ترجمة وتحرير: نون بوست
تعمل كندا حاليا على استقطاب المنقبين عن البيتكوين بعد أن أصبحت الصين، التي تعتبر المركز العالمي الحالي للتنقيب عن العملات المشفرة، تتطلع إلى خفض استخدام الطاقة في هذا القطاع. وفي هذا الصدد، صرحت العديد من المصادر في مجال الصناعة لموقع “بيزنس إنسايدر” خلال هذا الأسبوع، أن المنقبين عن البيتكوين يفكرون في الانتقال إلى كندا بسبب الضغط الذي تمارسه الصين بشأن الصناعة الطاقية في البلاد. في الأثناء، تعمل مقاطعة كيبك تحديدا على جذب المنقبين على أمل تعزيز الاقتصاد المحلي.
من جانبها، ذكرت وكالة “رويترز” يوم الجمعة أن “بيتماين”، وهي أكبر شركة تنقيب عن البيتكوين تعتمد على “سلسلة الكتل” في العالم، تتطلع إلى نقل نشاطها إلى كندا. أما شركة التزويد بالكهرباء “هيدرو كيبك”، فقالت الوكالة إنها تخوض محادثات مع حوالي 30 منقب عن العملات المشفرة بشأن الانتقال أيضا. في الوقت ذاته، تعمل شركة التنقيب “بي تي سي.توب” على إنشاء مقر لها في كندا.
في السياق ذاته، صرح كريس كيشيان، الرئيس التنفيذي “لصندوق أبيكس توكن” في سان فرانسيسكو، الخاص بصناديق التحوط للعملات المشفرة، لموقع “بيزنس إنسايدر” قائلا: “لقد شهدنا الكثير من التحركات من قبل المنقبين نحو كندا، ذلك أن الحكومة الكندية تتعامل بودية نسبيا تجاه العملات المشفرة، كما أن الطاقة منخفضة التكلفة نسبيا هناك”.
ذكرت صحيفة “فاينانشال تايمز” خلال هذا الأسبوع أن الصين تتطلع إلى حظر التنقيب عن البيتكوين بسبب “مخاوف من الاستهلاك المفرط للكهرباء والمخاطر المالية”
ما هو التنقيب عن البيتكوين؟
يشمل التنقيب عن البيتكوين قيام أجهزة كمبيوتر بحل معادلات تشفير معقدة مقابل الحصول على أرصدة من عملات البيتكوين التي تم التنقيب عنها حديثا. وتعتبر هذه العملية، التي يمكن أن يقوم بها أي شخص نظريا، جزءا أساسيا من شبكة البيتكوين وتسمح بإجراء التبادلات. ولضمان عدم تزوير المعاملات أو تغيير سجلات الملكية، يجب على المشاركين في شبكة البيتكوين التوقيع على معاملات في “كتل” مسجلة ضمن قاعدة بيانات غير مركزية تعرف باسم “سلسلة الكتل”. ويتم فحص هذه الكتل وختمها من قبل المنقبين عن البيتكوين، الذين يتكفلون بعمليات فك معادلات التشفير، ثم الحصول في المقابل على قيمة محددة من البيتكوين.
مشهد داخلي لشركة التنقيب عن البيتكوين الأمريكية، مزرعة التنقيب “بيتفوري” بالقرب من كيفلافيك، أيسلندا، في 7 حزيران/يونيو سنة 2016.
وعلى الرغم من أن النظام مصمم ليكون غير مركزي، إلا أن “مجمعات التنقيب” الخمسة الكبرى تسيطر عليها حفنة من الشركات التي تهيمن على نحو 75 بالمائة من السوق. وتستخدم مجمعات التنقيب هذه، ومعظمها في الصين، كميات هائلة من الطاقة. وقد فاقت كمية الطاقة المستخدمة من قبل أجهزة الكمبيوتر “للتنقيب” عن البيتكوين السنة الفارطة الاستهلاك السنوي لمجموع 160 بلدا تقريبا.
في الإطار ذاته، ذكرت صحيفة “فاينانشال تايمز” خلال هذا الأسبوع أن الصين تتطلع إلى حظر التنقيب عن البيتكوين بسبب “مخاوف من الاستهلاك المفرط للكهرباء والمخاطر المالية”. من جهته، قال آرثر هايز، الرئيس التنفيذي لمنصة تداول العملات المشفرة “بيت ميكس” ومقرها في هونغ كونغ إن: “بعض الأشخاص الذين تحدثت معهم، كانوا يحاولون التقليص من الخطر المحدق بهم أثناء عمليات التنقيب في الصين في منتصف السنة الماضية”.
