تعرف على لوحة القيادة في سيارات المستقبل

ترجمة وتحرير: نون بوست
يعد معرض الإلكترونيات الاستهلاكية، الذي يقام في مطلع كل سنة في مدينة لاس فيغاس الأمريكية، الوجهة التقليدية والمفضلة لعشاق السيارات والتكنولوجيا، وذلك للعثور على أحدث الابتكارات فيما يتعلق بالشاشات الذكية وتجهيزات قمرة القيادة، التي يقوم المصنعون بتطويرها كل سنة. وقد تحول هذا المعرض خلال السنوات الأخيرة إلى حدث لا مثيل له في قطاع معارض السيارات. ومنذ أن أصبحت السيارات مجهزة بشاشات وأنظمة مراقبة رقمية، باتت الشركات تتسابق للاستثمار في هذا القطاع الواعد. وتشهد هذه التكنولوجيا تسارعا على مستوى تقدمها، في ظل التركيز على تطوير السيارات ذاتية القيادة، التي توفر للسائق تجربة جديدة مريحة وفريدة من نوعها في قمرة القيادة.
كلما زاد حجم الدعم الذي توفره هذه التقنيات للسائق، باتت هذه التجربة تركز بشكل أقل على المهام التقليدية للقيادة، التي كانت في السابق تقتصر على الاهتمام بمسار الطريق. وإلى حد وقت قريب، كانت أغلب الشركات تصب اهتمامها على مسألة السلامة، وتجنب وضع تجهيزات تشتت انتباه السائق. ولكن مع تزايد تقنيات القيادة الذاتية للسيارة، وبفضل أنظمة معقّدة تعرف “بنظام المساعدة للسائق المطور”، تغيرت هذه الأولويات. في مطلع سنة 2017، عرف معرض الإلكترونيات الاستهلاكية بروز العديد من المشاريع المستقبلية الطموحة، إلا أن نسخة سنة 2018 كانت حافلة بالابتكارات الجديدة، التي قدمتها الشركات الناشطة في مجال التكنولوجيا الرقمية، وليس فقط شركات تصنيع السيارات. ولم يعز هذه الابتكارات الخيال الواسع، حيث تضمنت نماذج غير مسبوقة في هذا المجال.
في حين كانت بعض هذه الابتكارات غريبة ودخيلة على هذا القطاع، حافظت ابتكارات أخرى على النمط التقليدي بالنسبة لتصميم قمرة القيادة وأسلوب التحكم. وفي الأثناء، بات مصنعو السيارات في حيرة من أمرهم، بشأن تحديد اختياراتهم من ضمن هذه التشكيلة المتنوعة من الأفكار. وفيما يلي نقدم لكم البعض من لوحات القيادة التي ستميز سيارات المستقبل.
تنتج شركة باناسونيك بطاريات 2170 لحساب شركة “تيسلا”، في مصنع جيجا 1 لإنشاء بطاريات الليثيوم في ولاية نيفادا الأمريكية.
بيتون، أفكار جيدة واستمرارية متميزة
باستثناء المتخصصين في هذا المجال، القليل من الأشخاص يعرفون هذه الشركة الصينية الناشئة، التي تمكنت في فترة لا تتجاوز السنتين من إحداث ضجة، عبر الكشف عن نموذج أولي لسيارتها، والإعلان عن الشروع في إنتاجه وتسويقه في سنة 2019، حيث ستكون البداية في السوق الصينية. وقد أثار هذا النموذج الذي يتسم بشاشة بطول 1.25 مترا، إعجاب جميع من اطلعوا عليه، كما أنه يوفر خاصيات ووظائف تعتمد على الذكاء الاصطناعي.
في الحقيقة، ستكون هذه السيارة قادرة على التعرف على السائق، وذلك عبر تقنية التعرف على الوجه، من أجل تقديم خدمات مناسبة حسب الشخص الموجود. كما أنها تتضمن تقنية المساعد الصوتي “أليكسا”، التي ستمكن الشخص من التواصل من خلال الكلام مع السيارة. وتؤمن هذه التقنية مقترحات مذهلة لمساعدة السائق، مثل نصحه بعدم القيادة إذا كانت حالته الصحية لا تسمح له بذلك، أو حثه على أخذ استراحة قصيرة إذا كان ذلك ضروريا لمواصلة الرحلة.
في الواقع، تم تزويد هذا النموذج بمجموعة من المجسات التي تحلل الحالة الصحية للسائق بشكل مستمر. عموما، تناول أغلب المصنعين التقليديين للسيارات هذه الفكرة، وقدموا تصاميم مشابهة لما قدمته شركة “بيتون”. لكن نجاح شركة بيتون يؤكد صعود جيل جديد من الشركات الناشئة في هذا المجال، على غرار “تيسلا” التي تسعى لإعادة بلورة صورة عالم السيارات من جديد، ليس فقط من خلال إضافة تكنولوجيا القيادة الذاتية، بل عبر تطوير عربة جديدة بالكامل توفر حياة ذكية.
