ترجمة وتحرير: نون بوست
كان اللولب لا يزال يقطر دمًا عندما وضعته طبيبة أمراض النساء في راحة يدي، قائلةً: “أمسكي به، أريدك أن تشعري بمدى صِغَره وتسألي نفسك ما إذا كنتِ تبالغين في ردِّ فعلك”. عندما نظرت إلى الجهاز النحاسي الصغير على شكل حرف T الذي حاولت إدخاله في رحمي ثلاث مرات متتالية دون جدوى، كان عليّ أن أعترف بأنه كان صغيرًا جدًا بالفعل – تقريبًا بحجم الخيط البلاستيكي الذي استخدمته لتنظيف أسناني في نفس الصباح. بدا حجمه غير متناسب مع مقدار الألم الذي شعرت به للتو. لقد كان الأمر مؤلمًا، وأسوأ من أي شيء مررت به على الإطلاق (وكأن دراجة نارية دهستني). كان عنق الرحم – الذي تجاهلت وجوده بسعادة حتى ذلك الحين – خامًا كما لو أنه تم تدبيسه للتو.
لكن خلال الشهر التالي، أصبحت مقتنعة بأنني بالغت في ردّ فعلي. تخضع آلاف النساء لهذا الإجراء يوميًا، وهذا ما فكرت به بيني وبين نفسي. قرّرت أن أعطيها فرصةً أخرى. كتبت لي طبيبة أمراض النساء وصفة طبية لأدوية مضادة للقلق، وأخبرتني أن أتناول عقار إيبوبروفين قبل ساعةٍ من هذا الإجراء، وعُدت إلى مكتبها ومعي مجموعة أدوات إدخال جديدة تمامًا.
على الرغم من أنني فقدت الوعي في منتصف الطريق وتقيّأت في صناديق القمامة الباريسية طوال طريق العودة إلى منزلي، إلا أنني كنت سعيدة بنجاح عملية الإدخال هذه المرة. لكنني مازلت لا أستطيع أن أفهم لماذا كان هذا الإجراء مؤلمًا للغاية مرة أخرى. بحثًا عن إجابات، توجهت إلى صديقتي لوسي، التي تدربت كطبيبة عامة في بلجيكا المجاورة وسألتني سؤالًا واحدًا فقط: “هل استخدموا ملاقط بوزي عليك؟”.
لم أسمع عن الدكتور صموئيل بوزي من قبل أو عن الملقط الذي يحمل اسمه. وأكدت مكالمة سريعة لطبيبتي أنها استخدمت بالفعل هذه الأداة معي، ولكن لا داعي للقلق، وقالت لي: إن هذه الأداة روتينية في إجراءات عنق الرحم في جميع أنحاء العالم لأكثر من قرن من الزمان.
وعلى منصة التواصل الاجتماعي تيك توك، بحثت في الوسم “إدخال اللولب”، حيث أظهرت لي شابة تبلغ من العمر 20 سنة ذات شعر وردي زاهي وبضع مئات من المتابعين ما فشلت طبيبة أمراض النساء في فعله: أداة معدنية على شكل مقص أطرافه مدببة منحنية إلى الداخل يهدف إلى تسهيل الوصول إلى الرحم. وفي الفيديو، استخدمته لإخراج كرة من السيليكون من مجسّم مجوّف يحاكي عنق الرحم.
قالت لي المؤرخة إيفان إليزابيث هارت هذه هي “القرصة الصغيرة” التي يحذّرونك منها قبل عملية الإدخال: “التدبيس الحرفي لعنق الرحم من دون تخدير”. وتعتبر هارت متخصصة في تاريخ النشاط الصحي للمرأة في جامعة ولاية ميسوري الغربية. وهي ليست خائفة من تسمية هذا بما هو عليه الآن: التلاعب الطبي.
أوضحت هارت أن النساء تاريخيًا حُرمن من المعرفة والسيطرة على أجسادهن بسبب النظام الطبي الأبوي. ويتم دفع النساء إلى الاعتقاد بأن آلامهن فرديّة (يمكن علاجها بسهولة باستخدام الإيبوبروفين) وليست نظامية (تتطلب تغييرًا شاملاً في كل من الأدوات والممارسات). وأضافت أن “الطريقة الوحيدة لتحدّي الوضع الراهن زيادة الوعي حول الأدوات المستخدمة ضدّنا وتاريخها المعقّد”.
