كشفت وثائق ومراسلات مسربة من دولة الإمارات عن وجود شبكة تجسس عملاقة لحساب جهاز أمن الدولة الإماراتي تعمل بنشاط بالغ في تونس وتحاول التأثير في كافة مناحي الحياة السياسية في البلاد، وصولاً إلى التجسس على رئيس الدولة الباجي قايد السبسي وحركة نداء تونس التي يتزعمها، إضافة إلى حركة النهضة التي تعمل الشبكة على التجسس عليها وتوجيه ضربات سياسية لها.
وبحسب جملة وثائق حطت على مكاتب موقع “أسرار عربية” فان شبكة التجسس الإماراتية بدأت العمل في أعقاب سقوط نظام المخلوع زين العابدين بن علي بفترة قصيرة حيث تولى إدارتها الضابط في جهاز أمن الدولة الإماراتي برتبة “عميد” عبد الله الحسوني، أما مسؤوله في أبوظبي داخل الجهاز فهو الضابط (حمد مبارك سالم الشامسي) الذي هو المسؤول النهائي عن شبكة التجسس.
كما يعمل في الشبكة التي تعبث في الأمن التونسي الضابط في جهاز أمن الدولة الاماراتي (عبد الله خليفة حمد سفيان السويدي)، وهو ضابط برتبة مقدم، ويعمل بمنصب “مدير إدارة الاسلام السياسي”، وهذا الرجل هو الذي وافق على الخطة المقترحة من شبكة التجسس في تونس من أجل إفشال وضرب حركة النهضة التونسية في الانتخابات البلدية المقبلة والمقررة في السادس من أيار/ مايو 2018.
ويتبين من الوثائق أن الحسوني انكشف أمره بعد لقاء عقده في القاهرة لم يتضح لـ”أسرار عربية” ما مضمونه، حيث بعد انكشاف أمره نشر اسمه موقع تونسي على الانترنت يُدعى “أخبار الساعة”، فما كان من الشامسي إلا أن اتصل بالحسوني وأمره بالعودة فوراً الى أبوظبي، وهو ما تم فعلاً في نفس يوم نشر اسمه.
وتمكن “أسرار عربية” من الوثائق التي بحوزته من تحديد هوية الضابط الذي تولى مهمة الحسوني خلفاً له، وهو (سعيد سالم الحافري) وأرسله الشامسي الى تونس لاستكمال المهام وإدارة شبكة التجسس هناك.
أهداف الشبكة
وبحسب الوثائق التي تضم عشرات الصفحات وحصلت عليها “أسرار عربية” فيتضح أن الشبكة عملت خلال الفترة من 2013 وحتى الان على اختراق حزب “نداء تونس” الحاكم واختراق الدائرة المحيطة بالرئيس الباجي قايد السبسي، إضافة الى اختراق البرلمان، وشراء ولاءات وذمم رجال أمن ومسؤولين في الدولة، كما عملت على اختراق الأحزاب السياسية ومحاولة التأثير في عملها وخاصة حركة النهضة الاسلامية.
كما يتبين أن الامارات ضخت مبالغ مالية ضخمة في تونس من أجل التأثير في الأحزاب والانتخابات وشراء الذمم والولاءات، وبحسب رسالة بريد الكتروني مسربة فان مبلغاً مالياً ضخماً تم تحويله من الامارات الى تونس بواسطة شركة في لندن تُدعى (Project Associates UK Limited)، وهي الشركة التي لم يتضح ماذا تعمل ولا ما هو نشاطها، لكنها على الأرجح ليست سوى مركز لغسيل الأموال لصالح الامارات وأنشطتها غير المشروعة في العالم.
المصادر الثلاثة
وبحسب الوثائق فان المسؤول عن شبكة التجسس الاماراتية لديه ثلاث مصادر رئيسية للمعلومات في تونس، وهي الأهم والأخطر في الملف كاملاً، وهي كما يلي:
أولاً: ستار. وهو اسم حركي لشخص تونسي يُدعى غازي معلى، ولديه مجموعة مصادر يتلقى منها المعلومات ويبعث بها الى أبوظبي.
ثانياً: المنطلق، وهو اسم حركي لشخصية تونسية مهمة تمكن موقع “أسرار عربية” من كشفها، ومن بين أبرز مصادره شخص يُرمز له في الوثائق الاماراتية باسم (MAC10)، وتشير الوثائق الاماراتية أن “ماك 10” كان مرشحاً في مرحلة ما لتولي منصب وزير الخارجية.
ثالثاً: آيفون، وهو عضو في حركة النهضة وهو الذي ينقل الكثير من أخبار الحركة وما يجري فيها للأمن الاماراتي، وتمكن موقع “أسرار عربية” أيضاً من تحديد هويته لكنه يتحفظ عن ذكر اسمه أو تفاصيل عنه.
محسن مرزوق
محسن مرزوق، وكان الرجل الثاني في حركة “نداء تونس” التي فازت بالانتخابات الرئاسية التي جرت يوم 23 تشرين ثاني/ نوفمبر 2014، حيث تبين بأنه على اتصال وثيق بجهاز الأمن الاماراتي، على أن موقع “أسرار عربية” سيكشف في تقرير خاص التفاصيل الكاملة لعلاقة مرزوق مع الأمن الاماراتي والأموال الضخمة التي تلقاها من أبوظبي للتأثير في الانتخابات والحياة السياسية والفوز على الرئيس السابق المنصف المرزوقي.
