ترجمة وتحرير: نون بوست
منذ ما يقرب من عقد من الزمان، قامت إسرائيل بمراقبة كبار مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية والعاملين الفلسطينيين في مجال حقوق الإنسان كجزء من عملية سرية لإحباط تحقيق المحكمة الجنائية الدولية في جرائم الحرب المزعومة، وهو ما كشفه تحقيق مشترك أجرته مجلة +972، ولوكال كول، وصحيفة الغارديان.
وشهدت العملية التي شاركت فيها وكالات متعددة، والتي يعود تاريخها إلى سنة 2015، قيام مجتمع المخابرات الإسرائيلي بمراقبة روتينية للمدعي العام الحالي للمحكمة كريم خان، ومن كانت قبله فاتو بنسودا، وعشرات المسؤولين الآخرين في المحكمة الجنائية الدولية والأمم المتحدة، كما رصدت المخابرات الإسرائيلية مواد قدمتها السلطة الفلسطينية إلى مكتب المدعي العام، وراقبت موظفين في أربع منظمات فلسطينية لحقوق الإنسان تعتبر تقاريرها أساسية في التحقيق.
وبحسب المصادر؛ فإن العملية السرية ضمت أعلى فروع الحكومة الإسرائيلية، ومجتمع الاستخبارات، والأنظمة القانونية المدنية والعسكرية من أجل عرقلة التحقيق.
وقد تم نقل المعلومات الاستخباراتية التي تم الحصول عليها عن طريق المراقبة إلى فريق سري من كبار المحامين والدبلوماسيين التابعين للحكومة الإسرائيلية، الذين سافروا بدورهم إلى لاهاي لعقد اجتماعات سرية مع مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية في محاولة “لتغذية [المدعية العامة] بمعلومات تجعلها تشك في أساس حقها في التعامل مع هذه المسألة”، كما استخدم الجيش الإسرائيلي المعلومات الاستخباراتية لفتح تحقيقات بأثر رجعي في الحوادث التي كانت محل اهتمام المحكمة الجنائية الدولية، في محاولة لإثبات أن النظام القانوني الإسرائيلي قادر على محاسبة نظامه الخاص.
وبالإضافة إلى ذلك؛ وبحسب ما أوردت صحيفة الغارديان في وقت سابق، فقد أدارت وكالة المخابرات الأجنبية الإسرائيلية (الموساد) عملية موازية خاصة بها سعت من خلالها إلى الحصول على معلومات لمساومة بنسودا وأفراد عائلتها المقربين في محاولة واضحة لتخريب تحقيق المحكمة الجنائية الدولية، وحاول الرئيس السابق للوكالة، يوسي كوهين، شخصيًّا “تجنيد” بنسودا والتلاعب بها للامتثال لرغبات إسرائيل، وفقًا لمصادر مطلعة على أنشطته، مما تسبب في خوف المدعية العامة آنذاك على سلامتها الشخصية.
يعتمد تحقيقنا على مقابلات مع أكثر من عشرين ضابطًا من ضباط المخابرات الإسرائيلية الحاليين والسابقين والمسؤولين الحكوميين، ومسؤولين سابقين في المحكمة الجنائية الدولية، ودبلوماسيين، ومحامين مطلعين على قضية المحكمة الجنائية الدولية وجهود إسرائيل لتقويضها، ووفقًا لهذه المصادر، فقد حاولت العملية الإسرائيلية في البداية منع المحكمة من فتح تحقيق جنائي كامل؛ وبعد بدء التحقيق الكامل في سنة 2021، سعت إسرائيل إلى ضمان عدم وصوله إلى نتيجة.
وعلاوة على ذلك؛ فإن الجهود المخادعة التي تبذلها إسرائيل للتدخل في التحقيق تمت إدارتها من القمة بحسب عدة مصادر – وهو ما قد يرقى إلى مستوى الجرائم ضد إدارة العدالة، والتي يعاقب عليها بالسجن – ويقال إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أبدى اهتمامًا كبيرًا بالعملية، حتى أنه أرسل لفرق الاستخبارات “تعليمات” و”مجالات اهتمام” فيما يتعلق بمراقبتهم لمسؤولي المحكمة الجنائية الدولية، وشدد أحد المصادر على أن نتنياهو كان “مهووسًا، مهووسًا، مهووسًا” بمعرفة المواد التي تتلقاها المحكمة الجنائية الدولية.
وكان لدى رئيس الوزراء سبب وجيه للقلق: فقد أعلن خان الأسبوع الماضي أن مكتبه يسعى لإصدار أوامر اعتقال بحق نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، بالإضافة إلى ثلاثة قادة في الأجنحة السياسية والعسكرية لحركة حماس، فيما يتعلق بارتكاب جرائم حرب مزعومة والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت في 7 تشرين الأول/أكتوبر أو منذ ذلك الحين، وأوضح الإعلان أن أوامر الاعتقال الإضافية قد يتم تنفيذها – وهي تعرّض الأفراد الملاحقين قضائيا للاعتقال إذا قاموا بزيارة أي من الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية البالغ عددها 124 دولة -.