يُعد ملقط بوزي أو المشباث – الذي سبب لي الكثير من الألم الجسدي أثناء إدخال اللولب – نقطة بداية جيدة. في سنة 1889، اخترع الجراح الفرنسي صامويل بوزي أداة لتسهيل فحوصات أمراض النساء وتوفير رعاية أفضل للنساء استوحى تصميمها من مستخرج الرصاص الأمريكي في فترة الحرب الأهلية. وبعد مرور 135 عامًا، ورغم التقارير عن التسبب في الألم للنساء بدءًا من “مجرد قرصة” إلى الإنهاك، لا يزال يتم استخدام هذه الأداة في عمليات إدخال اللولب الرحمي وفحوصات عنق الرحم في جميع أنحاء العالم، وهي بمثابة شهادة على صعوبة تحدي المعايير الطبية خلال الخضوع لهذه الفحوصات. ويتعلق الأمر بالصحة الإنجابية للمرأة.
بدأت قصة هذا المشباث ومخترعه، مثل العديد من الأشياء الفرنسية، بثورة. على الرغم من أن المؤرخين وصفوا بوزي في كثير من الأحيان بأنه “أبو أمراض النساء الحديثة” إلا أن عمليات البحث السريعة على محرك البحث غوغل تُظهر في الغالب صورًا رومانسية لـ “طبيب الحب في بيل إيبوك باريس”، كما أطلقت عليه المدونة الباريسية ميسي نيسي شيك. وقد صوّره أحد مذيعي الراديو الفرنسيين على أنه “صديق وعاشق للمشاهير، الذي كان يغوي مرضاه دائمًا بأصابع رشيقة مناسبة للجراحة كما كانت مناسبة للمخدع”. إن الحياة المبهجة لهذا الرجل ذو المعطف الأحمر خلّدها رسام المجتمع جون سينجر سارجنت، ووثقها جوليان بارنز في سيرة ذاتية سلّطت الضوء على هذا الاختراع في كثير من الأحيان.
وقد قرّرت أن أبحث في الأرشيف بنفسي وتحديدًا “رسالة بوزي التأسيسية في أمراض النساء”، ورسائله الخاصة، ومقتطفات من الصحافة الفرنسية التي تحكي قصة حملته من أجل صحة المرأة. وُلد بوزي سنة 1846 في جنوب غرب فرنسا لعائلة من أصل سويسري وإيطالي. نشأ محاطًا بالنساء – قامت والدته وخالته وجدته بتربيته هو وأخواته الخمس. وكان والده، وهو قس محلي، غائبا إلى حد كبير. وفي سن العاشرة، فقد والدته بسبب مرض السل وشقيقته الصغرى بسبب حمى التيفوئيد. ومن غير المستغرب أن بوزي الشاب وضع نصب عينيه الطب، بتشجيع من ابن عمه ألكسندر لابولبين، الذي عمل طبيبًا شخصيًا لنابليون الثالث في باريس.
كان “الحورية”، كما يلقبه أقرانه، مراهقًا وسيمًا يتمتع بشخصية جذابة وذوق راقٍ ولكن ما يميزه حقًا هو أخلاقيات عمله وشغفه بالتطبيب. بحلول سنة 1864، تخرج بوزي على رأس فصله وشق طريقه إلى باريس. وبعد أربع سنوات، بدأ إقامته الجراحية في مستشفى دي لا بيتي، موطن أفقر سكان العاصمة وأكثرهم مرضًا (كان أفراد الطبقة العليا لا يزالون يتلقون العلاج في المنزل).
اكتشف هناك أن الولادة كانت السبب الرئيسي لوفاة النساء وأن الأمراض التي تصيب النساء كانت قاتلة في الغالب. شخّص بوزي إصابة النساء بتكيّس المبايض، وسرطانات الرحم، والأمراض التناسلية، وحمى النفاس، وكان في حيرة من أمره بسبب عدم قدرة معلميه على المساعدة. لقد كانوا، كما كتب لاحقًا في كتابه “أطروحة عن أمراض النساء”، عالقين في صراع مستمر بين الطب والروتين”، في بلد – على عكس ألمانيا وإنجلترا المجاورتين – لم يجعل بعد من أمراض النساء تخصصًا. وكانت فرنسا متخلفةً عن الركب.
