ترجمة حفصة جودة
يصف العديد من الناس أيام المدرسة بأنها أفضل أيام حياتهم، فهم يتذكرون المرح والصداقات، لكن ما الذي يتذكرونه مما تعلموه؟ فالمدرسة في جوهرها تهدف إلى نقل المعرفة وإعداد التلاميذ للمشاركة في المجتمع، لا شك بأن أهداف المدرسة سامية، لكنني لست مقتنعًا بأنها تفي بوعودها.
منذ الطفولة كانوا يخبروننا دائمًا بأن الذهاب إلى المدرسة أمرًا ضروريًا وأساسيًا، وربما سمعت جملاً مشابهة لهذه الجمل: “لا تفوت المدرسة”، “احضر الحصص”، “قم بأداء واجباتك”، استمع إلى معلمك”.
ومع هذا الضغط اللامتناهي من الوالدين والمعلمين، فقد كان يُنظر إلى التسرب من المدرسة على أنه فعل مشين، فالفشل من التخرج من المدرسة يعد كارثة، كما أنه يجعل من الصعب الحصول على عمل بعد ذلك، لكننا سنرى أن العديد من الأشخاص المبدعين والناجحين في العالم تسربوا من المدرسة.
البديل الأفضل
ربما نرى أن المدرسة مهمة وضرورية، لكن ينبغى عدم الخلط بينها وبين التعليم، فالتعليم أكثر شمولاً من المدرسة، إذا نحيت جانبًا مفاهيمك السابقة عن التعليم فسوف تجد أن التعليم ببساطة يعني تسهيل عملية التعلم واكتساب المعرفة والمهارات والقيم والمعتقدات والعادات.
عادة ما يتم التعليم بتوجيه من المعلمين، لكن المتعلمين يمكنهم أيضًا تعليم أنفسهم، فالمدرسة مكان واحد مخصص، لكن التعليم يمكنه أن يحدث في أي مكان وفي أي وقت ومع أي شخص بما فيهم نفسك، يمكن للتعليم أن يتم في أي مكان، فأي خبرة لها تأثير في طريقة تفكيرك أو شعورك أو تصرفك يمكن اعتبارها عملاً تعليميًا.
باختصار.. التعليم شكل لا نهائي للتعلم
كما ذكرنا سابقًا، هناك بعض الأشخاص الناجحين الذين تسربوا من المدرسة، لكنهم بالطبع ليسوا أغبياءً أو غير متعلمين، فبدلاً من الذهاب إلى المدرسة، علموا أنفسهم من خلال الدراسة الذاتية والخبرات الحياتية.
ريتشارد برانسون مؤسس شركة “Virgin”
على سبيل المثال، فشل ريتشارد برانسون مؤسس شركة “Virgin” في إنهاء دراسته العليا، فقد ترك المدرسة وهو عمره 16 عامًا، ربما تعرفون قصته لكن هل تعلمونا أن برانسون عانى أيضًا من عسر القراءة وكان أداؤه الأكاديمي ضعيفًا، ولا شك بأن معلميه نعتوه بالفاشل، واليوم يملك برانسون ثروة تُقدر بنحو 4 مليارات دولار.
التعليم يمكنه أن يتجاوز المدرسة
في المدرسة نتعلم النظريات لكننا لا نحصل على الفرصة اللازمة لتطبيق تلك المعرفة، ومن دون هذا التطبيق هل نعتبر أننا تعلمناها حقًا؟ ولكي تنجح في المدرسة يجب أن تكون مطيعًا، ويعتمد تحديد مستواك على توقعات معلميك، وينتهي الأمر بأن تصبح هدفًا لتحقيق توقعات الآخرين بدلاً من أن تتعلم حقًا ما يجعل حياتك سعيدة وصحية ومنتجة.
هناك خلاف دائم بين الواقع والمدرسة، لكي تنجح في حياتك تحتاج لأن تفكر خارج الصندوق بدلاً من القيام بما يقوم به الجميع، لذا هناك العديد من الجوانب التي يجب أن تنتبه لها بعيدًا عن المواد الدراسية، على سبيل المثال: يجب أن تتعلم كيف تشكل علاقات إيجابية وتحافظ عليها، وكيف تعمل بذكاء وتعيش حياة ذات معنى، هذه الأشياء لن تتعلمها في المدرسة غالبًا، لكن إذا واظبت على تعليم نفسك بطرق متعددة (من خلال التجربة أو قراءة الكتب غير المدرسية) فسوف تتمكن من تطبيق معارفك الجديدة والحفاظ عليها.
