ترجمة وتحرير: نون بوست
يُعد مبيض الأموال الذي اشترى شقتين فاخرتين في دبي من زنزانته في شمال إنجلترا من بين عشرات المجرمين البريطانيين الذين تبين أنهم استثمروا سرًا ملايين الجنيهات الإسترلينية في الدولة الخليجية.
واكتشف تحقيق أجرته صحيفة التايمز أنه تم شراء عقارات، بأكثر من 200 مليون جنيه إسترليني، من قبل مجرمين مدانين في المحاكم البريطانية وأشخاص فشلوا في سداد ديونهم في المملكة المتحدة.
وفي بعض الحالات، يبدو أن السلطات البريطانية فشلت في العثور على هذه الممتلكات أثناء محاولتها تعقب أصول المجرمين.
ومن بين أولئك الذين استثمروا في العقارات في دبي في السنوات الأخيرة، محتال من مقاطعة إسيكس قام بخداع ضحايا مسنين وسحب مدخراتهم من خلال عملية احتيال عن طريق الهاتف، ومجرمين مرتبطين بعصابة سرقت 12 مليون جنيه إسترليني من هيئة الخدمات الصحية الوطنية وغيرها من الهيئات العامة في المملكة المتحدة.
وتُظهر الوثائق أن مجرمًا بريطانيًا آخر، هو عابد حسين، تمكن من شراء عقارات بقيمة 1.6 مليون جنيه إسترليني في دبي في الأشهر التي تلت سجنه في سنة 2013 بتهمة غسيل عائدات صفقات المخدرات.
وبعد محاكمته؛ سعت الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة إلى مصادرة أصوله وأصدرت المحكمة أمرًا بمصادرة مبلغ 313 ألف جنيه إسترليني، والذي قام بسداده.
وتُظهر بيانات العقارات التي اطلعت عليها صحيفة التايمز أن هذا كان جزءًا صغيرًا من ثروته وأنه اشترى اثنتين من شققه في دبي بقيمة 1.1 مليون جنيه إسترليني، بينما كان يقضي عقوبته في سجن ويلستون في غرب يوركشاير.
وتواجه الحكومة الآن دعوات للتحقيق في أسباب فشل السلطات في العثور على أصول المجرمين في الخارج.
وقالت إميلي ثورنبيري، المدعية العامة في حكومة الظل، إنه يجب أن تكون هناك “مراجعة عاجلة للثغرات الموجودة في النظام”، مضيفة: “إن فكرة أن يتمكن المجرم المدان من إجراء هذا النوع من الصفقات العقارية من السجن تجعل من النظام الخاص باستعادة الأصول مسرحية، ويجب أن نرى تحركًا عاجلًا من الحكومة ردًا على ذلك”.
وتأتي هذه النتائج من تسرب بيانات من دبي، بما في ذلك سجلات ملكية العقارات والمعاملات والإيجار التفصيلية.
وقد تم تحليل البيانات بشكل موسع من قبل صحيفة التايمز وغيرها من وسائل الإعلام الدولية في 58 دولة بعد أن تم السماح للصحفيين بالوصول إليها من قبل مشروع تقارير الجريمة المنظمة والفساد، وهي شبكة من الصحفيين، ومركز دراسات الدفاع المتقدمة، وهي مجموعة غير ربحية تبحث في القضايا الأمنية.
تم تحديد سبعة وخمسين مجرمًا، إما مواطنين بريطانيين مدانين أو مواطنين أجانب مدانين في المملكة المتحدة، و105 مفلسًا بريطانيًا أو مرتبطًا ببريطانيا، ومديرين محظورين، ومتهربين من الضرائب، وأشخاصًا قيد التحقيق، على أنهم اشتروا عقارات في الإمارات.
ولا تحتوي البيانات على تفاصيل حول مصدر الأموال المستخدمة لشراء العقارات، وقد تكون العقارات قد تم شراؤها بأموال مشروعة.
وتُعد دبي جاذبة للمستثمرين الذين لا يرغبون في مواجهة الرقابة العامة لأسباب عديدة، بما في ذلك أصحاب الشخصيات البارزة والثروات العالية الذين لا يرغبون في نشر تفاصيل منازلهم الخاصة.
