هل هناك اتصال بين الإسلام والديمقراطية؟

في دراسة نشرت في مجله Journal of Democracy في شهر ابريل الماضي بعنوان ” نظرية الدمقرطة و الربيع العربي ” (رابط الدراسة موجود في أول تعليق ) يحاول كاتبا المقال الفريد ستيبان ، و وجوان لينز بحث هذه العلاقة ، و استنتاج ما يمكن أن يحدث في المستقبل القريب مع التركيز على المقارنه بين النموذج المصري و النموذج التونسي .
قبل الحديث عن الإسلام والديمقراطية فإن هناك سؤال يحتاج إلى إجابة أولا ، و هو مهم كمدخل لهذا الموضوع :
مالذى يحتاجه الدين ( أي دين ) و الديمقراطية كي يزدهرا معا في أي مجتمع ؟
الإجابة التي تقدمها الدراسة هى : انفصال مؤسسي واضح بين الدين و الدوله ، فلا يتحكم رجال الدين في رجال الدولة المنتخبين ، و لا تتحكم الدولة في رجال الدين طالما احترموا حقوق كل المواطنين على حد سواء ، و أنه طبقا لهذا التصور فإن أشكال كثيرة من العلاقة بين الدين و الدولة بصفه عامه قابله للنشوء و التطور .
ففى دول الإتحاد الأوربي على سبيل المثال : تحتل فرنسا المكانة الأقصى بالنسبة لموقف الدولة من الدين ( و هو موقف ضد الدين بدرجة ملحوظة ) ، في حين أن دول مثل ألمانيا ، النمسا ، و بلجيكا وهولندا و السويد تقدم موقف مختلف للدولة في تعاملها مع الدين ويطلق عليه مصطلح ” التكييف الإيجابي ” ، يصل في ألمانيا على سبيل المثال إلى أن الدولة مطالبه بجمع الضرائب للكنيسة الكاثولوكيه و اللوثرية ، و أن هذا النوع من العلاقة بين الدين و الدولة يصل نسبته تقريبا لثلث دول الإتحاد الأوربي .
هذا في الجانب المسيحي …
في العالم الإسلامي فإنه خلال ال10 سنوات السابقة فإن هناك أكثر من 300 مليون مسلم عاشوا في دول ديمقراطية ذات أغلبية مسلمة ، على رأس هذه الدول ( أندونيسا ، ماليزيا ، السنغال ، تركيا …إلخ) ، وهذا يطرح لدينا سؤالين :
– كيف تعامل الآسلاميين مع هذه الديمقراطية في تلك الدول ؟
– كيف كانت العلاقة بين الدين و الدولة في تلك الدول ؟
الدراسة تقول أنه على مستوى الإسلاميين كلاعبين رئيسيين في المشهد السياسي في تلك الدول فإنهم قدموا مفهوم “الدولة المدنية ” كبديل عن الدولة العلمانية ( في اندونيسيا ، و مصر و تونس على سبيل المثال ) ، و فيها يحترم الدين فكرة حق الأشخاص المنتخبين في سن القوانين و إدارة البلاد ، و تحترم فيه الدولة دور الدين كلاعب إيجابي في الحياة العامة .
أما على مستوى الدول فإنه بالمقارنة الدنمارك ، فرنسا ، ألمانيا ،هولندا ،بلجيكا و السويد مجتمعين فإن لديهم 76 يوم أجازة كلها إجازات رسمية مدفوعة الأجر من الدول لكنها جميعها مناسبات مسيحية ، في حين أنه في اندونيسيا على سبيل المثال هناك 6 أيام إجازات رسمية لأعياد إسلامية و 7 أيام أخرى لمناسبات دينية غير إسلامية خاصة بالأقليات !
السنغال لديها 7 أيام أجازات رسمية لمناسبات إسلامية ، و 6 لمناسبات غير إسلامية خاصة بالأقليات !
وتقدم اندونيسيا و السنغال و الهند ( البلد الديمقراطي ذو الأقلية الإسلامية الكبيرة ) دعم مالي للمؤسسات الدينية سواء الإسلامية أو غير الإسلامية .
في السنغال و اندونيسيا ( و كلها دول ديمقراطية ) حصل تعاون بين الدولة ( ممثله في وزاره التعليم ) و بين الهيئات الدينية الإسلامية من أجل إخراج منهج دراسي مناسب للطلاب و على مستوى عالي في الدين و في التاريخ ، هذه المناهج التي تحظى بدعم رجال الدين حفزت أولياء الأمور لإرسال أولادهم _خاصة الإناث _ إلى المدارس وبالتالي قللت من نسبه الأمية بين الشباب ، وتقول الإحصائية أنه في اندونيسيا على سبيل المثال فإن الأطفال من سن 11 إلى 14 سنه وصلت نسبه التعليم بين الذكور 96% و بين الإناث 95%.
وساعدت الهيئات الدينية الإسلامية في السنغال سلطات الدولة المنتخبة ديمقراطيا في الحد من ظاهرة ختان الإناث التي كانت تتم بطرق غير صحية ، و الحد من أثارها الجانبية .
يقول جون رولس: أنه من الأفضال إخراج الدين من المواضيع الأخلاقية المختلف عليها في الأنظمة الديمقراطية ،
و يتساءل الباحثان: بعد هذه النتائج الإيجابية التي حدثت في الدول الإسلامية جراء التعاون بين سلطات الدولة المنتخبة ديمقراطيا و رجال الدين الإسلامي ،هل تظل هذه المقولة صحيحة ؟ واليس من الأفضل للدول العربية_التي ظلت طول أكثر من 60 عام تحت حكم أنظمة تدعى العلمانية_ أن تنظر إلى هذه التجارب الناجحة في الدول الإسلامية و تقتدي بها ؟
انتهى تساؤل الباحثان
و أضيف إليهما: بعد تجارب ماليزيا و تركيا ، و اندونيسيا و السنغال _سواء في المجال الاقتصادي أو في المجال السياسي _ مالذي يجب علي الإسلاميين فعله بعد ذلك للتدليل على انه لا بديل لنجاح الدول الإسلامية و تقدمها إلا من خلال الحلول ذات الخلفيات الإسلامية ؟