأمني والتجسسي والاختراق الذي تقوم به دولة الامارات داخل تونس منذ سنوات، وتهدف به الى توجيه الحياة العامة والنشاط السياسي في البلاد بما يخدم مصالحها وأجنداتها، فضلاً عن أنَّ الوثائق تتضمن عدداً كبيراً من الأسماء الصريحة التي يتحفظ “أسرار عربية” على نشرها جميعها ويكتفي بنشر الضروري منها فقط.
المصدر: أسرار عربية