لم يكن إعلان خان مفاجئٕا بالنسبة لكبار الضباط في إسرائيل؛ حيث أفاد أحد المصادر أنه تم تصعيد حملة المراقبة التي استهدفت المدعي العام إلى قمة جدول الأعمال، مما أعطى الحكومة معرفة مسبقة بنواياه.
ومن المثير للاهتمام أن خان أطلق تحذيرًا غامضًا في تصريحاته: “أصر على أن كل المحاولات الرامية إلى إعاقة أو تخويف أو التأثير بشكل غير لائق على مسؤولي هذه المحكمة يجب أن تتوقف على الفور”، والآن يمكننا أن نكشف تفاصيل جزء مما كان يحذر منه: “حرب” إسرائيل المستمرة منذ تسع سنوات على المحكمة الجنائية الدولية.
“الجنرالات كان لهم مصلحة شخصية كبيرة في العملية”
على عكس محكمة العدل الدولية، التي تتعامل مع شرعية تصرفات الدول – والتي أصدرت الأسبوع الماضي حكمًا يعتبر بمثابة دعوة لإسرائيل إلى وقف هجومها على مدينة رفح في أقصى جنوب غزة، ضمن سياق التماس جنوب أفريقيا الذي يتهم إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية في القطاع – فإن المحكمة الجنائية الدولية تتعامل مع أفراد محددين يشتبه في ارتكابهم جرائم حرب.
لقد رأت إسرائيل منذ فترة طويلة أن المحكمة الجنائية الدولية ليس لها اختصاص لمحاكمة القادة الإسرائيليين، لأن إسرائيل، مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين، ليست من الدول الموقعة على نظام روما الأساسي الذي أنشأ المحكمة، وفلسطين ليست دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، لكن مع ذلك تم الاعتراف بفلسطين كعضو في المحكمة الجنائية الدولية عند التوقيع على الاتفاقية في سنة 2015، بعد أن تم قبولها في الجمعية العامة للأمم المتحدة كدولة مراقبة غير عضو قبل ذلك ثلاث سنوات.
وقد دان القادة الإسرائيليون انضمام فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية باعتباره أحد أشكال “الإرهاب الدبلوماسي”، وأوضح مسؤول إسرائيلي: “كان يُنظر إلى ذلك على أنه تجاوز لخط أحمر، وربما كان الشيء الأكثر عدوانية الذي فعلته السلطة الفلسطينية تجاه إسرائيل على الساحة الدولية، إن الاعتراف بها كدولة في الأمم المتحدة أمر جميل، لكن المحكمة الجنائية الدولية هي آلية ذات أسنان”.
وفور انضمام السلطة الفلسطينية إلى المحكمة طلبت من النيابة العامة التحقيق في الجرائم المرتكبة في قطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وذلك اعتبارًا من تاريخ قبول دولة فلسطين اختصاص المحكمة في 13 تموز/يوليو 2014، وفتحت فاتو بنسودا، المدعية العامة في ذلك الوقت، فحصًا أوليًا لتحديد ما إذا كان من الممكن استيفاء معايير التحقيق الكامل.
وخوفًا من العواقب القانونية والسياسية للمحاكمات المحتملة، سارعت إسرائيل إلى إعداد فرق استخباراتية في الجيش، والشين بيت (المخابرات المحلية)، والموساد (المخابرات الأجنبية)، إلى جانب فريق سري من المحامين العسكريين والمدنيين، لقيادة جهود منع إجراء تحقيق كامل للمحكمة الجنائية الدولية، وتم تنسيق كل هذا تحت إشراف مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، الذي تستمد سلطته من مكتب رئيس الوزراء.
وقال مصدر استخباراتي: “كان الجميع، المؤسسة العسكرية والسياسية بأكملها، يبحثون عن طرق للإضرار بقضية السلطة الفلسطينية. وشارك الجميع: وزارة العدل، دائرة القانون العسكري الدولي [جزء من مكتب المدعي العام العسكري]، الشاباك، مجلس الأمن القومي. ورأى [الجميع] أن المحكمة الجنائية الدولية شيء مهم للغاية، باعتبار أنها حربٌ لا بد من شنها، وحربٌ يجب الدفاع عن إسرائيل ضدها. لقد تم وصفها بمصطلحات عسكرية”.
ولم يكن الجيش مرشحًا واضحًا للانضمام إلى جهود الشاباك في جمع المعلومات الاستخبارية، ولكن كان لديه دافع قوي: منع قادته من الإجبار على المثول أمام المحكمة. وأوضح أحد المصادر أن “أولئك الذين أرادوا حقًا [الانضمام إلى الجهد] هم جنرالات الجيش الإسرائيلي أنفسهم – كانت لديهم مصلحة شخصية كبيرة جدًا”. ويتذكر آخر: “قيل لنا أن كبار الضباط يخشون قبول مناصب في الضفة الغربية لأنهم يخشون الملاحقة القضائية في لاهاي”.
