في بلد كثير الملل والنحل وحديث عهد بالتجربة الديمقراطية المفروضة عليه بواقع السلاح، لا تستغرب أَن تجد أكثر من 200 حزب سياسي يتنافس للحصول على مقاعد البرلمان العراقي في ٢٠١٨.
بينما أكتب أنا هذا التقرير تكون أغلب هذه الأحزاب التي تزيد عن 200 حزب قد تكتلت بشكل يختصر عناوينها لقوائم انتخابية ويجعلها أكثر وضوحاً للناخب العراقي، رغم أن هذه التكتلات انتخابية فقط يسمح القانون العراقي بإعادة ترتيبها وتشكيل تكتلات ثانية داخل قبة البرلمان. حسمت غالبية الأحزاب العراقية وضعها القادم بقوائم متعددة الأشكال والمرجعيات بين الطائفي الديني أو العرقي أو المناطقي ومنهم من اختار المدني أو الوطني العابر للتقسيمات.
خريطة التحالفات للانتخابات
تحولت ال207 حزب المسجلة في المفوضية لدخول الانتخابات إلى ما يقرب 30 تحالف بوجوه قديمة وتكتلات قريبة من التكتلات التاريخية المعتادة وظهرت أبرز التكتلات على هذا الشكل:
حافظ المالكي على تحالف دولة القانون، وتكتل 15 حزب يمثل الحشد الشعبي في قائمة موحدة تحت اسم تحالف “الفتح” برئاسة هادي العامري زعيم بدر، فيما شكل رئيس الوزراء العبادي تحالفاً آخر تحت اسم “النصر والإصلاح”
تحالف إياد علاوي مع سليم الجبوري وصالح المطلك وقيادات عشائرية في قائمة عابرة للطائفية “سنية- شيعية” تحت اسم “ائتلاف الوطنية” بزعامة علاوي، ولم يدخل النجيفي والخنجر والجميلي مع تحالف علاوي ليشكل الثلاثة تحالفاً خاصاً بهم، فيما يقود الكربولي قائمة أخرى خاصة به مع تحالفات عشائرية بمحافظة الأنبار.
فيما تحالف الصدريون مع تكتلات مدنية ضمن قائمة (سائرون للإصلاح)، وحافظ المالكي على تحالف دولة القانون، وتكتل 15 حزب يمثل الحشد الشعبي في قائمة موحدة تحت اسم تحالف “الفتح” برئاسة هادي العامري زعيم منظمة بدر، واندمج معها المجلس الأعلى برئاسة همام حمودي، فيما شكل رئيس الوزراء العبادي تحالفاً آخر تحت اسم تحالف “النصر والإصلاح” ضم عدد من المدنيين والشخصيات أبرزها خالد العبيدي وزير الدفاع السابق.
لم تنجح الأحزاب الكردية بالنزول بقائمة موحدة على العكس من كل الانتخابات السابقة ما بعد ٢٠٠٣ بسبب الخلاف الذي أعقب الاستفتاء على الاستقلال الكردي عن العراق، وتشارك كل من حركة التغيير والجماعة الإسلامية الكردستانية والتحالف من أجل الديمقراطية والعدالة (بزعامة برهم صالح)، بقائمة واحدة سميت “القائمة الوطنية”، وتقتصر مشاركة “القائمة الوطنية” في الانتخابات على كركوك والمناطق الكوردستانية الواقعة خارج إدارة الإقليم، فيما دخل عرب كركوك من كل التوجهات بقائمة موحدة خاصة بمحافظة كركوك.
أزمة الرقم “١” في قوائم الانتخابات
“قومي رؤوس كلهم
أرأيت مزرعة البصل؟”
لم يدرك الشاعر العراقي علي الشرقي أن بيته هذا الذي نقد فيه تكالب الشخصيات العراقية للحصول على رئاسة الوزارة في مطلع القرن الماضي ابان تشكيل الدولة العراقية سيكون خير ما يمثل واقع تشكيل تحالفات الانتخابات العراقية لعام ٢٠١٨.
لم يفلح رجوع المالكي والعبادي لحزب واحد ومرجعية واحدة بقبول أحدهما أَن يكون رقم ٢ في قائمة الانتخابات القادمة مما جعل تعذر التحالف وفق ما أكدته مصادر خاصة في المفاوضات، العبادي بعد رفض المالكي بقبوله على رأس قائمة دولة القانون، دفع الأخير للبحث عن بديل يضمن له موقف قوي في الانتخابات ويعزز من حضوره لدى الجمهور الشيعي بالتحديد بعد مخاوف نقلها له مستشاريه من أن كتلته الانتخابية تميل لتكون ممثل للسنة أكثر من ما هي قائمة متوازنة، الأمر الذي جعله يطلب الإنضمام لقائمة تحالف الفتح الممثلة الأساسية لفصائل الحشد الشعبي وأبرزها بدر وعصائب أهل الحق والإمام علي التي تشكل بمجموعها 15 حزبًا.
في وقت كان يعتقد أن العبادي هو الرقم الأصعب في المعادلة الانتخابية القادم يبدو أن معركة التحالفات تعطي صورة أنه لا يوجد رأس واحد في العراق وأن الصندوق مثقل بالتكهنات التي لا يمكن حسمها في هذا الوقت المبكر
لكن على ما يبدو أن زعيم تحالف الفتح هادي العامري رفض تقديم العبادي ليكون رقم ١ في القائمة الجديدة مما عرقل عملية التحالف والاندماج وخرجت تصريحات تقول بوجود عراقيل “فنية” والتي ترمز على ما يبدو إلى خصوصية الرأس أو الرقم ١ التي يصر الجميع أن يكون هو صاحب هذا الامتياز .
مشكلة “الرقم واحد” قد تكشف الكثير من واقع العملية السياسية ورجالاتها في العراق في وقت كان يعتقد أن العبادي هو الرقم الأصعب في المعادلة الانتخابية القادمة، يبدو أن معركة التحالفات تعطي صورة أنه لا يوجد رأس واحد في العراق وأن الصندوق مثقل بالتكهنات التي لا يمكن حسمها في هذا الوقت المبكر علاوة عن مخاوف من تأجيل الانتخابات التي ما تزال قائمة ولَم يطرد شبحها.