في تموز/ يوليو سنة 1870، أبعدت الحرب بوزي عن المستشفى الذي كان يحبه وعن تأملاته المبكرة حول صحة المرأة. أعلنت بلاده، العازمة على إعادة تأكيد موقعها المهيمن في أوروبا القارية، الحرب على بروسيا. وتم إرسال معلمي بوزي إلى الخطوط الأمامية لرعاية جنود الإمبراطورية، وتم إغلاق كلية الطب. كان بوزي حريصًا على الخدمة، وأكثر حرصًا على التعلم، فتطوّع للعمل كمسعف.
قضى بوزي الكثير من تدريبه الجراحي في الخطوط الأمامية، حيث كان يعتني بالجثث المشوهة، وينظف الجروح المصابة، ويقوم بعمليات بتر الأطراف، ويعالج جروح الرصاص. في ذلك الوقت، كان الأمريكيون قد توصلوا إلى جهاز جديد لاستخراج الرصاص قبل بضع سنوات في ساحات القتال في الحرب الأهلية: مجموعة من الملاقط المستقيمة ذات الأطراف المدببة المنحنية إلى الداخل تسمح للأطباء بإمساك وسحب الأجسام الغريبة من أجساد مرضاهم بسهولة. لقد كانت، كما كتب بوزي لاحقًا، “أفضل أدوات الإمساك على الإطلاق”.
عند عودته إلى باريس بعد الحرب، أنهى بوزي دراسته في كلية الطب بأعلى الدرجات. وبعد أن نجح في الدفاع عن أطروحته حول أورام الرحم، أصبح أستاذًا مشاركًا في سن التاسعة والعشرين، وسرعان ما أصبح أحد أكثر الجراحين رواجًا في باريس. وفي أوقات فراغه، حسب سيرته الذاتية، قام بترجمة مؤلفات تشارلز داروين، وكَتب الشعر، وصادق الأخوين بروست، وأغوى سارة برنهاردت، وقرأ المجلات الطبية الأجنبية.
على عكس معظم أقرانه، كان بوزي يتحدث اللغتين الإنجليزية والألمانية، وكان يتطلع إلى الخارج لتحديث ممارسات أمراض النساء الفرنسية. وفي سنة 1876، التقى بالجراح الرائد الدكتور جوزيف ليستر في مؤتمر الجمعية الطبية البريطانية في اسكتلندا وأعاد توصياته إلى فرنسا: الجراحة المطهرة والرعاية الصحية الوقائية. وفي ألمانيا والنمسا، وجد أن أقرانه بدأوا إجراء فحوصات روتينية لمريضاتهم، بدلًا من الانتظار حتى تصبح الجراحة ضرورية.
في سنة 1883، تم تعيين بوزي رئيس الجراحين في مستشفى بروكا في باريس وقرر تطبيق هذه المبادئ الثورية في خدمته الخاصة. وبعد سنة واحدة، قام ببناء ثكنة من الطوب والخشب في الحديقة الخلفية للمستشفى. هناك، افتتح أول قسم فرنسي لأمراض النساء – وهو “يوم مهم للباريسيين جميعًا”، وفقًا لصحيفة لوفيغارو.
في المقابلة التالية مع الصحيفة الفرنسية اليومية، أعلن بوزي هدفه من تأسيس هذا القسم الجديد: “التخفيف من معاناة النساء”. قام بوزي بتزيين غرف القسم المتواضعة بلوحات جدارية ملونة، وكانت هدايا من العديد من أصدقائه الفنانين تهدف إلى شفاء العقول بينما يقوم هو بشفاء الأجساد. ومثل كل شيء آخر في المستشفى، يمكن غسل اللوحات الجدارية بمحلول الفينول لمنع انتشار الأمراض. وتم فحص النساء، من الأغنياء والفقراء، بأيدٍ مغطاة بقفاز وملقاط دافئ.
تغنّت الصفحات النسائية في الدورية الأدبية الباريسية ثجيل بلاس” بمدح بوزي:
إنه محبوب من النساء، فهو يبدو أنه لا يهتم إلا بمعاناتهن الخيالية والحقيقية ليبدو مثل الشافي والساحر، يخترقهن ويفهمهن ويؤيدهن، لطريقته في العناية بهن الرقيقة والمرنة والمطمئنة، وأخيرًا لاختراعاته.