باناسونيك، مشاريع طموحة جدا
حققت الشركة اليابانية تقدما كبيرا في السنوات الأخيرة، حيث كانت في السابق متخصصة في شاشات البلازما، ثم بدأت تتجه شيئا فشيئا نحو صناعة السيارات. وفي الوقت الراهن، تنتج هذه الشركة بطاريات 2170 لحساب شركة “تيسلا”، في مصنع جيجا 1 لإنشاء بطاريات الليثيوم في ولاية نيفادا الأمريكية. وقد أظهرت شركة “باناسونيك”، التي تحتفل بمرور 100 سنة على إنشائها، الكثير من الابتكار والخيال الواسع على مستوى منتجاتها الجديدة. فقد قدمت خلال هذا المعرض ثلاثة مشاريع قمرة قيادة، وواجهات مزودة بتقنية “الآلة الإنسانية”، التي تعد في غاية الجاذبية. وكان أبرز نموذج ضمنها سيارة “غرفة الجلوس المستقلة”، التي قد لا تعتبر سيارة بالمعنى الحرفي للكلمة، بل هي نموذج لجزء من عربة تشتغل بشكل آلي.
من جهة أخرى، عرضت الشركة نموذج “تصميم القمرة الذكي”، الشبيه جدا بلوحة القيادة الكلاسيكية. وتعد هذه القمرة مزودة بأربع شاشات للسائق والمرافقين له، وسط أجواء من الفخامة والراحة، كما أنها مصنوعة من مادة الراتنج (الصمغ)، التي تحاكي الأسطح الفاخرة في جمالها. فضلا عن ذلك، يعتمد هذا النظام على تقنية “سكيب جان”، التي تمثل منصة الترفيه والمعلومات الخاصة بشركة باناسونيك، والتي تعمل الآن مع أحدث إصدار لنظام التشغيل “أندرويد”، وهو “أندرويد أوريو”.
تسمح هذه النسخة الجديدة بالولوج لتطبيقات “الأندرويد” الخاصة بالسيارات، التي توفر العديد من الخدمات مثل تقنية الملاحة والمعلومات الخاصة بالأحوال الجوية. كما تمكن تقنية “سكيب جان” أيضا من التحكم في ضبط وإعدادات الحرارة داخل قمرة القيادة، بالاستعانة بمساعد غوغل، وهو المساعد الشخصي الذكي الذي طورته هذه الشركة في سنة 2016. وتتوفر كل هذه المميزات الفريدة بشكل مباشر على شاشة لمس مدمجة مع السيارة، ولا تحتاج لتشغيلها لأكثر من هاتف ذكي. ويتم الآن تطوير هذه الوظائف ذاتها بالاستعانة بتقنية أليكسا التابعة لشركة أمازون.
أما قمرة “سمارت فيجن”، فتعتبر كلاسيكية أكثر، إذ أنها مزودة بنظام مراقبة عند الانطلاق، يقوم بفحص حالة العربة والحالة الصحية للسائق، ويتم عرض كل هذه البيانات على شاشة كبيرة فوق رأس السائق. ويسمح نظام القيادة الآلية المثبت في هذا النموذج للسائق بالاستمتاع برؤية بانورامية، على امتداد 360 درجة. كما يمكن أيضا مراقبة الأطفال بكل سهولة أثناء جلوسهم في المقاعد الخلفية، وذلك عبر تغيير نظام العرض في الشاشة.
قدمت شركة “مرسيدس بنز” النموذج “إي كيو فورتو” صغير الحجم، وهي سيارة ذاتية القيادة بالكامل ولا توجد فيها عجلة قيادة ولا دواسات، كما أن محركها دائري الشكل
ميتسوبيشي: الوحيدة التي تفكر في المترجلين
في جناح شركة ميتسوبيشي، تم عرض سيارة “إميراي 4″، سيارة التنقل الذكي، إضافة إلى سيارة رياضية من فئة جاغوار، التي جذبت انتباه الزوار، بفضل تزويدها بأنظمة تعكس درجة التطور والابتكار الذي وصلت إليها هذه الشركة اليابانية، إلى جانب لمسة فنية عالية الجودة. تؤمن الأنظمة في هذه النماذج إمكانية التعرف على السائق ومنحه إذن الولوج إلى مختلف الخصائص، وذلك عبر المصادقة البيومترية. علاوة على ذلك، تضمن هذه الأنظمة متابعة للحالة الصحية للسائق بشكل فوري، إضافة إلى تقييم حالته المزاجية، ونظام التعرف على الوجوه.