تمتلك قوات الشرطة والمحققون في الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة صلاحيات للسعي لمصادرة عائدات الجريمة من خلال المحاكم. وفي ضوء التسريبات، صرحت الشرطة بأنها تقوم بالتحقيق وربما تحاول استعادة المزيد من الأموال من المجرمين.
وتعهدت الحكومات البريطانية المتعاقبة بالعمل بشكل أكثر تعاونًا مع السلطات في الإمارات لمواجهة “التحديات العالمية” بما في ذلك كيفية ضمان إجراء فحوصات قوية على تدفق الأموال عبر الحدود.
وفي أيلول/ سبتمبر 2021، أعلن بوريس جونسون، رئيس الوزراء آنذاك، عن أحدث هذه الاتفاقيات بعد اجتماع في لندن مع محمد بن زايد آل نهيان، ولي العهد آنذاك وحاكم أبو ظبي الآن.
وقالت الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة إن محققيها كانوا على علم، في القضايا الي باشرتها، بجميع الممتلكات التي يملكها المجرمون في دبي والتي كانت ذات صلة بإجراءات مصادرة الأموال، وتمت مراعاة ذلك في محاولات استرداد الأموال. وقالت الوكالة إن أوامر المصادرة يمكن أن تتم عن طريق أي من أصول المتهم، مما قد يترك آخرين يدفعون الأموال بحوزة ممتلكات أخرى.
وقالت الوكالة إنه في قضية حسين، كان أمر المصادرة مطابقًا للمبلغ الذي تم الحكم بأنه حصل عليه شخصيًا من جرائمه، وأن إنفاذ القانون لم يكن له أي تهمة على الأصول غير المرتبطة بعائدات الجريمة.
وقال المتحدث باسم الوكالة إنها لديها “علاقة إيجابية مع العديد من الشركاء الدوليين” الذين ساعدوا المحققين في تعقب أصول المجرمين، وأن التعاون مع الإمارات قد تحسن في السنوات الأخيرة وكان أفضل من بعض البلدان الأخرى. وأضاف: “نحن ندرك أنه هناك المزيد مما يجب القيام به معًا ونواصل تعزيز الجهود لمكافحة تهديد التمويل غير المشروع الذي يضر بكلا بلدينا”.
وكان سجل أراضي دبي مشهورًا بسريته. على الرغم من أن الإمارة اتخذت في السنوات الأخيرة خطوات نحو شفافية أكبر، إلا أنه لا يزال من غير الممكن معرفة من يملك عقارًا من خلال البحث عن عنوان فقط.
وقال مسؤول إماراتي إن البلاد “تأخذ دورها في حماية سلامة النظام المالي العالمي على محمل الجد للغاية”. وقال المتحدث إنه في سعيها المستمر لملاحقة المجرمين العالميين، تعمل الإمارات بشكل وثيق مع شركاء دوليين، مضيفًا: “في شباط/ فبراير، أشاد فريق العمل المالي الدولي، الجهة المحددة للمعايير العالمية لمكافحة غسل الأموال، بالتقدم الكبير الذي أحرزته الإمارات”.
استهدف المحتال كبار السن
وتمت مشاركة بيانات ملكية العقارات في دبي مع صحيفة تايمز من قبل شبكة عالمية من الصحفيين التحقيقيين المتخصصين في كشف الفساد والجريمة المنظمة. وتشمل السجلات معلومات تفصيلية عن ملكية العقارات في دبي والمعاملات ذات الصلة والدخل الإيجاري.
وقام المراسلون بعمل مكثف للتحقق من المعلومات ومطابقة التفاصيل مع معلومات أخرى متاحة للجمهور، بما في ذلك إشعارات الإنتربول وسجلات الإدانات الجنائية وقوائم العقوبات وبيانات سوء السلوك الشركي وسجلات الفحص الواجب.
ووُجد أن من يملكون عقارات في دبي يشملون مئات من المجرمين والهاربين والمتهربين من الضرائب والأشخاص الخاضعين للعقوبات في المملكة المتحدة وبلدان أخرى، والكثير منهم من البريطانيين أو لديهم صلات وثيقة بالمملكة المتحدة.
ويُعد سامي راجا، النصاب من غراي، من مقاطعة إسيكس، الذي استخدم إنستغرام لإظهار ثروته، هو أحد المجرمين المدانين الذين يملكون عقارات في دبي.
