بعد مرور عدة أيام على انتشار خبر مقتل الطبيب السوري الأمريكي مجد كم ألماز في سجون النظام السوري، بدأت عائلته خطوات قضائية بهدف مقاضاة النظام السوري، وذلك ضمن محاكم العاصمة الأمريكية واشنطن.
وخلال محاولة عائلة الطبيب السوري الأمريكي التواصل مع النظام السوري، لم يجب رئيس النظام على رسائلهم واستفساراتهم، وكلما كانوا يحاولون الحصول على معلومات عن والدهم كانوا يعودون خائبين، حيث تأكد مقتله قبل أيام في سجون النظام.
وكشفت صحيفة “نيويورك تايمز”، السبت الماضي، عن جريمة جديدة وصفتها بأنها تضاف إلى سجلّ نظام الأسد الإجرامي، تمثلت باغتيال مجد كم ألماز، حيث دخل كم ألماز إلى سوريا من لبنان قانونيًا صباح يوم 15 فبراير/ شباط 2017، بعدما قام بمحاولة التأكد من عدم طلبه من قبل المخابرات السورية. وبحسب العائلة، فإن النظام لم يجد أي شيء ضده، فهو لا يزجّ بنفسه في مواقف سياسية بشكل مباشر، نظرًا إلى طبيعة عمله.
وأدان كبير الجمهوريين في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي، السيناتور جيم ريتش، مقتل المواطن الأمريكي مجد كم ألماز على يد نظام الأسد.
وقال ريتش في تغريدة على منصة إكس: “أدين جريمة القتل الوحشية التي ارتكبها الأسد للمواطن الأمريكي مجد كم ألماز، ولدى بايدن واجب أخلاقي لتحرير أوستن تايس (صحفي أمريكي يعتقد أنه معتقل في سجون الأسد منذ 2012)، والسعي إلى المساءلة عن جرائم الحرب التي ارتكبها الأسد”، وأضاف: “إن الفشل في فرض المساءلة وتحمّل تبعات الجرائم يسمح للأسد بالقتل مع الإفلات من العقاب”.
I condemn #Assad’s brutal murder of American Majd Kamalmaz. Biden has a moral imperative to #FreeAustinTice & seek accountability for Assad’s war crimes. Failure to impose costs lets Assad murder with impunity. https://t.co/BD0kE3LwQk
— Senate Foreign Relations Committee Ranking Member (@SenateForeign) May 20, 2024
اعتقال على الحواجز
قالت مريم كم ألماز في حديث لـ”نون بوست”: “وصل والدي إلى العاصمة السورية دمشق، وخلال اليوم الثاني تم إيقافه عند حاجز عسكري بالقرب من حي برزة، وقام ضباط وعناصر الحاجز باعتقاله من دون إبداء أي سبب”.
وأضافت أنهم حاولوا كثيرًا بشتى الطرق التواصل مع النظام، “لكن مع ذلك لم نجد أي جواب، حتى لجأنا إلى مختلف الأساليب، ومن بينها سعينا إلى العثور عليه من خلال اللواء عباس إبراهيم، مدير عام الأمن العام اللبناني الذي طلبنا منه الاستفسار عن وضع الوالد حين ذهب إلى دمشق، وحين عاد أعطانا جوابًا غريبًا قال فيه إن أبي ذهب إلى منطقة معيّنة وقُتل فيها”.
وأشارت كم ألماز إلى أن فريق الطوارئ السوري (SETF) والسفير ستيفن راب يقومان بمساعدتها لإنشاء قضية ضد نظام الأسد كـ”قضية مدنية” في العاصمة واشنطن، وستكون جاهزة خلال أسابيع.
“على بايدن التحرك”
وقبل أيام، دعا عضو الكونغرس الأمريكي، جو ويلسون، الرئيسَ الأمريكي، جو بايدن، إلى إدانة مقتل المواطن الأمريكي مجد كم ألماز في سجون نظام الأسد.
وقال ويلسون مخاطبًا الرئيس بايدن على منصة إكس: “نحن بحاجة إلى الإدانة العلنية لمقتل الدكتور كم ألماز، وعلى وزارة العدل الشروع في تحقيق جنائي في قضية اختطافه وقتله قسرًا”، وأضاف: “الأفكار والصلوات القلبية مع عائلته، من المأساوي أن يُقتل أمريكي آخر على يد نظام الأسد”.
