ترجمة وتحرير: نون بوست
خلال معرض الإلكترونيات الاستهلاكية السابق، كان المساعد الرقمي الجديد لغوغل في كل مكان، حيث كان هناك لافتة “هيا غوغل” على جانب قطار لاس فيغاس المعلق، وفي ذلك إشارة إلى الكلمات السحرية التي تقال لتفعيل الأوامر الصوتية مع مساعد غوغل. وتجدر الإشارة إلى أن جناح محرك البحث العملاق غمر بالمياه بواسطة عاصفة شديدة وغير موسمية خلال اليوم الأول من فعاليات المعرض.
داخل المعرض، قام العديد من باعة المنتجات المتصلة بالإنترنت، إن لم يكن معظمهم، بالتفاخر بعرض شعار “يتوافق مع مساعد غوغل الرقمي” على جدران مقصوراتهم، أو مع بعض الاختلافات. كما شهد المعرض كذلك حفلة غوغل لمعرض الإلكترونيات الاستهلاكية، التي شهدت غناء جون لجند أمام عدد حصري من الجماهير.
أثناء هذه الفعاليات، كان لدى غوغل بعض الأخبار المدوية أيضا، حيث قام عملاق التكنولوجيا بعقد شراكة مع العديد من الشركات، على غرار “لينوفو” و”إل جي” و”سوني”، بهدف إطلاق سلسلة من شاشات العرض الذكية المدعومة بمساعد غوغل الرقمي، التي يمكن اعتبارها مجرد سماعات غوغل منزلية مع شاشة عرض. بالإضافة إلى ذلك، تقوم شركات مثل “بوز” و”إل جي” بتضمين مساعدات رقمية داخل سماعات الرأس وأجهزة التلفاز الخاصة بها تواليا.
قطعت غوغل شوطا كبيرا من أجل الالتحاق بمساعد أليكسا خلال فترة قصيرة من الزمن.
عموما، كان واضحا أن هذه هي طريقة غوغل في الرد على مساعد “أليكسا”، الذي أنتجته شركة أمازون التي تعتبر الشركة الرائدة في هذه الفئة الجديدة من الأجهزة التي تعتمد على الأوامر الصوتية. في هذا الصدد، كانت أمازون الفائزة الأكبر في معرض المنتجات الاستهلاكية في السنة الفارطة بفارق كبير عن باقي المنافسين، نظرا لتألق مساعد “أليكسا” الرقمي في العديد من العروض. في المقابل، حضرت غوغل في المعرض أيضا لترويج سماعات غوغل المنزلية الذكية، لكن جل ما أراد الجميع التحدث عنه كان أليكسا.
خلال هذه السنة، تمكنت غوغل من العودة إلى الساحة بقوة وخطف الأضواء. في المقابل، أشار مدير الأبحاث لدى شركة غارتنر، فيرنر غورتس، الذي حضر فعاليات المعرض، أنه “من المبكر قياس تأثير وجود غوغل في معرض الإلكترونيات الاستهلاكية، لكن الأمر المؤكد هو أنهم تركوا انطباعا جيدا.”
لقد انتظر رواد المعرض في طوابير معرض الإلكترونيات الاستهلاكية 2018 لساعات من أجل تجربة آلات البيع المدعومة بمساعدات غوغل الرقمية، والتي قدمت عدة جوائز مقابل خوض التجربة التقنية الجديدة فقط.
في الواقع، قطعت غوغل شوطا كبيرا من أجل الالتحاق بمساعد أليكسا خلال فترة قصيرة من الزمن. ومن أجل أن تبين ذلك، أطلقت أمازون أول جهاز أمازون إيكو، الذي اعتمد على مساعد أليكسا الرقمي، لأول مرة سنة 2014. وفي المقابل، قدمت غوغل أوراق اعتمادها كمنافس رئيسي لأمازون عند إطلاقها لسماعات “غوغل هوم” الشبكية، في أواخر سنة 2016. وأنا شخصيا أفضل استخدام مساعد غوغل على مساعد أليكسا التابع لشركة أمازون في حياتي اليومية.
حيال هذا الشأن، تعتبر أجهزة عرض غوغل الذكية إجابة مباشرة على جهازي “أمازون إيكو شو” و”إيكو سبوت”، وهي أول أجهزة أليكسا يتم تزويدها بشاشات. بالإضافة إلى ذلك، ساهمت عمليات الاندماج مع منتجات الشركاء الجدد في جعل مساعد غوغل أكثر قدرة على منافسة أليكسا، التي استفادت من ريادتها في هذا المجال من أجل فرض نفسها كعنصر مهيمن داخل المنزل الذكي. ويمكن القول إن هذا الأمر يعد مقبولا للغاية، لكن المشكلة هي أن غوغل تستعجل المراحل من أجل اللحاق بركب أمازون، في حين لم تعد أمازون واقفة في مكانها بعد الآن.