وفي سنة 2019؛ أدين راجا بست تهم بالتآمر للنصب والغسل النقدي. جنبًا إلى جنب مع أربعة آخرين؛ حيث استخدم النصب عن طريق الهاتف لخداع 130 ضحية في شراء وحدات الكربون الزائفة، ما جعل العصابة تحقق أرباحًا احتيالية بقيمة 2.4 مليون جنيه إسترليني.
وتم إخبار محكمة سوثوارك كراون بأن راجا ومن معه استهدفوا من هم فوق سن الخمسين في المناطق الراقية، ومن بين ضحاياهم رجل بريطاني عمره 89 سنة خسر 250 ألف جنيه إسترليني لصالح راجا وشركائه.
وتم اعتقال راجا لأول مرة في سنة 2013 ولكن استغرقت التحقيقات المعقدة سنوات للوصول إلى المحكمة. لقد أنكر الذنب في شباط/ فبراير 2017 ثم فر إلى دبي في كانون الأول/ ديسمبر من تلك السنة، قبل أسبوعين من بدء محاكمته.
ونشر راجا، البالغ من العمر الآن 37 سنة، صورًا على وسائل التواصل الاجتماعي وهو يستمتع بالحياة الراقية في دبي وفي منتجع في جزر المالديف، مع سلع مصممة بشكل خاص بما في ذلك رولكس وأستون مارتن.
وفي كانون الثاني/ يناير 2019؛ أُدين غيابيًا وحُكم عليه بالسجن ثماني سنوات. وتم القبض عليه أثناء إجازته في اليونان في تموز/ يوليو 2020 وتم تسليمه إلى المملكة المتحدة لقضاء عقوبته، كما أُمر بسداد 332 ألف جنيه إسترليني لضحاياه.
وتظهر بيانات العقارات الإماراتية أن رجا تمكن من شراء عقارين في مرسى دبي وميناء الخور في سنتي 2016 و2017، بعد اعتقاله الأوَّلي. وتم بيعها في كانون الأول/ ديسمبر 2022 مقابل حوالي 650 ألف جنيه إسترليني، أي ضعف المبلغ الذي طُلب منه سداده، ولا تعرف التايمز مصدر الأموال المستخدمة لشراء هذه العقارات.
وقالت شرطة مدينة لندن إنها على علم بالممتلكات في دبي. وقالت إن الرجاء دفع المبلغ الإجمالي في أمر المصادرة وأن جميع الأموال المستردة تم توزيعها على الضحايا، وقالت القوة إن تحقيقاتها مستمرة.
ويُسجن راجا حاليًا في سجن بريكستون، وهو سجن من الفئة ج في جنوب لندن، ومن المقرر أن يُطلق سراحه بشرط الإفراج المشروط هذه السنة، وتم التواصل معه للتعليق على ذلك.
مجرم مرتبط بـ11 عقارًا في دبي
تم تمويل دولة الإمارات، وهي نظام ملكي استبدادي، تاريخيًا من عائدات تجارة النفط، لكنها تحاول تنويع اقتصادها من خلال تشجيع الاستثمار الأجنبي في العقارات.
ويعد إمتياز خودا هو أحد المجرمين البريطانيين الذين تمكنوا من الاستثمار في دبي.
وكان خودا، البالغ من العمر الآن 51 سنة، جزءًا من عصابة اختلست أكثر من 12 مليون جنيه إسترليني من هيئة الخدمات الصحية الوطنية والحكومات المحلية ومقدمي الإسكان الاجتماعي.
وتظهر سجلات العقارات أنه اشترى أو دفع دفعات مقابل 11 عقارًا في دبي بينما ادعى أمام محكمة بريطانية أنه لا يستطيع سداد الأموال التي حصل عليها بالكامل من جرائمه.
وقام خودا ورفاقه بتزوير رسائل وفاكسات ورسائل بريد إلكتروني للتنكر في صورة شركة بناء وتطوير مشروعة وتحويل المدفوعات من هيئات عامة مختلفة إلى أنفسهم.
وتم القبض على العصابة بعد أن اكتشفت هيئة الخدمات الصحية الوطنية في لينكولنشاير أن فاتورة بقيمة 1.28 مليون جنيه إسترليني لصالح بناء وحدة للصحة العقلية وإعادة التأهيل قد فقدت في عام 2011.