ووفقًا لمصادر عديدة؛ فإن وزارة الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلية، التي كان هدفها المعلن في ذلك الوقت هو مكافحة “نزع الشرعية” عن إسرائيل، شاركت في مسح منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية التي كانت تقدم تقارير إلى المحكمة الجنائية الدولية. ومؤخرًا، وصف جلعاد إردان، رئيس الوزارة في ذلك الوقت وممثل إسرائيل الحالي لدى الأمم المتحدة، سعي المحكمة الجنائية الدولية لإصدار أوامر اعتقال بحق القادة الإسرائيليين بأنه “مطاردة ساحرات مدفوعة بكراهية اليهود الخالصة”.
“تعامل الجيش مع أمور كانت غير عسكرية على الإطلاق”
لقد اعتمدت الحرب السرية التي شنتها إسرائيل على المحكمة الجنائية الدولية بشكل مركزي على المراقبة، وكان كبار المدعين هدفًا رئيسيًا لها.
وأكدت أربعة مصادر أن الاتصالات الخاصة بين بنسودا والمسؤولين الفلسطينيين حول قضية السلطة الفلسطينية في لاهاي تمت مراقبتها بشكل روتيني ومشاركتها على نطاق واسع داخل مجتمع المخابرات الإسرائيلي. وأوضح أحد المصادر أن “المحادثات كانت عادة حول التقدم الذي أحرزه الادعاء: تقديم المستندات، الشهادات، أو الحديث عن فاعلية حدثت – “هل رأيت كيف ذبحت إسرائيل الفلسطينيين في المظاهرة الأخيرة؟” – أشياء من هذا القبيل”.
ولم يكن المدعي العام السابق هو الهدف الوحيد، فقد تمت مراقبة العشرات من المسؤولين الدوليين الآخرين ذوي الصلة بالتحقيق. وقال أحد المصادر إنه كانت هناك لوحة بيضاء كبيرة تحمل أسماء حوالي 60 شخصًا كانوا تحت المراقبة؛ نصفهم من الفلسطينيين ونصفهم الآخر من دول أخرى، بما في ذلك مسؤولون من الأمم المتحدة وموظفون من المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.
وأشار مصدر آخر إلى مراقبة الشخص الذي كتب تقرير المحكمة الجنائية الدولية عن حرب إسرائيل على غزة سنة 2014. وقال مصدر ثالث إن المخابرات الإسرائيلية رصدت لجنة تحقيق تابعة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في الأراضي المحتلة، من أجل تحديد المواد التي كانت تتلقاها من الفلسطينيين، “لأن نتائج لجان التحقيق من هذا النوع تُستخدم عادة من قبل المحكمة الجنائية الدولية”.
وفي لاهاي، تم تنبيه بنسودا وكبار موظفيها من قبل مستشارين أمنيين وعبر القنوات الدبلوماسية إلى أن إسرائيل تراقب عملهم. وتم الحرص على عدم مناقشة أمور معينة في محيط الهواتف، وقال مسؤول كبير سابق في المحكمة الجنائية الدولية: “لقد علمنا أنهم كانوا يحاولون الحصول على معلومات حول ما كنا نقوم به أثناء الفحص الأولي”.
وبحسب المصادر؛ فإن البعض في الجيش الإسرائيلي وجدوا أنه من المثير للجدل أن المخابرات العسكرية تتعامل مع أمور سياسية ولا تتعلق مباشرة بالتهديدات الأمنية، وقال أحد المصادر: “تم استخدام موارد الجيش الإسرائيلي لمراقبة فاتو بنسودا، وهذا ليس شيئًا مشروعًا للقيام به كمخابرات عسكرية”، وقال مصدر آخر: “كانت هذه المهمة غير عادية حقًا، بمعنى أنها كانت وحدة داخل الجيش، لكنها تعاملت مع أشياء كانت غير عسكرية تمامًا”.
لكن البعض الآخر كان لديه تردد أقل، فزعم أحد المصادر التي حققت مع المدعي العام السابق: أن “بنسودا كانت متحيزة للغاية، لقد كانت حقًا صديقة شخصية للفلسطينيين. عادة لا يتصرف المدعون العامون بهذه الطريقة؛ إنهم يبقون بعيدين جدًا”
“إذا كنت لا تريدني أن أستخدم القانون، فماذا تريد مني أن أستخدم؟”
ولأن جماعات حقوق الإنسان الفلسطينية كانت تزود مكتب المدعي العام في كثير من الأحيان بمواد حول الهجمات الإسرائيلية على الفلسطينيين، وتفاصيل الحوادث التي أرادت المدعي العام أن تأخذها في الاعتبار كجزء من التحقيق؛ فقد أصبحت هذه المنظمات نفسها أهدافًا رئيسية لعملية المراقبة الإسرائيلية، وهنا أخذ الشاباك زمام المبادرة.