.@JoeBiden needs to publicly condemn the murder of Dr. Kamalmaz and the @TheJusticeDept should initiate a criminal investigation into his forced abduction and murder. Heart felt thoughts and prayers are with his family. Tragic that another American was killed by the Assad regime. https://t.co/2O7cNU8lkN
— Joe Wilson (@RepJoeWilson) May 18, 2024
معاذ مصطفى، مدير فريق الطوارئ السوري، قال لـ”نون بوست”: “إن ملف الكشف عن جريمة جديدة لنظام الأسد، جاء تتويجًا لجهود الفريق القانوني المخضرم للمنظمة السورية للطوارئ في ملاحقة نظام الأسد ومحاسبته”.
وأضاف مصطفى في حديثه: “سيترتب على الكشف عن هذا الملف تبعات قانونية ملزِمة، لاتخاذ الإجراءات والتدابير الصارمة بحقّ الأسد وأركان نظامه”، وأشار إلى أن منظمة فريق الطوارئ السوري عملت -وعلى مدى سنوات- على جمع تفاصيل هذا الملف والتنسيق مع أطرافه كافة، تمهيدًا لتقديمه إلى الرأي العام والجهات المعنية في الولايات المتحدة.
ولفت مصطفى إلى أن هذه القضية سوف تدخل علاقات الولايات المتحدة بنظام الأسد بمرحلة جديدة ومختلفة تمامًا، ويزيد من الضغط على إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن التي رفضت وضع مشروع قانون “مناهضة التطبيع مع الأسد” ضمن حزمة التشريعات العاجلة التي جرى التصويت عليها في مجلس الشيوخ، ووقّع عليها بايدن وأصبحت قوانين نافذة.
سوابق
لا تعتبر هذه القضية القضية الأولى ضد النظام السوري التي يتم رفعها في الولايات المتحدة، فخلال العام الماضي تم رفع دعوى ضده، وذلك بعد قتله المواطنة الأمريكية ليلى شويكاني.
وكان مكتب التحقيقات الفيدرالي في وزارة العدل الأمريكية (FBI) قد رفع دعوى قضائية ضد اللواء علي مملوك واللواء جميل الحسن، اللذين يعتبران من كبار قيادات النظام السوري، وذلك لتورّطهما في تصفية الناشطة الإغاثية ليلى شويكاني.
وتأتي هذه الدعوى، بحسب صحيفة “نيويورك تايمز”، بعد سنوات من العمل والتحقيق السرّي الذي كانت وزارة العدل الأمريكية تقوم به بقيادة المدعي العام في شيكاغو، وإجراء مكتب التحقيقات الفيدرالي مقابلات مع شهود عيان في أوروبا والشرق الأوسط لجمع الأدلة في قضية مقتل شويكاني، بما في ذلك اللقاء مع الشخص الذي ربما يكون هو من دفن ليلى.
وستكون لائحة الاتهام الفيدرالية التي تتهم علي مملوك وجميل الحسن بارتكاب جرائم حرب، هي المرة الأولى التي توجّه فيها الولايات المتحدة اتهامات جنائية لكبار المسؤولين في النظام السوري بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان.
إلى ذلك، اعتبر الخبير الحقوقي عماد إسماعيل أن مقاضاة النظام السوري في الولايات المتحدة ستزيد من الضغط عليه، خصوصًا في عدة ملفات منها التطبيع وتهريب المخدرات، وكذلك ستحرج إدارة الرئيس بايدن الذي يحاول منع إقرار قوانين تدين نظام الأسد.
وأضاف أنه خلال الأيام الماضية تم استدعاء وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن من قبل مجلس النواب، وتمّ سؤاله حول أسباب عدم التعليق على مقتل مجد كم ألماز من قبل النظام السوري.
جدير بالذكر أن رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأميركي، جو ويلسون، قد عقد اجتماعًا خاصًّا مع عائلة الطبيب مجد كم ألماز لتقديم التعزية والمواساة لأسرته، ودار الحديث عن ملابسات اعتقال كم ألماز وتداعيات وصول نبأ وفاته والموقف الرسمي الأمريكي.