في الأيام الأولى من انطلاق معركة “غصن الزيتون” التي تشنها قوات الجيش السوري الحر المدعومة من القوات التركية على مواقع ميليشيا PYD وPKK من أهم المكونات العسكرية المنضوية تحت قوات سوريا الديموقراطية التي بسطت سيطرتها على منطقة عفرين وعشرات القرى والبلدات العربية في الشمال الغربي السوري، وضمن العملية سيطرت قوات الجيش السوري الحر ووحدات من الجيش التركي السيطرة على عدة قرى وبلدات في محيط مدينة عفرين.
شهدت الساعات الأولى لانطلاق معركة غصن الزيتون يوم السبت 20 من يناير من الشهر الحاليّ اكتفاء الطيران الحربي التركي باستهداف مواقع ميليشياPYD وPKK، بعشرات الغارات الجوية، ومن جانبها المدفعية التركية والمدافع التابعة لفصائل الجيش السوري الحر لم تهدأ في التمهيد المدفعي للدخول بالمعركة البرية، فيما خلف القصف عشرات القتلى في صفوف الميليشيات حسب مصادر خاصة في المنطقة.
فيما بدأت قوات غصن الزيتون معاركها البرية الأحد 21 من يناير من عدة محاور أولها على قرية “شنكال” التابعة إداريًا لناحية راجو بمنطقة عفرين التي تقع على الحدود الشمالية السورية المحاذية لتركيا، والمحور الآخر استهدف ميليشيا PYD، في قريتي أدمانلي وبلل كوي الواقعتين على الحدود الشمالية الغربية لمنطقة عفرين.
وأسفرت المعارك عن بسط قوات غصن الزيتون سيطرتها على القريتين بعد طرد الميليشيات منها، وفي الوقت نفسه شنت القوات هجمات برية أسفرت عن السيطرة على مرتفعات وتلال قرب ناحيتي راجو وشيخ الحديد غرب مدينة عفرين.
وفي الجهة الشمالية لمدينة عفرين سيطرت قوات غصن الزيتون على قرية “كورني” في ناحية بلبل شمال مدينة عفرين، بعد تمهيد جوي وقصف مدفعي شهدته القرية، مما أسفر عن وقوع عشرات القتلى في صفوف الميليشيات.
تعتمد الخطة التركية على إجبار “PYD” على تسليم المدينة عبر ثلاث مراحل
وإلى ذلك تمكنت فصائل الجيش السوري الحر ووحدات من الجيش التركي المنضوية ضمن عمليات غصن الزيتون، الإثنين 22 من يناير، من فرض سيطرتها على قرى شيخ وباسي ومرصو وحفتار وتلة الشيخ هروز في ناحية بلبل شمال عفرين بعد معارك مع ميليشيا PYD، فيما أعلنت فصائل المعارضة انطلاق المعركة من محور أعزاز بريف حلب الواقع من الجهة الشرقية لمدينة عفرين مع توغل القوات في جبل برصايا والسيطرة عليه وأسر عشرة عناصر من ميليشيا PYD، كما أحبطت فصائل المعارضة محاولة تسلل لميليشيا PYD على جبهات تويس وعبلة جنوب شرق مارع مما أسفر عن مقتل 12 عنصرًا للمليشيا.
فيما فرضت قوات غصن الزيتون سيطرتها على قرى الحمام وتلال محيطة بها من محور ناحية جنديرس غربي مدينة عفرين، وذلك خلال اليوم الرابع في إطار عملية غصن الزيتون، وتمكنت الفصائل من استعادة السيطرة على قرية أدمنالي وخمس تلال محيطة بها قرب منطقة راجو بعد شن PYD هجمات لاستعادتها.
وفرضت قوات غصن الزيتون سيطرتها على قرية عمر أوغاشي التابعة لناحية بلبل شمالي عفرين وقرية عبودان، فيما دارت معارك كر وفر في جبل برصايا بين الجيش الحر والميليشيات.