واعترف خودا بالتآمر بغسل عائدات السلوك الإجرامي في محكمة ليستر كراون في عام 2016 وسجن في العام التالي لمدة أربع سنوات ونص. وبعد إدانته، في نيسان/ أبريل 2019، مُنح ثلاثة أشهر لسداد ما يزيد قليلاً عن 4 ملايين جنيه إسترليني.
وبحلول آب/ أغسطس 2019، كان خودا قد سدد فقط 212.217 جنيهًا إسترلينيًا وتقدم بطلب إلى المحكمة لمنحه المزيد من الوقت. وتم رفض الطلب، ونظرًا لأنه لم يدفع، تمت إضافة ما يقرب من عشر سنوات من السجن إلى عقوبته.
وتم إطلاق سراح خودا منذ ذلك الحين دون سداد غالبية الأموال. وقالت الشرطة إنه نجح السنة الماضية أمام المحكمة في الحصول على “تخفيض كبير” في المبلغ المستحق لأنه “تم الاتفاق على أن الأصل لم يعد متاحًا”.
وتشير البيانات التي حصلت عليها صحيفة التايمز إلى أنه في الوقت الذي قدم فيه أول طلب للتساهل في سنة 2019، كان خودا قد اشترى أو دفع دفعات مقابل 11 عقارًا في دبي تبلغ قيمتها حوالي 3.6 ملايين جنيه إسترليني.
وقد تم منذ ذلك الحين بيع ما لا يقل عن خمسة من هذه العقارات، تبلغ قيمتها الإجمالية حوالي 420 ألف جنيه إسترليني.
إن أحد المتهمين في خودا، طارق سعيد خان، 41 سنة، من إلفورد، شرق لندن، تم إدراجه أيضًا كمساهم في ستة عقارات بقيمة 3.2 ملايين جنيه إسترليني في دبي اعتبارًا من سنة 2022.
تم تبرئة خان من تهمة غسيل الأموال في المحاكمة لكنـــه سُجن لمـــدة ثمانية أشهر وأُمـــر بإعادة مبلغ ٢٠ ألف جنيه إسترليني لشركة لـــينكولنشير بارتنرشيب لخدمات الصحة النفسية بعد إعترافه بتعطيل سير العدالـة بتقديمه وثائق مزورة للشرطة.
وتظهر الوثائق أنـــه لا يزال يملك ما لا يقل عن اثنين من هذه العقارات، ولا تعرف صحيفة التايمز مصـــدر الأموال التي مولت استثمـــارات كودا وخان.
وقالت شـرطة لينكولنشير أنهم سيرحبون بأي أدلـة يمكنها المساعدة في قضيـــة خودا، وذكرت الشرطة أن المحكمة قد حددت أن الفائدة المترتبة على مخالفات خودا كانت تعادل حوالي ٨.٧ ملايين جنيه إسترليني لكن أمر المصادرة كان لأكثر من ٤ ملايين جنيه إسترليني فقط لأن هذه كانت قيمة أصوله التي يمكن التعرف عليها وكانت متاحة للإعادة في ذلك الوقت.
وقال المحقق الرقيب مايك بيليام من وحدة الجريمة الاقتصادية: “في الحالات التي لا تزال فيها الفائدة غير مستوفاة لن تغلق شـرطة لينكولنشير القضية، وإذا ظهرت معلومات جديدة بشأن الأصول التي يمكن استخدامها لتسديد أمر المصادرة سنتخذ الإجراءات المناسبة”.
تم التواصل مع خودا وخان للتعليق.
المدان اشترى شققًا في دبي من زنزانة السجن
كانت إدانة عابد حسين بغسيل الأموال في حزيران/يونيو 2013 سقوطًا دراماتيكيًا لرجل الأعمال ذو العلاقات السياسبة من ليدز.
وقد تلقّى شهادة شخصية في محاكمته من نائب البرلمان المحلي من حزب العمال فابيان هاميلتون الذي وصفه بأنه شخص “أخلاقي” و”صادق جدًا” وأنه قام بأعمال خيرية. وقبل ذلك بثلاث سنوات دعا هاميلتون حسين إلى داونينغ ستريت لمقابلة جوردون براون الذي كان رئيس الوزراء حينها.
وحُكم على حسين بالسجن لمدة عامين بتهمة غسيل عائدات صفقات المخدرات عبر حسابات بنكية لأعضاء من الجمهور دون علمهم، وكان جزءًا من عصابة قامت بغسيل 19 مليون جنيه إسترليني لصالح مجرمين أجانب.