بالإضافة إلى مواد المراقبة التي قدمتها السلطة الفلسطينية إلى المحكمة الجنائية الدولية؛ قامت المخابرات الإسرائيلية أيضًا برصد المناشدات والتقارير الواردة من جماعات حقوق الإنسان والتي تضمنت شهادات الفلسطينيين الذين عانوا من هجمات المستوطنين والجنود الإسرائيليين؛ ثم قامت إسرائيل بمراقبة هؤلاء الشهود أيضًا.
وأوضح مصدر استخباراتي أن “إحدى [الأولويات] كانت معرفة من [في جماعات حقوق الإنسان] يشارك في جمع الشهادات، ومن هم الأشخاص المحددون – الضحايا الفلسطينيون – الذين تم إقناعهم بالإدلاء بشهادتهم أمام المحكمة الجنائية الدولية”.
وبحسب المصادر؛ فإن أهداف المراقبة الأساسية كانت أربع منظمات فلسطينية لحقوق الإنسان: الحق، والضمير، والميزان، والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان. فقد أرسلت مؤسسة الضمير مناشدات إلى المحكمة الجنائية الدولية بشأن ممارسات التعذيب ضد السجناء والمعتقلين، في حين أرسلت المجموعات الثلاث الأخرى مناشدات متعددة على مر السنين فيما يتعلق بالمشروع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية، وعمليات هدم المنازل العقابية، وحملات القصف في غزة، وبعض ما قام به كبار القادة السياسيين والعسكريين الإسرائيليين.
وقال مصدر استخباراتي إن الدافع وراء مراقبة المنظمات تم ذكره علنًا: إنها تضر بمكانة إسرائيل في الساحة الدولية. وقال المصدر: “لقد قيل لنا أن هذه منظمات تعمل على الساحة الدولية، وتشارك في حركة المقاطعة، وتريد إلحاق الضرر بإسرائيل بشكل قانوني؛ لذا فهي تخضع للمراقبة أيضًا. لهذا السبب نحن نتعامل مع هذا. لأنه يمكن أن يؤذي الناس في إسرائيل؛ سواء الضباط أو السياسيين”.
وكان الهدف الآخر من مراقبة الجماعات الفلسطينية هو محاولة نزع الشرعية عنها، وبالتالي، نزع الشرعية عن تحقيق المحكمة الجنائية الدولية برمته.
وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2021؛ أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس – الذي ورد اسمه في العديد من المناشدات التي أرسلتها المنظمات الفلسطينية إلى المحكمة الجنائية الدولية، بسبب دوره كرئيس الأركان خلال حرب غزة سنة 2014 ووزير الدفاع خلال حرب أيار/ مايو 2021 – أن “الحق” و”الضمير” وأربع منظمات فلسطينية أخرى لحقوق الإنسان تعتبر “منظمات إرهابية”.
ووجد تحقيق +972 ولوكال كول، الذي صدر بعد بضعة أسابيع، أن أمر غانتس صدر دون أي دليل جدي يدعم مزاعمه، بينما ترك ملف الشين بيت – الذي يزعم أنه يقدم دليلاً على اتهاماته -، وملف متابعة آخر صدر بعد بضعة أشهر؛ حتى أقوى حلفاء إسرائيل غير مقتنعين به. وفي ذلك الوقت، ترددت تكهنات على نطاق واسع – بما في ذلك من قبل المنظمات نفسها – بأن هذه المجموعات تم استهدافها، على الأقل جزئيًا، بسبب أنشطتها المتعلقة بالتحقيق الذي تجريه المحكمة الجنائية الدولية.
وبحسب مصدر استخباراتي، قام الشاباك – الذي أعطى التوصية الأولية بحظر المجموعات الست – بمراقبة موظفي المنظمات، واستخدم غانتس المعلومات التي تم جمعها عندما أعلن أنها منظمات إرهابية. وقد كشف تحقيق أجرته شركة “سيتزين لاب Citizen Lab” في ذلك الوقت عن وجود برنامج التجسس بيغاسوس، الذي أنتجته شركة مجموعة “إن إس أو” الإسرائيلية، على هواتف العديد من الفلسطينيين العاملين في تلك المنظمات غير الحكومية. (لم يستجب الشاباك لطلبنا للتعليق).
واكتشف عمر عوض الله وعمار حجازي، المسؤولان عن قضية المحكمة الجنائية الدولية في وزارة العدل التابعة للسلطة الفلسطينية، أنه تم تثبيت برنامج بيغاسوس على هواتفهما. ووفقًا لمصادر استخباراتية؛ كان الاثنان في نفس الوقت هدفين لأجهزة استخبارات إسرائيلية مختلفة، الأمر الذي خلق “ارتباكًا”. وقال أحد المصادر: “كلاهما حاصلان على درجة الدكتوراه بشكل مثير للإعجاب ويتعاملان مع هذا الموضوع طوال اليوم، من الصباح إلى الليل – ولهذا السبب كان هناك ذكاء يمكن اكتسابه [من تتبعهما]”.
