غير بعيد عن المدينة الحمراء، مراكش المغربية، تنتصب جبال ” أوكايمدن” المطلّة على سهول مدينة باب الصحراء “ورزازات”، شاهقة مرفوعة القامة، تستقبل زوارها ومحبي الاستكشاف والتزلّج، بما حباها الله من جمال وروعة، ساهم في تدعيمها الانسان، خاصة في هذه الأيام من السنة.
“أوكايمدن”: سطح مراكش البارد
هناك في “أوكايمدن”، للطبيعة سحر خاص، يجد فيها كل زائر ضالته في الترفيه عن النفس، فخلال هذه الأيام وطيلة فصل الشتاء، ترتدي جبال أوكايمدن اللون الأبيض الناصع وتتزيّن به، حيث تلتحف أشجاره ومساراته الصحية والرياضية به طيلة أيام هذا الشهر البارد، فحيثُما وليت وجهك ثمة البياض، على أغصان الأشجار الباسقة وعلى الأرضِ، وجنبات الأحواض والشلالات المائية، وفي كل مكان من هذه الجبال العالية.
ويفضل المغاربة أن يطلقوا على “أوكايمدن” لقب “سطح مراكش البارد”، بسبب تساقط الثلوج وما ترسمه من لوحة طبيعية ساحرة، تجعله قبلة للسياح خلال فصل الشتاء، سواء السكان المحليين المغاربة الذين يتوجهون إليه لعيش تجربة فريدة مع أصدقائهم أو أفراد أسرتهم، أو السياح الأجانب الذين يتوافدون إلى المكان للاستمتاع بممارسة الرياضات الشتوية التي تختلف حسب رغبة كل شخص، وأخذ صور لما يحمل المكان من طبيعة خلابة تستدعي توثيق لحظات قد لا تنسى.
تتحول “جبال أوكايمدن”، خلال فصل الشتاء إلى منتجع سياحي، يستهوي محبي التزلج الذين يجدون في مرتفعاتها متنفسًا
وتستمر فترة وجود الثلوج بجبال “أوكايمدن” أكثر من 120 يوماً، تمتد من منتصف ديسمبر/كانون الأول إلى منتصف أبريل/نيسان، غير أن فرصة التزحلق على الجليد، بالشكل المطلوب، عادة ما تنحصر ما بين شهري يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط.
وتتحول “جبال أوكايمدن”، خلال فصل الشتاء إلى منتجع سياحي، يستهوي محبي التزلج الذين يجدون في مرتفعاتها متنفسًا ومكانًا لقضاء وقت ممتع في ممارسة رياضة التزلج، وتغري الثلوج في قمم الجبال، عشاق رياضة التزحلق على الجليد من المغاربة، الذين يفضلون قضاء عطل نهاية الأسبوع بين الثلوج البيضاء، بالرغم من الانخفاض الشديد في درجات الحرارة.
فرصة لمحبي التزلّج والاستكشاف
يبلغ ارتفاع جبل “أوكايمدن”، التي تعني بالأمازيغية “وادي الرياح الأربعة” 3200 مترًا، ويعتبر هذا المنتجع أعلى محطة للتزلج في شمال أفريقيا، وتعد محطة أوكايمدن للتزلج على الجليد، إضافة الى محطة افران فوق جبال أطلس المتوسط، المحطتين الوحيدتين في المملكة المغربية لممارسة الرياضات الشتوية، وتوفر أوكايمدن للمتزلجين نحو ألف متر من المنحدرات.
وتتوفر محطة “أوكايمدن” على مختلف أدوات التزلج التي تضاهي ما هو موجود في كثير من الدول الغربية، والتي تمكن عشاق التزلج من ممارسة هوايتهم، من ذلك توفّرها على “تيليسييج” أو عربات معلقة بسلك واحد يصل علوها إلى 2300 للتمتع بسحر الطبيعة وبياض الثلج، من إحدى أعلى مناطق شمال أفريقيا، وستة “يليسكي” للأطفال والمبتدئين، فضلاً عن عدد من الفنادق والمطاعم والمنتجعات الجبلية.
على طول الطريق، الفاصلة بينهما تصادفك مناظر طبيعية خلابة رائعة تسحر العين وتأسر العقول
وتتركز جل الفنادق الموجودة بمحطة أوكايمدن بالسفوح الجبلية المرتفعة، وهي تمزج بين الشكل الهندسي الأوروبي (شاليه) والشكل التقليدي المغربي الذي تتميز به بيوت المنطقة، وفيها يقضّي السياح أجمال الأوقات، يذكر أن قناة CNN الأميركية صنّفت منحدرات أوكايميدن في المرتبة 86 عالمياً في وقت سابق من العام الحالي.
تشكّل أشجار الصنوبر والثلوج المتراكمة فوق أغصانها، فضلا عن نباتات العرعار والبياض يكسوها، وصخوره التي ارتدت الثوب الأبيض، لوحة طبيعية خلابة تأسر قلوب الزوار المحليين والسياح الأجانب الذين يفضلون، على الخصوص، التنزه والصيد واستكشاف النقوش الصخرية، التي يرجع تاريخها إلى حوالي 2100 سنة قبل الميلاد.
ما يزيد من جمال الذهاب إلى “أوكايمدن” والتمتع بالرحلة هناك، ذلك الطريق بين الجبال ومنطقة “أوريكة”، فعلى طول الطريق، الفاصلة بينهما تصادفك مناظر طبيعية خلابة رائعة تسحر العين وتأسر العقول، حتى أنها تدفعك إلى التوقف لأكثر من مرة للاستمتاع بهذه المناظر قبل مواصلة المسير نحو البياض الفتان.