أصدرت القيادة العامة للقوات المسلحة، بيانًا اليوم الثلاثاء 23 من يناير/كانون الثاني، عن ترشح رئيس الأركان الأسبق الفريق سامي عنان، لانتخابات رئاسة الجمهورية المقررة في الفترة من فبراير وحتى الأول من مايو 2018، تناول ما وصفه “مخالفات صريحة مثلت إخلالًا جسميًا للوائح الخدمة” ارتكبها المرشح خلال إعلانه خوض الانتخابات.
البيان استعرض أربع مخالفات قال إن عنان ارتكبها منها: إعلان الترشح لرئاسة الجمهورية دون الحصول على موافقة القوات المسلحة، أو اتخاذ ما يلزم من إجراءات لإنهاء استدعائها له، ثانيًا: تضمين البيان بشأن ترشحه للرئاسة ما مثل تحريضًا صريحًا ضد القوات، ومحاولة الوقيعة بينها وبين الشعب المصري العظيم، ثالثًا: ارتكاب المذكور جريمة التزوير في المحررات الرسمية، فيما يفيد إنهاء خدمته في القوات المسلحة، الأمر الذي أدى إلى إدراجه ببيانات الناخبين دون وجه حق.
وخلصت القيادة العامة للقوات المسلحة في ختام بيانها إلى “اتخاذ كل الإجراءات القانونية حيال ما ارتكبه عنان من مخالفات قانونية وجنائية، تستوجب التحقيق معه؛ إرساءً لمبدأ إعلاء سيادة القانون واستدعاءه للتحقيق أمام الجهات المختصة”.
يأتي بيان الجيش بالتزامن مع أنباء تفيد باعتقال عنان واقتياده للنيابة العسكرية حسبما كتب المتحدث باسم حملته الرئاسية في الخارج، المحامي محمود رفعت، على صفحته الشخصية على “تويتر” وهو نفس ما أشار إليه مدير مكتب عنان، مصطفى الشال، وأكده نجل المرشح المحتمل.. فهل يواجه رئيس أركان حرب الجيش المصري الأسبق مصير العقيد أحمد قنصوة؟
https://twitter.com/DrMahmoudRefaat/status/955766886934999040
هل تحركت المياه الراكدة؟
أثار خطاب “منتصف الليل” الذي أعلن من خلاله الفريق سامي عنان، رئيس أركان حرب الجيش المصري الأسبق، الترشح لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة المقرر إجراؤها بين فبراير ومايو 2018، حالة من الارتباك لدى الشارع المصري ما بين مؤيد ومعارض.
إعلان عنان الترشح وإن لم يتجاوز الأيام الثلاثة غير أنه حرك المياه الراكدة في المشهد السياسي بصورة كبيرة، كونه الأكثر تهديدًا – وفق آراء العديد من المحللين والخبراء – للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مما دفع النظام الحاليّ بأذرعه المختلفة إلى استهداف المرشح المحتمل بوابل من الهجوم المضاد – رغم خلفيته العسكرية – الذي يستهدف إثناءه عن قراره والحيلولة دون وصوله إلى صندوق الانتخاب.
حزمة من التضييقات والعراقيل التي واجهتها حملة عنان سواء فيما يتعلق بعملية جمع الـ25 ألف توكيل، كأحد شروط استيفاء أوراق الترشح، أو فيما يتعلق بمحاولة تشويه صورته عبر إلصاق بعض التهم ضده وأفراد عائلته في محاولة لدغدغة ردود الفعل المصاحبة لخبر ترشحه التي جاءت في كثير منها إيجابية وهو ما أقلق السيسي ونظامه.
البيان استعرض أربة مخالفات قال إن عنان ارتكبها منها: إعلان الترشح لرئاسة الجمهورية دون الحصول على موافقة القوات المسلحة، أو اتخاذ ما يلزم من إجراءات لإنهاء استدعائها
أزمة التوكيلات
واجهت حملة عنان ولا تزال قبيل بيان القوات المسلحة حزمة من تضييق الخناق فيما يتعلق بجمع التوكيلات المطلوبة لتقديمها قبل الـ29 من الشهر الحاليّ، وهي نهاية الفترة المسموح بها لاستيفاء أوراق الترشح، على رأسها الـ25 ألف توكيل من 15 محافظة بحد أدنى 1000 توكيل من كل محافظة، انتهت الحملة من جمع الغالبية العظمى منهم، حسب مصادر بداخلها.