كان أحد هذه الاختراعات نوعًا جديدًا من الملاقط عرضه بوزي لأول مرة في معرض باريس العالمي سنة 1889. في الوقت الذي كانت فيه عمليات استئصال الرحم الجذرية لا تزال هي القاعدة للتعامل مع تكيّس المبايض وأمراض الرحم الأخرى، سمحت هذه الأداة للأطباء بالوصول إلى رحم مريضاتهم من خلال عنق الرحم. وهذا يعني أنهم يستطيعون علاج أمراضهن بأقل تدخلات جراحية.
من الواضح أن بوزي كان يستلهم أفكاره من الفترة التي قضاها مسعفًا ميدانيًا قبل عقدين من الزمن. وفي كتابه الثوري “أطروحة عن أمراض النساء”، الذي نُشر بعد سنة واحدة وسرعان ما تُرجم إلى خمس لغات، وصف أداته الجديدة بأبسط العبارات، بأنها “ملقط (وهو ليس سوى مستخرج الرصاص الأمريكي)”. أما عن استخدامه فقد كتب ما يلي: “إن الملقاط لا يحدث إلا لسعتين خفيفتين، لا تسببان أي ضرر وبالكاد نزيفًا”.
وبعد مرور أكثر من قرن على اختراع أداة بوزي الثورية، كانت تجربتي مختلفة بشكل ملحوظ. لقد سبب لي ملقاط بوزي ضررًا كبيرًا ونزيفًا شديدًا. وعندما سألت عن التناقض بين كتابات بوزي وما يحدث فعليًا عند تطبيقها على عنق الرحم، أخبرني مارتن وينكلر، الطبيب الفرنسي الذي تقاعد لكتابة الروايات والمقالات عن صحة المرأة، أنني كنت أنظر إلى المشكلة بشكل خاطئ تمامًا. لم تكن المشكلة في الأداة بقدر ما كانت في طريقة استخدامها.
قال وينكلر: “كان بوزي يعمل وفق افتراض خاطئ، مفاده أن عنق الرحم عضو خالي من الأعصاب الحسية، وأنه يمكن ثقبه ووخزه دون عواقب”. في الواقع، اكتشف المتخصصون منذ ذلك الحين أن عنق الرحم موضع ما لا يقل عن ثلاثة أعصاب مختلفة: العصب الحوضي، والعصب المبهم، والعصب تحت المعدة. ومن الممكن أن يسبب ألمًا شديدًا.
مع ذلك، فقد ظل استخدام هذه الأداة بلا جدال إلى حد كبير منذ اختراعها قبل 135 سنة، ويرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى مخترعها الشهير بوزي. في سنة 1901، تم تعيين بوزي كأول رئيس فرنسي لطب النساء، وهو منصب تم استحداثه خصيصًا له. كانت “أطروحته في أمراض النساء” على قائمة المطالعة المسيّرة لأجيال من الجراحين في وطنه، وانتشر اختراعه في جميع أنحاء العالم. ولا يزال يُذكر في سجلات الطب الفرنسي باعتباره الأب المؤسس لطب النساء.
على الرغم من أن وينكلر يؤمن إيمانًا راسخًا بأن “طب النساء لا ينبغي أن يكون له أب”، إلا أن لديه العديد من الآباء، ولا تزال قبضتهم على طب النساء المعاصر قويّة. بنفس الطريقة التي صمَد بها المنظار المهبلي لجيمس ماريون سيمز أمام اختبار الزمن على الرغم من أن مخترعه اختبره على العبيد، فإن ملقط صموئيل بوزي لا يزال يباع ويدرس ويستخدم. لقد أدى الطب الأبوي، والتجاهل العام لألم الإناث، إلى تجاهل الحاجة إلى التحسّن – حتى وقت قريب.