وتكشف واحدة من الوثائق الصادمة أن مرزوق متورط بشبكة التجسس الاماراتية، ولديه اجتماعات مستمرة مع ضابط الأمن الاماراتي المسؤول عن الشبكة، فضلاً عن أنه -أي مرزوق- يتلقى الدعم والتمويل من أبوظبي.
وحصل مرزوق على مبلغ مالي ضخم من الامارات قبل أسابيع من الانتخابات الرئاسية في تونس، وتحديداً في أيلول/ سبتمبر 2014، من أجل دعم موقف “نداء تونس” في الانتخابات، ولاحقاً تسبب الرجل بخلافات داخل الحركة، وهي الخلافات التي يسود الاعتقاد بأن الامارات لعبت دوراً في اشعالها نتيجة عدم رضاها عن السبسي.
ومن المعروف أن الانتخابات الرئاسية في تونس جرت يوم 23 تشرين ثاني/ نوفمبر 2014 وانتهت بفوز السبسي على منافسيه.
واللافت في قضية مرزوق أنه استقال من الأمانة العامة لحركة “نداء تونس” بعد أقل من عام واحد على الانتخابات التي أوصلت السبسي الى السلطة بعد أن اشعل خلافات داخل الحزب وكاد يتسبب بشق صفه، وحينها قال إنه يريد “محاربة المال السياسي الفاسد”، وذلك بعد شهور قليلة من الملايين التي حصل عليها من الامارات بشكل غير مشروع من أجل الاطاحة بالسبسي!!
رؤوس الشبكة
بعد دراسة عشرات الوثائق السرية فقد تبين أن شبكة التجسس الاماراتية التي كان يديرها الحسوني، ومن ثم أورثها للضابط الحافري، تتضمن عشرة شخصيات رئيسية بينهم ثلاث شخصيات عربية تلعب دوراً في التواصل لصالح الامارات، إضافة الى ثلاثة مصادر مهمة.
وتحت كل شخصية من العشرة مجموعة من العملاء التونسيين، إضافة الى أن كل مصدر من المصادر الثلاثة يستقي معلوماته من عدد كبير من المصادر الثانوية.
أما الشخصيات العشرة الرئيسية في الشبكة فهي كما يلي:
1- بثينة مرعي، وهي إعلامية تونسية مقيمة في أبوظبي، ورئيسة تحرير مجلة “بثينة”، والتقت مع ضابط أمن الدولة الاماراتي ومسؤول الشبكة عبد الله الحسوني عدة مرات، إحداها يوم 9 سبتمبر 2014.
2- عبد الرؤوف الماي، وهو سياسي ورجل أعمال وقيادي في “نداء تونس” لعب دور الوسيط بين محسن مرزوق وبين جهاز الأمن الاماراتي، ويقيم في أبوظبي أيضاً.
3- سليم شيبوب، وهو رجل أعمال يعرفه كل التونسيين بحكم أنه أيضاً صهر الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، ويقيم في الامارات حالياً، ويلتقي على الداوم مع ضابط الامن المسؤول عن شبكة تونس والذي يحمل لقب (ضابط محطة تونس).
4- محمد العجرودي، وهو رجل أعمال تونسي يحمل الجنسية الفرنسية، وهو الذي استخدمه جهاز أمن الدولة الاماراتي في تمرير مبالغ ضخمة الى حركة “نداء تونس” ولمحسن المرزوقي.
5- محمد الهاشمي، وهو مالك قناة “المستقلة” الفضائية ومرشح سابق لانتخابات الرئاسة التونسية، التقى مع ضابط أمن الدولة الاماراتي عدة مرات.
6- محسن مرزوق، التقى مع ضباط في جهاز أمن الدولة الاماراتي في أكثر من مكان، وتلقى تمويلاً من أبوظبي.
7- عبد الوهاب عميرة، ولا يوجد معلومات واضحة عن الرجل، لكنه أحد من أقاموا اتصالات دائمة مع أمن الدولة الاماراتي.
8- رمضان أبو جزر، وهو فلسطيني يعمل لحساب محمد دحلان (المستشار الأمني لمحمد بن زايد) ويتردد على تونس للتنسيق وتقديم الخدمات لضابط الأمن الاماراتي.
9- هيثم الزبيدي، صحفي عراقي يتلقى التمويل من أبوظبي منذ سنوات، وهو الذي يدير جريدة “العرب اللندنية” التي اشترتها الامارات، كما يدير موقعا الكترونيا يتبنى أجندة الامارات ويبث من لندن، وتبين أنه يتولى مهمة التنسيق بين الأحزاب التونسية الممولة من الامارات.
10- عبد العزيز الخميس، وهو صحفي سعودي يقيم في لندن ومقرب من جهاز الأمن الاماراتي منذ سنوات، وكان يرأس تحرير صحيفة “العرب اللندنية” التي يديرها الزبيدي، وتبين أن الرجل على علاقة وثيقة بمسؤول شبكة التجسس الاماراتية في تونس، ويتردد على تونس، ويتولى مهمة التنسيق بين عدد من الأحزاب والشخصيات التونسية لحساب الامارات.
المصدر: أسرار عربية