البداية كانت مع الساعات الأولى لإعلان رئيس أركان حرب الجيش المصري الأسبق ترشحه رسميًا 19 من يناير/كانون الثاني الحاليّ، حيث استدعت بعض مديريات الأمن والأجهزة الرقابية نواب تكتل “دعم مصر” المؤيد للنظام الحاليّ، بهدف التشديد على رؤساء المدن وشيوخ القبائل المتعاونين، بعرقلة إصدار التوكيلات الخاصة بعنان، وعدم التعاون مع أي من الشخصيات المؤيدة له حتى ولو كانت من جهات أمنية أو استخباراتية.
بعض المصادر التي حضرت مثل هذه اللقاءات قالت: “أجهزة النظام ينتابها قلق واضح من التحركات التي بدأها عنان منذ إعلان رغبته في الترشح وعلاقاته الوطيدة بدوائر في جهاز الاستخبارات العامة، خصوصًا بعد قرار السيسي الأخير بعزل مدير الجهاز وتعيين مدير مكتبه عباس كامل قائمًا بأعماله، مما يعني عدم ثقته في أي من وكلاء الجهاز الحاليين” حسبما نقل موقع “العربي الجديد“.
كما كشفت بعض المصادر داخل حملة عنان لـ”نون بوست” عدد من المضايقات التي يواجهها الراغبون في تحرير توكيلات شعبية لدعم الفريق في الانتخابات القادمة، وصلت في بعضها إلى حد التهديد بالاعتقال.
ففي مدينة سمنود التابعة لمحافظة الدقهلية (شرق القاهرة)، فوجئ الداعمون لعنان خلال توجهم إلى مكتب الشهر العقاري لتحرير التوكيلات أول أمس الأحد 21 من يناير/كانون الثاني، بإخبار موظفي المكتب لهم بأنه لا يمكنهم عمل التوكيلات بسبب انقطاع التيار الكهربائي، وبعد انتظار دام ما يقرب من ساعة ونصف اضطروا للمغادرة.
وفي اليوم التالي ذهبوا بنفس الطريقة وفوجئوا أيضًا بأن العطل ما زال موجودًا غير أن تهديد أحدهم برفع الأمر إلى النيابة العامة واتهام موظفي المكتب بعرقلة العمل دفعهم إلى التراجع وتحرير التوكيلات.
خلصت القيادة العامة للقوات المسلحة في ختام بيانها إلى “اتخاذ كل الإجراءات القانونية حيال ما ارتكبه عنان من مخالفات قانونية وجنائية، تستوجب التحقيق معه”
وفي محافظة الجيزة تعرض بعض الداعمين لعنان لمضايقات أمام مكتب الشهر العقاري، حيث يقف أحد أمناء الشرطة على باب المكتب ويسأل كل من يريد تحرير توكيل عن مرشحه، بصورة سرية، فإن كان السيسي يترك دون أي مضايقات، أما إن كان غيره فسيتم مضايقته عبر طلب بطاقة الرقم القومي (الهوية) الخاصة بالمواطن وتهديده ضمنيًا بملاحقته حال تحريره توكيل لسامي عنان خاصة بعد الحصول على صورة من هويته؛ مما دفع الكثيرون إلى التراجع خشية التعرض لأي أذى فيما بعد.
وفي محافظات الصعيد على وجه الخصوص يواجه أنصار عنان العديد من صور تضييق الخناق والتهديد وعرقلة عملية تحرير التوكيلات، مما دفع بعض المقربين من المرشح – ضباط سابقين – إلى الذهاب لمرافقة أنصاره هناك وتيسير إصدار التوكيلات.
ومن صور عرقلة تحرير التوكيلات لعنان، تعمد إحداث الازدحام أمام مكاتب الشهر العقاري من مؤيدي السيسي؛ مما يعوق بدوره عمل توكيلات لأي مرشح آخر، هذا رغم تجاوز الرئيس الحاليّ العدد المطلوب لاستيفاء أوراق ترشحه، غير أن التعليمات الصادرة لأنصاره جاءت بالازدحام لعرقلة إصدار توكيلات لعنان، بحسب روايات بعض أعضاء حملته.