المناخ البارد يجعل تكاليف تبريد أجهزة الحاسوب أقل، علاوة على استقرار كندا السياسي الذي يجعلها جذابة أيضا
وأضاف هايز “أن شركات التنقيب الضخمة شرعت في تحويل عملياتها لجميع أنحاء العالم تحسبا لوقوع حملة حظر. كما أن المنقبين يدركون عموما أنهم معرضون للخطر أثناء قيامهم بعملهم في الصين وهم بصدد نقل المعدات والعمليات إلى الخارج”.
‘توازي عائدات التنقيب عن البيتكوين بصفة كبيرة عائدات منصات التنقيب عن البترول’
في الوقت الذي تعمل فيه الصين على حظر نشاط التنقيب عن البيتكوين، تتطلع بلدان مثل كندا إلى جذب هذه الأنشطة. في الحقيقة، ترى كندا إمكانية الرفع في جني الضرائب، وتعزيز الاقتصاد المحلي، واستخدام الفائض من الطاقة. وتعتبر مقاطعة كيبك واحدة من أكبر منتجي الطاقة الكهرومائية في العالم، حيث تنتج بشكل روتيني فائضا يساهم في خفض سعر الكهرباء بشكل كبير.
كما أن المناخ البارد يجعل تكاليف تبريد أجهزة الحاسوب أقل، علاوة على استقرار كندا السياسي الذي يجعلها جذابة أيضا. في هذا الصدد، أورد آرثر هايز أنه “في حال كان لديك قوة خاملة لا يتم استخدامها، فلماذا لا تقوم بنقل مجمع التنقيب عن البيتكوين هناك وتحصل على بعض العائدات الضريبية على الأقل؟”.
الرئيس التنفيذي “لصندوق أبيكس توكن”، كريس كيشيان.
أما ديفيد فنسنت، مدير تطوير الأعمال في شركة التزويد بالكهرباء “هيدرو كيبك”، فصرح لموقع “كوين ديسك” في مقابلة أجريت مؤخرا، أن الحملة التي تهدف إلى جذب عمالقة التكنولوجيا إلى المنطقة، والتي أُطلقت خلال سنة 2016، قامت في الواقع بجذب المنقبين عن البيتكوين. ووفقا لما أفاد به هايز أيضا، يوجد بلدان أخرى، على غرار كازاخستان، وهي قوة لطالما عُرفت بالتنقيب، ومملكة بوتان، اللتان تعملان على جذب المنقبين عن البيتكوين. كما تحدثت عدة مصادر لموقع “بيزنس إنسايدر” عن أن دول أمريكا الجنوبية من قبيل فنزويلا وشيلي تدرسان إمكانية خوضها لهذا المجال.
يمكن لإنشاء عمليات التنقيب عن البيتكوين أن يكلف العشرات وحتى المئات من الملايين من الدولارات
على صعيد آخر، أوضح هايز أن “هناك حكومات تحاول بشكل استباقي استقطاب الشركات المنقبة عن البيتكوين نظرا لأن لا قدرة كافية لها للقيام بذلك. في الواقع، هناك رؤية منطقية من الناحية الاقتصادية بخصوص الكثير من المناطق الصناعية عالية الجودة التي تعتمد تسلسلات صناعية غير مربحة. نتيجة لذلك، لا يمكن الإبقاء على محطات توليد الكهرباء مفتوحة بعد الآن”.
من جانبه، نوّه المحلل في “صندوق أبيكس توكن”، جوزيف برادلي، إلى أن “ما يثير الاهتمام حقا، وما نعتقد أنه إشارة واضحة، هو أن البلدان الأكثر تقدما بدأت تفهم أن “سلسلة الكتل” تمثل بنية تحتية في حد ذاتها، وأن هذه الأنظمة هي بنية تحتية رقمية تماما”. وأضاف كريس كيشيان “أن ذلك يفسح المجال لتدفق كمية ضخمة من القيمة المالية على المستوى العالمي. كما أن الدول التي ستتعلم كيفية توليد هذه القيمة والاستفادة منها ستحقق أرباحا ضخمة، وهو ما يوازي بصفة كبيرة عائدات منصات التنقيب عن البترول”.
في الواقع، يمكن لإنشاء عمليات التنقيب عن البيتكوين أن يكلف العشرات وحتى المئات من الملايين من الدولارات. وفي هذا السياق، أفاد جوزيف برادلي أن “هؤلاء المنقبين يحتاجون إلى القدرة على التنبؤ بما سيحدث بدقة، إذ أن نقل عمليات التنقيب عن البيتكوين لا يعد سهلا بتاتا”.
المصدر: بيزنس إنسايدر النسخة البريطانية