شهدت مدينة منبج بريف حلب الشرقي “إضراب الكرامة” أمس الأحد 14 من يناير احتجاجًا على ممارسات مليشيا قوات سوريا الديمقراطية، جاء ذلك على خلفية مقتل شابين تحت التعذيب في سجون الـ”PYD” أحد مكونات ميليشيا سوريا الديموقراطية.
وقال شهود عيان أن المحال التجارية كافة في أسواق المدينة أغلقت، تلبية لدعوة عشائر المدينة إلى إضراب عام، كما أن شوارع المدينة خلت من الناس، إلا من انتشار أمني مكثف لعناصر مليشيا “سوريا الديمقراطية” منذ ساعات صباح أمس الأولى.
وقامت الميليشيات صباح أمس بجمع مؤيديها والموظفين العاملين في المؤسسات التابعة لها في المدينة، ونقل آخرين من قرى وبلدات واقعة تحت سيطرتها من مناطق كردية ومن عين العرب وتُخرجهم بشوارع مدينة منبج كحركة مضادة لدعوة عشائر منبج إلى الإضراب العام، ونظم مسيرة مؤيدة لها في وسط المدينة بالتزامن مع الإضراب الذي دعت إليه العشائر. في الوقت الذي أعلنت فيه مليشيا قوات سوريا الديمقراطية أن أهالي مدينة منبج نظموا تظاهرة سلمية “للتنديد بكل من يحاول العبث بأمن واستقرار المدينة”، على حد زعم الأخيرة.
ونقل عن الميليشيا أن “المتظاهرون اجتمعوا في الساحة العامة للمدينة، حيث ألقيت عدة كلمات نددت بالفتنة وباليد الخارجية التركية التي تتحرك في الخفاء للنيل من استقرار المدينة”، ونقلت عن إبراهيم القفطان الرئيس المشترك للإدارة المدنية في منبج قوله: “نحن أبناء منبج ولن تثنينا أعمالكم العبثية عن السير بخطى ثابتة نحو التقدم”.
وذكر الموقع الرسمي لميليشيا سوريا الديمقراطية عن فاروق الماشي أحد شيوخ عشيرة “البوبنا” والرئيس المشترك للمجلس التشريعي في منبج رسالة وجهها قائلاً: “لكل من يتكلم عن هذه العشيرة أو يتحدث باسمها في كثير من المحافل نقول لهم لقد أخطأتم، عشيرة البوبنا سلمية وما زالت سلمية وكانت لها رؤية سياسية، ونحن جزء من الثورة السورية، نحن ضد كل من تسول له نفسه بالعبث وزعزعة أمن البلد”.
ودعت عشائر عربية في منبج وريفها يوم الجمعة الماضي 12 من يناير، إلى إضراب عام الأحد 14 من يناير احتجاجًا على سياسة مليشيا قوات سوريا الديمقراطية في المنطقة، وجاء ذلك في بيان للعشائر قالت فيه: “إننا ندعو عموم أهالي منبج من أبناء القبائل والعشائر من عرب وتركمان وشركس وكرد ممن يرفضون سياسات المليشيات الكردية للإضراب والتظاهر يوم الأحد الموافق 14/1/2018 تحت عنوان إضراب الكرامة وللتنديد والاستنكار بجرائم هذه المليشيات والبراءة منها وعدم شرعنتها”.
يشكل أبناء عشيرة “البوبنا” غالبية عناصر لواء “جند الحرمين” الذي انضم إلى صفوف “قسد” في مارس/آذار من العام 2017
إلى ذلك، طالبت العناصر العرب المنتسبين للمليشيا بالانشقاق الفوري والعاجل، فيما عمت المدينة مظاهرات ضد ممارسات مليشيا YPG (المكون الأكبر لمليشيا سوريا الديمقراطية) ضد المدنيين في منبج، وعثر الأهالي يوم الأربعاء 10 من يناير على جثتي الشابين عبد الحنان محمد عمر الجري 25 عامًا، وعبود حسين المحنان 23 عامًا، بين قريتي خرفان وقبر إيمو قرب جسر قره قوزاق، وبدت على الجثتين آثار تعذيب بعد مرور نحو 15 يومًا على اعتقالهما من قبل دورية تتبع لمسلحي حزب PYD إضافة إلى وجود إحدى الجثتين مفصولة الرأس.
وعقب ذلك توجه أهالي الشابين إلى المشفى التي تحتجز فيها مليشيا PYD جثتي الشابين ورفضت تسليمها، وقامت بإطلاق النار على أقارب الشابين المتجمعين أمام المشفى. يشار إلى أن مدينة منبج شهدت في الآونة الأخيرة احتجاجات عدة ضد ممارسات مليشيا PYD التي سيطرت على المدينة في أغسطس/آب من العام الماضي، ورفضًا للتجنيد الإجباري التي فرضته.
ويشكل أبناء عشيرة “البوبنا” غالبية عناصر لواء “جند الحرمين” الذي انضم إلى صفوف “قسد” في مارس/آذار من العام 2017، بينما ينتمي بقية عناصر اللواء لعشائر أخرى أبرزها “الغنايم والعون”، وأطلق أهالي مدينة منبج على الحراك الذي تشهده المدينة اسم “ثورة البوبنا” نسبة إلى العشيرة التي ينتمي إليها الشابان، وهي التي تقود الاحتجاجات الجارية حاليًّا في المدينة ضد سلطة حزب الاتحاد الديمقراطي PYD.
تجنيد إجباري!
تواصل ميليشيا سوريا الديمقراطية حملات التجنيد الإجباري في محافظتي الحسكة والرقة وأريافهما كافة لدعم قواتها بعناصر جدد في ظل استمرار معركة دير الزور التي تخوضها الميليشيات ضد تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، فيما تستهدف الحملات التي تقوم به الميليشيات الكردية السكان المحليين والنازحين على حد سواء دون مراعاة أعمارهم أو ظروفهم.
تشهد مدينة منبج اعتقالات تطال عشرات الشبان من المدينة على خلفية قانون “التجنيد الإجباري” الذي فرضته سلطات PYD على الأهالي
وقام بعض أبناء العشائر بإغلاق طريق حسن آغا – أبو قلقل بالإطارات على خلفية اعتقال ميليشيا PYD كل من عواد الحبل وخالد الحبل وأحمد عواد الحبل قبل أيام، لتجنيدهم في صفوف ميليشيا سوريا الديمقراطية وزجهم في المعارك بمدينة دير الزور.
تشهد مدينة منبج اعتقالات تطال عشرات الشبان من المدينة على خلفية قانون “التجنيد الإجباري” الذي فرضته سلطات PYD على الأهالي، كما تشهد في الوقت نفسه حوادث سلب وسرقة كثيرة، إلا أن السلطات الأمنية التي تتمثل بمسلحي حزب الاتحاد الديمقراطي PYD لم تلقِ القبض على أي من هذه العصابات، وإنما سجلت جميع القضايا السابقة ضد مجهولين، رغم أن “الإدارة الذاتية” تفرض سيطرتها على كامل المدينة منذ شهر أغسطس/أب عام 2016.
يذكر أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كان قد أكد في تصريحات له منذ أيام استئناف غرفة عمليات معركة “درع الفرات” التي بدأتها تركيا عام 2016، وستكون وجهتها إلى منبج وعفرين الواقعتين تحت سيطرة ميليشيا سوريا الديموقراطية، خلال الأسابيع المقبلة حسب قوله.