كيف تستخدم البديل الأفضل؟
بعد أن أدركنا أن التعليم يتجاوز المدرسة، هذه بعض النصائح للاستفادة من بدائل المدرسة.
لا تُقصر التعليم على المدرسة
إذا كنت ترغب في التقدم في حياتك، يجب ألا تعتمد في تعليمك على معهد أو مكان أو معلم محدد، بدلاً من ذلك، ابحث عن طرق تعلم وتطبيق المعرفة التي تحتاجها بالفعل في حياتك، فهذا الأمر يسهم بفاعلية في تحقيق ما ترغب في الوصول إليه، هذا التعلم اللامنهجي يمكنك أن تحصل عليه من الكتب ومقاطع الفيديو والدورات والمؤتمرات ومن تجارب الحياة.
اقرأ خارج نطاق اهتماماتك
إذا التزمت بما تعرفه بالفعل وما هو داخل نطاق اهتماماتك فلن تشهد غالبًا أي تغير بارز في شخصيتك، بدلاً من ذلك، ابحث عن طرق للتعلم خارج نطاق دائرتك الاعتيادية، فعلى سبيل المثال إذا كنت تعمل كاتبًا فجرب أن تبدأ في التعلم على آلة موسيقية، سوف تندهش عندما تجد أن الموسيقى ساعدتك في الكتابة، كما أنك ستحصل على هواية جديدة تستمع بها.
التعليم أوسع وأشمل من المدرسة، فهو طريق للاستمرار في التعلم والنمو والاستمتاع بالحياة
تحدث إلى الأذكياء
هل لاحظت أن الأشخاص الناجحين يتواصلون دائمًا مع أشخاص آخرين ناجحين؟ الأمر ليس صدفة، فالناجحون دائمًا ما يتواصلون مع الناجحين الآخرين للتعلم منهم، ويمكنك أن تفعل المثل، ارفع من ثقتك بنفسك وقم بقضاء الوقت مع المبدعين والناجحين، وخلال فترة قصيرة ستجد أنك تلتقط من أفكارهم وأفعالهم وطرق حياتهم.
اسأل عن كل شيء وفكر فيما وراء الأشياء الواضحة
تجاوز تكيفك النفسي المعتاد وابدأ في التفكير بذاتك، بمجرد أن تقوم بذلك، سوف تجد أنك تفكر في كل ما تعلمته في الصغر، سوف يتغير منظورك للحياة وسوف تكتشف أفكارًا وأهدافًا تؤدي إلى النجاح والثروة، وإذا نظرت إلى التاريخ ستجد أن الناجحين قاموا دائمًا بأشياء مختلفة، مثل: هنري فورد وبيل جيتس وستيف جوبز وإيلون ماسك.
التعليم لا يدور فقط حول التعلم والاستهلاك
يجب ألا يكون التعلم له اتجاه واحد، في الحقيقة أظهرت التجربة أن التعلم يتم من خلال التدريس والإرشاد ومراقبة الآخرين، وحتى لو كنت تعتقد أنك شخص ذو مهارات قليلة، فهناك دائمًا من هو أقل منك مهارة ويرغب في أن يتعلم منك، لذا يجب أن تبحث عن فرص دائمة لمشاركة مهاراتك ومعارفك مع الآخرين.
لا تتوقف عن التعلم والتجربة والتطبيق
عندما تضع نفسك على طريق التعلم الدائم، سوف تكتشف أشياءً عن الحياة وعن ذاتك لم تكن تتخيل أنها ممكنة أبدًا، وسيتحسن أداءك في العمل مقارنة بزملائك حتى لو كانوا متفوقين دراسيًا.
التعليم أوسع وأشمل من المدرسة، فهو طريق للاستمرار في التعلم والنمو والاستمتاع بالحياة، فهل ستتوقف عند إنجازاتك الأكاديمية السابقة؟ أم ستتحكم في حياتك من الآن وتواصل التعلم وتطوير ذاتك مدى الحياة؟
المصدر: لايف هاك