وتمكنت قوات غصن الزيتون من خلال الهجمات عبر خمسة محاور، إلى تشتيت دفاعات الميليشيات وإحداث ثغرات فيها، بهدف إجبارها على الانسحاب إلى داخل عفرين، بما يتيح السيطرة على محيطها بشكل كامل، وتعتمد الخطة التركية على إجبار “PYD” على تسليم المدينة عبر ثلاث مراحل؛ أولاً الهجمات السريعة والمتكررة على مواقعها، والثانية السيطرة على المواقع الإستراتيجية والنواحي وحصار المدينة، والثالثة عبر الهجوم على المدينة في حال لم تنسحب الميليشيا منها.
تخبط في صفوف الوحدات الكردية
بعد إعلان تركيا بدء عملية غصن الزيتون شهدت ميليشيا PYD، تخبطًا كبيرًا في صفوفها وخصوصًا بعد استهداف مواقعها من الطيران الجوي التركي والمدفعية ووقوع عشرات القتلى في صفوف الميليشيات.
منعت ميليشيا PYD المدنيين من المغادرة أو الدخول إلى عفرين، وسط تصاعد حملات التجنيد الإجباري
وكذلك الساحة السياسية والتصريحات التي أدلى بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ليست حبرًا على ورق، إنما أفعال بعد أخذ الأخير الضوء الأخضر من الولايات المتحدة الأمريكية والحليف الروسي، لبدء العملية وبعد تخلي القوات الروسية وانسحابها من عفرين إلى تل رفعت ثم باتجاه مناطق سيطرة قوات النظام، كل ذلك كان سببًا للتخبط والفوضى في صفوف الميليشيا إيذاء تخلي حلفائها عنها وتحطم معنويات عناصرها.
في اليوم الأول من المعركة انشق ثلاثة عناصر مجندين في صفوف الميليشيات على جبهات مدينة مارع بريف حلب الشمالي، وسلموا أنفسهم للمجلس العسكري في المدينة، كما أسر 10 عناصر للميليشيات قرب جبل برصايا، عدا عن ذلك انشق قياديين اثنين عن صفوف ميليشيا PYD، قبيل انطلاق المعركة وسلموا أنفسهم للقوات التركية، كما انشق منذ أشهر المتحدث الرسمي باسم سوريا الديموقراطية طلال سلو الذي خرج بسيارته من معبر عين الدادات شمال مدينة منبج بعد أن غافل حرس المعبر وسلم نفسه لفصائل المعارضة.
كما منعت ميليشيا PYD المدنيين من المغادرة أو الدخول إلى عفرين، وسط تصاعد حملات التجنيد الإجباري، وتحاول الميليشيات حشد جميع السكان ضد التدخل التركي، في محاولة لجعلها ورقة ضغط ضد عملية غصن الزيتون.
فيما سارعت تركيا بإدخال مساعدات إنسانية عاجلة للقرى التي سيطرت عليها خلال الأيام الماضية، وعملت على محاولة تطمين الشارع الكردي بأن العملية تستهدف حزب الاتحاد الديموقراطي، وتنتهي باستسلامه وانسحابه من عفرين.
التوغل العسكري التركي قرب مناطق سيطرة PYD
دخلت المواجهات العسكرية يومها الخامس، ولم تشهد المعركة توغلاً واضحًا للجيش التركي ولم يتدخل إلا بشكل ضئيل جدًا وبأعداد قليلة من مقاتليه، واقتصرت الهجمات على عاتق فصائل المعارضة بشكل كامل تقريبًا.
ودفع الجيش التركي، الأربعاء، بوحدة من القوات الخاصة إلى داخل الحدود السورية، وتمركزت في القرى التي سيطرت عليها المعارضة شمالي مدينة عفرين، وتبع دخول تلك القوات قصف جوي بالمروحيات لمواقع ميليشيا PYD.