وتظهر وثائق الملكية الإماراتية أنه في أيلول/سبتمبر 2013 بينما كان حسين يقضي عقوبته في سجن ويلستون، وهو سجن من الفئة “ج” بالقرب من ويذربي في غرب يوركشاير، اشترى حسين عقارين فاخرين في دبي بقيمة 1.1 مليون جنيه إسترليني، وتقع الشقق في مجمع ستاندبوينت بالقرب من برج خليفة.
اشترى حسين بعد ذلك شقة ثالثة في نفس المشروع بعد فترة قصيرة من خروجه من السجن في كانون الثاني/يناير 2014 مما جعل قيمة محفظته العقارية تصل إلى 1.7 مليون جنيه إسترليني، لكن المعلومات المتاحة لصحيفة “التايمز” لا تشمل أي تفاصيل عن مصدر الأموال المستخدمة.
وقد حقق حسين، الذي يبلغ الآن 56 سنة، مبلغًا إضافيًا قدره 381,000 جنيه إسترليني منذ ذلك الحين من عائدات إيجار الشقق وفقًا لسجلات العقارات، ويبدو أنه لا يزال يمتلك العقارات الثلاثة في دبي، وفي سنة 2016 حصلت الوكالة الوطنية للجريمة على أمر مصادرة ضد حسين بمبلغ 313,000 جنيه إسترليني؛ حيث تم اعتبار هذا المبلغ يطابق مقدار المال الذي حققه من نشاطه الإجرامي، وقد دفع حسين المبلغ بالكامل.
وقال ممثل عن حسين إنه “لا علم له بأي من هذه الادعاءات أو التحقيقات على الإطلاق” وأنه لم يمتلك العقارات المذكورة في الإمارات العربية المتحدة.
وقال هاميلتون إنه ليس لديه أي اتصال مع حسين منذ أكثر من عشر سنوات وأنه في وقت الإدلاء بشهادته في المحكمة “كان يعتقد أنه ناشط مجتمعي حقيقي”، وبالإشارة إلى جولة داونينغ ستريت قال: “أدركت بعد فوات الأوان أن قرار دعوة السيد حسين كان أمرًا مؤسفًا”.
وقالت الوكالة الوطنية للجريمة إن قوة تطبيق القانون لم يكن لديها سلطة على الأصول غير المرتبطة بالإجرام أو أرباح الإجرام.
ولم ترد وزارة العدل على طلبات التعليق.
لص مجوهرات فارّ مدين بمليون جنيه إسترليني
حُكم على محمد سليمان طاهر، لص الألماس الذي احتال على الشركات وسرق بضائع بقيمة 800 ألف جنيه إسترليني، بالسجن لمدة ثلاث سنوات في كانون الثاني/ يناير 2006، ولكنه هرب في كانون الأول/ديسمبر من نفس السنة أثناء موعد في المستشفى. وتُظهر الوثائق أنه اشترى شقة في دبي بحوالي 200 ألف جنيه إسترليني بعد أربع سنوات من فراره من سجن سودبري – وهو سجن من الفئة “د” في ديربيشاير – ويبدو أنه لا يزال يمتلكها.
أقرّ طاهر بجريمة التآمر للاحتيال على دائني شركة “سينتس آند سينشواليتي المحدودة” لبيع العطور بعد أن أغلقت الشركة أبوابها، وهي مدينةٌ للموردين بالعطور وشحنتين من الألماس. وقد حُكم عليه بالسجن مع سداد مليون جنيه إسترليني، لكن فقِد أثره منذ هروبه. وقالت شرطة مانشستر الكبرى إنها حجزت أصولًا منه في السابق وستحقّق الآن فيما إذا كان يمكن مصادرة المزيد.
“لا أسئلة” حول مصدر الأموال
قامت فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية (FATF)، وهي منظمة دولية تراقب تطبيق قوانين مكافحة غسيل الأموال، هذه السنة بإزالة الإمارات العربية المتحدة من “القائمة الرمادية”. واُدرِجت الإمارات على هذه القائمة منذ سنة 2022 لأن المنظمة الرقابية اعتبرت أن لديها نقصًا في كيفية التعامل مع تدفّق الأموال إلى البلاد.