ولم يتفاجأ حجازي بمراقبته؛ حيث قال: “لا يهمنا إذا رأت إسرائيل الأدلة التي قدمناها إلى المحكمة. أدعوهم: تعالوا افتحوا أعينكم وانظروا ماذا قدمنا”.
وقامت المخابرات الإسرائيلية بمراقبة شعوان جبارين، المدير العام لمؤسسة الحق، والذي قال إن هناك دلائل تشير إلى اختراق الأنظمة الداخلية للمنظمة، وأن إعلان غانتس جاء قبل أيام قليلة من اعتزام مؤسسة الحق الكشف عن اكتشاف برنامج تجسس بيغاسوس على هواتف موظفيه. وأضاف جبارين: “يقولون إنني أستخدم القانون كسلاح حرب. إذا كنت لا تريدني أن أستخدم القانون، فماذا تريد مني أن أستخدم؛ القنابل؟”.
ومع ذلك، أعربت جماعات حقوق الإنسان عن قلقها العميق بشأن خصوصية الفلسطينيين الذين قدموا شهاداتهم إلى المحكمة. وعلى سبيل المثال، قامت إحدى المجموعات، على سبيل المثال، بإدراج الأحرف الأولى من أسماء الشهود في مذكراتهم المقدمة إلى المحكمة الجنائية الدولية، خوفًا من أن تتعرف إسرائيل عليهم.
وأوضح حمدي شكورة، محامي المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، أن “الناس يخشون تقديم شكوى [إلى المحكمة الجنائية الدولية]، أو ذكر أسمائهم الحقيقية، لأنهم يخشون التعرض للاضطهاد من قبل الجيش، وفقدان تصاريح الدخول الخاصة بهم. هناك رجل في غزة لديه قريب مريض بالسرطان يخشى أن يأخذ الجيش تصريح دخوله ويمنع علاجه؛ هذا النوع من الأشياء يحدث”.
“كان المحامون متعطشين للاستخبارات”
ووفقًا لمصادر استخباراتية؛ فإن الاستخدام الإضافي للمعلومات الاستخبارية التي تم الحصول عليها عن طريق المراقبة كان لمساعدة المحامين المشاركين في محادثات سرية خلفية مع ممثلي مكتب المدعي العام في لاهاي.
فبعد فترة وجيزة من إعلان بنسودا أن مكتبها سيفتح تحقيقًا أوليًا، أمر نتنياهو بتشكيل فريق سري من المحامين من وزارة العدل ووزارة الخارجية ومكتب المدعي العام العسكري (أعلى سلطة قانونية في الجيش الإسرائيلي)، التي سافرت بانتظام إلى لاهاي لعقد اجتماعات سرية مع مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية بين سنتي 2017 و2019 (لم تستجب وزارة العدل الإسرائيلية لطلبات التعليق).
وعلى الرغم من أن الفريق كان يتألف من أفراد ليسوا جزءًا من مجتمع الاستخبارات الإسرائيلي – وكان يرأسه تال بيكر، المستشار القانوني لوزارة الخارجية – إلا أن وزارة العدل كانت لا تزال مطلعة على المعلومات الاستخبارية التي تم الحصول عليها عن طريق المراقبة، وكان بإمكانهم الوصول إلى التقارير الواردة من السلطة الفلسطينية والمنظمات غير الحكومية الفلسطينية التي تتناول بالتفصيل حالات محددة من عنف المستوطنين والجيش.
وقال أحد مصادر المخابرات: “كان المحامون الذين تعاملوا مع القضية في وزارة العدل متعطشين للغاية للاستخبارات. لقد حصلوا عليها من المخابرات العسكرية والشين بيت، ولقد كانوا يبنون القضية لصالح المندوبين الإسرائيليين الذين ذهبوا سرًّا وتواصلوا مع المحكمة الجنائية الدولية”.
وفي اجتماعاتهم الخاصة مع مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية، والذي أكدته ستة مصادر مطلعة على الاجتماعات، سعى المحامون إلى إثبات أن إسرائيل لديها إجراءات قوية وفعالة لمحاسبة الجنود، على الرغم من سجل الجيش الإسرائيلي الرهيب في التحقيق في المخالفات المزعومة داخل صفوفه. وسعى المحامون أيضًا إلى إثبات أن المحكمة الجنائية الدولية ليس لها اختصاص للتحقيق في تصرفات إسرائيل، لأن إسرائيل ليست دولة عضو في المحكمة وفلسطين ليست عضوًا كامل العضوية في الأمم المتحدة.
ووفقًا لمسؤول سابق في المحكمة الجنائية الدولية مطلع على محتويات الاجتماعات، قدم موظفو المحكمة الجنائية الدولية للمحامين الإسرائيليين تفاصيل الحوادث التي تعرض فيها الفلسطينيون للهجوم أو القتل، وكان المحامون يردون بمعلوماتهم الخاصة، ويتذكر المسؤول قائلاً: “في البداية كان الأمر متوترًا”.
