عاشت مدينة بنغازي التي تقبع تحت سيطرة اللواء المتقاعد خليفة حفتر على فترات متفاوتة خلال العام 2017، على وقائع الاغتيالات والقتل خارج القانون والاعتقال التعسفي للمدنيين والنشطاء السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وصفها الكثيرين بـ”العمليات الإجرامية”.
وقال مراقبون محليون، إن بنغازي لم تنجو في العام الماضي من الأحداث المسلحة والجرائم والوقائع الدامية التي ترتكبها المجموعات المسلحة التابعة لحفتر بالمدينة التي كان أهلها يطمحون إلى بسط الأمن والاستقرار مستبشرين بعملية الكرامة لتحقيق ذلك.
وكانت المدينة في 2017 مسرحا لجرائم واغتيالات عديدة، دون الإفصاح عن أي تحقيقيات حيال هذه الوقائع من قبل السلطات الأمنية والقضائية بالمدينة، وسط خيبة أمل لأهالي بنغازي الذين تلاشت طموحاتهم أدراج الرياح، وتكتم المنظمات الحقوقية والإنسانية والمؤسسات الإعلامية حيال ذلك، بحسب ما رأى المراقبين.
إعدامات خارج القانون
ومن بين الأحداث المروعة التي ارتكبت في بنغازي خلال 2017، قيام آمر محاور القوات الخاصة (الصاعقة) التابع لعملية الكرامة محمود الورفلي، بعدة عمليات إعدام رميا بالرصاص في شوارع المدينة، وكان أبرزها ظهوره في تسجيل مصور تناقلته مواقع التواصل الاجتماعي في 24 من يوليو، يقوم بإعدام 20 شخصا مقيدا ومثلما، رميا بالرصاص.
إبان اقتحام قوات الكرامة لمنطقة قنفودة غرب بنغازي في يناير ومارس الماضيين، تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صورا للجثث التي أحرق بعضها أفراد قوات حفتر ملتقطين صور “السلفي” بجانبها
ويعد هذا التسجيل ليس الأول من نوعه الذي ظهر فيه القيادي في قوات عملية الكرامة محمود الورفلي، وهو يقوم بالإعدام رميا بالرصاص في شوارع بنغازي دون محكمة قانونية وقضائية رسمية.
حيث ظهر الورفلي في تسجيل مصور تناقلته مواقع التواصل الاجتماعي، قيامه بإعدام ثلاثة أسرى من قوات مجلس شورى ثوار بنغازي رميا بالرصاص، وذلك بعد يوم واحد من عمليات نبش للقبور وقتل وتمثيل بالجثث بحق نساء ومقاتلين من مجلس شورى ثوار بنغازي، قامت بها قوات حفتر، عقب سيطرتها على منطقة قنفودة غرب المدينة في 18 مارس.
وفي بداية مايو، تداول نشطاء تسجيل مصور (فيديو) على صفحاتهم في “فيس بوك” و”تويتر”، يظهر عملية تصفية لشخص جزائري من قبل محمود الورفلي، بتهمة انتمائه لتنظيم الدولة، وأظهر التسجيل الورفلي، وهو يقوم بتصفية هذا الجزائري الذي ألقي القبض عليه في بنغازي أثناء محاولته تجهيز سيارة مفخخة، وجرى تسليمه إلى الورفلي الذي أقدم على إعدامه فورا.
وإبان اقتحام قوات الكرامة لمنطقة قنفودة غرب بنغازي في يناير ومارس الماضيين، تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صورا للجثث التي أحرق بعضها أفراد قوات حفتر ملتقطين صور “السلفي” بجانبها، إضافة إلى تسجيلات مصورة لنبش القبور والتمثيل بالجثث التي منها جثة القيادي بمجلس شورى بنغازي جلال مخزوم التي جالت بها سيارات عسكرية شوارع المدينة وعلقت على باب معسكر الصاعقة.
نجا رئيس قسم البحث الجنائي بنغازي صلاح هويدي من محاولة اغتيال إثر استهداف موكبه بسيارة مفخخة في 22 فبراير الماضي
اغتيالات
عمليات الاغتيال أيضا كانت إحدى الوقائع الدامية التي لازالت تعاني منها بنغازي، ففي 19 من شهر مايو، لاقى أربعة قتلى و17 جرحا، من بينهم أحد مشايخ قبيلة العواقير إبريك اللواطي وابنه، حتفهم جراء انفجار سيارة مفخخة أمام مسجد بلال بن رباح بمنطقة سلوق جنوب غرب بنغازي، بعد خروجهم من صلاة الجمعة.
وفي العاشر من شهر يونيو، أصيب ستة مدنيين بجروح إثر تفجير سيارة مفخخة استهدفت موكب عميد بلدية بنغازي عبدالرحمن العبار في منطقة طابلينو غرب مدينة بنغازي شرق ليبيا.
وقُتل منسق عام ومدير فروع السجل المدني بالمنطقة الشرقية محمد المرشتي، بعد تعرضه لإطلاق نار في 12 يوليو من العام المنصرم أمام منزله في شارع سوريا بمدينة بنغازي من قبل مجهولين.
ونجا رئيس قسم البحث الجنائي بنغازي صلاح هويدي من محاولة اغتيال إثر استهداف موكبه بسيارة مفخخة في 22 فبراير الماضي، قرب بوابة مالك في الطريق الرابط بين منطقة الهواري وسيدي فرج في ضواحي بنغازي.