“أمازون إيكو” يتحسن أيضا
في المقام الأول، يجدر بنا التطرق إلى الأرقام، حيث تلمح أمازون إلى أن مبيعات منتجات “أليكسا” تتجاوز نظيرتها لدى غوغل. ومن جهتها، أوردت غوغل بأنها قد باعت سبعة ملايين جهاز من المساعد المنزلي الصوتي “غوغل هوم” خلال موسم الأعياد. أما مازون، فأكدت أنها تمكنت من بيع عشرات الملايين من منتجات أليكسا خلال الفترة نفسها. لذلك، من الصعب إقامة مقارنة مباشرة دون توفر معطيات دقيقة، لكن الرسالة واضحة تفيد بأن شركة غوغل متأخرة.
تعتبر منتجات “هوم” الجديدة جيدة في حد ذاتها، لكنها ليست مثيرة للاهتمام بقدر التجربة التي توفرها منتجات “أمازون إيكو”
في إطار المنافسة، تواصل أمازون تكرير منتجاتها وإصدار منتجات جديدة، وهو ما يعتبر سببا مباشرا في النجاح الكبير الذي تحققه الشركة. فعلى سبيل المثال، أطلقت أمازون خلال السنة الفارطة فقط عدة أجهزة، على غرار النسخة المجددة كليا من جهاز “أمازون إيكو”، بالإضافة إلى “إيكو بلاس هوم هاب”، وكاميرا “إيكو لوك” العصرية، فضلا عن سماعات “إيكو شو” الذكية، وأجهزة “إيكو سبوت” و”إيكو باتنز”، وهي عبارة عن أزرار للتحكم في جهاز الإيكو للألعاب عن طريق البلوتوث.
أما شركة غوغل، فقد أطلقت سماعتين ذكيتين للمنزل، ويتم بيع النسخة المصغرة بمبلغ 50 دولار، في حين تباع نسخة الماكس بمبلغ 400 دولار. وتدعي غوغل أن مبيعاتها من النسخة المصغرة جيدة للغاية، إلا أن المنتج الثاني يعتبر حصريا لعشاق الموسيقى الراقية، أو موسيقى “وانابيل دي جي”.
في الحقيقة، تعتبر منتجات “هوم” الجديدة جيدة في حد ذاتها، لكنها ليست مثيرة للاهتمام بقدر التجربة التي توفرها منتجات “أمازون إيكو”. فعلى عكس نظيرتها، توفر أمازون طرقا جديدة للتفاعل مع أليكسا، حيث تمكنك كاميرا “إيكو لوك” من إنشاء كتاب تصاميم خاص بك، ويقوم “جهاز إيكو بلاس” بتبسيط الإجراءات المعقدة لإضافة الأدوات المنزلية الذكية. وفي الأثناء، يمثل كل من منتج “غوغل هوم ميني” و”غوغل هوم ماكس” مجرد تحويرات بسيطة للسماعات الذكية التي كانت شركة أمازون رائدة فيهاـ من خلال سماعات إيكو الأصلية التي أنتجتها سنة 2014.
تتفاخر العديد من الشركات بالترويج لشراكتها مع مساعدات غوغل خلال معرض الإلكترونيات الاستهلاكية 2018.
عندما يتعلق الأمر بالبرمجيات، تشهد الشركتان تحسنا كبيرا على نحو سريع. وتتألق غوغل عندما يتعلق الأمر بهذا المجال، لأن استثمارات الشركة في مجال الذكاء الاصطناعي تعني أن أجهزة “غوغل هوم” تتحسن يوما بعد يوم فيما يتعلق بتشغيل الموسيقى، ورسم خريطة الطريق، أو حتى إعلامك بشأن توفر رحلات رخيصة. في هذا الصدد، يشيد غورتس بالتقدم الذي حققته غوغل على مستوى بناء النظام الإيكولوجي لمساعد غوغل. لكن، يشدد غورتس على أن الطريق أمام غوغل لا يزال طويلا، خاصة على مستوى الشراكات التي قامت بعقدها من أجل اللحاق بركب أليكسا.
في الوقت ذاته، تخصص أمازون استثمارات هامة بهدف تحويل أليكسا إلى منصة مفتوحة المصدر. ويتجلى ذلك من خلال مخططات الشركة للبدء بدفع الأموال لمطوري تطبيقات أليكسا، الذين يبلغ عددهم 30 ألف مطورا، وهو ما يجعل من أليكسا نظاما اقتصاديا قائما بذاته. وتجدر الإشارة إلى أن غوغل لم تصل لهذه النقطة بعد، وهو ما يمثل حافزا إضافيا يدفع المطورين للبقاء مع أليكسا.
وعلى ضوء كل هذه المعطيات، يمكن القول إن غوغل تتخذ خطوات جدية لتصبح بذلك أكبر منافس لأمازون التي يبدو أنها تسيطر بإحكام على هذه السوق الفتية. ومع ذلك، برهنت أمازون مجددا أنها قادرة على التحرك على نحو أسرع من سائر المنافسين. لذلك، يتوجب على غوغل زيادة سرعتها من أجل الذهاب أبعد من السيطرة على معرض الإلكترونيات الاستهلاكية، والاتجاه للسيطرة على السوق.
المصدر: بزنس إنسايدر