مع أن البلاد أدخلت بعض التحسينات المهمة في طريقة معالجة الجرائم المالية، إلا أن سجل الممتلكات في دبي يشير إلى أن الأموال غير المشروعة يمكن أن تدخل بسهولة كبيرة. وذكرت هيئة الإذاعة الوطنية السويدية (إس في تي)، التي حصلت أيضًا على حق الوصول إلى سجل الممتلكات في دبي، أن مراسلها تواصل مع وكيل عقاري يعمل لصالح أحد أكبر مطوري العقارات في الإمارات. ويُزعم أن الوكيل قال إنه كان سعيدًا بقبول “حقائب أموال” تعادل 21 مليون جنيه إسترليني لشراء عقار وأنه لم يطرح “أي أسئلة” عن مصدر الأموال.
إن السهولة الواضحة التي يمكن بها للمشترين الاستثمار في عقارات دبي وحماية هوياتهم تجعل منها منطقة جذابة للمستثمرين الذين لديهم أموال شرعية ويرغبون في تجنب التدقيق العام لأسباب أخرى. وهذا يشمل أولئك الذين لديهم مكانة مرموقة وثروة كبيرة ولا يريدون الكشف عن استثماراتهم لأسباب تتعلق بالخصوصية. وهذا المستوى من سهولة الاستثمار يعني أيضًا أن المنطقة تجذب المستثمرين الذين سيواجهون صعوبة في تلبية ضوابط فحوصات غسيل الأموال في الولايات القضائية الأكثر صرامة، وهذا يطرح مشكلات أمام هيئات تنفيذ القانون الوطنية.
على الرغم من أن سجل الممتلكات في دبي أصبح علنيًا في السنوات الأخيرة، إلا أنه متاح في الواقع فقط لأولئك الذين يملكون معلومات محددة جدًا حول المعاملات، مثل المحامين. ولا يزال من غير الممكن العثور على مالك عقار عن طريق البحث في سجل دبي باستخدام العنوان فقط.
ومن بين المجرمين المدانين الآخرين الذين وجدت صحيفة التايمز أنهم اشتروا عقارات في دبي، منير أختر من كانتلي في جنوب يوركشاير، الذي أدين سنة 2010 بسبع جرائم احتيال عن طلبات قروض عقارية زائفة وحُكم عليه بالسجن لمدة سنتين. وعلى الرغم من وجود أدلة على أن أختر جنى 1.8 مليون جنيه إسترليني من الاحتيال، إلا أن المحكمة وافقت في سنة 2011 على أمر مصادرة 61 ألف جنيه إسترليني فقط، وذلك بناءً على الأصول التي تم العثور عليها. وحسب ما اطلعت عليه صحيفة “ذا تايمز” دفع أختر المبلغ المطلوب كاملاً.
تظهر السجلات الإماراتية أنه بحلول سنة 2013، اشترى أختر شقة من ثلاث غرف نوم في نخلة جميرا بدبي مقابل 250 ألف جنيه إسترليني، وربح منذ ذلك الحين من تأجيرها 220 ألف جنيه إسترليني. وبعد الإبلاغ عن العقار في دبي، يُفهم أن شرطة جنوب يوركشاير تقدمت بطلب إحالة جديدة إلى فريق استرداد الأصول الإقليمية لمعرفة ما إذا كانوا يستطيعون استعادة أموال إضافية من أختر. وقد تم التواصل مع أختر للتعليق. وتجدر الإشارة إلى أن مصدر الأموال المستخدمة لشراء العقار في دبي مجهول.
حاول المدعو بشار الصافي، أحد تجار الكوكايين، تهريب مخدرات بقيمة 32 مليون جنيه إسترليني إلى المملكة المتحدة مع شريكه في حزيران/ يونيو 2016. وكان الكوكايين مخبأً داخل خضروات جذرية من كوستاريكا، وتم نقلها بواسطة شركة “فروتي فريش”. في سنة 2021، حُكم على الصافي، الذي يبلغ من العمر الآن 34 عامًا، بالسجن لمدة 21 سنة. وتظهر بيانات دبي أنه اشترى في تموز/ يوليو 2016 أرضًا في منطقة جبل علي بدبي بقيمة 360 ألف جنيه إسترليني بعد فترة قصيرة من اعتقاله. وهو يقضي عقوبته في سجن هاي بوينت، وهو سجن من الفئة “سي” بالقرب من نيوماركت، سوفولك. وقالت الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة إن قضيته لا تزال قيد التحقيق، ولم يتم النظر بعد في أمر المصادرة من قبل المحكمة. وقد تم الاتصال بمحامي الصافي للتعليق.
