بدأت نجومية الطفل الفلسطيني زياد فاخوري بالانتشار سريعًا مع أول فيديو نشره له والده وهو يتكلم عن نفسه على قناته الخاصة “زياد. تي في” بموقع اليوتيوب التي يناقش فيها أهم المسائل السياسية التي تشغل الساحة العالمية، مثل انتهاكات أطفال القدس وإغلاق مكاتب الصحافة والمصالحة ووعد بلفور، ويعبر عما يلقنه إياه والده بأسلوب طفولي ومسلٍ وبفيديوهات موجزة وقصيرة لا تتعدى الثلاث دقائق.
كما يناقش فاخوري بعض القضايا الاجتماعية اليومية التي تهم فئات مختلفة من نفس عمره أو أكبر، مثل الاختراقات الإلكترونية، وموضوعات تعليمية وتربوية أخرى كالوضوء واحترام الوالدين.
تحصد فيديوهات فاخوري آلاف المشاهدات والمتابعين، فهو سريع البديهة وخفيف الظل ويبرع في تقليد كلام والده وحركاته بسهولة وبطريقة مضحكة تبدو فيها حركاته عفوية وتعابير وجهه طريفة، مستخدمًا لهجته الخليلية المميزة.
السياسة بلسان طفل في الثالثة
بث زياد عبر قناته فيديوهات معدودة ولكنها سرعان ما تلقت ردة فعل واسعة من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، واعتبرها البعض إشارة إلى اهتمام الوالدين بشخصية فاخوري أو موهبته كما يصفها البعض، فهي نقطة قوة لوحظت بشكل مبكر، ومن الجميل تنمية هذه الصفة بشكل إيجابي وبالاتجاه الصحيح.
اتضحت ملامح موهبة التقليد لدى فاخوري، عندما كان يشاهد الكثير من فيديوهات اليوتيوب ويتأثر بآدائهم ويكرر حركاتهم، فقرر والده أن ينشئ حسابًا خاصًا به، وبعدها حقق أول فيديو لطفله نجاحًا واسعًا، شجعه على مواصلة هذا الطريق ليصبح أصغر يوتيوبر بالعالم.
يقول والده ثائر فاخوري، إن ابنه بدأ الكلام من عمر سنة، ولديه شخصية اجتماعية تجعله يتكلم مع الغرباء ويخوض معهم في أحاديث مختلفة بسلاسة، وأحيانًا يكون هو من يدير الحديث ويسرد القصص، ولا شك أن هذه التصرفات تدل على شخصية أكبر بكثير من عمره الفعلي.
ويتحدث فاخوري عن قضايا مختلفة ويثير أسئلة عميقة بأسلوب بسيط يمكّن من في عمره أن يفهم المجريات والمنعطفات النوعية التي تحدث حول العالم، وهذا بمساعدة والده الذي يختار الفكرة ويكتب الحوار ويعلمه كيف يتحرك ويتفاعل مع معطيات الموضوع.
كيف تحدث الطفل فاخوري عن ترامب وأردوغان؟
تضمنت مواضيعه بعض الشخصيات السياسية البارزة ومن أهمها ترامب الذي تحدث عنه بغضب واستياء بسبب قراره الأخير بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس واعترافه بالقدس عاصمة لـ”إسرائيل”، والعكس تمامًا حدث عندما تكلم عن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان واصفًا إياه “بالزعيم” لمواقفه المساندة للقضية الفلسطينية وشعبها.
حيث يحتل أردوغان مساحة واسعة وشعبية كبيرة بين أطفال وشباب المنطقة العربية، فهو معروف بتشجيعه للعديد من الأيقونات الشبابية والطفولية التي واجهت صعوبات سياسية واجتماعية معينة داخل بلدانهم، وهذا ما اتضح بشكل كبير في الآونة الأخيرة مع التطورات السياسية المتسارعة التي وضعت الأجيال الناشئة في أجواء مربكة وضغوط هائلة.
وفي قصة مشابهة للطفل فاخوري، استطاعت الطفلة السورية بانا العابد (7 أعوام) جذب اهتمام العالم بتغريداتها من داخل شرق مدينة حلب المحاصر، التي تناشد من خلال حسابها المجتمع الدولي والرأي العام للتحرك بمساعدتهم من قصف وجرائم النظام اليومية، وتتحدث عن تفاصيل حياتها مع عائلتها تحت هذه الظروف القاسية، ثم دعت والدتها وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو بإخراجهم من حلب، فجاء رد الوزير بتغريدة واعدًا إياهم بإنقاذهم من هذا الوضع.
Tonight i am very sad for #Syria where children cannot get medicine because of the war . The world forgot us. I believe in peace , Give peace a chance. War is not the solution.
— Bana Alabed (@AlabedBana) December 24, 2017
ومع هذه الاستجابة السريعة وغير المألوفة من الرموز السياسية، تفاعل مئات الآلاف مع حساب بانا العبد، فوصل عدد متابعينها إلى أكثر من 340 ألفًا، وسميت بأيقونة حلب أو الثورة السورية حتى وصلت إلى تركيا واستضافها الرئيس التركي في مقر إقامته في أنقرة ليمنحها هي وعائلتها الجنسية التركية.
كما استقبل أردوغان مؤخرًا، الشاب الفلسطيني فوزي الجنيدي (16 عامًا) الذي انتشرت صور اعتقاله مقيدًا ومعصوب العينيين على يد 23 جنديًا إسرائيليًا، ودعاه إلى زيارته في المجمع الرئاسي بالعاصمة أنقرة، وهذا بجانب لقائه بمجموعة من ممثلي مسلسل السلطان عبد الحميد الثاني في موقع التصوير، ولاقت هذه الصور صدى كبيرًا.
وشخصية أخرى، هي محمد الطويل (14 عامًا) صبي فلسطيني من مرضى متلازمة داون في مدينة الخليل، اعتقله جنود الاحتلال خلال اشتباكات بين متظاهرين فلسطينيين والقوات الإسرائيلية، ومن أجل تقديم الدعم المعنودي والمادي استقبله عدد من الشخصيات السياسية والفنية التركية مثل رئيس الوزراء بن علي يلدريم ووزيرة شؤون الأسرة بتول صايان كايا والممثل نجاتي شاشماز.
وبهذا الأسلوب الترفيهي، استطاع فاخوري لفت انتباه عدد كبير من المتابعين الذين وصل عددهم نحو 55 ألف، وبلغ عدد مشاهدات قناته نحو المليونين، أما على أرض الواقع، فلقد حظي هذا الطفل بفرصة لقاء محافظ مدينة الخليل كامل حميد بعد أن دعاه إلى مكتبه، هذا بالإضافة إلى عدد من المقابلات التليفزيونية التي قام بها دون رهبة أو حرج.
وإلى ذلك، يلهو ويلعب فاخوري مثله مثل باقي الأطفال، ولكن من المؤكد أن أعماله تجاوزت عمره، وبهذا يأمل والده أن تزيد شعبيه ويصبح شخصًا مؤثرًا في المستقبل ومعروف عالميًا.