وفي هذه المرحلة، كانت بنسودا لا تزال تجري تحقيقًا أوليًا قبل اتخاذ قرار فتح تحقيق رسمي. وقال مصدر استخباراتي إن الغرض من المعلومات التي تم الحصول عليها من خلال المراقبة هو “جعل بنسودا تشعر بأن بياناتها القانونية غير موثوقة”.
وبحسب المصدر؛ فإن الهدف كان “تغذية [بنسودا] بمعلومات تجعلها تشك في أساس حقها في التعامل مع هذا السؤال”. عندما تجمع مؤسسة الحق معلومات عن عدد الفلسطينيين الذين قتلوا في الأراضي المحتلة في السنة الماضي وتمررها إلى بنسودا، فمن مصلحة إسرائيل وسياستها تمرير معلوماتها المضادة، ومحاولة تقويض هذه المعلومات.
ونظرًا لأن إسرائيل ترفض الاعتراف بسلطة المحكمة وشرعيتها؛ فقد كان من المهم بالنسبة للوفد أن تظل هذه الاجتماعات سرية. وقال مصدر مطلع على الاجتماعات إن المسؤولين الإسرائيليين أكدوا مرارًا للمحكمة الجنائية الدولية أنه “لا يمكننا أبدًا أن نعلن تواصلنا معك”.
وانتهت اجتماعات إسرائيل الخلفية مع المحكمة الجنائية الدولية في كانون الأول/ ديسمبر 2019، عندما خلص التحقيق الأولي الذي أجرته بنسودا، والذي دام خمس سنوات، إلى وجود أساس معقول للاعتقاد بأن كلًّا من إسرائيل وحماس قد ارتكبا جرائم حرب. لكن بدلًاًد من فتح تحقيق كامل على الفور، طلبت المدعية العامة من قضاة المحكمة أن يقرروا ما إذا كان لها اختصاص النظر في الادعاءات بسبب “مسائل قانونية وواقعية فريدة ومتنازع عليها بشدة”، والتي اعتبرها البعض نتيجة مباشرة للنشاط الإسرائيلي.
وقال روي شوندورف، عضو الوفد الإسرائيلي بصفته رئيس قسم في وزارة العدل مسؤول عن التعامل مع الإجراءات القانونية الدولية ضد إسرائيل، في حدث أقيم في معهد دراسات الأمن القومي في تموز/ يوليو 2022: “لا أستطيع أن أقول إن الحجة القانونية لم يكن لها أي تأثير، فهناك أيضًا أشخاص يمكن إقناعهم، وأعتقد أن دولة إسرائيل تمكنت إلى حد كبير من إقناع المدعية السابقة، بنسودا، على الأقل، بأنه سيكون هناك ما يكفي من الشك بشأن مسألة الاختصاص لكي تلجأ إلى قضاة المحكمة.”
“المطالبة بالتكامل كانت مهمة للغاية”
في سنة 2021؛ قضى قضاة المحكمة بأن المحكمة الجنائية الدولية مختصة في جميع جرائم الحرب التي ارتكبها الإسرائيليون والفلسطينيون في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وكذلك الجرائم التي يرتكبها الفلسطينيون على الأراضي الإسرائيلية. وعلى الرغم من ست سنوات من الجهود الإسرائيلية لمنع ذلك؛ أعلنت بنسودا عن فتح تحقيق جنائي رسمي، وهو ما كان بعيدًا كل البعد عن النتيجة المتوقعة، فقبل بضعة أشهر، قررت المدعية العامة التخلي عن التحقيق في جرائم الحرب البريطانية في العراق لأنها كانت مقتنعة بأن بريطانيا اتخذت إجراءات “حقيقية” للتحقيق فيها. ووفقًا لكبار القانونيين الإسرائيليين، تشبثت إسرائيل بهذه السابقة، وبدأت في إقامة تعاون وثيق بين عملية جمع المعلومات الاستخبارية ونظام القضاء العسكري.
ووفقًا للمصادر؛ فإن الهدف الرئيسي لعملية المراقبة الإسرائيلية يقوم على تمكين الجيش من “فتح تحقيقات بأثر رجعي” في حالات العنف ضد الفلسطينيين التي تصل إلى مكتب المدعي العام في لاهاي. ومن خلال القيام بذلك؛ كانت إسرائيل تهدف إلى استغلال “مبدأ التكامل”، الذي يؤكد على أن أي قضية غير مقبولة أمام المحكمة الجنائية الدولية إذا كانت قيد التحقيق الشامل بالفعل من قبل دولة ذات ولاية قضائية عليها.
