ترجمة حفصة جودة
كأحد مرشحي انتخابات الرئاسة الأمريكية، حذر ترامب من الحروب الأجنبية لا سيما في سوريا، والآن بعد عام من رئاسته، يضيف سوريا إلى قائمة الصراعات المفتوحة التي تتضمن حاليًّا العراق وأفغانستان.
لم نعلم خطة الرئيس ترامب بسبب طلبه من الكونغرس الإذن والتمويل لاستمرار وجود القوات الأمريكية في سوريا، لكننا نعلم ذلك بسبب خطاب وزير خارجيته ريكس تيلرسون يوم الأربعاء في معهد هوفر بجامعة ستنافورد حيث قال: “سوف تحافظ الولايات المتحدة على وجود قواتها في سوريا لضمان عدم ظهور داعش مرة أخرى، وقال إن مهمة القوات الأمريكية في سوريا سوف تظل ممتدة وفقًا للظروف”، مما يعني عدم وجود موعد محدد لرحيلها أو حتى معايير عامة للنجاح في مهمتها.
في الشهر الماضي كان هناك 2000 جندي في القوات الأمريكية في سوريا – بعد أن كان 500 جندي العام الماضي – وتتكون القوات من مزيج من الوحدات الهندسية ووحدات العمليات الخاصة التي تتدرب وتقاتل بجانب الميليشيات المحلية في المعركة ضد الدولة الإسلامية، والآن كما نعلم فهذه القوات ستظل موجودة إلى أجل غير مسمى، فما الذي يضمن أن عددها لن يصبح أكبر، وأن هذه المهمة لن تتعمق أكثر؟
تعتزم الإدارة الأمريكية أن يعاني تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” والقاعدة من هزيمة دائمة
تعتبر سوريا مشكلة معقدة، لكن هذه الخطة تبدو سيئة في تصميمها، فهي تعتمد بشدة على العمل العسكري ويغذيها التمني، بدأت الولايات المتحدة عملها العسكري في سوريا لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، التي كانت تسيطر على مساحة كبيرة من الأراضي في سوريا والعراق عام 2014، وأدت العمليات العسكرية بقيادة الرئيس السابق باراك أوباما ويليه إدارة ترامب إلى تحرير أكثر من 98% من تلك الأراضي التي سيطرت عليها الدولة الإسلامية، وحررت أكثر من 7.5 مليون مواطن من هذا الحكم الوحشي.
قال ديفيد ستارفيلد – مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية – أمام مجلس الشيوخ الأسبوع الماضي أنه رغم تحقيق هذا التقدم المميز والبارز فإن تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” والقاعدة لا زالا يشكلان تهديدًا خطيرًا، وقالت الإدارة الأمريكية إنها ترغب في أن تتجنب ما اعتبرته أخطاء أوباما مثل سحبه القوات من العراق فقط؛ مما أدى إلى ظهور المتطرفين مرة أخرى، كما أنه فشل مع حلفائه الأوروبيين في تحقيق الاستقرار في ليبيا بعد ضربات حلف الناتو الجوية التي أدت إلى الإطاحة بالعقيد معمر القذافي.
لكن الأهداف في سوريا تبدو كبيرة وغير قابلة للتحقق، مما يعني وجود القوات الأمريكية هناك للأبد، فكما قال تيلرسون: تعتزم الإدارة الأمريكية أن تعاني داعش والقاعدة من هزيمة دائمة وألا تكون سوريا ملاذًا للإرهابيين مرة أخرى، كما أنها ترغب أيضًا في حل أزمة الحرب الأهلية في سوريا من خلال عملية سياسية لتصبح سوريا مستقرة مع رحيل رئيسها بشار الأسد.
تهدف واشنطن إلى ضمان تراجع النفوذ الإيراني في المنطقة
من الضروي التوصل إلى اتفاق سياسي شامل لإنهاء الصراع بين الأسد والمقاومة السورية، لكن أوباما حاول ذلك وفشل فيه، ويرجع ذلك بشكل كبير إلى مقاومة الأسد وحلفائه الروس والإيرانيين، لذا من الصعب أن نرى ما الذي قد يختلف الآن.
دعا تيلرسون إلى المزيد من الدبلوماسية لكنه يريد أن تقوم الأمم المتحدة الأمر وليس الولايات المتحدة، فهو يأمل في منع إيران – التي تساعد قواتها في الحفاظ على نظام الأسد المحاصر – من تعزيز وجودها في سوريا وتهديد “إسرائيل” وغيرها من الدول، كانت هزيمة داعش الأولوية دائمًا، أما الآن فتهدف واشنطن إلى ضمان تراجع النفوذ الإيراني في المنطقة.
لا شك بأن الولايات المتحدة يجب أن تعمل من أجل كبح الأنشطة الإيرانية الخبيثة في المنطقة، لكن تيلرسون يصف جدولاً للأعمال يشير إلى حماسة مقلقة لمواجهة إيران، وربما تدخل عسكري.
يرسل الأمريكيون أيضًا رسائل مختلطة، فهم يقولون بأنهم قواتهم المكونة من 2000 جندي ستقوم بتدريب حلفائهم من الحملة المناهضة لتنظيم الدولة الإسلامية “داعش” وهم المقاتلين الأكراد في شمال سوريا الذين يشكلون غالبية القوات الحدودية التي يصل عددها إلى 30 ألف مقاتل، وستكون مهمتهم حماية المقاطعة الكردية الوليدة شبه الذاتية، لكن تركيا التي تعتبر الأكراد أعداءها هددت بهجوم عابر للحدود، هذا يعني احتمالية مخيفة لتصارع القوات الأمريكية مع القوات التركية حليفة الناتو.
تساءل السيناتور الديموقراطي من نيو ميكسيكو توم أودال قائلاً: “كيف لا يصبح ذلك حربًا لا نهاية لها؟” فأجاب ستارفيلد ببعض العبارات السياسية الطنانة، لكن الشعب الأمريكي يستحق إجابة حقيقية.
المصدر: نيويورك تايمز