#سامي_عنان من مواليد 2 فبراير 1948 https://t.co/MLR7TdIM99
— Nadia El-Magd ناديا (@Nadiaglory) January 22, 2018
أخونة عنان
أبرز محاور الهجوم على عنان كان عن علاقته بجماعة الإخوان المسلمين، حيث وصفه بعض الإعلاميين والسياسيين المقربين من السيسي بأنه “مرشح الإخوان”، عزز هذا الهجوم اختياره للمستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات السابق، نائبًا له، كونه – وفق البعض – أحد المقربين من الجماعة وقيادتها.
الاتهامات التي كالتها أذرع النظام الحاليّ لعنان بأنه مدعومًا من الإخوان خاصة بعد بيان المفوض السابق للعلاقات الدولية بجماعة الإخوان المسلمين يوسف ندا، الذي حدد من خلاله 6 شروط لدعم الفريق، في الانتخابات الرئاسية، وصفها المتحدث باسم الحملة الدكتور حازم حسني، بأنها “بلا جدوى”.
المتحدث باسم حملة عنان في مداخلة له مع الإعلامية لميس الحديدي، استنكر العزف المتواصل على نغمة العلاقة بين مرشحه وجماعة الإخوان، مخاطبًا إياها بقوله: “الأفضل أن تتحدثي عن البرامج الانتخابية للمرشحين بدلًا من تكرار موضوع الإخوان”.
وفي السياق ذاته، وردًا على سؤال من الإعلامي عمرو أديب، عن موقف عنان من الجماعة وهي في نظره إرهابية أم لا، أجاب المتحدث باسم الحملة: “هذه مسائل لا أستطيع أن أحكم عليها، قلت في السابق إن تنظيم الإخوان هو تنظيم مناهض للدولة المصرية، وأنا من أنصار الدولة المصرية”، لكنه أضاف “بدأت أتشكك في معنى كلمة الإرهاب التي يستعملها النظام، فكل شخص يعارض النظام اليوم يُتهم أنه إرهابي”.
حسني أوضح أنه شخصيًا متهم بأنه إخوان، على الرغم من معارضته المعروفة للتنظيم، غير أنه وردًا على سؤال عن كيفية تعامل عنان مع الإخوان والموجدين في السجون، ومن بينهم الرئيس الأسبق محمد مرسي، والمرشد العام للإخوان المسلمين محمد بديع، أجاب “عنان إذا أصبح رئيسًا، سيرفع الظلم عن المظلومين بصفة عامة”، وأضاف: “تكلمنا عن رفع المظالم.. إحنا شايفين إن فيه ناس كتير اتهموا بأنهم إخوان وإرهابيون، لأنهم فقط معارضون سياسيون”، مشددًا على أن “العدالة بصفة عامة عمياء، لا تنظر للشخص إذا كان إخوانيًا أو بهائيًا أو ليبراليًا أو يساريًا أو ملحدًا”.
صحة المشير في مواجهة الفريق
البعض شكك في القدرات الصحية لعنان نظرًا لقرب سنة من حاجز السبعين عامًا، وهو ما دفع المحامي سمير صبري الموالي للسيسي ونظامه إلى رفع دعوى أمام محكمة الأمور المستعجلة لإصدار حكم بمنع ترشح من يتجاوز عمرة 70 عامًا لمنصب رئيس الجمهورية وهو تحرك يقصد به رئيس الأركان الأسبق، علمًا بضرورة خضوع كل المرشحين لاختبار طبي كأحد البنود التي أقرها الدستور في التعامل مع كل من يتقدم لخوض الانتخابات.
في مدينة سمنود التابعة لمحافظة الدقهلية (شرق القاهرة)، فوجئ الداعمون لعنان خلال توجههم إلى مكتب الشهر العقاري لتحرير التوكيلات أول أمس الأحد 21 من يناير/كانون الثاني، بإخبار موظفي المكتب لهم بأنه لا يمكنهم من عمل التوكيلات بسبب انقطاع التيار الكهربائي
ورغم تقليل أعضاء حملة عنان من الحكم المزمع إصداره في جلسة 5 من فبراير المقبل كونها ليست أكثر من “فرقعة ” كما وصفها المحامي الدولي والمنسق العام لحملة الفريق سامي عنان الانتخابية بالخارج، محمود رفعت، غير أنها تعكس تعدد خيوط وأدوات النظام الحاليّ لاستبعاد المرشح خارج سباق المنافسة نهائيًا بأي طريقة كانت.