وأوضح أحد المصادر أنه “إذا تم نقل المواد إلى المحكمة الجنائية الدولية، فلا بد من فهم ماهيتها بالضبط، لضمان قيام الجيش الإسرائيلي بالتحقيق فيها بشكل مستقل وبشكل كافٍ حتى يتمكن من المطالبة بالتكامل؛ حيث إن المطالبة بالتكامل كانت مهمة للغاية”.
وقالت المصادر إن الخبراء القانونيين ضمن هيية تقييم وتقصي الحقائق التابعة لرئيس الأركان المشتركة – وهي الهيئة العسكرية التي تحقق في جرائم الحرب المزعومة التي ارتكبها الجنود الإسرائيليون – كانوا أيضًا مطلعين على معلومات استخباراتية.
ومن بين عشرات الحوادث التي تخضع حاليًا للتحقيق من قبل بعثة تقصي الحقائق، التفجيرات التي أودت بحياة عشرات الفلسطينيين في مخيم جباليا للاجئين في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، و”مذبحة الطحين” التي قُتل فيها أكثر من 110 فلسطيني في شمال غزة لدى وصول قافلة مساعدات في شهر آذار/ مارس، وهجمات الطائرات المسيرة التي أودت بحياة سبعة من موظفي منظمة المطبخ المركزي العالمي في نيسان/ أبريل، وغارة جوية على مخيم في رفح أدت إلى إشعال حريق ومقتل العشرات الأسبوع الماضي.
ومع ذلك،؛ بالنسبة للمنظمات غير الحكومية الفلسطينية التي تقدم تقارير إلى المحكمة الجنائية الدولية، فإن آليات المساءلة العسكرية الداخلية لإسرائيل تمثل مجرد مهزلة. وقد رددها الخبراء الإسرائيليون والدوليون وجماعات حقوق الإنسان، حيث جادل الفلسطينيون منذ فترة طويلة بأن هذه الأنظمة – من محققي الشرطة والجيش إلى المحكمة العليا – غير صادقة وتعمل بشكل روتيني لصالح الدولة الإسرائيلية وأجهزتها الأمنية، مما يساعد على “تبرئة” إسرائيل من الجرائم ومنح الجنود والقادة ترخيصًا فعليًا لمواصلة الأعمال الإجرامية مع الإفلات من العقاب.
قضى عصام يونس، الذي كان هدفًا للرقابة الإسرائيلية بسبب دوره كمدير لمركز الميزان، معظم حياته المهنية في غزة، في مكاتب المنظمة التي تعرضت حاليا للقصف جزئيا،؛ حيث قام بجمع وتقديم “مئات” الشكاوى من الفلسطينيين إلى مكتب المدعي العام العسكري الإسرائيلي. وتم إغلاق الغالبية العظمى من هذه الشكاوى دون تقديم لوائح اتهام، مما أقنعه بأن “الضحايا لا يمكنهم السعي لتحقيق العدالة من خلال هذا النظام”
وهذا ما دفع منظمته إلى التعامل مع المحكمة الجنائية الدولية. وقال يونس الذي هرب من غزة مع عائلته في ديسمبر/كانون الأول وهو اليوم لاجئ في القاهرة، إن “طبيعة ونطاق الجرائم المرتكبة في هذه الحرب غير مسبوقين. وهذا ببساطة لأن المساءلة لم تكن موجودة.
“7 تشرين الأول/ أكتوبر غيّر هذا الواقع”
وفي حزيران/ يونيو 2021، حل خان محل بنسودا في منصب المدعي العام، وكان الكثيرون في النظام القضائي الإسرائيلي يأملون أن يفتح هذا صفحة جديدة. وكان يُنظر إلى خان على أنه أكثر حذرًا من سالفته، وكانت هناك تكهنات بأنه سيختار عدم إعطاء الأولوية للتحقيق المتفجر الذي ورثه عن بنسودا.
وفي مقابلة أجريت معه في أيلول/ سبتمبر 2022، والتي كشف فيها أيضًا عن بعض التفاصيل حول “الحوار غير الرسمي” الذي أجرته إسرائيل مع المحكمة الجنائية الدولية، أشاد شوندورف من وزارة العدل الإسرائيلية بخان لأنه “غير مسار السفينة”، مضيفًا أن المدعي العام سيركز على ما يبدو على المزيد من “القضايا الرئيسية” لأن “الصراع الإسرائيلي الفلسطيني أصبح قضية أقل إلحاحًا بالنسبة للمجتمع الدولي”.
وفي الوقت نفسه؛ أصبح حكم خان الشخصي هو الهدف البحثي الرئيسي لعملية المراقبة الإسرائيلية: حيث كان الهدف يتمحور حول “فهم ما كان يفكر فيه خان”، على حد تعبير أحد مصادر المخابرات. وبينما لا يبدو في البداية أن فريق المدعي العام قد أظهر الكثير من الحماس للقضية الفلسطينية، وفقًا لمسؤول إسرائيلي كبير، فإن “السابع من شهر تشرين الأول/ أكتوبر قد غيّر هذا الواقع”.