وفي الـ26 من الشهر ذاتها، نجا أيضا آمر محاور القوات الخاصة محمود الورفلي، بعد إصابته بجروح جراء تعرض موكبه لتفجير بواسطة سيارة مفخخة في منطقة الهواري، راح ضحيته جنديين وأصيب ثلاثة آخرين بإصابات متفاوتة.
استهداف قعيم
وفي ظل تحركات فرج قعيم، التي اعتبرها مراقبين أنها مقلقة ومخيفة لخليفة حفتر بعض الشيء في بنغازي والمنطقة الشرقية عامة، وخاصة عقب تكليف قعيم بمهام وكيل وزارة الداخلية بحكومة الوفاق الوطني من قبل رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج، في نهاية أغسطس الماضي.
في أبشع الجرائم التي شهدتها بنغازي في 2017 وربما الأبشع على مستوى البلاد عامةً، عُثر في 26 أكتوبر على نحو 36 جثة مجهولة الهوية بالقرب من منطقة الأبيار جنوب غرب المدينة
على إثرها تعرض قعيم في شهر نوفمبر الماضي لمحاولتي اغتيال، كانت الأولى في الخامس من ذاك الشهر عندما نجا من الاغتيال، إثر استهدافه بسيارة مفخخة في منطقة سيدي خليفة شرق مدينة بنغازي، أدت إلى وقوع أربعة جرحى على الأقل من عناصر قعيم.
وبعد خمسة أيام، تعرض فرج قعيم لمحاولة الاغتيال الثانية أدت إلى مقتل ثلاثة أشخاص من أفراده وأصيب خمسة أخرين بينهم إصابات خطيرة، جراء استهداف مقر “قوة المهام الخاصة” بمنطقة بودزيرة، التابع لوكيل وزارة الداخلية بحكومة الوفاق، بعدة قذائف.
أبشع الجرائم
ففي أبشع الجرائم التي شهدتها بنغازي في 2017 وربما الأبشع على مستوى البلاد عامةً، عُثر في 26 أكتوبر على نحو 36 جثة مجهولة الهوية بالقرب من منطقة الأبيار جنوب غرب المدينة، ووجدت مكبلة الأيدي وعليها أثار تعذيب وأعدمت بطلقات نارية في الرأس.
وتعد هذه الجريمة ليست الأول من نوعها التي تشهدها المدينة في العام الماضي، حيث عثر على 6 جثث مجهولة الهوية بشارع الزيت في منطقة شبنة في الثامن من أغسطس، حيث جرى نقلهم إلى مركز بنغازي الطبي، وكشفت مصادر طبية من هناك أن الجثث كانت مرمية بمكب للقمامة مقتولة رميا بالرصاص ومكبلة الأيدي.
وقبل ذلك أعلن مركز بنغازي الطبي، عن تسلمه لجثة المواطن هانيبال الحاسي، بعد العثور عليها في شارع الزيت ببنغازي، ناهيك عن الجثث الأخرى التي يعثر عليها بشكل متفرق من حين لآخر في هذا الشارع الذي أصبح يشتهر بين المواطنين بالمدينة بـ”شارع الجثث”.
في السادس من الشهر نفسه، انفجرت سيارة مفخخة بالقرب من منزل أحد مشايخ وأعيان قبيلة العواقير موسى النّمر بمنطقة سلوق جنوب غرب مدينة بنغازي شرق ليبيا، دون وقوع إصابات بشرية
اعتقالات واستياء
وشهدت مدينة بنغازي خلال العام المنصرم العديد من حملات الاعتقال بحق مدنيين ونشطاء سياسيين وحقوقيين وإعلاميين، ولم تعلن أي جهة أمنية أو عسكرية في المدينة مسؤوليتها عن هذه الحملات.
وأبدى العديد من نشطاء بنغازي عبر صفحاتهم في “فيسبوك” و”تويتر”، استيائهم من تكرار هذه الجرائم في المدينة من وقت لآخر دون الإفصاح عن الفاعلين، مطالبين السلطات الأمنية بإجراء تحقيقات عاجلة والقبض على الفاعلين ومحاكمتهم.
وعبر معظم أهالي المدينة عن استيائهم بسبب هذه الجرائم المتكررة، في ظل صمت الأجهزة الأمنية بالمدينة التي كانوا يبني عليها أهالي بنغازي الآمال لبسط الأمن وتحقيق العدالة في بنغازي، وخاصة بعد الوعود المتكررة عقب انطلاق عملية الكرامة من قائدها خليفة حفتر لتحقيق هذه الآمال.
وربما قد تستمر هذه العمليات في المدينة خلال عام 2018، وذلك بعد أن افتتح العام الجديد بواقعة مقتل مدير مكتب التعليم ببلدية الأبيار صلاح قليوان القطراني، متأثرا بجراحه إثر استهدافه بطلقات نارية أمام منزله في الثالث من يناير الجاري بمنطقة الأبيار جنوب شرق بنغازي.
وفي السادس من الشهر نفسه، انفجرت سيارة مفخخة بالقرب من منزل أحد مشايخ وأعيان قبيلة العواقير موسى النّمر بمنطقة سلوق جنوب غرب مدينة بنغازي شرق ليبيا، دون وقوع إصابات بشرية.
المصدر: ليبيا الخبر