عقد المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية دورته ال28 تحت مسمى(دورة القدس العاصمة الأبدية لدولة فلسطين) في ظروف بالغة التعقيد ذلك بأن هذا الاجتماع قد جاء في تحدي صارخ لقرار الإدارة الامريكية باعتبار القدس عاصمة ابدية للكيان الصهيوني والوعود بنقل السفارة الامريكية اليها، والتصدي لما عرف “بصفقة القرن” والتي تخطط الادارة الأمريكية من خلالها لشطب القضية الفلسطينية وانهاء حقوق الشعب العربي الفلسطيني ونفيه من خارطة الوطن العربي كما أعلن ذلك رئيس المجلس الوطني سليم الزعنون “ابو الاديب”.
فقبل اجتماع المجلس صار اللغط والهرج والمرج بشأن حضور فصائل منظمة التحرير وفصائل العمل الاسلامي من عدمه وماهي المواضيع المطروحة على جدول الاعمال ومكان انعقاد المجلس في الداخل الفلسطيني او الخارج، وأن أولى المشاكل التي واجهت اجتماع المجلس المركزي هو رفض حركتي حماس والجهاد الاسلامي من المشاركة بحجة ان الاجتماع يجب الا يعقد تحت حراب الاحتلال وان كنا لا نعتقد بأن هذا هو السبب الحقيقي لذلك فقد سبق لحركة حماس ان شاركت في الانتخابات الفلسطينية في الضفة وغزة تحت حراب الاحتلال والتي لا تقل اهمية عن اجتماع المجلس المركزي وان السبب الحقيقي في ذلك هو ترك منظمة التحرير تواجه هذا المنعطف الاخير لوحدها وتكون في حل من تطبيق القرارات التي تصدر عنها.
وأيضا من ضمن المشاكل التي تواجه اجتماع المجلس هي الاتفاق على جدول أعمال المجلس المركزي والتي تراوحت اقتراحاتها بين كيفية التصدي لقرارات الريس الامريكي ترامب بشأن الاعتراف بالمدينة المقدسة عاصمة للكيان الصهيوني و حل السلطة الوطنية الفلسطينية وتجميد الاعتراف بإسرائيل ووقف التنسيق الامني والانفكاك من العلاقة الاقتصادية التي كرسها اتفاق باريس الاقتصادي واستمرار العمل مع دول العالم حول مقاطعة المستوطنات و وعدم الاعتراف بيهودية الدولة العبرية وكذلك طريقة التصدي والمقاومة للمشروع الصهيوني.
قرارات المجلس المركزي بعيدة كل البعد عن الجانب الفعلي والتطبيقي
ويحق لنا ان نتسأل هل كان ما اصدره المجلس المركزي من قرارات ترتقي الى مستوى التحديات الذي تواجه الشعب الفلسطيني وقيادته من الإدارة الصهيوامريكية ففيما يتعلق بالوضع الداخلي لم تلبي قرارات المجلس في وضع اليات للتعامل مع سلطة الاحتلال في المرحلة القادمة سواء فيما يتعلق بوقف التنسيق الامني او وقف العمل باتفاقية باريس الاقتصادي، أما على الصعيد الخارجي فلم يستطع المجلس ان يضع استراتيجية شاملة في صورة قرارات يسهل تنفيذها لكيفية التعامل مع المجتمع الدولي وذلك بأن المجلس لم يطرح ولم يناقش آلية التخلص من اوسلو ولو تدريجيا وكذلك لم يطرح المجلس قرارات تتعلق بكيفية المطالبة بتطبيق قرارات الامم المتحدة والشرعة الدولية بشأن إقامة الدولة الفلسطينية والمطالبة بالاعتراف بها سواء من مؤسسات الامم المتحدة او دول الاتحاد الاوربي فقد جاءت القرارات في ذلك فضفاضة مما يصعب وضع الية لتنفيذها.
لذلك فإنا نرى استبعاد تطبيق قرارات المجلس المركزي في المرحلة القادمة القريبة فمثلاً وقف التنسيق فإن الاجواء غير مهيأة ومستبعدة لما لها اثار على الحياة اليومية للمواطن الفلسطيني، ويعني ذلك الغاء اتفاقية اوسلو وان السلطة الفلسطينية ملزمة بتنفيذها، وحول اعتراف إسرائيل بدولة فلسطين فهو أمر مستحيل ان يعترف الكيان بالدولة الفلسطينية يعني اعطائها الشرعية الكاملة امام المحافل الدولية والامريكية ولا أظن انه سيطبق قريباً.
فمن الواضح ان قرارات المجلس المركزي بعيدة كل البعد حاليا عن الجانب الفعلي والتطبيقي، لأنها بحاجة قوية الى عامل العمل الجماعي الوطني الموحد من الجانب الفلسطيني الذي من المفترض كانت جميع الفصائل مشاركة في هذا المجلس فقد غابت عن المشاركة في هذه المحطة التاريخية حركة حماس وحركة الجهاد الاسلامي.
فمخرجات المجلس المركزي غير موازية للهبة الفلسطينية ضد القضية الفلسطينية وعاصمتها القدس فكان من المفترض دعوة الدول العربية التي تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل بسحب سفرائها، وكان من المأمول رفع العقوبات عن قطاع غزة كتعزيز للمصالحة وحل مشكلة الموظفين.
فالمطلوب الأن من اللجنة التنفيذية للمنظمة الشروع المباشر والفوري في تنفيذ القرارات الهامة التي صدرت عن المجلس دو تأخير وأهمها الانتهاء من تنفيذ المصالحة الوطنية الفلسطينية