في أعقاب المناقشات العالمية حول فجوة الألم بين الجنسين في الطب، بدأت النساء يتحدثن عن عمليات إدخال اللولب المؤلمة. ويقلن أيضًا إن الأمر يشبه الموت. وردًا على ذلك، بدأ أطباء التوليد في تجربة خيارات تخفيف الألم – بدءًا من التأمل إلى التنويم المغناطيسي والتخدير الموضعي – وتطوير إجراءات أقل إيلامًا. واستخدم الدكتور وينكلر ما يسميه “طريقة الطوربيد” (وهو إرث آخر من إرث ساحة المعركة) حيث يقوم طبيب أمراض النساء بإدخال اللولب وحده عبر عنق الرحم، بدلاً من أنبوب إدخال اللولب الأكبر حجمًا. وقال وينكلر: “هذا يجعل ملقاط بوزي غير ضروري في 9 من أصل 10 عمليات إدخال”.
أما بالنسبة للأداة نفسها، فقد قامت العديد من الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا الموجهة نحو صحة المرأة بإعادة تصميم جهاز عنق الرحم الذي تشتد الحاجة إليه. لجأ طبيب أمراض النساء السويسري ديفيد فينشي، الذي شعر “بالخجل” من استخدام أداة بوزي لثقب لحم مرضاه، إلى شقيقه جوليان، مهندس الأجهزة الطبية. قاما معًا بتأسيس أسبيفيكس، وصممّا ضامًا لعنق الرحم يعتمد على الشفط يلتصق بأنسجة عنق الرحم دون اختراقه. على الرغم من أن المؤسسين المشاركين، مرة أخرى، من الذكور إلا أنهم تمكنوا من إنشاء حل صديق للنساء لأمراض النساء الحديثة، وتم اختباره واعتماده من قبل عدد كبير من الممارسين والمرضى. يعد كارفيكس، الذي تم ترخيصه لأسواق الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، بإزالة الألم من إجراءات أمراض النساء التي تسبب الأداة التي يزعم أنها تسبب “فقط قرصة صغيرة”.
عندما بدأت كتابة هذه القصة، كنت مستعدةً تمامًا لاحتقار بوزي. لقد كنت على قناعة بأن الرجل الذي صمم الأداة التي آذتني بشدة لا يمكن إلا أن يكون ساديًا. ما وجدته بدلاً من ذلك هو جرّاح يتطلع إلى المستقبل. وعلى الرغم من أنه كان يقيم علاقات مع العديد من مريضاته، إلا أنه كان ملتزمًا بشدة بمساعدة النساء. ويجب أن أصدق أن بوزي كان يريد من أقرانه في القرن الحادي والعشرين أن يضعوا أدواتهم جانبًا وينتقلوا إلى الأجهزة غير المؤلمة. وربما لو عاش طويلاً بما فيه الكفاية، لكان قد وجد بنفسه طريقة أفضل. لكن حياة بوزي انتهت في 13 حزيران/ يونيو 1918. بعدما جاء موريس ماتشو، وهو مريض سابق عالجه بوزي من تضخم في كيس الصفن، إلى مكتبه ليشكو من أن الجراحة المؤلمة التي خضع لها جعلته عاجزًا جنسيًا لم يوافقه بوزي على ذلك، مشيرًا إلى أنه “يعاني من مشكلة عصبية”. فأطلق عليه ماتشو الغاضب النار ثلاث مرات في صدره، قبل أن يقتل نفسه.
في ظل الظروف الراهنة، لا يزال ملقط بوزي يُستخدم في معظم عيادات أمراض النساء حول العالم. ويبدو الأمر اليوم تمامًا كما كان في ساحات القتال أثناء الحرب الأهلية وفي معرض إكسبو العالمي في باريس سنة 1889. وفي مجموعات تاريخ الطب بجامعة ديوك، حملت المصورة ليندسي بيل أحد النماذج السابقة بين يديها. وفي سنة 2018، شرعت في توثيق الأدوات القديمة الخاصة بأمراض النساء والتوليد في المكتبات الطبية في جميع أنحاء الولايات المتحدة. وأخبرتني أنها كانت تتوقع أن تجد أدوات مروعة. وبدلاً من ذلك، وجدت أدوات مألوفة وكذلك فعل معظم أصدقائها وأي شخص تعامل مع المؤسسة الطبية فيما يتعلق بالرحم. وعندما سألتها عن رأيها في ملقط بوزي، قالت: “لقد بدا الأمر وكأن الأرشيف الطبي لا يختلف كثيرًا عن مكتب طبيبي”.
المصدر: نيولاينز