وبحلول نهاية الأسبوع الثالث من القصف الإسرائيلي لغزة، والذي أعقب الهجوم الذي قادته حماس على جنوب إسرائيل، كان خان بالفعل يقوم بزياره بنفسه على الأرض عند معبر رفح. وقام بعد ذلك بزيارات إلى كل من الضفة الغربية وجنوب إسرائيل في كانون الأول/ ديسمبر، حيث التقى بمسؤولين فلسطينيين وكذلك الناجين الإسرائيليين من هجوم السابع من شهر تشرين الأول/أكتوبر وأقارب الأشخاص الذين قتلوا.
وتابعت المخابرات الإسرائيلية عن كثب زيارة خان لمحاولة “فهم المواد التي قدمها له الفلسطينيون”، كما قال مصدر إسرائيلي. وأضاف المصدر أن “خان هو الرجل الأكثر مللاً في جمع المعلومات الاستخبارية عنه في العالم، لأنه مستقيم مثل الحاكم”.
وفي فبراير/شباط، أصدر خان بيانًا شديد اللهجة على موقع “إكس” يحث فيه إسرائيل على عدم شن هجوم على رفح، حيث كان أكثر من مليون فلسطيني يلتمسون اللجوء هناك بالفعل. وحذر أيضًا: “أولئك الذين لا يلتزمون بالقانون يجب ألا يشتكوا لاحقًا عندما يتخذ مكتبي الإجراء اللازم”.
وكما هو الحال مع سالفته؛ قامت المخابرات الإسرائيلية أيضًا بمراقبة أنشطة خان مع الفلسطينيين والمسؤولين الآخرين في مكتبه. وقد أدت مراقبة فلسطينيين مطلعين على نوايا خان إلى لفت انتباه القادة الإسرائيليين إلى حقيقة أن المدعي العام كان يدرس طلبًا وشيكًا لإصدار أوامر اعتقال بحق القادة الإسرائيليين، لكنه كان “تحت ضغط هائل من الولايات المتحدة” لعدم القيام بذلك.
وفي نهاية المطاف، في 20 أيار/ مايو، نفذ خان تهديده. وأعلن أنه يسعى لإصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو وغالانت، بعد أن وجد أن هناك أسبابًا معقولة للاعتقاد بأن الزعيمين يتحملان مسؤولية جرائم تشمل الإبادة والتجويع والهجمات المتعمدة على المدنيين.
وبالنسبة لجماعات حقوق الإنسان الفلسطينية التي راقبتها إسرائيل، فإن نتنياهو وغالانت ليسا سوى غيض من فيض. فقبل ثلاثة أيام من إعلان خان، أرسل رؤساء مؤسسات الحق والميزان والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان رسالة مشتركة إلى خان تدعو صراحة إلى إصدار أوامر اعتقال ضد جميع أعضاء حكومة الحرب الإسرائيلية، بما في ذلك بيني غانتس، بالإضافة إلى قادة وجنود من الوحدات التي تشارك حاليًّا في هجوم رفح.
ويتعين على خان الآن أيضًا تقييم ما إذا كان هناك أي إسرائيليين يقفون وراء العمليات التي تهدف إلى تقويض المحكمة الجنائية الدولية قد ارتكبوا جرائم ضد إدارة العدالة. وحذر في إعلانه الصادر في 20 أيار/ مايو من أن مكتبه “لن يتردد في التحرك” ضد التهديدات المستمرة ضد المحكمة والتحقيق الذي تجريه. ويمكن أن تؤدي مثل هذه الجرائم، التي يمكن محاكمة القادة الإسرائيليين بسببها بغض النظر عن حقيقة أن إسرائيل ليست من الدول الموقعة على نظام روما الأساسي، إلى عقوبة السجن.
وقال متحدث باسم المحكمة الجنائية الدولية لصحيفة الغارديان إنها على علم “بأنشطة جمع المعلومات الاستباقية التي يقوم بها عدد من الوكالات الوطنية المعادية للمحكمة”، لكنه شدد على أن “أيا من الهجمات الأخيرة ضدها من قبل وكالات الاستخبارات الوطنية لم تخترق حيازات المحكمة الأساسية من الأدلة، التي ظلت آمنة”. وأضاف المتحدث أن مكتب خان تعرض “لعدة أشكال من التهديدات والاتصالات التي يمكن اعتبارها محاولات للتأثير بشكل غير مبرر على أنشطته”.
وردًّا على طلب للتعليق، ذكر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي فقط أن تقريرنا “مليء بالعديد من الادعاءات الكاذبة التي لا أساس لها من الصحة والتي تهدف إلى إيذاء دولة إسرائيل”، ورد الجيش الإسرائيلي أيضًا باختصار: “إن أجهزة المخابرات في جيش الدفاع الإسرائيلي تقوم بعمليات مراقبة وعمليات استخباراتية أخرى فقط ضد العناصر المعادية على عكس ما يُزعم، وليس ضد المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي أو عناصر دولية أخرى”.
المصدر: 972+