لا تستطيع وزارة الداخلية تأكيد ما إذا تم سداد الأموال
حُكم على خادم حسين، وهو عضو سابق في حزب المحافظين، بالسجن لمدة تسع سنوات في سنة 2014 بتهمة الاحتيال المتقن ضد وزارة الداخلية فيما يتعلق بنحو 100 قضية هجرة. وتضمنت عملية الاحتيال التي أشرف عليها حسين تقديم طلبات للحصول على تأشيرات كانت مدعومة بمجموعة من المستندات المزوّرة من محامين ووكلاء عقارات وأصحاب عمل محتملين.
صدر في سنة 2018 أمر بدفع مليون جنيه إسترليني بموجب قانون عائدات الجريمة ضد رجل أعمال وسياسي سابق في مدينة برادفورد. وقد ادعى أنه حصل على 60 ألف جنيه إسترليني فقط من عملية الاحتيال، لكن أمر المصادرة أشار إلى أن لديه أصولًا في بريطانيا ودبي. وتكشف سجلات العقارات في دبي أن حسين وزوجته، زاهدة، اشتريا عقارات بقيمة مليون جنيه إسترليني في دبي، وكانت معظم عمليات الشراء بين أيار/مايو وتموز/يوليو 2009. وتحتفظ العائلة بملكية أربعة من هذه العقارات على الأقل، علمًا بأن مصدر الأموال المستخدمة لشراء العقارات غير معروف. ولم تتمكن وزارة الداخلية من تأكيد ما إذا كان حسين قد قام بسداد أي من هذه الأموال، موضحةً أنها لا تملك هذه المعلومات في سجلاتها نظرًا لمرور الوقت. وقد تم التواصل مع حسين للتعليق.
وتظهر السجلات أيضًا أنه يوجد بين أصحاب العقارات الحاليين في دبي أحد المتهمين بغسيل الأموال من شرق لندن، الذي سُجن في سنة 2016 لمدة خمس سنوات ونصف. حيال هذا الشأن، قالت كاثرين ويستمور، زميلة الأبحاث البارزة في مركز التمويل والأمن في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، إن فشل سلطات دبي في التحقق بشكل صحيح من هوية من يشترون العقارات يشكّل “تهديدًا كبيرًا للأمن القومي للمملكة المتحدة”. وأضافت: “يبقى أن نرى ما إذا كانت الإمارات العربية المتحدة قد حسّنت قانونها بالفعل أم أن السلطات ستستمر في السماح للقطاع العقاري بتسهيل غسيل الأموال”.
قال متحدث باسم الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة إن “استرداد الأصول التي تشمل تدخل شركاء دوليين يمكن أن يكون عملية معقدة، خاصة بسبب اختلاف الأنظمة القانونية لاسترداد هذه الأصول والحاجة إلى تطوير معلومات استخباراتية وأدلة عبر ولايات قضائية مختلفة”. وأشارت الوكالة إلى أن أوامر المصادرة كانت تُعنى بالمبالغ المالية وليس الأصول المحددة، وإذا كان بإمكان المجرمين تسويتها بأموال أخرى، فلن يحتاجوا إلى تسليم الممتلكات. كما أضافت أنه على الرغم من أن السلطات البريطانية تتمتع بصلاحيات لمصادرة الممتلكات التي يُعتقد أنها من عائدات الجريمة وفقًا لمعيار الإثبات المدني، إلا أن الإمارات العربية المتحدة لم تعترف بهذه الصلاحيات.
وقالت مصلحة الضرائب والجمارك البريطانية إنها صادرت أكثر من 1.2 مليار جنيه استرليني من الأصول الجنائية منذ إطلاق خدمة التحقيق في الاحتيال سنة 2016. وقال المتحدث باسم هذه الهيئة: “تواجه جميع وكالات إنفاذ القانون تحديات عند مصادرة الأصول في الخارج، لكننا نواصل مصادرة الأصول حيثما تكون المعاهدات الدولية قائمةً وعندما يتم استيفاء المتطلبات القانونية”.
المصدر: ذا تايمز