المتحدث باسم حملة عنان علق على الحالة الصحية لمرشحه خلال مداخلة تلفزيونية له قائلاً: “صحة الفريق عنان ربما تكون أفضل بكثير من صحة المرشح الآخر عبد الفتاح السيسي”.
https://www.youtube.com/watch?v=51JACGGUQsg
الاعتقالات للمندوبين
كشفت شهادات بعض أنصار حملة عنان استهدافهم وأسرهم بالاعتقال والتهديد ردًا على دعمهم للمرشح المحتمل خاصة من يقومون بإدارة ملف جمع التوكيلات سواء في الداخل أو الخارج.
المتحدث باسم الحملة قال: “أعضاء الحملة الانتخابية يتعرضون لمضايقات من رجال الرئيس عبد الفتاح السيسي في جمع التوكيلات، وصلت إلى مداهمة بيوت أعضاء الحملة”.
وقال حسني، في لقاء مع برنامج “نقطة حوار”، المذاع على تليفزيون شبكة “BBC“: “رجال السيسي يعاكسون عنان في جمع نماذج التأييد ويداهمون بيوت من يشرفون على جمع هذه النماذج وأشياء أخرى كثيرة”، متابعًا: “جميع رجال الرئيس السيسي يعملون ضد ترشح عنان”.
الدكتور حازم حسني لـ #نقطة_حوار: جميع رجال الرئيس #السيسي يعملون ضد ترشح #عنان.
— BBC – نقطة حوار (@Nuqtat_Hewar) January 22, 2018
الدكتور حازم حسني لـ #نقطة_حوار: رجال #السيسي يعاكسون #عنان في جمع نماذج التأييد ويداهمون بيوت من يشرفون على جمع هذه النماذج واشياء اخرى كثيرة.
— BBC – نقطة حوار (@Nuqtat_Hewar) January 22, 2018
من جهة أخرى غرد مصطفى الشال، مدير مكتب الفريق سامي عنان، أن مندوبين من الأمن الوطني داهموا منزله للضغط عليه من أجل التراجع عن دعمه لعنان، مؤكدًا أنه تم تهديد أسرته بتلفيق قضايا لهم بتهمة الانتماء لجماعة محظورة.
في تمام الساعه 4 عصرا توجه اليوم الي منزل الأسره بكفرالشيخ مندوبين من الأمن الوطني والمباحث لإرهاب أسرتي والضغط عليهم نفسيا .والتهمه انني مدير مكتب الفريق سامي عنان ..وبناء عليه سوف اتخذ جميع الإجراءات القانونيه التي تحمي أسرتي
— Mustafa Elshall (@MElshll) January 22, 2018
ورقة الاستدعاء العسكري
في 2011 أصدر المجلس العسكري قرارًا بوضع جميع أعضائه تحت الاستدعاء العسكري في أي وقت، ومن ثم لا يمكن لأي عضو من أعضاء المجلس الترشح للانتخابات الرئاسية دون الحصول على موافقة مكتوبة من المجلس.
هذا الشرط وإن كان روتينيًا غير أنه يمثل ورقة شديدة الخطورة التي كان يتوقع أن تعرقل عنان في خوض الانتخابات، وذلك حسبما صرح مصدر بداخل الحملة لـ”نون بوست”.
الدكتور حازم حسني: “صحة الفريق عنان ربما تكون أفضل بكثير من صحة المرشح الآخر عبد الفتاح السيسي”
وأشارت مصادر أخرى إلى أن الفريق أرسل طلبًا بشأن ذلك يوم الخميس 11 من يناير/كانون الثاني الحاليّ، قبيل اجتماع حزب مصر العروبة الذي قرر ترشيحه لانتخابات الرئاسة، ثم أرسل مرة ثانية لاستعجال الرد.
استدعاء عنان للتحقيق من القوات المسلحة وفق البيان سالف الذكر يعطي إشارة واضحة إلى عدم موافقة المجلس العسكري على ترشحه، وهو ما يعني عدم قدرته على خوض الانتخابات، فهل يواجه رئيس أركان حرب الجيش المصري الأسبق مصير العقيد أحمد قنصوة الذي حكم عليه بالسجن 6 سنوات في مخالفة شبيهة بتلك الموجهة لعنان، أم سيكتفي المجلس بالانسحاب من الانتخابات ليبقى السيسي وحيدًا في مواجهة نفسه.