أعلن نائب رئيس الأركان العامة للجيش السوري الحر هيثم عفيسي يوم الأربعاء الماضي، أن الخطوة التالية بعد عفرين، ستكون معركة منبج ضمن العملية العسكرية المستمرة دون انقطاع
فيما وصلت الثلاثاء 23 من يناير عشرات الآليات العسكرية، بينها كاسحة الألغام المدرعةBOZENA 5 تركية الصنع التي يتم التحكم بها عن بعد وتلعب دورًا محوريًا في فتح الطرقات وإزالة الألغام، وكذلك دبابات من نوعي “صابرا” و”ليوبارد 2″ الأمريكية، وأجهزة التشويش التركية المعروفة بـ”منظومة كورال”، وهو ما يشير إلى إمكانية دفع الجيش التركي بالمزيد من قواته في المعركة.
فيما أكدت مصادر عسكرية أن الأيام المقبلة ستشهد توغلاً كبيرًا للجيش التركي في محيط عفرين، بعد أن يتمكن من تدمير نقاط الدفاع الأولى للميليشيا، وذلك بهدف إسراع العملية، كما ستدفع تركيا بوحدات من “القوات الخاصة”، بشكل مباشر في العملية العسكرية، وأن المحاور العسكرية الحاليّة للمعركة، ليست سوى البداية فقط.
وأكدت مصادر تركية أن الجيش التركي ينفذ العملية العسكرية، تمامًا، على غرار العمليات في الداخل التركي وجبال قنديل، حيث بدأت قيادة الجيش التركي استخدام المروحيات لاستهداف مجموعات الأفراد التي تتحرك في نقاط التماس، واستهدفت أكثر من 10 مواقع للميليشيا يوم الثلاثاء الماضي.
ومن جانبه أعلن نائب رئيس الأركان العامة للجيش السوري الحر هيثم عفيسي يوم الأربعاء الماضي، أن الخطوة التالية بعد عفرين، ستكون معركة منبج ضمن العملية العسكرية المستمرة دون انقطاع، قائلاً: “ليس لدينا أي نقص من ناحية أسلحة أو ذخائر أو مقاتلين، ونحن أيضًا مستعدون من جانب الروح المعنوية، هنالك 10 آلاف مقاتل عسكري جاهزون من أجل منبج”.
تتركز المعارك قرب الحدود الشمالية والغربية لعفرين التي ستكون نقطة البداية لإجهاض التنظيم
وأضاف عفيسي “منبح لا تقلّ أهمية لدينا عن عفرين، والجيش الوطني السوري مستعد للعملية العسكرية في منبج الواقعة تحت احتلال PYD الإرهابية، هنالك مشكلة حقيقية أهم بكثير، وهي الولايات المتحدة نفسها، وأن القوات المسلحة التركية والجيش السوري الحر قادران على قطع الدعم الأمريكي للإرهابيين في منبج، كما هو الحال في عفرين”.
فيما أكد “في حال امتنعت الولايات المتحدة عن إيقاف دعمها للإرهابيين، فإننا سنقاتل ضد القوات الأمريكية هناك أيضًا، ومنبج ليست الهدف النهائي، لن نتوقف حتى يتم تنظيف مناطق الحسكة وعين عيسى وعين العرب ورأس العين ومالكية وتل أبيض جميعها من سيطرة الإرهابيين”.
وإلى ذلك تتركز المعارك قرب الحدود الشمالية والغربية لعفرين التي ستكون نقطة البداية لإجهاض التنظيم، فيما تعد منطقة عفرين جبلية تحتوي على الجبال والتلال مما سيعقد المعركة أكثر وتطول، وتمتلك الميليشيات أفضلية المناورة والتحرك في محيط عفرين، بسبب حاضنتها الشعبية، كما أن الأجواء الشتوية الماطرة تعيق حركة الطيران الحربي التركي والحركة العسكرية البرية، وتتسبب بالاقتصار على سلاح المدفعية فقط دون تقدم ملحوظ.