من جانب آخر، يوفر نموذج “إميراي 4″، نظاما مثيرا للاهتمام لتنبيه الآخرين، حيث تنقل هذه السيارة صورة من الطريق وتصدر أيضا صوتا ينبه المترجلين وسائقي الدراجات وباقي العربات، عندما تكون السيارة على وشك التراجع للخلف، أو يكون أحد الركاب على وشك فتح الباب.
نموذج “سمارت” مر إلى المرحلة الموالية واستغنى تقريبا عن الشاشات
قدمت شركة “مرسيدس بنز” النموذج “إي كيو فورتو” صغير الحجم، وهي سيارة ذاتية القيادة بالكامل ولا توجد فيها عجلة قيادة ولا دواسات، كما أن محركها دائري الشكل. وتمتاز هذه السيارة بفضاء رحب من الداخل، باعتبار أنه تم الاستغناء عن كل الإكسسوارات التقليدية المصاحبة لعملية القيادة، التي كانت تحد من اتساع المساحة داخل القمرة. وقد أعطى هذا التصميم هذا النموذج طابعا مصغّرا، وجعله يشبه أريكة موضوعة على أربع عجلات. تبدو هذه السيارة التي تعتمد بالكامل على الطاقة الكهربائية، موجهة بالأساس للاستخدام الجماعي، كما أنها مرتبطة بشكل كبير بالإنترنت، وتتسم بأنظمة مراقبة مدمجة مع الزجاج. تعرض جميع المعلومات اللازمة بشكل فوري، إضافة إلى شاشة أمامية للتفاعل مع السيارة.
كشفت “كيا” الكورية عن نسخة إلكترونية بالكامل من نموذج “نيرو”، السيارة التي تنتجها هذه الشركة
سيارة جيب، تصميم كلاسيكي جدا لقمرة القيادة
في الجانب الآخر من المعرض الذي ضم العديد من النماذج الذكية، قدمت شركة جيب نموذج “رانغلر روبيكون”، المستوحى من نموذج “رانغلر” الذي أطلقته “جيب” في سنة 1987، وظل يصدر في نسخ مطورة مرة واحدة كل عشر سنوات. قد يبدو هذا النموذج من السيارات للوهلة الأولى غير متطور عند مقارنته بالسيارات المعروضة في الأجنحة الأخرى في معرض الإلكترونيات الاستهلاكية. ولكن الأمر لا يتعلق بالقيادة الذكية أو باستخدام الطاقة الكهربائية لهذا النوع من السيارات، حيث لا تقل شركة جيب تطورا عن منافسيها في مجال تحديث تجهيزات السيارات. فقد قامت جيب بدورها بوضع العديد من الشاشات داخل القمرة، تتميز بتقنية اللمس، كما توفر العديد من الوظائف الأساسية، وتمكّن من التحكم في الوسائط المتعددة والترفيه.
كيا، تجديد في مجال الشاشات اللمسية
كشفت “كيا” الكورية عن نسخة إلكترونية بالكامل من نموذج “نيرو”، السيارة التي تنتجها هذه الشركة. ولا ترتكز قمرة القيادة في هذا النموذج على تقنية الشاشات التي تشهد منافسة كبيرة، بل تعنى بأفكار أخرى غير مسبوقة، ينتظر العديد من المتابعين أن يتم تضمينها بشكل عملي في النسخة النهائية من سيارة كيا. وقد اهتمت هذه الشركة بشكل ملحوظ بالأسطح التفاعلية، بالاعتماد على نظام عرض بتقنية اللمس على عجلة القيادة، ونظام مماثل على الجهة الأمامية من القمرة.
جاغوار/ رينج روفر
في جناح العرض الخاص بشركة “جينتكس”، تم الكشف عن نموذج “رينج روفر فيلار”، الذي يشبه في خصائصه النموذج المستقبلي من سيارة “جاغوار أي بايس إي في”. ويعد هذا النموذج من التجارب الناجحة في مجال لوحة القيادة المدمجة. وقد أعلنت جينتكس على إقامة شراكة مع شركة “كوالكوم” الأمريكية (وهي الرقم واحد في العالم في معالجات الهواتف النقالة)، وشركة “جينتكس” (لإلكترونيات السيارات وأنظمة مرآة الرؤية الخلفية). وعلى متن هذه السيارة، سيكون من الممكن التحكم عن بعد في التطبيقات المنزلية، للقيام مثلا بإنارة أضواء المنزل، وتشغيل جهاز التدفئة، وكل هذه التقنيات الحديثة. أما بالنسبة للأشخاص المغرمين بالقوارب وليس السيارات، توجد أيضا نماذج مبتكرة ومثيرة للاهتمام في هذا المجال.
المصدر: لوموند